تواريخ صلاحية المنتجات... حقيقة أم خدعة تجارية؟

بعض الخبراء يقولون إن التواريخ التي تدون على عبوات الأطعمة لا علاقة لها بالسلامة (رويترز)
بعض الخبراء يقولون إن التواريخ التي تدون على عبوات الأطعمة لا علاقة لها بالسلامة (رويترز)
TT

تواريخ صلاحية المنتجات... حقيقة أم خدعة تجارية؟

بعض الخبراء يقولون إن التواريخ التي تدون على عبوات الأطعمة لا علاقة لها بالسلامة (رويترز)
بعض الخبراء يقولون إن التواريخ التي تدون على عبوات الأطعمة لا علاقة لها بالسلامة (رويترز)

قبل إقدام الأشخاص على شراء أو تناول أي طعام من الأطعمة المخزنة؛ من الحليب ومشتقاته إلى الحبوب والخضراوات والتوابل، غالباً ما يهتمون بالنظر إلى شيء واحد؛ هو تاريخ صلاحية هذه الأطعمة.
لكن، رغم ذلك، يقول الخبراء إن هذه التواريخ المدونة على عبوات الطعام مجرد خدعة، واصفين نظام وضع وتدوين هذه التواريخ بأنه «فوضوي»، وفقاً لما نقلته شبكة «سي إن إن» الأميركية.
وقالت دانا جوندرز، المديرة التنفيذية لـ«ReFed»، وهي منظمة غير ربحية تحاول القضاء على هدر الطعام: «إنها سياسة متوحشة لهدر الطعام. يعتقد العديد من المستهلكين حقاً أنه يجب عليهم التخلص من الطعام، وأنهم إن لم يفعلوا ذلك؛ فهناك ضرر كبير سيقع على صحتهم».
من جهته، قال آندي هاريغ، المسؤول في «رابطة صناعة الأغذية (FMI)»، المعنية بتقديم إمدادات غذائية أكثر أماناً وصحة وكفاءة للمستهلكين: «بالنسبة إلى صانعي المواد الغذائية، فإن التواريخ التي يجري تدوينها على عبوات الأطعمة لا علاقة لها بالسلامة؛ بل هي خدعة لحماية العلامة التجارية».
وأضاف: «هذا يعني أن الشركات والمصانع تفضل وضع تاريخ سابق بكثير على التاريخ المحتمل أن تفسد فيه أطعمة معينة نظراً لأن مذاق الأطعمة يكون أفضل حين يجري تناولها بعد صناعتها بفترة وجيزة».

أما ميريديث كاروثرز، خبيرة سلامة الأغذية في «خدمة سلامة الأغذية والتفتيش» التابعة لوزارة الزراعة الأميركية، فقد أكدت أن حليب الأطفال هو الغذاء الوحيد الذي ينبغي الحرص على استخدامه قبل انتهاء تاريخ صلاحيته.
وأضافت: «تختار الشركات التواريخ بناءً على الوقت الذي تعتقد فيه أن الطعام سيكون في أفضل مذاق له حتى تستمر في جذب المستهلكين لمنتجاتها».
ولفتت كاروثرز إلى أن توصيات السلامة الخاصة بوزارة الزراعة تكشف عن إمكانية استهلاك السلع المعلبة لمدة تتراوح بين سنة و5 سنوات إذا جرى تخزينها بشكل صحيح.
وأضافت أنه في ظل الظروف المناسبة، يمكن أن تستمر عبوات الأرز والمعكرونة المجففة نحو عامين.
إلا إن كاروثرز أشارت إلى أن اللحوم والدواجن الطازجة يمكن أن تتعرض للتلف حتى قبل التاريخ المدون عليها، مضيفة أن السبب في ذلك هو أن ثلاجات المتاجر تميل إلى أن تكون أكثر برودة من ثلاجاتنا المنزلية.
وقالت إنه بمجرد أن يأخذ المستهلكون اللحوم والدواجن إلى منازلهم، يجب عليهم اتباع قواعد التخزين في المنزل، مؤكدة أنه من الأفضل أن يجري طهي اللحوم في غضون يومين من إحضارها إلى المنزل من المتجر.

