هل تحل النسخ ثلاثية الأبعاد أزمة رخاميات إلغن بين بريطانيا واليونان؟

يفتح ملف إعادة الآثار الأصلية لبلادها

أثناء عمل الروبوت في نحت رأس حصان بالحجم الطبيعي وهي نسخة مفصلة للغاية من قطعة من رخاميات البارثينون المعروضة في المتحف البريطاني (فرانشيسكا جونز - نيويورك تايمز)
أثناء عمل الروبوت في نحت رأس حصان بالحجم الطبيعي وهي نسخة مفصلة للغاية من قطعة من رخاميات البارثينون المعروضة في المتحف البريطاني (فرانشيسكا جونز - نيويورك تايمز)
TT

هل تحل النسخ ثلاثية الأبعاد أزمة رخاميات إلغن بين بريطانيا واليونان؟

أثناء عمل الروبوت في نحت رأس حصان بالحجم الطبيعي وهي نسخة مفصلة للغاية من قطعة من رخاميات البارثينون المعروضة في المتحف البريطاني (فرانشيسكا جونز - نيويورك تايمز)
أثناء عمل الروبوت في نحت رأس حصان بالحجم الطبيعي وهي نسخة مفصلة للغاية من قطعة من رخاميات البارثينون المعروضة في المتحف البريطاني (فرانشيسكا جونز - نيويورك تايمز)

يُثير قليل من النزاعات الثقافية المشاعر البريطانية أكثر من التصرف فيما يعرف بـ«رخاميات البارثينون» المقتطعة من معبد البارثينون باليونان. وقد احتدم النقاش العام حول التماثيل منذ أوائل القرن التاسع عشر، عندما نُزعت المنحوتات والنقوش البارزة، التي يعود تاريخها بين 447 ق.م و432 ق.م، من معبد البارثينون وغيره من المعابد اليونانية الكلاسيكية في الأكروبوليس بأثينا، على أيدي عملاء توماس بروس، رجل الدولة الاسكوتلندي، وإيرل إلغن السابع. إذ قام إلغن بشراء الرخاميات - ويقول البعض إنه نهبها - أثناء عمله سفيراً لدى الإمبراطورية العثمانية، القوة القائمة بالاحتلال وقتئذ؛ ليستقر بها المُقام في المتحف البريطاني منذ عام 1817.
طالب النشطاء اليونانيون بريطانيا مراراً وتكراراً بإعادة الأعمال الرخامية إلى بلادهم، قائلين إن الأتراك كانوا قوة احتلال أجنبية تعمل ضد إرادة الشعب الذي غزوه.
لكن المسؤولين في المتحف البريطاني رفضوا بشدة هذه الطلبات. وبدعم من الحكومات البريطانية المتعاقبة، برر المتحف الإبقاء على الرخاميات بدعوى أن اللورد إلغن حصل عليها بشكل مشروع؛ وتزعم أن نقل الآثار إلى لندن ساعد في حمايتها من الإهمال والآثار المدمرة لأمطار أثينا الحمضية، وأنها جزء من التراث المشترك، ومن ثم، فهي تتجاوز الحدود الثقافية المعتادة.
وقال متحدث باسم المتحف البريطاني: «نحن منفتحون لاستكشاف أي إعارة محتملة، مع الاعتراف الرسمي بحق المُقرض في المقتنيات والالتزام بإعادة المقتنيات كشرط أساسي ومعياري». لكن اليونان لن تعترف بحق المُقرض في ملكية المقتنيات، كما لن تلتزم «بالشرط المعياري المسبق».
ويعتقد روجر ميشال، المدير التنفيذي لمعهد الآثار الرقمية، أنه يمكن حل المشكلة الضبابية طويلة الأجل بمساعدة الآلات ثلاثية الأبعاد. فقد عكف الاتحاد البحثي الذي يرأسه في جامعة أكسفورد على تطوير روبوت قادر على صناعة نسخ حقيقية وخالصة من المقتنيات التاريخية الكبيرة.

