هل حان وقت تغيير الوصفات لتحاكي «جيل تيك توك»؟

رومي بالحمام... ومعكرونة بالكفتة

كلما زادت عناصر الخلطة حصلت على اهتمام الأجيال الصاعدة
كلما زادت عناصر الخلطة حصلت على اهتمام الأجيال الصاعدة
TT

هل حان وقت تغيير الوصفات لتحاكي «جيل تيك توك»؟

كلما زادت عناصر الخلطة حصلت على اهتمام الأجيال الصاعدة
كلما زادت عناصر الخلطة حصلت على اهتمام الأجيال الصاعدة

قبل سنوات قليلة كانت «الحشوات» عبارة عن خليط تقليدي يعتمد على خلطة من مكون واحد أو اثنين على الأكثر مع مزيج من التوابل المختلفة، فالحمام يُحشى بالأرز أو الفريك، وورق العنب حشوته الرئيسية هي الأرز، غير أن محاولات الابتكار غيّرت هذه النظرة تماماً، فالاتجاه الجديد الذي تحوّل إلى تنافس بين المطاعم المصرية بجميع أشكالها وتصنيفاتها يعتمد على التجديد.
من بين الابتكارات التي لاقت رواجاً في عالم «الحشوات» فكرة حشو الطيور بطيور أخرى إلى جانب حشوات متنوعة، فالديك الرومي المشوي في الفرن يمكن حشوه بحمام محشي فريك أو أرز، وبداخله ورق عنب، مع خليط من المكسرات والزبيب والكثير من الإضافات.
مطعم «حضرموت شيخ المندي» بحي المهندسين من المحال الذي يبتكر في هذا المجال مما ساعده في تحويل أصنافه التقليدية إلى أخرى جديدة، من بينها تقديم التيس أو الخروف محشواً بالبط والحمام، أو بالكفتة والطرب والممبار والسجق البلدي، وتتم تسويته بطريقة المندي.
وتتنوع «الحشوات» الداخلية لتشكل مزيداً من الإبهار بإضافة البرتقال والتفاح ودبس الرمان إلى جانب صوصات متنوعة، كما تتضمن الحشوات الكبدة والقوانص والخضار لتوسيع خيارات الزبائن في الإضافات.


بيتزا محشوة بالبرغر والجبن
كما تشكّل البيتزا والفطائر بأنواعها فرصة كبيرة لاستعراض وتجريب ابتكار «الحشوات» خصوصاً مع دخول الأجبان إلى عالم الإضافات، لذا حرص مطعم «كارسوس» الذي يمتلك 10 أفرع في أحياء القاهرة على مزج المعجنات مع البروتين والأجبان وأصناف أخرى متنوعة مثل البطاطس المحمرة، ومن بين الأصناف الجديدة التي يقدمها، بيتزا محشوة بالتشيز برغر مكسوة بطبقة من الجبن، وأيضاً بيتزا محشوة بالبطاطس المحمرة وأنواع أجبان مختلفة، وكذلك طاجن معكرونة محشوة بالكفتة المنقوعة في سلاطة الطحينة والوايت صوص، ومغطاة بطبقة من الجبنة الموتزاريلا والتشيدر.
أحمد الديجوي، مدير مطاعم «كارسوس» يقول لـ«الشرق الأوسط» إن «الجمهور بات يمل من تكرار نفس الأصناف التقليدية، لذلك دائماً نحاول الابتكار وتقديم أكلات جديدة»، متابعاً: «الأشكال الجديدة تلقى رواجاً كبيراً خصوصاً لدى الأجيال الصاعدة، فلم تعد البيتزا التقليدية تغري الزبائن».
تطبيق «تيك توك» أسهم في حملة التغيير والابتعاد عن الوصفات التقليدية لأن «أجيال تيك توك» تبحث عن الغرابة في الأطباق من حيث الشكل والنكهة لمشاركتها على الحسابات الخاصة لكي تتحول في بعض الأحيان إلى «ترند» عالمي.

