جبايات الحوثيين تغزو 8 مدن يمنية لتمويل مناسبة طائفية

جانب من ندوة حشدت إليها الميليشيات شيوخاً وشباناً وأطفالاً بمحافظة ريمة في سياق احتفالها بما يسمى «يوم الولاية» (وسائل إعلام حوثية)
جانب من ندوة حشدت إليها الميليشيات شيوخاً وشباناً وأطفالاً بمحافظة ريمة في سياق احتفالها بما يسمى «يوم الولاية» (وسائل إعلام حوثية)
TT

جبايات الحوثيين تغزو 8 مدن يمنية لتمويل مناسبة طائفية

جانب من ندوة حشدت إليها الميليشيات شيوخاً وشباناً وأطفالاً بمحافظة ريمة في سياق احتفالها بما يسمى «يوم الولاية» (وسائل إعلام حوثية)
جانب من ندوة حشدت إليها الميليشيات شيوخاً وشباناً وأطفالاً بمحافظة ريمة في سياق احتفالها بما يسمى «يوم الولاية» (وسائل إعلام حوثية)

وسّعت الميليشيات الحوثية، منذ منتصف الأسبوع الماضي، من حجم انتهاكاتها بحق اليمنيين في مناطق سيطرتها، حيث فرضت جبايات جديدة على السكان في ثماني مدن، لتمويل الاحتفالات بما تسميه «عيد الولاية»، وهي مناسبة طائفية تحاول الجماعة استغلالها لتكريس أحقية زعيمها، عبد الملك الحوثي، وسلالاته بحكم اليمن.
ووسط تجاهل الجماعة سلسلة تحذيرات من حدوث مجاعة وشيكة في أغلب مناطق سيطرتها، وتأكيد تقرير دولي حديث احتياج 23.4 مليون يمني إلى المساعدات الإنسانية خلال العام الحالي، منهم 12 مليوناً بحاجة ماسة لها، كشفت مصادر يمنية مطلعة لـ«الشرق الأوسط» عن تصاعد موجة الغضب في الشارع الخاضع للميليشيات نتيجة تكريس الجماعة للمناسبات ذات الصبغة الطائفية لجني المزيد من الأموال.
وتحدثت مصادر محلية عن إصدار قادة الانقلاب، قبل أسبوع، تعليمات مباشرة لمسؤولي المؤسسات والمكاتب الحكومية ومشرفي الأحياء بصنعاء وبقية مدن سيطرتهم تحضهم على النزول الميداني لفرض إتاوات جديدة على التجار والسكان للإنفاق على احتفالات ما يسمى «يوم الولاية» أو «عيد الغدير»، إضافة إلى إحياء مئات الفعاليات المصاحبة على مستوى المحافظات والمدن والقرى تحت سيطرتها.
وإلى جانب فرض الإتاوات التعسفية على منتسبي القطاع الخاص وغيرهم، تضمنت تعليمات قادة الميليشيات إلزام جميع قطاعات الدولة المدنية والأمنية والعسكرية والاجتماعية الخاضعة لها بإحياء الفعاليات وإقامة الأمسيات على مدى أسبوعين، قبل وبعد هذه المناسبة.
وشكا سكان في صنعاء ومدن أخرى لـ«الشرق الأوسط» من صعوبات كبيرة لا تزال تعصف بهم وأسرهم، في ظل انشغال الجماعة بابتكار مناسبات متعددة وإحياء الفعاليات المصاحبة لها، وأكدوا أن معاناتهم لا تزال في تصاعد، يوماً بعد آخر، جراء ارتفاع الأسعار ونسب الجوع والفقر والبطالة وانعدام الخدمات الأساسية.
وشكا التجار وصغار الباعة في صنعاء ومدن يمنية أخرى لـ«الشرق الأوسط»، من استمرار استهدافهم وبصورة متكررة عبر حملات حوثية واسعة، فرضت عليهم جبايات مالية، استناداً إلى حجج انقلابية وأخرى ذات صبغة طائفية. وقالوا إنهم لم يكادوا يتنفسون الصعداء بعد حملة جباية رافقت عيد الأضحى، بزعم «عيدية الجبهات»، حتى فاجأتهم الميليشيات حالياً بشن حملة مماثلة تحت مبرر تمويل احتفالات «يوم الولاية».
وشكا «م. ش»، وهو صاحب محل صيانة هواتف جوالة في محافظة إب من تكثيف الجماعة من حملات الاستهداف وفرض الإتاوات، مؤكداً تعرضه بين الحين والآخر للابتزاز من قبل مسلحي الجماعة الذين يأتون إليه دائماً قبيل كل مناسبة حوثية، لإلزامه تحت الترهيب بدفع مبالغ مالية.
وكشف صاحب المحل بسياق حديثه مع «الشرق الأوسط»، عن سلسلة مضايقات وتعسفات لا يزال يتعرض لها وزملاؤه؛ يتصدرها التهديدات الصريحة بأن المخالفين لتوجيهات الانقلابيين ستكون عقوبتهم وخيمة.
وقال إن حملات الميليشيات بسوق «قحزة» في ريف إب عادة ما تجبره وغيره من أصحاب المتاجر والمهن بين فينة وأخرى على دفع مبالغ لدعم احتفالاتها، إضافة إلى الجبايات الرسمية التي تدفع تحت أسماء رسوم النظافة والتحسين والزكاة والضرائب وغيرها من المسميات.
في السياق أيضاً، تحدثت مصادر في صنعاء وريفها ومدن إب والمحويت وريمة وذمار وعمران والحديدة عن شن الجماعة على مدى الأيام القليلة الماضية حملات ابتزاز واختطاف طالت عدداً من التجار بعدد من أسواق وشوارع تلك المدن، عقب رفضهم دفع ما فرض عليهم من مبالغ مالية تراوحت بين 3 آلاف ريال و50 ألف ريال (الدولار نحو 600 ريال). وكان ناشطون وسكان في صنعاء نددوا مرات عدة باستمرار الميليشيات في ابتداع المناسبات الرامية إلى سرقة ما تبقى من أموال ومقدرات القابعين في مناطق تحت سيطرتها.
ومع بداية كل عام، وقبل أي مناسبة طائفية، تعمل الميليشيات على تدشين مشروع نهب وجباية الأموال؛ سواء من خلال مؤسسات الدولة التي تخضع لقبضتها، أو من خلال ممارسات أخرى ابتزازية ضد التجار وأصحاب رؤوس الأموال والمستثمرين.
وتسعى الميليشيات الحوثية (بحسب مراقبين) بالدرجة الأولى لضرب وتدمير القطاع الخاص من جهة، وغسل عقول النشء والشبان وبقية فئات المجتمع وجمع التبرعات والجبايات، وتحشيد المزيد من المجندين الجدد لإرسالهم إلى جبهات القتال من جهة ثانية.
وتفرض الجماعة الانقلابية الجبايات على المواطنين والتجار لدعم إقامة الفعاليات ذات الصبغة الطائفية التي تنظمها تحت لافتات مختلفة، أبرزها ما تسميه المولد النبوي، ويوم الولاية، وعاشوراء، وذكرى الشهيد، وذكرى الصرخة، يوم القدس، وغيرها.


