الإبراهيمي: نبحث عن نقطة ضوء في نفق مظلم.. والفشل دائما أمام أعيننا

لقاء «صعب» بين الأميركيين والروس في جنيف.. وواشنطن وموسكو تجددان دعمهما للمبعوث الدولي

الأخضر الإبراهيمي أثناء جلسات المفاوضات مع الأميركيين والروس في جنيف أمس (رويترز)
الأخضر الإبراهيمي أثناء جلسات المفاوضات مع الأميركيين والروس في جنيف أمس (رويترز)
TT

الإبراهيمي: نبحث عن نقطة ضوء في نفق مظلم.. والفشل دائما أمام أعيننا

الأخضر الإبراهيمي أثناء جلسات المفاوضات مع الأميركيين والروس في جنيف أمس (رويترز)
الأخضر الإبراهيمي أثناء جلسات المفاوضات مع الأميركيين والروس في جنيف أمس (رويترز)

شهدت جنيف يوما مزدحما من اللقاءات الدبلوماسية بهدف دفع المفاوضات بين وفدي النظام والائتلاف السوري إلى الأمام. ولم يعقد الممثل الخاص للأمم المتحدة والجامعة العربية الأخضر الإبراهيمي جلسة مفاوضات بين الوفدين أمس، إذ لم يوافق وفد الحكومة السورية على بحث هيئة الحكم الانتقالي وأصبحت القضية العالقة في المفاوضات في جولتها الثانية. وبات الإحباط واضحا على الإبراهيمي في مؤتمر صحافي عقده عصر أمس، إذ قال: «المهم والمؤسف أن سوريا في نفق مظلم وهذه المحاولات هدفها أن تكون هناك نقطة نور في آخر النفق» ولكنه أردف قائلا: «ما زلنا نبحث عن هذه النقطة». وجاء تصريح الإبراهيمي ردا على سؤال حول إذا كان يشعر بأنه بات في وضع صعب بعد تعقد المفاوضات والفشل في عقد جلسة جديدة بين الطرفين السوريين. وقال الإبراهيمي: «ليس المهم أين أنا، المهم والمؤسف أن سوريا في نفق مظلم». وأضاف: «تطبيق بيان جنيف يبدو أمرا معقدا جدا والفشل دائما أمام أعيننا.. ولكننا كأمم متحدة لن ندع أي شيء يمكن أن نفعله لنتقدم». وامتنع الإبراهيمي عن وصف تعليق المفاوضات بـ«الفشل»، ولكنه شدد على صعوبة الموقف وطالب بدعم دولي لدفعها للأمام، مؤكدا حساسية الموقف.
وبعد تكهنات طيلة يوم أمس من قدرة الإبراهيمي على عقد جلسة جديدة بين الطرفين السوريين، أعلن مكتب الأمم المتحدة في الساعة الثامنة والنصف مساء أمس أن الإبراهيمي سيعقد جلسة تفاوض بين الطرفين السوريين، ولكن لم يحدد المكتب الإعلامي إذا كان اللقاء سيكون مشتركا أم منفصلا بين الطرفين. ولكن مع تواصل اللقاءات الدبلوماسية حتى وقت متأخر من مساء أمس، كانت هناك آمال بأن يضغط الروس على وفد النظام السوري بقبول الدخول في المفاوضات الخاصة بالانتقال السياسي بحسب الجدول الذي وضعه الإبراهيمي، بدلا من الإصرار على مناقشة «ملف الإرهاب» من جديد وهو ما وافق عليه وفد النظام في اليوم الأول من الجولة سعيا لإعطاء مجال لدفع المفاوضات إلى الأمام. وعد الإبراهيمي «كمؤشر إلى صعوبة الموقف، أننا نحاول أن نبدأ الحديث عن كيفية ربما يمكن لنا تطبيق وثيقة صدرت في يونيو (حزيران) 2012».
وقالت العضوة في الوفد المعارض ريما فليحان لـ«الشرق الأوسط»: «ليس واضحا ماذا سيحدث بعد ولكن المشاورات مستمرة ونحن مستعدون للتفاوض». وأضافت أن اجتماعات أعضاء وفد الائتلاف متواصلة بينما هناك انتظار لقرار الإبراهيمي. وعقدت شيرمان اجتماعات مع وفد المعارضة السوري مساء أمس للعمل على استراتيجية في حال فشل الإبراهيمي في عقد جلسة جديدة من المفاوضات والإعداد للمرحلة المقبلة. وردا على سؤال حول إذا كانت ستعقد جلسة اليوم (أمس)، اكتفى الإبراهيمي بقول: «إن شاء الله».
ورغم أن الإبراهيمي لم يخرج من الاجتماع الذي استمر ساعتين بنتائج ملموسة في جنيف، فإنه حصل على دعم الطرفين الأميركي والروسي لعملية التفاوض. وأوضح الإبراهيمي أن الولايات المتحدة وروسيا «أكدتا بلطف دعمهما لما نحاول القيام به وأنهما هنا وفي عواصمهما وفي مناطق أخرى سيعملان على فك القضية لأننا الآن لا نحدث الكثير من التقدم في هذه العملية».