وصفات تقليدية تحاكي الصرعات الجديدة 
وفي المقابل لجأ مطعم «بامبول» المتخصص في الفطائر الشرقية بحي زهراء المعادي إلى تطوير «الحشوات» ليتحول الفطير المشلتت من شكله التقليدي الذي تضاف إليه الجبنة القديمة أو العسل الأسود والطحينة، أو مع العسل الأبيض والقشدة، إلى أصناف متنوعة.
من بين ذلك، فطير مشلتت بالتشيكن رانش مع صوص البيستو، وهي فطيرة شرقية محشوة بقطع الدجاج المقلية المقرمشة بتتبيلة كنتاكي الشهيرة مع الجبنة الموتزاريلا والزيتون وحلقات الفلفل الحار مع صوص الرانش الحار، وكذلك فطيرة «الرانش» وهي فطيرة محشوة بالبسطرمة المقطعة حلقات رقيقة ومقلية لتكون مقرمشة مع حشوة من جبنة الموتزاريلا، وأيضاً اللوتس والنوتيلا، وهي محشوة بقطع بسكويت وكريمة اللوتس والشوكولاته السائلة مع البندق.
في الإطار ذاته يؤكد الشيف محمد إبراهيم مقدم برنامج «كل يوم جديد» على قناة «بانوارما فود» لـ«الشرق الأوسط» أن هذه الأفكار تستهدف المنافسة بين المطاعم، والبحث عن كل جديد لتقديمه لذواقة الطعام.
وحظي الأشخاص الذين يتّبعون حمية غذائية وأصحاب الأمراض التي تمنعهم من تناول بعض المكونات، باهتمام مطوري الحشوات والمطاعم الفاخرة، وبرز استخدام دقيق الشوفان في المخبوزات، واستُبدل الفريك بالأرز، وكذلك حشوات خاصة في الأصناف المختلفة مثل الخضار المطهو على البخار مع قطع اللحم الأحمر أو الدجاج مشوية، مع إضافات تزيد معدلات حرق الطعام في الجسم مثل القرفة والزنجبيل وحبة البركة والسمسم وعين الجمل واللبن منزوع الدسم.


مقالات ذات صلة

حلويات خطيرة لا يطلبها طهاة المعجنات أبداً في المطاعم

مذاقات صندوق من الكعك والكعك المحلى من إنتاج شركة «غريغز سويت تريتس» في نيوكاسل أبون تاين - بريطانيا (رويترز)

حلويات خطيرة لا يطلبها طهاة المعجنات أبداً في المطاعم

في بعض المطاعم والمقاهي، توجد بعض الخيارات الاحتياطية التي تجعل طهاة المعجنات حذرين من إنفاق أموالهم عليها؛ لأنها على الأرجح خيار مخيب للآمال.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
مذاقات «الأقاشي» السودانية تغازل سفرة المصريين

«الأقاشي» السودانية تغازل سفرة المصريين

لقمة خبز قد تأسر القلب، ترفع الحدود وتقرب الشعوب، هكذا يمكن وصف التفاعل الدافئ من المصريين تجاه المطبخ السوداني، الذي بدأ يغازلهم ووجد له مكاناً على سفرتهم.

إيمان مبروك (القاهرة)
مذاقات الشيف الأميركي براين بيكير (الشرق الأوسط)

فعاليات «موسم الرياض» بقيادة ولفغانغ باك تقدم تجارب أكل استثنائية

تقدم فعاليات «موسم الرياض» التي يقودها الشيف العالمي ولفغانغ باك، لمحبي الطعام تجارب استثنائية وفريدة لتذوق الطعام.

فتح الرحمن يوسف (الرياض) فتح الرحمن يوسف (الرياض)
مذاقات فواكه موسمية لذيذة (الشرق الاوسط)

الفواكه والخضراوات تتحول الى «ترند»

تحقق الفواكه والخضراوات المجففة والمقرمشة نجاحاً في انتشارها عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وتتصدّر بالتالي الـ«ترند» عبر صفحات «إنستغرام» و«تيك توك» و«فيسبوك»

فيفيان حداد (بيروت)
مذاقات طواجن الفول تعددت أنواعها مع تنوع الإضافات والمكونات غير التقليدية (مطعم سعد الحرامي)

الفول المصري... حلو وحار

على عربة خشبية في أحد أحياء القاهرة، أو في محال وطاولات أنيقة، ستكون أمام خيارات عديدة لتناول طبق فول في أحد صباحاتك

محمد عجم (القاهرة)

المطاعم و«إنستغرام»... قصة حب غير مكتملة

ديكورات جميلة ولكن مذاق الطعام عادي (إنستغرام)
ديكورات جميلة ولكن مذاق الطعام عادي (إنستغرام)
TT

المطاعم و«إنستغرام»... قصة حب غير مكتملة

ديكورات جميلة ولكن مذاق الطعام عادي (إنستغرام)
ديكورات جميلة ولكن مذاق الطعام عادي (إنستغرام)

في الماضي، كان الناس يخرجون لتناول الطعام في مطعمهم المفضل وتذوق طبقهم الألذ فيه، أما اليوم، وفي عصر وسائل التواصل الاجتماعي وتوفر كاميرا الهواتف الذكية في كل مكان وزمان، ونشر صور الطعام على منصات رقمية على رأسها «إنستغرام» أصبحت زيارة المطعم لالتقاط الصور ومشاركتها مع العالم، دون أكلها أحياناً. ولكن هل كل ما تأكله الكاميرا قبل المعدة لذيذ كما تراه في الصورة؟

برغر سمك في "فيش إند بابلز " (إنستغرام)

هناك فئة من المطاعم التي تحمل مصطلح «إنستغرامابل» Instagrammable وتعني أنها تبدو جميلة على صفحات «إنستغرام» نظراً للتركيز على شكل الأطباق وطريقة تقديمها واستخدام الألوان فيها، بعيداً عن التركيز عن النكهة والمنتج المستخدم فيها.

