«الداخلية» المصرية: مقتل شرطي وإصابة آخر على يد منتمين لـ «تنظيم الإخوان»

الجيش يواصل ملاحقة الإرهابيين والمتشددين في سيناء

«الداخلية» المصرية: مقتل شرطي وإصابة آخر على يد منتمين لـ «تنظيم الإخوان»
TT

«الداخلية» المصرية: مقتل شرطي وإصابة آخر على يد منتمين لـ «تنظيم الإخوان»

«الداخلية» المصرية: مقتل شرطي وإصابة آخر على يد منتمين لـ «تنظيم الإخوان»

قتل شرطي وأصيب آخر عقب إطلاق النار عليهما برصاص منتمين إلى جماعة الإخوان المسلمين أثناء مسيرة لهم بالقاهرة، أمس، بحسب ما أعلنت وزارة الداخلية المصرية. بينما واصلت القوات المسلحة، من جهتها، عملياتها الأمنية في منطقة سيناء للقضاء على البؤر الإرهابية. وأعلن مصدر عسكري، أمس، مقتل وإصابة 112 «تكفيريا» في اشتباكات عنيفة مع القوات خلال الأسبوع الحالي.
وقال مصدر أمني بوزارة الداخلية المصرية أمس، إن «أمين شرطة قتل وأصيب آخر إثر تعرضهما لإطلاق نار من قبل عدد من المشاركين في مسيرة لأنصار تنظيم الإخوان الإرهابي بمنطقة عين شمس (شرق القاهرة)». وأوضح المصدر أن «عددا من المشاركين في المسيرة أطلقوا عدة أعيرة نارية أمام أفراد التأمين الموجودة أمام كنيسة بمنطقة عين شمس، مما أدى إلى مقتل شرطي وإصابة آخر، وأنه جرى نقل المصاب الآخر إلى مستشفى الشرطة بحي مدينة نصر».
وأكد المصدر نجاح الأجهزة الأمنية بمديرية أمن القاهرة في إلقاء القبض على المتهمين الثلاثة في الواقعة وأنهم ينتمون إلى «تنظيم الإخوان الإرهابي»، مشيرا إلى أن «قوات الأمن تمكنت كذلك من إلقاء القبض على اثنين من عناصر تنظيم الإخوان الإرهابي بتهمة التحريض على التظاهر والعنف».
في السياق ذاته، قررت النيابة العامة بمحافظة الشرقية، أمس، حبس صهر الرئيس المعزول محمد مرسي و14 آخرين من عناصر جماعة الإخوان، 15 يوما على ذمة التحقيقات، لاتهامهم بالتحريض على العنف ضد الجيش والشرطة والتظاهر من دون تصريح والترويج لأفكار الجماعة. وأكدت تحريات البحث الجنائي، بالتنسيق مع الأمن الوطني، صحة المعلومات، وأصدرت النيابة العامة قرارا بضبطهم.
كما تمكنت الأجهزة الأمنية بالفيوم من ضبط القيادي الإخواني الدكتور أحمد عبد المقتدر، أستاذ طب الأطفال بكلية الطب في جامعة الفيوم، لاشتراكه في مظاهرات ومسيرات مخالفة لقانون التظاهر.
وتأتي هذه الاعتقالات في وقت أجلت فيه محكمة جنايات القاهرة أمس جلسة محاكمة 17 من قيادات وأعضاء الإخوان المسلمين، على رأسهم محمد بديع المرشد العام، في قضية اتهامهم بالقتل العمد والتحريض عليه ضد المتظاهرين السلميين أمام مقر مكتب إرشاد التنظيم بضاحية المقطم إبان أحداث مظاهرات 30 يونيو (حزيران)، إلى جلسة 16 مارس (آذار) المقبل، وذلك لتمكين هيئة الدفاع عن المتهمين من الاطلاع على ملف القضية، والاستعداد لإبداء طلباتهم في القضية.
ومن جانبه، دعا «التحالف الوطني لدعم الشرعية»، الذي تقوده جماعة الإخوان إلى مظاهرات جديدة بدءا من اليوم (الجمعة) وطوال الأسبوع تحت عنوان «رابعة أيقونة الثورة». وتأتي هذه المظاهرات بعد مرور ستة أشهر على فض اعتصامي «رابعة العدوية» و«النهضة» في 14 أغسطس (آب) الماضي، الذي شهد مقتل المئات من المتظاهرين الإسلاميين والعشرات من رجال الشرطة.
في غضون ذلك، واصلت القوات المسلحة حملتها الأمنية في سيناء، حيث تقوم بتنفيذ عمليات تمشيط ومداهمة لـ«الأوكار والبؤر الإجرامية في الكثير من المحافظات لضبط العناصر الإجرامية والمطلوبين جنائيا، ومكافحة أعمال التسلل والتهريب عبر الحدود خلال هذا الأسبوع».
وقال مصدر عسكري أمس إن «عناصر الجيش الثاني الميداني في محافظة شمال سيناء تمكنت من قتل وإصابة أكثر من 111 من العناصر التكفيرية المسلحة خلال اشتباكات عنيفة وتبادل مكثف لإطلاق النار مع قوات التأمين، كما جرى القبض على 69 آخرين، منهم عناصر تنتمي إلى جماعة أنصار بيت المقدس الإرهابية، وثلاثة فلسطينيين من سكان قطاع غزة متسللين عبر الأنفاق، كما جرى ضبط كميات من الأسلحة والذخائر وعشر نظارات ميدان و16 تليسكوب قناصة ومدفع هاون، وعدد من دوائر النسف والتدمير وأجهزة اتصال وأجهزة الحواسب الآلية».
كما أسفرت المداهمات عن تدمير سيارة محمل عليها رشاش 14.5 مم، وحرق وتدمير 142 مقرا ومنزلا للعناصر التكفيرية، وتدمير 35 دراجة نارية وثلاث عربات وبلدوزر من دون لوحات معدنية، خلال عدة مداهمات بمناطق العريش ورفح والشيخ زويد وبئر العبد والقرى والزراعات المحيطة بهم. بالإضافة إلى تدمير 49 فتحة نفق خلال هذا الأسبوع في المنطقة المتاخمة للشريط الحدودي مع قطاع غزة، ليصبح إجمالي الأنفاق المكتشفة برفح 905 أنفاق.
من جهة أخرى، أكدت السفارة الأميركية في القاهرة أمس، أن قوات الأمن المصرية تحتجز أحد موظفيها المحليين، ويدعى أحمد عليبة، منذ 25 يناير (كانون الثاني) الماضي. وبينما أكد بيان للسفارة أن «أي تهم لم توجه له حتى الآن، وأن السفارة تواصلت مع الحكومة المصرية لمعرفة ملابسات الاحتجاز»، قالت وسائل إعلامية محلية إن «عليبة ألقي القبض عليه أثناء مشاركته في مظاهرات تابعة لجماعة الإخوان، ويجري التحقيق معه في انتمائه إليهم».



القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
TT

القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)

تراهن الحكومة المصرية على القطن المشهور بجودته، لاستنهاض صناعة الغزل والنسيج وتصدير منتجاتها إلى الخارج، لكن رهانها يواجه تحديات عدة في ظل تراجع المساحات المزروعة من «الذهب الأبيض»، وانخفاض مؤشرات زيادتها قريباً.

ويمتاز القطن المصري بأنه طويل التيلة، وتزرعه دول محدودة حول العالم، حيث يُستخدم في صناعة الأقمشة الفاخرة. وقد ذاع صيته عالمياً منذ القرن التاسع عشر، حتى أن بعض دور الأزياء السويسرية كانت تعتمد عليه بشكل أساسي، حسب كتاب «سبع خواجات - سير رواد الصناعة الأجانب في مصر»، للكاتب مصطفى عبيد.

ولم يكن القطن بالنسبة لمصر مجرد محصول، بل «وقود» لصناعة الغزل والنسيج، «التي مثلت 40 في المائة من قوة الاقتصاد المصري في مرحلة ما، قبل أن تتهاوى وتصل إلى ما بين 2.5 و3 في المائة حالياً»، حسب رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، الذي أكد عناية الدولة باستنهاض هذه الصناعة مجدداً، خلال مؤتمر صحافي من داخل مصنع غزل «1» في مدينة المحلة 28 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

أشار مدبولي، حسب ما نقله بيان مجلس الوزراء، إلى أن مشروع «إحياء الأصول» في الغزل والنسيج يتكلف 56 مليار جنيه (الدولار يعادل 50.7 جنيها مصري)، ويبدأ من حلج القطن، ثم تحويله غزلاً فنسيجاً أو قماشاً، ثم صبغه وتطويره حتى يصل إلى مُنتج سواء ملابس أو منسوجات، متطلعاً إلى أن ينتهي المشروع نهاية 2025 أو بداية 2026 على الأكثر.

وتكمن أهمية المشروع لمصر باعتباره مصدراً للدولار الذي تعاني الدولة من نقصه منذ سنوات؛ ما تسبب في أزمة اقتصادية دفعت الحكومة إلى الاقتراض من صندوق النقد الدولي؛ مرتين أولاهما عام 2016 ثم في 2023.

وبينما دعا مدبولي المزارعين إلى زيادة المساحة المزروعة من القطن، أراد أن يطمئن الذين خسروا من زراعته، أو هجروه لزراعة الذرة والموالح، قائلاً: «مع انتهاء تطوير هذه القلعة الصناعية العام المقبل، فسوف نحتاج إلى كل ما تتم زراعته في مصر لتشغيل تلك المصانع».

وتراجعت زراعة القطن في مصر خلال الفترة من 2000 إلى عام 2021 بنسبة 54 في المائة، من 518 ألفاً و33 فداناً، إلى 237 ألفاً و72 فداناً، حسب دراسة صادرة عن مركز البحوث الزراعية في أبريل (نيسان) الماضي.

وأرجعت الدراسة انكماش مساحته إلى مشكلات خاصة بمدخلات الإنتاج من بذور وتقاوٍ وأسمدة، بالإضافة إلى أزمات مرتبطة بالتسويق.