وكدولتين راعيتين للمفاوضات، يعد دعمهما للعملية مهما لاستمرارها. ورغم التوافق بين موسكو وواشنطن بضرورة إبقاء المفاوضات على مسارها، هناك خلاف بين الطرفين حول أجندة المفاوضات. ووصفت مصادر دبلوماسية في جنيف الاجتماع الثلاثي الذي عقده الإبراهيمي مع غاتيلوف وشيرمان بأنه كان «صعبا جدا»، حيث بقيت الخلافات بينهما ورفضت روسيا اعتبار وفد الحكومة السورية هو المسؤول عن تعليق المفاوضات. وحول الوثيقة التي قدمتها المعارضة للحل السياسي أول من أمس، قال الإبراهيمي بأنها «مطروحة على طاولة المفاوضات، ومصيرها لن يتحدد اليوم»، إذ وفد الحكومة السورية يرفض التعاطي معها. وأضاف: «لن نحل موضوع العنف والإرهاب وهيئة الحكم الانتقالي هذا الأسبوع ولا الأسبوع الذي بعده، نحتاج أن نضع الأمور على الطاولة ومن ثم نحله».
ومن المتوقع أن تختتم الجولة الثانية من دون إحراز خرق بين الطرفين، ليعمل الإبراهيمي على تكثيف الدعم الدولي لعملية التفاوض من خلال التوجه إلى نيويورك الأسبوع المقبل ولقاء الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون واحتمال عقده جلسة مع أعضاء مجلس الأمن هناك. وأوضح الإبراهيمي: «لم أحدد موعد ذهابي إلى نيويورك بكل تأكيد سألتقي الأمين العام وربما مجلس الأمن».
وبينما امتنع غاتيلوف عن التصريح حول تعثر المفاوضات خلال أمس، حرص وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف على الدفاع عن موقف بلاده. وقال لافروف في تصريحات عبر صفحة الوزارة الخارجية الروسي على موقع «تويتر»: «الموقف الروسي واضح، نحن نلتزم ببيان جنيف ونصر على تطبيقه كليا». وأضاف: «ما نحتاجه محادثات صريحة وليس تكهنات حول الأزمة السورية».
ورغم أن مصادر دبلوماسية في جنيف وصفت اللقاء بين الأميركيين والروس بأنه «صعب جدا»، امتنع المسؤولون الأميركيون عن الحديث عن طبيعة الاجتماع. وقال مسؤول أميركي بأن الاجتماع شهد نقاشا «حول أفضل طريقة لدفع عملية جنيف2 إلى الأمام.. هذه عملية صعبة جدا واللقاء الثلاثي تركز على قضايا صعبة جدا تواجه المحادثات السورية». وحرصت شيرمان خلال اللقاء على الثناء على عمل وفد الائتلاف السوري الذي تقدم بوثيقة شاملة تشرح رؤية المعارضة لهيئة الحكم الانتقالي. وأوضح المسؤول الأميركي أن «وكيلة وزيرة الخارجية شيرمان شكرت الممثل المشترك الإبراهيمي لعمله الشاق في ظروف صعبة وأيضا لفتت إلى أن وفد الائتلاف المعارض قد قدم مقترحات بناءة عدة». وحرصت شيرمان خلال اللقاء على تقديم الدعم للائتلاف، موضحة أن الوفد المعارض قدم وثائق ومقترحات وتفاوض بجدية منذ بداية المفاوضات ولكن لم يقم وفد الحكومة بذلك. وتمسك الطرف الروسي بموقفه الداعم للحكومة السورية.
وكان هناك توتر بين الدول الغربية وروسيا طيلة يوم أمس، وفي مؤشر على ذلك، امتنعت روسيا عن حضور مأدبة غداء استضافتها فرنسا أمس للدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن والدول المعنية بالملف السوري. وأفادت مصادر دبلوماسية في جنيف لـ«الشرق الأوسط» أن الفرنسيين سعوا إلى تهدئة الأجواء مع الروس وفتح مجال لمشاورات دبلوماسية غير رسمية حول سوريا باستضافة الغداء، ولكن لم يحضر أي دبلوماسي روسي الغداء.
واجتمع أعضاء من وفد المعارضة السورية بالسفير الروسي لدى جنيف أمس، ولكن ليس بنائب وزير الخارجية الروسي إذ رفض لقاء الوفد بسبب عدم حضور رئيس الائتلاف السوري أحمد الجربا الذي لم يكن في جنيف هذا الأسبوع. وأكدت مصادر في وفد المعارضة أن الجربا لم يكن في جنيف لأن الفريق المفاوض قادر على مواصلة المفاوضات وأنه منذ الأول قال: إنه لن يكون حاضرا في كل جولة.
ومن جهة أخرى، وصلت إلى جنيف أمس وجوه معروفة من المعارضة السورية ولم تحضر في الأيام الأولى من المفاوضات، من بينها خالد الصالح وأديب الشيشكلي. وكانت هناك مشاورات داخلية بين أعضاء الائتلاف طوال يوم أمس، ومن المتوقع أن تستمر اليوم.



