الجزائر لطي صفحة «مظلمة» من تاريخها الحديث

ترتيبات لإصدار قانون لـ«لم الشمل» خاص بـ«مساجين المأساة الوطنية»

الجزائر لطي صفحة «مظلمة» من تاريخها الحديث
TT

الجزائر لطي صفحة «مظلمة» من تاريخها الحديث

الجزائر لطي صفحة «مظلمة» من تاريخها الحديث

أطلقت الحكومة الجزائرية ترتيبات لإصدار قانون لـ«لمَ الشمل»، يتضمن الإفراج عن كثير من المساجين، خصوصاً «الإسلاميين» الذين يقضون عقوبات ثقيلة بالسجن منذ تسعينات القرن الماضي، ويطلق عليهم الإعلام «مساجين المأساة الوطنية». ولم يستقر الرأي بعد، إن كان القانون المرتقب، سيصدر بأمر رئاسي خلال الصيف، أم سيحال على البرلمان للمصادقة عليه في سبتمبر (أيلول) المقبل، بعد انقضاء إجازته السنوية. وزارة العدل تلقت توجيهات بضبط لائحة المعنيين بالخروج من السجن، الذين يصل عددهم إلى 298 سجيناً، حسبما أعلنته الرئاسة الخميس الماضي، صدرت بحق بعضهم أحكام بالإعدام وبعضهم الآخر بالمؤبد بناء على تهم «إرهاب». ففي بداية تسعينات القرن الماضي، ألغى الجيش نتائج انتخابات برلمانية اكتسحها إسلاميو «جبهة الإنقاذ». وكرد فعل، حمل عناصر بالحزب الإسلامي السلاح ضد الحكومة، وتم القبض على العديد منهم وأنشئت «محاكم خاصة» دانتهم بأحكام قاسية. ومنذ 1994 توقفت الحكومة عن تنفيذ حكم الإعدام، تحت ضغط تنظيمات حقوقية دولية، مدعومة من طرف دول غربية. وبذلك، تحولت العقوبة إلى سجن مدى الحياة، علماً بأن القضاة لا يزالون ينطقون بها إلى اليوم، بحكم أنها لم تلغ من القانون الجنائي. وقال مصطفى غزال رئيس «جمعية مساجين التسعينيات» لـ«الشرق الأوسط»، إنه يتوقع أن يستفيد من «قانون لم الشمل» معارضون في الخارج متهمون بالإرهاب «في حال مراجعة مواقفهم المعارضة للمجتمع، وهذا مجرَد توقعات تلزمني وحدي لاعتقادي أن الرئيس (عبد المجيد تبون) يرى أن طي ملف المعارضين الإسلاميين، هو مدخل لإنهاء التوترات التي تعيشها البلاد». يشار إلى أن تهمة «الإرهاب» تلاحق نشطاء يقيمون في الخارج ينتمون إلى تنظيم «رشاد» الإسلامي، وبعض عناصره في الداخل يوجدون في السجن منذ عدة أشهر، ويستبعد مراقبون أن يتم دمجهم في «سياسة لمَ الشمل». وحسب غزال، «يريد تبون مشروعاً مستقلاً عن قانون المصالحة الوطنية» الذي أصدره الرئيس الراحل عبد العزيز بوتفليقة عام 2006، وكان الهدف منه حلَ «الجماعة السلفية للدعوة والقتال» بتشجيع عناصرها على التخلي عن السلاح مقابل إلغاء كل أشكال المتابعة الأمنية والقضائية ضدهم، بما فيها أحكام الإعدام التي أنزلها القضاء ضدهم، لضلوعهم في أعمال إرهابية. ومنع هذا القانون المستفيدين منه من عدة حقوق سياسية، منها الترشح للانتخابات وتأسيس أحزاب. كما منع الصحافة من نقل شهادات تخص فترة الاقتتال الدامي بين قوات الأمن والجماعات الإرهابية، بذريعة أن ذلك «يحيي الجراح الأليمة»، وأن المجتمع في غنى عن ذلك. وبدا بعد فترة قصيرة من تنفيذ القانون، أن «مشروع المصالحة» لم يحقق النجاح الذي أراده بوتفليقة، فقد انضمت «الجماعة السلفية» إلى تنظيم «القاعدة»، وباتت منذ 2007 أحد أخطر فروعه في شمال أفريقيا ومنطقة الساحل. وأكدت «جمعية مساجين التسعينيات»، في وقت سابق، أن أعمارهم فاقت الستين سنة، وبعضهم على عتبة الشيخوخة في السجن. كما أن غالبيتهم مصابون بأمراض السكري وارتفاع ضغط الدم، ويعانون من أوجاع في المفاصل. والعام الماضي، توفي اثنان منهم بسبب المرض. وكانت الرئاسة ذكرت أن القانون الخاص بـ298 سجيناً سيكون «مكمَلاً لقانوني الرحمة والوئام المدني». وصدر الأول عام 1995 في عهد الرئيس الأسبق الجنرال اليمين زروال، توجه به لأفراد «الجماعة الإسلامية المسلحة»، ولا يعرف عدد الذين استفادوا منه. أما الثاني فأصدره بوتفليقة مطلع 2000 وبفضله غادر 6 آلاف عضو بـ«الجيش الإسلامي للإنقاذ» معاقل الإرهاب. وجاء الإعلان عن القانون الخاص بالمساجين الإسلاميين، في سياق «تدابير تهدئة»، شملت نشطاء الحراك، سمتهم الرئاسة «متهمين في قضايا التجمهر»، في إشارة إلى معارضين شاركوا في مظاهرات رافضة للنظام. ويصل عددهم إلى 300، حسب جمعيات حقوقية تعتبرهم «مساجين رأي».