أزمات الفلاحين

سمع المزارع الستيني محمد سعد، وعود رئيس الوزراء من شاشة تليفزيون منزله في محافظة الغربية (دلتا النيل)، لكنه ما زال قلقاً من زراعة القطن الموسم المقبل، الذي يبدأ في غضون 3 أشهر، تحديداً مارس (آذار) كل عام.

يقول لـ«الشرق الأوسط»: «زرعت قطناً الموسم الماضي، لكن التقاوي لم تثمر كما ينبغي... لو كنت أجَّرت الأرض لكسبت أكثر دون عناء». وأشار إلى أنه قرر الموسم المقبل زراعة ذرة أو موالح بدلاً منه.

نقيب الفلاحين المصري حسين أبو صدام (صفحته بفيسبوك)

على بعد مئات الكيلومترات، في محافظة المنيا (جنوب مصر)، زرع نقيب الفلاحين حسين أبو صدام، القطن وكان أفضل حظاً من سعد، فأزهر محصوله، وحصده مع غيره من المزارعين بقريته في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لكن أزمة أخرى خيَّبت أملهم، متوقعاً أن تتراجع زراعة القطن الموسم المقبل مقارنة بالماضي (2024)، الذي بلغت المساحة المزروعة فيه 311 ألف فدان.

تتلخص الأزمة التي شرحها أبو صدام لـ«الشرق الأوسط» في التسويق، قائلاً إن «المحصول تراكم لدى الفلاحين شهوراً عدة؛ لرفض التجار شراءه وفق سعر الضمان الذي سبق وحدَّدته الحكومة لتشجيع الفلاح على زراعة القطن وزيادة المحصول».

ويوضح أن سعر الضمان هو سعر متغير تحدده الحكومة للفلاح قبل أو خلال الموسم الزراعي، وتضمن به ألا يبيع القنطار (وحدة قياس تساوي 100 كيلوغرام) بأقل منه، ويمكن أن يزيد السعر حسب المزايدات التي تقيمها الحكومة لعرض القطن على التجار.

وكان سعر الضمان الموسم الماضي 10 آلاف جنيه، لمحصول القطن من الوجه القبلي، و12 ألف جنيه للمحصول من الوجه البحري «الأعلى جودة». لكن رياح القطن لم تجرِ كما تشتهي سفن الحكومة، حيث انخفضت قيمة القطن المصري عالمياً في السوق، وأرجع نقيب الفلاحين ذلك إلى «الأزمات الإقليمية وتراجع الطلب عليه».

ويحدّد رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن التابع لوزارة الزراعة، الدكتور مصطفى عمارة، فارق سعر الضمان عن سعر السوق بنحو ألفي جنيه؛ ما نتج منه عزوف من التجار عن الشراء.

وأكد عمارة أن الدولة تدخلت واشترت جزءاً من المحصول، وحاولت التيسير على التجار لشراء الجزء المتبقي، مقابل أن تعوض هي الفلاح عن الفارق، لكن التجار تراجعوا؛ ما عمق الأزمة في السوق.

يتفق معه نقيب الفلاحين، مؤكداً أن مزارعي القطن يتعرضون لخسارة مستمرة «سواء في المحصول نفسه أو في عدم حصول الفلاح على أمواله؛ ما جعل كثيرين يسخطون وينون عدم تكرار التجربة».

د. مصطفى عمارة رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية (مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار المصري)

فرصة ثانية

يتفق المزارع ونقيب الفلاحين والمسؤول في مركز أبحاث القطن، على أن الحكومة أمامها تحدٍ صعب، لكنه ليس مستحيلاً كي تحافظ على مساحة القطن المزروعة وزيادتها.

أول مفاتيح الحل سرعة استيعاب أزمة الموسم الماضي وشراء المحصول من الفلاحين، ثم إعلان سعر ضمان مجزٍ قبل موسم الزراعة بفترة كافية، وتوفير التقاوي والأسمدة، والأهم الذي أكد عليه المزارع من الغربية محمد سعد، هو عودة نظام الإشراف والمراقبة والعناية بمنظومة زراعة القطن.

ويحذر رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن من هجران الفلاحين لزراعة القطن، قائلاً: «لو فلاح القطن هجره فـلن نعوضه».

أنواع جديدة

يشير رئيس غرفة الصناعات النسيجية في اتحاد الصناعات محمد المرشدي، إلى حاجة مصر ليس فقط إلى إقناع الفلاحين بزراعة القطن، لكن أيضاً إلى تعدد أنواعه، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن القطن طويل التيلة رغم تميزه الشديد، لكن نسبة دخوله في المنسوجات عالمياً قليلة ولا تقارن بالقطن قصير التيلة.

ويؤكد المسؤول في معهد بحوث القطن أنهم استنبطوا بالفعل الكثير من الأنواع الجديدة، وأن خطة الدولة للنهوض بصناعة القطن تبدأ من الزراعة، متمنياً أن يقتنع الفلاح ويساعدهم فيها.