النسخ المباشر
في 29 يونيو (حزيران)، في ورشة عمل بمدينة كارارا الإيطالية، شرع الروبوت في نحت نسخة مفصلة للغاية من قطعة من رخاميات البارثينون المعروضة في المتحف البريطاني: رأس حصان بالحجم الطبيعي. وهذه النسخة، المصنوعة من الرخام المحلي، هي نموذج لنسخة منقوشة من كتلة من الرخام المحفور على جبل «بنتليكوس»، المصدر الرئيسي لأحجار بناء الأكروبوليس. وبعد أسبوع، قال ميشال: «سوف يُنشئ الروبوت نسخة من رخام البارثينون الثاني: عبارة عن لوحة منحوتة من (سينتوروماتشي)، المعركة الأسطورية بين جنس (لابيثيس) البشري المتحضر و(القنطور) البهيمي الوحشي في وليمة زفاف (هيبوداميا وبيريثوس)».
يرى ميشال أن النسخ التقنية مُعدة لصالح المتحف البريطاني، وقال: «هدفنا الوحيد هو التشجيع على إعادة رخاميات إلغن إلى موطنها. عندما يرغب شخصان في الكعكة نفسها، يكون خبز كعكة ثانية متطابقة أحد الحلول الواضحة».
وفي مارس (آذار)، بعد أن رفض المتحف طلباً رسمياً لمسح القطع، ظهر ميشال رفقة ألكسي كارينوسكا، المديرة الفنية للمعهد، في قاعة دوفين بالمتحف البريطاني كزائرين، واستعانا بأساليب التخفي والدهاء. أثناء مراقبة موظفي الأمن، استخدما هواتف آيفون ولوحيات آيباد القياسية، حيث إن كثيراً من الموديلات الحديثة مُجهزة بمجسات «ليدار» للاستشعار، وبرامج التصوير المساحي، بُغية إنشاء صور رقمية ثلاثية الأبعاد.
«ليدار» نوع من الكاميرات التي ترسل موجات النبضات الضوئية في سيل من نقاط الأشعة تحت الحمراء لقياس مسافات صغيرة في جزء من الملليمتر. أما التصوير المساحي فإنه يستخرج المعلومات الهندسية من صورة ما، ومع الصور المتداخلة للشيء المُصور، يُحول البيانات إلى نموذج حاسوبي افتراضي.
تم تحميل الصور ثلاثية الأبعاد لرأس الحصان الرخامية إلى روبوت النحت، الذي صقل النموذج على مدى أربعة أيام. وقال ميشال إن النموذجين النهائيين - وكلاهما من الرخام البينديلي المستمد من جبل «بنتليكوس» - سوف يكتملان بنهاية يوليو (تموز) الحالي، ثم يُعرضان بعد ذلك في لندن، في موقع لم يُفصح عنه بعد.
وفي وقت لاحق من هذا الصيف، يخطط ميشال لجعل الروبوت يصنع نسختين إضافيتين ومواصلة تحسينهما حتى يُظهر كيف سوف تبدو النسخ الأصلية، مع ترميم أي قطع غير موجودة وإصلاح التلف.
ورغم أنه من غير المحتمل للمتحف البريطاني أن يتراجع عن موقفه، يقول كثير من علماء الآثار إن قضية إعادة هذه الآثار قوية ومقنعة.
يقول تيم شادلا هول، بروفسور الآثار في جامعة لندن كوليدج، والمختص في الفهم العام للتراث الأثري: «المبنى الذي نهبوا منه الآثار لا يزال قائماً، ولا بد أن تعود القطع الأثرية إلى اليونان».
تقول ألكسي كارينوسكا إن المتاحف لا تحقق أي غرض إن كانت مليئة بأشياء محفوظة بطريقة جميلة لا تخدم إلا مصالح أقلية أكاديمية مغلقة. وأضافت: «الاعتناء بالبقايا المادية للماضي هو جزء صغير من المحافظة على ذاكرتها وموطنها الثقافي. وعندما تنظرون إلى شيء قديم، أو حتى تلمسونه، تصبحون على صلة بشيء هو شاهد مادي على زمن سابق. وتميل الثقافة الغربية إلى تفضيل المقتنيات الأصلية، ومرجع ذلك إلى حد كبير بسبب الرغبة في إقامة روابط مادية مع الماضي».
لهذا السبب يُشكك «دون» كثيراً في إمكانية التوصل إلى حل يرضي المتحف البريطاني والحكومة اليونانية معاً. وقالت إن العقبة الكبرى على الطريق هي أن لفظتي «نسخة» و«نسخة طبق الأصل» لا تزالان تعنيان «ثاني أفضل شيء»، حتى إن لم يكن الأمر كذلك بالضرورة. يقول دون: «مهما بلغت قوة الحجة الفكرية، فإن الدلالات البلاغية لها الغلبة».
وأضافت أنه من غير المرجح لنسخة طبق الأصل مُنتجة من رخاميات البارثينون أن تقضي على الخلاف القائم، وقالت: «من الصعب تخيل أي شخص يريد بقاء الرخاميات في المتحف البريطاني أن يشعر بالارتياح إلى شيء أنتجته الروبوتات جزئياً، لا سيما عندما تُمثل الرخاميات الأصلية إليه ذروة سمو الفن الإنساني».
* خدمة نيويورك تايمز