الحوثيون ينقلون أسلحة إلى صعدة لتحصينها من الاستهداف الأميركي

طائرة من طراز «إف 16» تحلق في منطقة عمليات القيادة المركزية الأميركية (الجيش الأميركي)
طائرة من طراز «إف 16» تحلق في منطقة عمليات القيادة المركزية الأميركية (الجيش الأميركي)
TT

الحوثيون ينقلون أسلحة إلى صعدة لتحصينها من الاستهداف الأميركي

طائرة من طراز «إف 16» تحلق في منطقة عمليات القيادة المركزية الأميركية (الجيش الأميركي)
طائرة من طراز «إف 16» تحلق في منطقة عمليات القيادة المركزية الأميركية (الجيش الأميركي)

كثفت الولايات المتحدة ضرباتها الجوية في الأسابيع الأخيرة على مواقع الجماعة الحوثية بمحافظة عمران، لا سيما مديرية حرف سفيان، في مسعى لتدمير أسلحة الجماعة المخزنة في مواقع محصنة تحت الأرض، ما جعل الجماعة تنقل كميات منها إلى معقلها الرئيسي في صعدة (شمال).

وكشفت مصادر يمنية مطلعة أن الجماعة الحوثية نقلت خلال الأيام الأخيرة مركز الصواريخ والطائرات المسيرة من مناطق عدة بمحافظة عمران إلى محافظة صعدة، وذلك تخوفاً من استهداف ما تبقى منها، خصوصاً بعد تعرض عدد من المستودعات للتدمير نتيجة الضربات الغربية في الأسابيع الماضية.

وكانت المقاتلات الأميركية شنت في الآونة الأخيرة، غارات مُكثفة على مواقع عسكرية تابعة للحوثيين، كان آخرها، الجمعة، حيث تركزت أغلب الضربات على مديرية «حرف سفيان» الواقعة شمال محافظة عمران على حدود صعدة.

وبحسب المصادر التي تحدثت لـ«الشرق الأوسط»، نقلت الجماعة الحوثية، تحت إشراف عناصر من «سلاح المهندسين والصيانة العسكرية»، مجموعة صواريخ متنوعة ومسيّرات ومنصات إطلاق متحركة وأسلحة أخرى متنوعة إلى مخازن محصنة في مناطق متفرقة من صعدة.

دخان يتصاعد في صنعاء عقب ضربات أميركية استهدفت موقعاً حوثياً (رويترز)

وتمت عملية نقل الأسلحة - وفق المصادر - بطريقة سرية ومموهة وعلى دفعات، كما استقدمت الجماعة الحوثية شاحنات نقل مختلفة من صنعاء بغية إتمام العملية.