مقالات ذات صلة

تقرير أُممي يتّهم الحوثيين بالتنسيق مع إرهابيين وجني عشرات الملايين بالقرصنة

العالم العربي استعراض الجماعة الحوثية لقدراتها العسكرية في العاصمة صنعاء والتي تتضمن أسلحة نوعية (رويترز)

تقرير أُممي يتّهم الحوثيين بالتنسيق مع إرهابيين وجني عشرات الملايين بالقرصنة

تقرير جديد لفريق الخبراء الأُمميّين المعنيّ باليمن يكشف عن تعاون الحوثيين مع تنظيم «القاعدة»، و«حركة الشباب» الصومالية، وابتزاز وكالات الشحن الدولية.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي توقعات بإقصاء من يرفضون المشاركة في فعاليات الجماعة الحوثية من وظائفهم (رويترز)

انقلابيو اليمن يستكملون «حوثنة» المؤسسات بهياكل إدارية جديدة

بدأت الجماعة الحوثية بإعداد آلية لدمج عدد من مؤسسات الدولة وتقليص الهيكل الإداري لها وتغيير مهامها في سبيل المزيد من السيطرة والنفوذ عليها وأدلجتها.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي جانب من لقاء وزير التخطيط اليمني مع مسؤولي البنك الدولي على هامش زيارته لواشنطن (سبأ)

