«ستي قالت لي اللي ياخد بالمظاهر عمره ما يعرف الوحش من الطاهر» تروي نسمة المثل الشعبي في شغف حكائي يعود بنا لزمن حكايات الجدّات المُطعمة بخلاصة الحكمة الشعبية، يلفت نظرك هذا المثل الشعبي وأنت تتصفح موقع «إنستغرام» أحد مواقع التواصل التي تبث عليها المدونة المصرية نسمة مدحت محتواها الخاص بتراث الأمثال والحكايات الشعبية.
وسط المحتويات الشاسعة ما بين مقاطع مُصوّرة على صفحات الفنانين والمؤثرين على موقع «إنستغرام»، يمكنك التوقف عند مقطع فيديو للكاتبة وصانعة المحتوى نسمة مدحت، التي تحرص على الظهور بالملابس التراثية، وتصوير محتواها وهي تُجاور الآنية الفخارية وطاولة الطعام الخشبية المستديرة المعروفة في مصر باسم «الطبلية»، ومصفوفة فوقها أدوات القهوة النحاسية القديمة.
وسط هذا المُعادل البصري تقدم نسمة مدحت محتوى إلكترونياً تحت عنوان «ستي قالت لي» الذي تقول عنه في حديثها لـ«الشرق الأوسط» إنها أطلقته في صورة مقاطع قصيرة منذ رمضان الماضي، وهي مقاطع فيديو مستوحاة من الأمثال الشعبية، وهو شكل جديد لشغفي الممتد بالأمثال والحكايات الشعبية التي بدأتها قبل نحو 4 أعوام عبر محتوى بعنوان «بيقولوا» الذي يدور حول أصل الكلمات التراثية التي نقوم باستخدامها أحياناً دون معرفة بسياقها التاريخي، علاوة على حلقات فيديو كنت أقدم بها قراءة في «حكايات ألف ليلة وليلة على يوتيوب».
في بيت السناري الأثري بالقاهرة، عقدت نسمة مدحت أخيراً جلسة حكي بمشاركة عدد من الجمهور الشغوف بالأمثال الشعبية وتراثها: «هذه الجلسة واحدة من الأنشطة التي ترافق مبادرة إعادة إحياء التراث الشعبي التي قمت بإطلاقها أخيراً، ودائماً ما أفاجئ خلال تلك الجلسات بحالة التفاعل التي لا تقتصر على الكبار فقط، وإنما الأطفال، فالحكايات الشعبية لها بريق لا يخفت» بحسب نسمة.
تخرجت نسمة من كلية الإعلام جامعة القاهرة عام 2007، وأصدرت كتاباً بعنوان «اللي اسمه إيه» عام 2020. وتقول إنها تخاطب فيه بشكل أساسي كلاً من جيل الثمانينات والتسعينات، «الكتاب أقرب لرحلة تعبير عن فكر ووجدان هذا الجيل، الذي أنتمي له، بكل التناقضات والمشاعر التي اشتركنا فيها». حسبما تقول، أما الكتاب الثاني فقد صدر هذا العام وعنوانه «أصل المثل» الذي تقول عنه إنه يضم حكايات متفرقة تدور في عالم الأمثال الشعبية المحلية.
إلى جانب الكتب الورقية، ترى نسمة أن بث محتوى الأمثال التراثية عبر منصات رقمية مثل «فيسبوك» و«تيك توك» و«يوتيوب» و«إنستغرام» قد ساهم بشكل كبير في نشر برنامجها المعنيّ بالثقافة التراثية بين طبقات عمرية أوسع من الجمهور، وتفعيل مبادرة إعادة إحياء التراث الشعبي التي أطلقتها مطلع هذا العام.
«طنجرة عايرت مقلاية قالت لها اتنيناتنا بالمطبخ» مثل شعبي من تراث بلاد الشام قدمته نسمة في واحدة من حلقاتها الجديدة، تقول: «الفترة الأخيرة بدأت التوسع في الأمثال الشعبية من خارج التراث المصري، بعد أن بدأت أن أجد تفاعلاً من جمهور من العالم العربي والعرب المهاجرين، وتشجيعهم لي أن أقدم أمثالهم الشعبية وكان هذا المثل أحد تلك الأمثال». تقول نسمة: «أتمنى أن أصل بجلسات الحكي لبلاد العالم العربي، فتراث الحكي لدينا غني بشدة، وأتمنى أن نستطيع حكي تراثنا الشفاهي بشكل بسيط، في وقت نعاني فيه من طمس هويتنا العربية».
تعتقد صاحبة المحتوى أن أبرز التحديات التي تواجهها في تقديم محتواها هي تعدد المراجع التي تستند إليها في إعداد حلقاتها «كثيراً ما تكون هناك حكايات مختلفة وراء المثل الواحد، فتراثنا الشعبي عامر بالحكايات» وهناك تحدٍ آخر خاص بتكثيف مدة محتواها الإلكتروني، ومحاولة أن يكون المحتوى الذي تقدمه على ساحات التواصل الاجتماعي جذاباً بصرياً وعلى مستوى المضمون، خاصة مع ازدحام تلك المنصات بمئات المواد الشيقة.
«ستي قالت لي»... أمثال الجدّات تنافس في مواقع التواصل
ضمن مبادرة لإحياء التراث العربي الشفاهي
«ستي قالت لي»... أمثال الجدّات تنافس في مواقع التواصل
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة