خلافات حول الحرب الأوكرانية تنهي اجتماع {العشرين} من دون بيان

وزير المال السعودي محمد الجدعان مع المديرة العامة لصندوق النقد الدولي كريستالينا غورغييفا (رويترز)
وزير المال السعودي محمد الجدعان مع المديرة العامة لصندوق النقد الدولي كريستالينا غورغييفا (رويترز)
TT

خلافات حول الحرب الأوكرانية تنهي اجتماع {العشرين} من دون بيان

وزير المال السعودي محمد الجدعان مع المديرة العامة لصندوق النقد الدولي كريستالينا غورغييفا (رويترز)
وزير المال السعودي محمد الجدعان مع المديرة العامة لصندوق النقد الدولي كريستالينا غورغييفا (رويترز)

تعذر أمس السبت التوصل إلى إجماع على كل القضايا المطروحة أمام كبار مسؤولي المال في دول مجموعة العشرين للاقتصادات الكبرى، وانتهى اللقاء في إندونيسيا بدون صدور بيان مشترك، بعد يومين من النقاشات هيمنت عليها الحرب الأوكرانية. لكن توصل وزراء مالية المجموعة إلى ما وصفه أحدهم «بتوافق قوي» بشأن قضايا من بينها الأمن الغذائي العالمي في اجتماع استمر يومين في إندونيسيا لكن الانقسامات بينهم بشأن الحرب الروسية في أوكرانيا ظلت مستمرة. وقالت وزيرة الخزانة الأميركية جانيت يلين إن الخلافات منعت وزراء المالية ورؤساء البنوك المركزية من إصدار بيان رسمي لكن المجموعة وافقت على ضرورة التصدي لأزمة الأمن الغذائي الآخذة في التأزم. وفي وقت سابق، حذرت مصادر غربية من أنه سيكون من الصعب الاتفاق على بيان لأن المجموعة تعمل على أساس الإجماع وروسيا منعت الحديث عن سبب الانكماش الاقتصادي الذي دفع البنك الدولي وصندوق النقد الدولي إلى خفض توقعاتهما.
وقال مصدران مطلعان إن الانقسامات جراء الحرب في أوكرانيا قد خيمت على الاجتماعات، ولهذا «لم نتوقع بيانا رسميا». وألقت الحرب الأوكرانية التي بدأت في 24 فبراير (شباط)، والذي وصفها الكرملين بأنها «عملية عسكرية خاصة»، بظلالها على سلسلة من اجتماعات المجموعة، بما في ذلك اجتماع وزراء الخارجية الأسبوع الماضي. وناقش المجتمعون أمس السبت الاستقرار المالي في مرحلة ما بعد الجائحة والمخاطر المالية المتعلقة بتغير المناخ ضمن موضوعات أخرى. ومع بداية اليوم الثاني دعا حاكم البنك المركزي الإندونيسي بيري وارجيو المشاركين إلى مضاعفة جهودهم من أجل التوصل إلى سياسات اقتصادية منسقة في ظل تسارع التضخم وتنامي المخاطر على النمو. وقال «شدد العديدون منا (...) على الحاجة الملحة للاستجابة لمخاطر ارتفاع أسعار المواد الأولية الذي يتسبب بتضخم متواصل» ومعالجة انعدام الأمن الغذائي.
وشهد الاجتماع مواجهة جديدة بين الغربيين الذين يشيرون بالاتهام إلى الهجوم الروسي على أوكرانيا خلف تسارع التضخم والأزمة العالمية في مجالي الغذاء والطاقة، وروسيا التي تتهم الغرب بأنه تسبب بتدهور الاقتصاد العالمي بفرضه عقوبات عليها. وكانت دول مجموعة العشرين الأخرى ومنها الصين والهند وجنوب إفريقيا، أكثر صمتا في استجابتها. وقال مصدر بوزارة المالية الفرنسية «قدرة مجموعة العشرين على العمل والتواصل تعوقها بشدة الحرب في أوكرانيا التي يتحمل أحد أعضاء مجموعة العشرين المسؤولية الكاملة عنها».
وبدل البيان المشترك الاعتيادي، انتهى الاجتماع بإعلان اصدرته إندونيسيا التي تتولى رئاسة المجموعة للعام الجاري، وفق ما أفاد مسؤول حضر الاجتماع طالبا عدم كشف اسمه. وقال مصدر آخر طلب عدم ذكر اسمه أيضا أنه سيتم تلخيص فحوى المناقشات في إعلان لا يحمل عنوان مجموعة العشرين. ولم تعلق السلطات الإندونيسية على الموضوع ردا على طلب من وكالة فرانس برس. وأدان كبار المسؤولين الغربيين، بمن فيهم وزيرة الخزانة الأميركية جانيت يلين ووزيرة المالية الكندية كريستيا فريلاند، يوم الجمعة الحرب وهاجموا المسؤولين الروس للتداعيات الاقتصادية الهائلة التي سببتها الحرب.
وقالت وزيرة المالية الإندونيسية إنها كانت تأمل في أن يتمكن المشاركون في الاجتماع من تجاوز خلافاتهم بشأن الحرب لمعالجة ارتفاع أسعار السلع، وتصاعد أزمة الأمن الغذائي والتأثيرات غير المباشرة على قدرة البلدان منخفضة الدخل على سداد الديون. ولكن ثبت أن ذلك صعب للغاية في ظل المناخ الحالي، حيث فرضت الدول الغربية عقوبات صارمة على روسيا واتهمتها بارتكاب جرائم حرب في أوكرانيا وهو ما تنفيه موسكو.
وقال وزير المالية السعودي محمد بن عبد الله الجدعان إنه يتعين على مجموعة العشرين دعوة جميع الدول والمنظمات الدولية لتوحيد جهودها لمواجهة انعدام الأمن الغذائي الذي يهدد الملايين حول العالم. وأضاف الجدعان «قد أثبتت التجربة مع كوفيد-19 وهي أسوأ أزمة صحية في تاريخ البشرية أن التعاون العالمي والمشاركة هما مفتاح النجاح في مكافحة الأزمات العالمية، ويجب أن نقف متحدين مرة أخرى في معالجة قضية انعدام الأمن الغذائي»، مشيرا إلى عدد من التطورات المقلقة التي يشهدها العالم في مجال الأمن الغذائي التي دفعت أسعار الغذاء إلى مستويات قياسية منها تأثيرات الحرب في أوكرانيا.
وفرضت الدول الغربية عقوبات صارمة على روسيا واتهمتها بارتكاب جرائم حرب في أوكرانيا وهو ما نفته موسكو. وكانت ردود فعل الدول الأخرى في مجموعة العشرين، بما في ذلك الصين والهند وجنوب أفريقيا، أكثر فتورا. وقال كيفن جالاجر رئيس مركز سياسات التنمية العالمية في جامعة بوسطن «نحن في لحظة تنعدم فيها القيادة في الاقتصاد العالمي حيث أصيبت مجموعة العشرين بالشلل بسبب الحرب التي يشنها بوتين فيما عجزت مجموعة السبع عن قيادة العالم صوب تأمين المنافع العامة العالمية».
وقال سفير الولايات المتحدة لدى اليابان رام إيمانويل للصحفيين هذا الأسبوع إن الافتقار إلى الشفافية في قروض الصين للدول النامية كان «محورا رئيسيا للتنسيق» بين الولايات المتحدة واليابان، وكلتاهما تشارك في مبادرة لمجموعة السبع تركز على تحسين البنية التحتية بهدف مواجهة المبادرة الصينية. وأضاف إيمانويل أن القروض الصينية تسببت في مشاكل في سريلانكا وباكستان ودول أخرى.
وكانت قد نددت وزيرة الخزانة الأميركية جانيت يلين الجمعة بالحرب الروسية على أوكرانيا التي «أحدثت موجات صدمة في الاقتصاد العالمي»، فيما اتهم وزراء غربيون المسؤولين الاقتصاديين الروس بالتواطؤ في الفظاعات المرتكبة في أوكرانيا. وحضر وزير المال الروسي أنطون سلوانوف الاجتماع عبر الإنترنت فيما شارك فيه مسؤولان روسيان حضوريا. كذلك خاطب نظيره الأوكراني سيرغي مارشنكو المشاركين عبر الإنترنت داعيا إلى فرض «عقوبات أكثر شدة» على موسكو.


مقالات ذات صلة

الخليج الأمير فيصل بن فرحان وزير الخارجية السعودي خلال إلقائه كلمته في الجلسة الثالثة لقمة دول مجموعة العشرين (واس)

السعودية تدعو إلى تبني نهج متوازن وشامل في خطط التحول بـ«قطاع الطاقة»

أكدت السعودية، الثلاثاء، أن أمن الطاقة يمثل تحدياً عالمياً وعائقاً أمام التنمية والقضاء على الفقر، مشددة على أهمية مراعاة الظروف الخاصة لكل دولة.

«الشرق الأوسط» (ريو دي جانيرو)
أميركا اللاتينية الرئيس البرازيلي لولا دا سيلفا في اليوم الأخير من القمة (إ.ب.أ)

قمة الـ20 تعطي معالجة الفقر والمناخ زخماً... لكنها منقسمة حول حروب الشرق الأوسط وأوكرانيا وترمب

نجحت البرازيل بصفتها الدولة المضيفة في إدراج أولويات رئيسية من رئاستها في الوثيقة النهائية لقمة العشرين بما في ذلك مكافحة الجوع وتغير المناخ.

أميركا اللاتينية الجلسة الافتتاحية لقمة «مجموعة العشرين» في ريو دي جانيرو الاثنين (أ.ف.ب)

إطلاق «التحالف العالمي ضد الجوع» في «قمة الـ20»

أطلق الرئيس البرازيلي لويس إيناسيو لولا دا سيلفا، «التحالف العالمي ضد الجوع والفقر»، وذلك خلال افتتاحه في مدينة ريو دي جانيرو، أمس، قمة «مجموعة العشرين».