وفي دراسة نشرت أخيراً على موقع رقمي متخصص بأخبار المطاعم والطعام، تبين أن تصوير مأكولات (تبدو شهية مثل الكيك وأنواع الحلوى المنمقة) قد تزيد من نكهتها قبل أكلها، والسبب قد يعود إلى أن مقولة «العين تعشق قبل القلب أحياناً» صحيحة، وذلك لأن العين هنا تقع في حب الطبق قبل تذوقه، فقط بسبب الصور التي نلتقطها.

طبق شهير نشرت صوره على وسائل التواصل الاجتماعي (إنستغرام)

في الآونة الأخيرة، وفي تغير واضح في طريقة تصرف الذواقة في المطاعم أصبح التقاط صور الطعام أمراً مبالغاً به، لدرجة أنه أصبح من الضروري الاستئذان من الجالسين على طاولتك قبل مد يدك لتناول الأكل بسبب اهتمام بعضهم بالتقاط الصور ونشرها على الإنترنت، ولكن السؤال الذي يطرح نفسه هنا: هل كل ما تلتقطه الكاميرا وينشر على الشبكة العنكبوتية يتمتع بنكهة لذيذة توازي الشكل الجميل؟

ديكورات تلفت الانظار والمهتمين بنشر صور المطاعم (إنستغرام)

هذا السؤال يذكرني بحادثة وقعت معي، بعدما تحمست لزيارة أحد المطاعم الإيطالية في لندن، بعد رؤية العديد من المؤثرين ينشرون صوراً لثمار البحر يسيل لها اللعاب، فقررت الذهاب وتذوق تلك التحف الصالحة للأكل، وللأسف انتهى الحماس بمجرد تذوق أول لقمة من طبق الأسماك المشكلة الذي جئت حالمة بصورته وتذوقه، فالمذاق لم يكن على المستوى الذي توقعته، خاصة أن لائحة الانتظار للحصول على حجز في ذلك المطعم طويلة مما اضطرني للتكلم مع المدير المسؤول في هذا الخصوص، والاعتراض على نوعية المنتج.

صور الطعام قد تكون خادعة في بعض الاحيان (انستغرام)

الأكل في أيامنا هذه بالنسبة للأجيال الصاعدة مثل «جين زي» وجيل الألفية يعدّ نوعاً من التعبير عن المكانة الاجتماعية والمادية، فنشر صور الأكل بالنسبة لهم يتعدى مفهوم التهام الطعام والتمتع بمذاقه، وإنما يكون نوعاً من المفاخرة والتباهي في أوساط مجتمعاتهم ومعارفهم.

فالطعام نوعان؛ الأول يركز على المذاق والنكهة، أما الثاني فيعتمد على التصميم الخارجي، تماماً مثل ما حصل مع دوناتس قوز القزح، أقراص الحلوى التي غزت الإنترنت وشبكة التواصل الاجتماعي، وسميت بـRainbow Food Craze فكل من تذوق هذه الحلوى بوصفة الدونات المعدلة والمبتكرة قال إن النوع التقليدي يتمتع بمذاق ألذ بكثير.

تاباس أسماك (إنستغرام)

هناك عدد من المطاعم حول العالم التي تشتهر بتقديم أطباق جميلة وجذابة بصرياً على «إنستغرام»، لكنها ليست بالضرورة لذيذة. غالباً ما يكون الهدف من هذه المطاعم هو جذب الانتباه من خلال الإبداع في العرض وتنسيق الألوان والتفاصيل الجمالية، ولكن عند تذوق الطعام قد يكون الطعم عادياً أو غير مميز.

فيما يلي بعض الأمثلة التي تُذكر عادة في هذا السياق، مثل مطعم «ذا أفو شو» في أمستردام المعروف بتقديم يعتمد بشكل كامل على الأفوكادو بطريقة مبهرة وجميلة، إنما هناك بعض الآراء التي تشير إلى أن الطعم لا يرقى إلى مستوى العرض البصري.