ويشجع بعض الشركات والمتاجر الناس على الاعتماد على حواسهم عند تحديد ما إذا كان بعض الأطعمة آمناً للأكل.
وقالت شركة «Morrisons» البريطانية للبيع بالتجزئة، في وقت مبكر من هذا العام، إنها أزالت جملة: «صالح حتى يوم...» من الحليب الذي يحمل علامتها التجارية، واستبدلت بها جملة: «من الأفضل أن يستهلك قبل يوم...». وشجعت العملاء على اتخاذ قرارهم بشأن التخلص من الحليب بناءً على شكله ورائحته.
وأيدت جوندرز، المديرة التنفيذية لـ«ReFed»، سياسة «Morrisons» قائلة: «عندما يتحلل الطعام أو يفسد، يمكن لحواسنا أن تكتشف ذلك بسهولة. فحين يتغير شكل الطعام أو رائحته أو طعمه أو ملمسه؛ عندها بالتأكيد يجب ألا نأكل هذا الطعام».
والعام الماضي، قالت «منظمة المستهلك» الإسبانية إن هناك مجموعة من الأطعمة يمكن تناولها رغم انتهاء تاريخ صلاحيتها؛ مثل الزبادي والخبز المحمص والفواكه المجففة والنقانق والجبن والطماطم المعلبة والمعكرونة ورقائق البطاطا والأرز والبقوليات والبسكويت والمشروبات الغازية والمربى والحساء الجاهز.
أما تلك الأطعمة القابلة للتلف بسرعة والتي يجب عدم تناولها بعد انتهاء مدة الصلاحية، وفقاً للمنظمة، فهي اللحوم النيئة والدجاج والأسماك... وما إلى ذلك.


مقالات ذات صلة

فعاليات «موسم الرياض» بقيادة ولفغانغ باك تقدم تجارب أكل استثنائية

مذاقات الشيف الأميركي براين بيكير (الشرق الأوسط)

فعاليات «موسم الرياض» بقيادة ولفغانغ باك تقدم تجارب أكل استثنائية

تقدم فعاليات «موسم الرياض» التي يقودها الشيف العالمي ولفغانغ باك، لمحبي الطعام تجارب استثنائية وفريدة لتذوق الطعام.

فتح الرحمن يوسف (الرياض) فتح الرحمن يوسف (الرياض)
مذاقات فواكه موسمية لذيذة (الشرق الاوسط)

الفواكه والخضراوات تتحول الى «ترند»

تحقق الفواكه والخضراوات المجففة والمقرمشة نجاحاً في انتشارها عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وتتصدّر بالتالي الـ«ترند» عبر صفحات «إنستغرام» و«تيك توك» و«فيسبوك»

فيفيان حداد (بيروت)
مذاقات طواجن الفول تعددت أنواعها مع تنوع الإضافات والمكونات غير التقليدية (مطعم سعد الحرامي)

الفول المصري... حلو وحار

على عربة خشبية في أحد أحياء القاهرة، أو في محال وطاولات أنيقة، ستكون أمام خيارات عديدة لتناول طبق فول في أحد صباحاتك

محمد عجم (القاهرة)
مذاقات الشيف أليساندرو بيرغامو (الشرق الاوسط)

أليساندرو بيرغامو... شيف خاص بمواصفات عالمية

بعد دخولي مطابخ مطاعم عالمية كثيرة، ومقابلة الطهاة من شتى أصقاع الأرض، يمكنني أن أضم مهنة الطهي إلى لائحة مهن المتاعب والأشغال التي تتطلب جهداً جهيداً

جوسلين إيليا (لندن)
مذاقات كعكة شاي إيرل جراي مع العسل المنقوع بالقرفة والفانيليامن شيف ميدو (الشرق الأوسط)

الشاي... من الفنجان إلى الطبق

يمكن للشاي أن يضيف نكهةً مثيرةً للاهتمام، ويعزز مضادات الأكسدة في أطباق الطعام، وقد لا يعرف كثيرٌ أننا نستطيع استخدام هذه النبتة في الطهي والخبز

نادية عبد الحليم (القاهرة)

تجميد الجثث أملاً في إحيائها مستقبلاً لم يعد يقتصر على الخيال العلمي

إميل كيندزورا أحد مؤسسي شركة «توموروو بايوستيتس» (على اليمين) داخل مركز تخزين الجثث في سويسرا (أ.ف.ب)
إميل كيندزورا أحد مؤسسي شركة «توموروو بايوستيتس» (على اليمين) داخل مركز تخزين الجثث في سويسرا (أ.ف.ب)
TT

تجميد الجثث أملاً في إحيائها مستقبلاً لم يعد يقتصر على الخيال العلمي

إميل كيندزورا أحد مؤسسي شركة «توموروو بايوستيتس» (على اليمين) داخل مركز تخزين الجثث في سويسرا (أ.ف.ب)
إميل كيندزورا أحد مؤسسي شركة «توموروو بايوستيتس» (على اليمين) داخل مركز تخزين الجثث في سويسرا (أ.ف.ب)

قررت بيكا زيغلر البالغة 24 عاماً، تجميد جثتها في برّاد بعد وفاتها عن طريق مختبر في برلين، على أمل محدود بإعادة إحيائها مستقبلاً.

وقّعت هذه المرأة الأميركية التي تعيش وتعمل في العاصمة الألمانية، عقداً مع شركة «توموروو بايوستيتس» الناشئة المتخصصة في حفظ الموتى في درجات حرارة منخفضة جداً لإعادة إحيائهم في حال توصّل التقدم العلمي إلى ذلك يوماً ما.