«الشرق الأوسط» (ريو دي جانيرو )
العالم لقطة جماعية لقادة الدول العشرين قبيل ختام القمّة التي عُقدت في مدينة ريو دي جانيرو البرازيلية (إ.ب.أ)

«قمة العشرين» تدعو لوقف إطلاق النار في غزة ولبنان

أعلنت دول مجموعة العشرين في بيان مشترك صدر، في ختام قمّة عُقدت في مدينة ريو دي جانيرو البرازيلية أنّها «متّحدة في دعم وقف لإطلاق النار» في كل من غزة ولبنان.

«الشرق الأوسط» (ريو دي جانيرو)

فريق ترمب يريد الوصول إلى «ترتيب» بين روسيا وأوكرانيا من الآن

عناصر من خدمة الطوارئ الأوكرانية تخمد حريقاً شب في مبنى نتيجة قصف روسي على دنبيرو (خدمة الطوارئ الأوكرانية - أ.ب)
عناصر من خدمة الطوارئ الأوكرانية تخمد حريقاً شب في مبنى نتيجة قصف روسي على دنبيرو (خدمة الطوارئ الأوكرانية - أ.ب)
TT

فريق ترمب يريد الوصول إلى «ترتيب» بين روسيا وأوكرانيا من الآن

عناصر من خدمة الطوارئ الأوكرانية تخمد حريقاً شب في مبنى نتيجة قصف روسي على دنبيرو (خدمة الطوارئ الأوكرانية - أ.ب)
عناصر من خدمة الطوارئ الأوكرانية تخمد حريقاً شب في مبنى نتيجة قصف روسي على دنبيرو (خدمة الطوارئ الأوكرانية - أ.ب)

أعلن مايك والتز، المستشار المقبل لشؤون الأمن القومي الأميركي، في مقابلة تلفزيونية، الأحد، أن فريق الرئيس المنتخب دونالد ترمب يريد العمل منذ الآن مع إدارة الرئيس المنتهية ولايته جو بايدن، للتوصل إلى «ترتيب» بين أوكرانيا وروسيا، مبدياً قلقه بشأن «التصعيد» الراهن.

ومنذ فوز الملياردير الجمهوري في الخامس من نوفمبر (تشرين الثاني)، يخشى الأوروبيون أن تقلّص الولايات المتّحدة دعمها لأوكرانيا في هذا النزاع، أو حتى أن تضغط عليها لتقبل باتفاق مع روسيا يكون على حسابها.

واختار الرئيس المنتخب الذي سيتولّى مهامه في 20 يناير (كانون الثاني)، كل أعضاء حكومته المقبلة الذين لا يزال يتعيّن عليهم الحصول على موافقة مجلس الشيوخ.

وفي مقابلة أجرتها معه، الأحد، شبكة «فوكس نيوز»، قال والتز إنّ «الرئيس ترمب كان واضحاً جداً بشأن ضرورة إنهاء هذا النزاع. ما نحتاج إلى مناقشته هو مَن سيجلس إلى الطاولة، وما إذا كان ما سيتمّ التوصل إليه هو اتفاق أم هدنة، وكيفية إحضار الطرفين إلى الطاولة، وما الذي سيكون عليه الإطار للتوصل إلى ترتيب».

وأضاف، وفقاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» أنّ «هذا ما سنعمل عليه مع هذه الإدارة حتى يناير، وما سنواصل العمل عليه بعد ذلك».

وأوضح والتز أنّه «بالنسبة إلى خصومنا الذين يعتقدون أنّ هذه فرصة لتأليب إدارة ضد أخرى، فهم مخطئون»، مؤكّداً في الوقت نفسه أن فريق الإدارة المقبلة «قلق» بشأن «التصعيد» الراهن للنزاع بين روسيا وأوكرانيا.

وفي الأيام الأخيرة، صدر عن مقرّبين من الرئيس المنتخب تنديد شديد بقرار بايدن السماح لأوكرانيا بضرب عمق الأراضي الروسية بصواريخ بعيدة المدى أميركية الصنع.

وخلال حملته الانتخابية، طرح ترمب أسئلة كثيرة حول جدوى المبالغ الهائلة التي أنفقتها إدارة بايدن على دعم أوكرانيا منذ بداية الغزو الروسي لهذا البلد في 2022.

ووعد الملياردير الجمهوري مراراً بإنهاء هذه الحرب بسرعة، لكن من دون أن يوضح كيف سيفعل ذلك.

وبشأن ما يتعلق بالشرق الأوسط، دعا المستشار المقبل لشؤون الأمن القومي للتوصّل أيضاً إلى «ترتيب يجلب الاستقرار».

وسيشكّل والتز مع ماركو روبيو، الذي عيّنه ترمب وزيراً للخارجية، ثنائياً من الصقور في الإدارة المقبلة، بحسب ما يقول مراقبون.

وكان ترمب وصف والتز، النائب عن ولاية فلوريدا والعسكري السابق في قوات النخبة، بأنه «خبير في التهديدات التي تشكلها الصين وروسيا وإيران والإرهاب العالمي».