15 ألف طالب يمني في تعز تسربوا خلال فصل دراسي واحد

المعلمون في تعز يواصلون احتجاجاتهم المطالبة بزيادة الأجور (إعلام محلي)
المعلمون في تعز يواصلون احتجاجاتهم المطالبة بزيادة الأجور (إعلام محلي)
TT

15 ألف طالب يمني في تعز تسربوا خلال فصل دراسي واحد

المعلمون في تعز يواصلون احتجاجاتهم المطالبة بزيادة الأجور (إعلام محلي)
المعلمون في تعز يواصلون احتجاجاتهم المطالبة بزيادة الأجور (إعلام محلي)

في حين يواصل المعلمون في محافظة تعز اليمنية (جنوب غرب) الإضراب الشامل للمطالبة بزيادة رواتبهم، كشفت إحصائية حديثة أن أكثر من 15 ألف طالب تسربوا من مراحل التعليم المختلفة في هذه المحافظة خلال النصف الأول من العام الدراسي الحالي.

وعلى الرغم من قيام الحكومة بصرف الرواتب المتأخرة للمعلمين عن شهري نوفمبر (تشرين الثاني) وديسمبر (كانون الأول)، فإن العملية التعليمية لا تزال متوقفة في عاصمة المحافظة والمناطق الريفية الخاضعة لسيطرة الحكومة الشرعية بسبب الإضراب.

ويطالب المعلمون بإعادة النظر في رواتبهم، التي تساوي حالياً أقل من 50 دولاراً، حيث يُراعى في ذلك الزيادة الكبيرة في أسعار السلع، وتراجع قيمة العملة المحلية أمام الدولار. كما يطالبون بصرف بدل الغلاء الذي صُرف في بعض المحافظات.

الأحزاب السياسية في تعز أعلنت دعمها لمطالب المعلمين (إعلام محلي)

ووفق ما ذكرته مصادر عاملة في قطاع التعليم لـ«الشرق الأوسط»، فإن محافظتي عدن ومأرب أقرتا صرف حافز شهري لجميع المعلمين يقارب الراتب الشهري الذي يُصرف لهم، إلا أن هذه المبادرة لم تُعمم على محافظة تعز ولا بقية المحافظات التي لا تمتلك موارد محلية كافية، وهو أمر من شأنه - وفق مصادر نقابية - أن يعمق الأزمة بين الحكومة ونقابة التعليم في تلك المحافظات، وفي طليعتها محافظة تعز.