وعندما تتوفى زيغلر، سيضع فريق من الأطباء جثتها في حوض من النيتروجين السائل عند حرارة 196 درجة مئوية تحت الصفر، ثم ينقلون الكبسولة إلى مركز في سويسرا.

وتقول زيغلر، وهي مديرة لقسم المنتجات في إحدى شركات التكنولوجيا في كاليفورنيا، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «بشكل عام، أحب الحياة ولدي فضول لمعرفة كيف سيبدو عالمنا في المستقبل».

ولم يعد علم حفظ الجسم بالتبريد الذي ظهر في ستينات القرن العشرين، مقتصراً على أصحاب الملايين أو الخيال العلمي كما ظهر في فيلم «ذي إمباير سترايكس باك» الذي تم فيه تجميد هان سولو، وفيلم «هايبرنيتس» حين يعود رجل تحرر من الجليد القطبي، إلى الحياة.

توفّر شركات في الولايات المتحدة هذه الخدمة أصلاً، ويُقدّر عدد الأشخاص الذي وُضعت جثثهم في التبريد الأبدي بـ500 فرد.

50 يورو شهرياً

تأسست «توموروو بايوستيتس» عام 2020 في برلين، وهي الشركة الأولى من نوعها في أوروبا.

وفي حديث إلى «وكالة الصحافة الفرنسية»، يقول إميل كيندزورا، أحد مؤسسي الشركة، إن أحد أهدافها «هو خفض التكاليف حتى يصبح تبريد الجثة في متناول الجميع».

إميل كيندزورا أحد مؤسسي «توموروو بايوستيتس» يقف داخل إحدى سيارات الإسعاف التابعة للشركة خارج مقرها في برلين (أ.ف.ب)

ولقاء مبلغ شهري قدره 50 يورو (نحو 52.70 دولار) تتقاضاه من زبائنها طيلة حياتهم، تتعهد الشركة الناشئة بتجميد جثثهم بعد وفاتهم.

يضاف إلى الـ50 يورو مبلغ مقطوع قدره 200 ألف يورو (نحو 211 ألف دولار) يُدفع بعد الوفاة - 75 ألف يورو (نحو 79 ألف دولار) لقاء تجميد الدماغ وحده - ويمكن أن يغطيه نظام تأمين على الحياة.

ويقول كيندزورا (38 سنة) المتحدر من مدينة دارمشتات في غرب ألمانيا، إنه درس الطب وتخصص في الأبحاث المتعلقة بالسرطان، قبل أن يتخلى عن هذا الاختصاص بسبب التقدم البطيء في المجال.

وتشير «توموروو بايوستيتس» إلى أنّ نحو 700 زبون متعاقد معها. وتقول إنها نفذت عمليات تبريد لأربعة أشخاص بحلول نهاية عام 2023.

ويلفت كيندزورا إلى أنّ غالبية زبائنه يتراوح عمرهم بين 30 و40 سنة، ويعملون في قطاع التكنولوجيا، والذكور أكثر من الإناث.

عندما يموت أحد الزبائن، تتعهد «توموروو بايوستيتس» بإرسال سيارة إسعاف مجهزة خصيصاً لتبريد المتوفى باستخدام الثلج والماء. يتم بعد ذلك حقن الجسم بمادة «حفظ بالتبريد» ونقله إلى المنشأة المخصصة في سويسرا.

دماغ أرنب

في عام 2016، نجح فريق من العلماء في حفظ دماغ أرنب بحال مثالية بفضل عملية تبريد. وفي مايو (أيار) من هذا العام، استخدم باحثون صينيون من جامعة فودان تقنية جديدة لتجميد أنسجة المخ البشري، تبين أنها تعمل بكامل طاقتها بعد 18 شهراً من التخزين المبرد.

لكنّ هولغر رينش، الباحث في معهد «آي إل كاي» في دريسدن (شرق ألمانيا)، يرى أنّ الآمال في إعادة شخص متجمد إلى الحياة في المستقبل القريب ضئيلة جداً.

ويقول لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «نشكّ في ذلك. أنصح شخصياً بعدم اللجوء إلى مثل هذا الإجراء».

ويتابع: «في الممارسة الطبية، إنّ الحدّ الأقصى لبنية الأنسجة التي يمكن حفظها بالتبريد هو بحجم وسمك ظفر الإبهام، والوضع لم يتغير منذ سبعينات القرن العشرين».

ويقرّ كيندزورا بعدم وجود ضمانات، ويقول: «لا نعرف ما إذا كان ذلك ممكناً أم لا. أعتقد أن هناك فرصة جيدة، لكن هل أنا متأكد؟ قطعاً لا».

بغض النظر عما يمكن أن يحدث في المستقبل، تقول زيغلر إنها متأكدة من أنها لن تندم على قرارها. وتضيف: «قد يبدو الأمر غريباً، لكن من ناحية أخرى، البديل هو أن يضعوك داخل تابوت وتأكلك الديدان».