صور الطعام قد تكون خادعة في بعض الاحيان (انستغرام)cut out

أما مطعم «سكيتش» في لندن ويعدّ من المطاعم ذائعة الصيت والمميز بديكوراته الجميلة وألوانه الزاهية، فهناك آراء كثيرة حول مذاق أطباقه الذي لا يكون على قدر التوقعات العالية التي يولدها المظهر الفاخر.

ومطعم «شوغر فاكتوري» في الولايات المتحدة الذي يملك فروعاً كثيرة، وشهير بحلوياته ومشروباته المزينة بألوان مشرقة على «إنستغرام»، إلا أن الكثير من الزبائن يصفونه بأنه مجرد «سكر على شكل جميل»، ولا يقدم شيئاً مميزاً من حيث المذاق.

«إيل أند أن كافيه» في لندن، وهو غني عن التعريف، خاصة أنه من أكثر المطاعم التي تنشر صورها على «إنستغرام»، ومن بين أول المطاعم التي استخدمت أسلوب الديكور الذي يعتمد على الورود، فهناك من يعتقد أن أكله ليس جيداً على عكس الصور التي تنشر هنا وهناك.

برغر سمك في "فيش إند بابلز " (إنستغرام)cut out

«فيش أند بابلز» Fish & Bubbles الواقع في نوتينغ هيل بلندن، من المطاعم الإيطالية التي انتشرت بسرعة البرق على وسائل التواصل الاجتماعي، والصور والفيديوهات التي نشرها المؤثرون جرّت الكثير للذهاب إلى المطعم وتذوق ثمار البحر كما رأوها في الصور، ولكن الحقيقة هي عكس ذلك؛ لأن المذاق أقل من عادي والأسماك ليست طازجة، ومن زار هذا المكان فلن يزوره مرة ثانية.

ولمحبي البرغر فقد أغرتهم الصور في مطعم «بلاك تاب كرافت برغرز» في نيويورك بعد الشهرة التي حصل عليها على «إنستغرام»، إلا أن الكثير من الزبائن يجدون أن النكهات عادية، ولا تتناسب مع الشهرة التي حصل عليها على الإنترنت. ولا يتفق الكثير من الذين زاروا «سيريال كيلار كافيه» Celear Killer Café في كامدن تاون بلندن، الذي يقدم حبوب الإفطار بألوان زاهية وتنسيقات مبتكرة تجعلها مثالية للصور، أن الطعم يوازي روعة الصور، مما عرّض المقهى للكثير من الانتقادات، خاصة أنه ليس رخيصاً.

لائحة أسماء المطاعم التي تعتمد على وسائل التواصل الاجتماعي لتسويق أطباقها التي لا ترتقي للجودة المطلوبة لا تنتهي، والسبب وفي عصرنا هذا هو التسويق البصري والجذب السريع للزبائن، حيث يعتمد هذا النوع من التسويق بشكل كبير على الصور والفيديوهات القصيرة، خاصة على منصات مثل «إنستغرام» و«تيك توك». الأشخاص يتأثرون بالصور الجميلة والجذابة أكثر من أي شيء آخر. لذلك، عندما تكون الأطباق مصممة بشكل جميل ومبهج، يسارع الناس إلى تصويرها ونشرها، مما يوفVر للمطعم تسويقاً مجانياً وانتشاراً واسعاً.V

الكثير من الزبائن في يومنا هذا يسعون إلى أماكن مثالية لتصوير أطباقهم ومشاركتها على وسائل التواصل الاجتماعي. بعض المطاعم تلبي هذا الاحتياج عبر تقديم أطباق مبهجة بصرياً، مما يجعل المطعم وجهة مفضلة رغم أن الطعم قد يكون عادياً.

في السنوات الأخيرة، بدأ الطعام يُعامل بوصفه نوعاً من الفنون البصرية. فهناك اتجاه كبير نحو تقديم الطعام بطريقة إبداعية وفنية، مما يجعل من الصعب أحياناً التوفيق بين الطعم والتصميم. فالبعض يرى أن تصميم الطبق الجميل يستهلك جهداً كبيراً قد يطغى على الاهتمام بالتفاصيل المتعلقة بالطعم.

ولكن، وفي النهاية، لا يصح إلا الصحيح، ويبقى هذا النوع من المطاعم التي تهتم بالشكل والديكور وطريقة تقديم الأطباق لتشد الكاميرا وتتحول إلى صور يتهافت عليها الزبائن حالة خاصة؛ لأنها ستكون مؤقتة وستجذب الزبون مرة واحدة على عكس المطاعم التي تعتمد على جودة المنتج ونوعية الطعام وطعمه. كما أنه لا يجوز وضع المسؤولية كاملة على كاهل المطاعم إنما يتحمل أيضاً الزبون وبعض المؤثرين المسؤولية في تضليل الرأي العام، والتسويق لمطعم لا يستحق الشهرة والانتشار.