اليمن يقدم رؤية شاملة للبنك الدولي لإعادة هيكلة المشروعات التنموية

قدمت الحكومة اليمنية إلى البنك الدولي رؤية شاملة لإعادة هيكلة المشروعات، في مسعى لزيادة المخصصات المالية للبلاد.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي بمعية محافظ مأرب ورئيس هيئة الأركان في زيارة سابقة للخطوط الأمامية بمأرب (سبأ)

الجيش اليمني يحذر من محاولة حوثية للعودة للحرب وإجهاض جهود السلام

تتصاعد حدة التوترات في عدة جبهات يمنية في ظل استمرار جماعة الحوثي في تحشيد عناصرها وحفر الخنادق، خصوصاً بمحافظة الحديدة على ساحل البحر الأحمر.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
خاص المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الشرق الأوسط)

خاص مكتب غروندبرغ لـ«الشرق الأوسط»: نناقش مع صنعاء وعدن تجنب انهيار اقتصادي أعمق

قال المبعوث الأممي الخاص إلى اليمن إن مشاوراته ونقاشاته مستمرة مع مسؤولي «البنك المركزي» في صنعاء وعدن؛ لإيجاد حلول تقنية ومستدامة.

عبد الهادي حبتور (الرياض)

القضاء العراقي يواجه أزمة بعد فوز ترمب لصدور مذكرة قبض بحقه

ترمب خلال مشاركته بتجمّع انتخابي (أ.ف.ب)
ترمب خلال مشاركته بتجمّع انتخابي (أ.ف.ب)
TT

القضاء العراقي يواجه أزمة بعد فوز ترمب لصدور مذكرة قبض بحقه

ترمب خلال مشاركته بتجمّع انتخابي (أ.ف.ب)
ترمب خلال مشاركته بتجمّع انتخابي (أ.ف.ب)

في الوقت الذي هنأ الرئيس العراقي الدكتور عبد اللطيف جمال رشيد، ومحمد شياع السوداني، رئيس الوزراء العراقي، دونالد ترمب بمناسبة فوزه في الانتخابات الرئاسية الأميركية، بدأت لجنة العلاقات الخارجية في البرلمان العراقي تبحث عن كيفية التعامل مع ترمب المرحلة المقبلة في ظل وجود مذكرة صادرة من مجلس القضاء الأعلى في العراق بالقبض على ترمب بتهمة اغتيال قاسم سليماني وأبو مهدي المهندس.

الرئيس العراقي الدكتور عبد اللطيف جمال رشيد

وقال عضو اللجنة مختار الموسوي في تصريح صحافي إن «ترمب بالنسبة للعراق وحسب القوانين العراقية هو مجرم، لكن العراق سيتعامل معه بشكل طبيعي، فهناك مصلحة للعراق بذلك، ووصول ترمب إلى البيت الأبيض لن يؤثر على العلاقات بين بغداد وواشنطن». ورأى الموسوي، وهو نائب عن «الإطار التنسيقي الشيعي» الحاكم أن «أميركا دولة مؤسسات ولا تتأثر كثيراً برؤساء في التعاملات الخارجية المهمة». وأضاف: «ترمب لا يعترف بالحكومة العراقية ولا يحترم السلطات في العراق»، لافتاً إلى أن «زيارته للعراق أثناء ولايته السابقة اختصرت فقط على زيارة الجنود الأميركان في قاعدة (عين الأسد) بمحافظة الأنبار، لكن العراق سيتعامل مع ترمب بشكل طبيعي».

الجنرال الإيراني قاسم سليماني (أ.ب)

وختم عضو لجنة العلاقات الخارجية البرلمانية تصريحه قائلاً: «في حال زار ترمب العراق خلال المرحلة المقبلة، فهناك صعوبة في تنفيذ مذكرة القبض بحقه، فهناك مصلحة للدولة العراقية وهي تتقدم على جميع المصالح الأخرى، فهي تمنع أي تنفيذ لتلك المذكرة بشكل حقيقي بحق ترمب».

أبو مهدي المهندس (أ.ف.ب)

يشار إلى أن رئيس مجلس القضاء الأعلى في العراق فائق زيدان أعلن صدور أوامر قبض بحق ترمب على خلفية أوامر أصدرها لقتل سليماني والمهندس في السابع من يناير (كانون الثاني) عام 2021. وأوضح بيان رسمي، صدر في ذلك الوقت أن «القرار يستند إلى أحكام المادة 406 من قانون العقوبات العراقي النافذ»، مؤكداً أن «إجراءات التحقيق لمعرفة المشاركين الآخرين في تنفيذ هذه الجريمة سوف تستمر سواء كانوا من العراقيين أو الأجانب».