ظروف صعبة

وفق بيانات وزعتها مؤسسة «ألف» لدعم وحماية التعليم، فإنه وفي ظل الظروف الصعبة التي يمر بها قطاع التعليم في مدينة تعز وعموم مناطق سيطرة الحكومة الشرعية المعترف بها دولياً، ازدادت تداعيات انقطاع الرواتب والإضراب المفتوح الذي دعت إليه نقابة المعلمين، مع إحصاء تسرب أكثر من 15 ألفاً و300 حالة من المدارس خلال النصف الأول من العام الدراسي الحالي.

وقال نجيب الكمالي، رئيس المؤسسة، إن هذا الرقم سُجل قبل بدء الإضراب المفتوح في جميع المدارس، وتعذر استئناف الفصل الدراسي الثاني حتى اليوم، معلناً عن تنظيم فعالية خاصة لمناقشة هذه الأزمة بهدف إيجاد حلول عملية تسهم في استمرار العملية التعليمية، ودعم الكادر التربوي، حيث ستركز النقاشات في الفعالية على الأسباب الجذرية لانقطاع الرواتب، وتأثيرها على المعلمين والمؤسسات التعليمية، وتداعيات الإضراب على الطلاب، ومستقبل العملية التعليمية، ودور المجتمع المدني والمنظمات المحلية والدولية في دعم قطاع التعليم.

المعلمون في عدن يقودون وقفة احتجاجية للمطالبة بتحسين الأجور (إعلام محلي)

وإلى جانب ذلك، يتطلع القائمون على الفعالية إلى الخروج بحلول مستدامة لضمان استمرارية التعليم في ظل الأزمات، ومعالجة الأسباب التي تقف وراء تسرب الأطفال من المدارس.

ووجهت الدعوة إلى الأطراف المعنية كافة للمشاركة في هذه الفعالية، بما في ذلك نقابة المعلمين اليمنيين، والجهات الحكومية المعنية بقطاع التعليم، ومنظمات المجتمع المدني المحلية والدولية.

آثار مدمرة

كانت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف) قد ذكرت منتصف عام 2024، أن أكثر من 4.5 مليون طفل في اليمن خارج المدرسة بسبب تداعيات سنوات من الصراع المسلح. وأفادت بأن شركاء التعليم يعيدون تأهيل وبناء الفصول الدراسية، ويقدمون المساعدة التعليمية للملايين، ويعملون على إعادة الآخرين إلى المدارس، وعدّت أن الاستثمار في التعليم هو استثمار في مستقبل الأجيال.

وتقول المنظمة إنه منذ بداية الحرب عقب انقلاب الحوثيين على السلطة الشرعية، خلفت الهجمات التي تعرض لها أطفال المدارس والمعلمون والبنية التحتية التعليمية آثاراً مدمرة على النظام التعليمي في البلاد، وعلى فرص الملايين من الأطفال في الحصول على التعليم.

1.3 مليون طفل يمني يتلقون تعليمهم في فصول دراسية مكتظة (الأمم المتحدة)

وأكدت المنظمة الأممية أن للنزاع والتعطيل المستمر للعملية التعليمية في جميع أنحاء البلاد، وتجزئة نظام التعليم شبه المنهار أصلاً، تأثيراً بالغاً على التعلم والنمو الإدراكي والعاطفي العام والصحة العقلية للأطفال كافة في سن الدراسة البالغ عددهم 10.6 مليون طالب وطالبة في اليمن.

ووفق إحصاءات «اليونيسيف»، فإن 2,916 مدرسة (واحدة على الأقل من بين كل أربع مدارس) قد دمرت أو تضررت جزئياً أو تم استخدامها لأغراض غير تعليمية نتيجة سنوات من النزاع الذي شهده اليمن.

كما يواجه الهيكل التعليمي مزيداً من العوائق، تتمثل في عدم حصول أكثر من ثلثي المعلمين (ما يقرب من 172 ألف معلم ومعلمة) على رواتبهم بشكل غير منتظم منذ عام 2016، أو انقطاعهم عن التدريس بحثاً عن أنشطة أخرى مدرة للدخل.