الطيب وتواضروس يترأسان «بيت العائلة» بالكاتدرائية للمرة الأولى منذ عزل مرسي

مصادر كنسية لـ «الشرق الأوسط» : مقترح لحذف ما يحض على العنف من كتب المدارس

الطيب و تواضروس
الطيب و تواضروس
TT

الطيب وتواضروس يترأسان «بيت العائلة» بالكاتدرائية للمرة الأولى منذ عزل مرسي

الطيب و تواضروس
الطيب و تواضروس

قالت مصادر كنسية مسؤولة، إن لقاء «بيت العائلة المصرية» في مقر الكاتدرائية المرقسية بالعباسية (شرق القاهرة) أمس «ركز على ضرورة مواصلة رفض الفكر المتشدد واستهداف الكنائس ودور العبادة الذي تقوم به الجماعات المتطرفة». وأضافت المصادر التي تحدثت لـ«الشرق الأوسط»، أنه «سيجري تقديم مقترح لوزارة التعليم في مصر بحذف كل ما يحض على الكراهية والتطرف والعنف من المناهج الدراسية بالمدارس، وإعلاء قيمة المواطنة وقبول الآخر».
وقرر شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب، عقد اجتماع «بيت العائلة» بمقر الكاتدرائية، الذي يعقد للمرة الأولى خارج مقر مشيخة الأزهر بالدراسة، منذ عزل الرئيس السابق محمد مرسي في يوليو (تموز) الماضي وإعلان جماعة الإخوان المسلمين «جماعة إرهابية»، بحضور البابا تواضروس الثاني بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، وأضافت المصادر الكنسية أن «الاجتماع أكد أن الوطنية المصرية هي مسؤولية الجميع، وضرورة نشر معانيها في ربوع مصر».
وقال مصدر مسؤول في مشيخة الأزهر، لـ«الشرق الأوسط»، إن «عقد الاجتماع في الكاتدرائية يؤكد أن الأزهر لا يستأثر باجتماعات بيت العائلة بمفرده.. وأنه والكنيسة شركاء». واتهمت قيادات في الكنيسة المصرية الأزهر من قبل بالاستحواذ على جلسات بيت العائلة، ورفض إقامتها في الكنيسة الأرثوذكسية. لكن المصدر المسؤول نفسه، أكد أن «اجتماع الأمس يؤكد عكس هذه المزاعم».
ويذكر أن المرة الوحيدة التي عقد «بيت العائلة» خارج الأزهر، كان عقب حادث كنيسة إمبابة في مايو (أيار) عام 2011 بعد تنحي الرئيس الأسبق حسني مبارك عن السلطة، وكان ذلك نتيجة الحالة الصحية للبابا الراحل شنودة الثالث، التي حالت وقتها دون الانتقال إلى مقر مشيخة الأزهر.
وقالت المصادر التابعة للكنيسة القبطية الأرثوذكسية إن اجتماع بيت العائلة كان بحضور أعضاء الأمانة العامة لبيت العائلة المصرية، وإن هذه أول مشاركة للبابا تواضروس الثاني مع مجلس الأمناء منذ انعقاده في أبريل (نيسان) عام 2011 ونشأته رسميا في 6 يوليو من نفس العام.
من جانبه، قال الدكتور الطيب خلال الاجتماع: «يسعدني أن تعقد هذه الجلسة في عهد البابا تواضروس الثاني، وأن بيت العائلة في حالة عمل دائب لم يتوقف رغم الظروف الصعبة التي تمر بها البلاد واجتهدت اللجان الثماني وحققت نجاحا وصل صداه كتجربة رائدة لكثير من عواصم العالم العربي مما دفعتهم للتعرف على هذا النموذج للتعايش بين الأديان، وفي الداخل أنشئت فروع جديدة في كثير من محافظات مصر»، مضيفا: «إننا نؤكد على هدف بيت العائلة الأعلى، وهو وحدة مصر واستعادة قيمها الدينية والأخلاقية واحترام التنوع».
وألقى البابا تواضروس الثاني كلمة تحدث من خلالها عن معنى كلمة «معا»، موضحا أنها تحمل معاني كثيرة ومنها القوة والجمال والحياة وأنه «لا توجد حياة من دون معا».
ووافقت السلطة المصرية عقب تنحي مبارك على إنشاء «بيت العائلة» للحفاظ على النسيج الاجتماعي لأبناء مصر بالتنسيق مع جميع الهيئات والوزارات المعنية في الدولة، والعمل على احتواء أي أزمات قبل حدوثها. وجاء تكوين بيت العائلة المصري من عدد من العلماء المسلمين ورجال الكنيسة القبطية وممثلين عن مختلف الطوائف المسيحية بمصر وعدد من المفكرين والخبراء.
في ذات السياق، قال مصدر مسؤول في بيت العائلة المصرية، لـ«الشرق الأوسط» إن اجتماع الأمس تابع عملية إعمار وترميم دور العبادة التي أضيرت منذ ثورة 30 يونيو وعقب فض اعتصام أنصار الرئيس السابق من جماعة الإخوان المسلمين في أغسطس (آب) الماضي، مضيفا أن «عددا كبيرا من رجال الأعمال عرضوا مساهمات لإعادة إعمار المساجد والكنائس، وأن القوات المسلحة هي من ستتولى التنفيذ لتكون جهة التنفيذ واحدة، لأن القوات المسلحة هي من دعت في بادئ الأمر إلى إعادة ترميم دور العبادة، وسبق أن قامت بترميم مسجد رابعة العدوية (مقر اعتصام أنصار المعزول شرق القاهرة)».
ووقعت حوادث تخريب وتدمير لعدد من المساجد الشهيرة في القاهرة والمحافظات، وكذا الكنائس عقب فض السلطات المصرية اعتصامي أنصار مرسي في رابعة العدوية (شرق) والنهضة (غرب) بالقوة، وسط اتهامات لجماعة الإخوان المسلمين بالوقوف وراء الهجمات على دور العبادة الخاصة بالمسيحيين لتضرب الوحدة الوطنية في العمق، وإثارة مشاعر أقباط مصر.
من جانبه، أكد محمود عزب، المنسق العام لبيت العائلة، مستشار شيخ الأزهر للحوار، أمس أن «بيت العائلة لا يحل محل مؤسسات الدولة، ولكنه يأتي كعامل مساعد للدولة مثل مشروع ترميم الكنائس الذي تبنينا الدعوة إليه كممثلين للشعب»، مضيفا أن لجنة الخطاب الديني، أخذت على عاتقها تدريب «قس وشيخ» من كل محافظة، والعمل على أهمية اللقاء بين الطرفين.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.