وتزامن نقل الأسلحة مع حملات اختطاف واسعة نفذتها جماعة الحوثيين في أوساط السكان، وتركزت في الأيام الأخيرة بمدينة عمران عاصمة مركز المحافظة، ومديرية حرف سفيان التابعة لها بذريعة «التخابر لصالح دول غربية».

واختطف الانقلابيون خلال الأيام الأخيرة، نحو 42 شخصاً من أهالي قرية «الهجر» في حرف سفيان؛ بعضهم من المشرفين والمقاتلين الموالين لهم، بعد اتهامهم بالتخابر مع أميركا وإسرائيل، وفقاً للمصادر.

وجاءت حملة الاختطافات الحوثية عقب تنفيذ الجيش الأميركي في الأسبوعين الماضيين، عشرات الغارات التي استهدفت منشآت عسكرية وأماكن تجمعات للجماعة في حرف سفيان، أسفر عنها تدمير منشآت استُخدمت لشن هجمات ضد سفن تجارية وسفن حربية أميركية بجنوب البحر الأحمر وخليج عدن.

أهمية استراتيجية

نظراً للأهمية الاستراتيجية لمنطقة «حرف سفيان» في عمران، فقد تركزت الغارات على استهداف منشآت ومواقع متفرقة في المديرية ذاتها.

وتُعدّ مديرية «حرف سفيان» كبرى مديريات محافظة عمران من أهم معاقل الجماعة الحوثية بعد محافظة صعدة، وذلك نظراً لمساحتها الكبيرة البالغة نحو 2700 كيلومتر مربع، مضافاً إلى ذلك حدودها المتصلة بـ4 محافظات؛ هي حجة، والجوف، وصعدة، وصنعاء.

أنصار الحوثيين يحملون صاروخاً وهمياً ويهتفون بشعارات خلال مظاهرة مناهضة لإسرائيل (أ.ب)

وكان قد سبق لجماعة الحوثيين تخزين كميات كبيرة من الأسلحة المنهوبة من مستودعات الجيش اليمني في مقرات عسكرية بمحافظة عمران؛ منها معسكر «اللواء التاسع» بضواحي مدينة عمران، و«لواء العمالقة» في منطقة الجبل الأسود بمديرية حرف سفيان، وموقع «الزعلاء» العسكري الاستراتيجي الذي يشرف على الطريق العام الرابط بين صنعاء وصعدة، إضافة إلى مقار ومواقع عسكرية أخرى.

وإلى جانب ما تُشكله هذه المديرية من خط إمداد رئيسي للانقلابيين الحوثيين بالمقاتلين من مختلف الأعمار، أكدت المصادر في عمران لـ«الشرق الاوسط»، أن المديرية لا تزال تُعدّ مركزاً مهماً للتعبئة والتجنيد القسري لليمنيين من خارج المحافظة، لكونها تحتوي على العشرات من معسكرات التدريب التي أسستها الجماعة في أوقات سابقة، وترسل إليها المجندين تباعاً من مناطق عدة لإخضاعهم للتعبئة الفكرية وتلقي تدريبات قتالية.

صورة عامة لحاملة الطائرات الأميركية «يو إس إس هاري ترومان» (رويترز)

وتقول المصادر إن الضربات الأميركية الأخيرة على محافظة عمران كانت أكثر إيلاماً للحوثيين من غيرها، كونها استهدفت مباشرةً مواقع عسكرية للجماعة؛ منها معمل للطيران المسير، وكهوف تحوي مخازن أسلحة وأماكن خاصة بالتجمعات، بعكس الغارات الإسرائيلية التي تركزت على استهداف البنى التحتية المدنية، خصوصاً في صنعاء والحديدة.

وترجح المصادر أن الأميركيين كثفوا ضرباتهم في مديرية حرف سفيان بعد أن تلقوا معلومات استخبارية حول قيام الحوثيين بحفر ملاجئ وأنفاق ومقرات سرية لهم تحت الأرض، حيث يستخدمونها لعقد الاجتماعات وإقامة بعض الدورات التعبوية، كما أنها تحميهم من التعرض لأي استهداف مباشر.