القضاء العراقي وأزمة تطبيق القانون

قانونياً، وطبقاً لما أكده الخبير القانوني العراقي، علي التميمي، في تصريح لـ«الشرق الأوسط» فإأن «القضاء العراقي تحرك بناءً على الشكوى المقدمة من الطرف المشتكي، وبالتالي فإن القضاء ملزم وفق القانون باتخاذ الإجراءات القانونية بحق أي شخص سواء كان في الداخل العراقي أو الخارج العراقي».

وأضاف التميمي: «ولأن الجريمة التي ارتُكبت داخل العراق واستهدفت شخصيات في العراق وأدت إلى مقتلهم؛ فإن الولاية القضائية هنا هي التي تطبق وهي ولاية القضاء العراقي»، مبيناً أن «إصدار أمر قبض بحق ترمب في وقتها وفق مذكرة القبض الصادرة من القضاء العراقي وفق المادة 406 من قانون العقوبات العراقي وهي القتل العمد مع سبق الإصرار والترصد لكونه شريكاً في هذه العملية؛ ولذلك يعدّ الإجراء من الناحية القانونية صحيحاً».

مركبة محترقة في مطار بغداد أصابها أحد الصواريخ الثلاثة (خلية الإعلام الأمني)

ورداً على سؤال بشأن تنفيذ المذكرة، يقول التميمي إن «التنفيذ يكون عن طريق الإنتربول الدولي بعد تقديم طلب عبر وزارة الخارجية، وهو أمر صعب من الناحية الواقعية، والثانية هي انضمام العراق إلى اتفاقية روما للمحكمة الجنائية الدولية لعام 1948 وهي تحاكم الأشخاص بمختلف الجرائم، ومنها جرائم العدوان التي تنطبق على عملية الاغتيال التي نُفذت بأمر ترمب وفقاً للمادة 6 من قانون هذه المحكمة التي تتطلب دخول العراق فيها أولاً». وأوضح التميمي أنه «مع كل هذه الإجراءات القانونية، لكن ترمب في النهاية أصبح رئيس دولة وهو يتمتع بالحصانة وفقاً اتفاقية فيينا».

أول المهنئين لترمب

وفي الوقت الذي تبدو عودة ترمب رئيساً للولايات المتحدة الأميركية مقلقة لبعض الأوساط العراقية، إلا أن العراق الرسمي كان من أول المهنئين؛ إذ هنأ الرئيس العراقي عبد اللطيف جمال رشيد ترمب، وتطلع إلى أن «تعمل الإدارة الأميركية الجديدة على تعزيز الاستقرار الذي تشتد الحاجة إليه والحوار البنَّاء في المنطقة»، كما هنَّأ رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني دونالد ترمب بفوزه في الانتخابات الرئاسية الأميركية لولاية جديدة، معرباً عن أمله في «تعزيز العلاقات الثنائية» خلال «المرحلة الجديدة». وكتب السوداني على منصة «إكس»: «نؤكد التزام العراق الثابت بتعزيز العلاقات الثنائية مع الولايات المتحدة، ونتطلع لأن تكون هذه المرحلة الجديدة بداية لتعميق التعاون بين بلدينا في مجالات عدة، بما يسهم في تحقيق التنمية المستدامة ويعود بالنفع على الشعبين الصديقين». كما أن رئيس إقليم كردستان نيجرفان بارزاني ورئيس حكومة إقليم كردستان مسرور بارزاني كانا أول المهنئين لترمب؛ نظراً للعلاقة الجيدة التي تربط الأكراد مع الجمهوريين. وكتب نيجرفان بارزاني على منصة «إكس» قائلاً: «أتقدم بأحرّ التهاني إلى الرئيس ترمب ونائب الرئيس المنتخب فانس على فوزهما في الانتخابات». وأضاف: «نتطلع إلى العمل معاً لتعزيز شراكتنا وتعميق العلاقات الثنائية بين إقليم كردستان والعراق والولايات المتحدة».

أما رئيس حكومة إقليم كردستان مسرور بارزاني، فقد عبّر من جهته إلى أهمية «تعميق الشراكة بين إقليم كردستان والولايات المتحدة، والعمل معاً لتعزيز السلام والاستقرار في المنطقة».

اقرأ أيضاً