ثقة المتداولين في الجنيه الإسترليني تشهد أكبر تراجع منذ أزمة موازنة 2022

أوراق الجنيه الإسترليني (رويترز)
أوراق الجنيه الإسترليني (رويترز)
TT

ثقة المتداولين في الجنيه الإسترليني تشهد أكبر تراجع منذ أزمة موازنة 2022

أوراق الجنيه الإسترليني (رويترز)
أوراق الجنيه الإسترليني (رويترز)

سجلت ثقة المتداولين في الجنيه الإسترليني أكبر انخفاض لها هذا الأسبوع منذ أزمة موازنة المملكة المتحدة في عام 2022، وفقاً لبيانات سوق الخيارات. وقد أسهم بيع السندات العالمية في زيادة القلق بشأن الوضع المالي لبريطانيا، مما دفع عوائد السندات إلى أعلى مستوياتها في 16 عاماً.

وتشير بيانات سوق الخيارات إلى أن المتداولين أصبحوا أكثر تشاؤماً تجاه الجنيه الإسترليني مقارنة بأي وقت مضى منذ أوائل 2023، عندما كانت الأسواق لا تزال تتعافى من التقلبات الشديدة التي شهدتها في أعقاب الموازنة المصغرة التي أعلنتها رئيسة الوزراء السابقة ليز تروس في سبتمبر (أيلول) 2022.

وهذا الأسبوع، شهدت عوائد السندات الحكومية لأجل 10 سنوات ارتفاعاً بمقدار ربع نقطة مئوية لتصل إلى 4.925 في المائة، وهو أعلى مستوى منذ عام 2008، ما يعكس موجة بيع في سندات الخزانة الأميركية التي أثرت على الأسواق العالمية، مما ألحق ضرراً أكبر بالديون البريطانية مقارنة ببقية الأسواق.

ومن المتوقع أن يسجل الجنيه الإسترليني انخفاضاً أسبوعياً بنحو 1 في المائة، بعد أن بلغ أدنى مستوى له في 14 شهراً عند 1.2239 دولار. وقد أضافت العوائد المرتفعة مزيداً من الضغوط على وزيرة المالية البريطانية، راشيل ريفز، التي تجد نفسها تحت ضغط كبير للامتثال للقواعد المالية للحكومة، مما قد يزيد من تعقيد مهمة بنك إنجلترا في إدارة السياسة النقدية.

وبينما أضاف تأكيد وزارة الخزانة على «قبضتها الحديدية» على المالية العامة بعض الاستقرار إلى أصول المملكة المتحدة، فإن سوق الخيارات تشير إلى حذر شديد بين المتداولين. فقد انخفضت عمليات عكس المخاطر لمدة ثلاثة أشهر إلى -1.935، وهو أدنى مستوى منذ يناير (كانون الثاني) 2023، مما يعكس تراجع الثقة في الجنيه الإسترليني مقابل الدولار.

وقالت جين فولي، كبيرة الاستراتيجيين في «رابوبانك»: «نحن نشهد عملية إعادة تسعير للجنيه الإسترليني وأصول المملكة المتحدة، مع توقعات أقل نمواً، وموازنة أسوأ، وتوقعات سياسية أكثر عدم استقرار مما كنا نأمله في منتصف العام الماضي». وأضافت: «لقد تزايد الضغط مع الأخبار عن أعلى مستويات العوائد في 30 عاماً منذ عام 1998، مما أضاف مزيداً من الزخم لهذا التعديل».

وفيما يخص الاتجاه الهبوطي للجنيه الإسترليني، انخفضت عمليات عكس المخاطر بأكبر قدر منذ سبتمبر 2022، مما يعكس حالة من عدم اليقين الكبير بشأن الإجراءات المحتملة لبنك إنجلترا. وأوصى «دويتشه بنك» يوم الجمعة ببيع الجنيه الإسترليني على نطاق واسع.

علاوة على ذلك، دفع المتداولون المزيد من الأموال للتحوط ضد التقلبات الكبيرة في الجنيه الإسترليني، وهو ما لم يحدث منذ أزمة البنوك في مارس (آذار) 2023. وقد بلغت تقلبات الخيارات لمدة شهر واحد، التي تعد مقياساً للطلب على الحماية، أعلى مستوى لها عند 10.9 في المائة يوم الخميس، قبل أن تتراجع إلى 9.7 في المائة يوم الجمعة، مما يلمح إلى شعور بالهدوء قد يمنح بعض الراحة للجنيه الإسترليني في الوقت الراهن.

من جانبه، قال فرانشيسكو بيسول، استراتيجي بنك «آي إن جي»، إن الجنيه الإسترليني قد يشهد إقبالاً من المشترين عند مستويات تتراوح بين 1.225و1.230 دولار، شريطة أن تظل السندات الحكومية البريطانية مستقرة.