في الوقت الذي تشهد فيه «العملية» العسكرية الروسية بأوكرانيا، تباطؤاً في العمليات الهجومية بإقليم دونباس، الذي تسعى للسيطرة الكاملة عليه، بدا أن تركيزها على القصف الصاروخي بعيد المدى، للمدن والقرى، يستهدف إبقاء الضغط على البلاد، بانتظار إعادة تجهيز قواتها المتعبة تمهيداً لمرحلة جديدة من الهجوم. وبحسب تقرير لصحيفة «نيويورك تايمز»، يعتقد خبراء عسكريون أن موسكو في طريقها لاستنزاف قدراتها وقواتها، الأمر الذي قد يقربها من خسارة الحرب بحلول العام المقبل.
ويضيف الخبراء أن إيقاف الهجوم البري على دونباس، رغم سيطرتها على مقاطعة لوغانسك، يعكس مساعي موسكو لاستقدام قوات جديدة محل القوات المتعبة، وإعادة تجهيزها، في ظل نقص مزداد بدأت تظهر نتائجه على الأرض. وركزت روسيا هجماتها على إقليم دونباس، الحوض الصناعي والتعديني في شرق أوكرانيا، بعد فشل هجومها الشامل في بدايات الحرب. لكنها واجهت خسائر عالية في الأرواح والمعدات، «عن كل شبر من الأراضي التي احتلتها»، بحسب تصريحات مسؤول دفاعي أميركي الأسبوع الماضي. وفي السياق، قال تقرير للاستخبارات العسكرية البريطانية الخميس، إن القوات الروسية لم تحقق أي تقدم كبير خلال الأيام الثلاثة الماضية، موضحاً أن القوات البرية الروسية كانت تركز بشكل أساسي على تنفيذ هجمات اختبارية صغيرة للدفاعات الأوكرانية. وقالت وزارة الدفاع البريطانية أمس (الجمعة)، إن القوات الروسية تتقدم ببطء غرباً في أعقاب قصف وهجمات لجمع المعلومات باتجاه بلدة سيفيرسك في منطقة دونيتسك الأوكرانية انطلاقاً من ليسيتشانسك. وذكرت الوزارة في نشرة دورية على «تويتر» أنه «من المرجح أن تكون باخموت الهدف التالي بمجرد السيطرة على سيفيرسك».
وعلى الرغم من أن القوات الروسية قد عاودت أمس هجماتها، غير أنها باتت أكثر خشية من تنامي القدرات الأوكرانية، التي باتت تستخدم أكثر وأكثر المعدات والأسلحة الغربية.
ومع إعلان أوكرانيا أن تلك الأسلحة بدأت في «تغيير مسار الحرب»، بحسب تصريحات قبل أيام، لأمين مجلس الأمن القومي الأوكراني أوليكسي دانيلوف، الذي أشار أيضاً إلى أن «الميزة العددية للجيش الروسي، بدأ يقابلها دقة الصواريخ والمدفعية الأوكرانية». وكان قائد أميركي سابق لقوات حلف «الناتو» في أوروبا، قد أشار إلى أن القوات الأوكرانية، قد تكون قادرة على شن هجوم مضاد شامل، بالاعتماد على الأسلحة الغربية، في شهر أغسطس (آب) المقبل.
وفي السياق، نقل موقع «بيزنس إنسايدر» عن القائد العام السابق للجيش الأميركي في أوروبا، الجنرال بن هودجز، توقعه بأن ينتهي الغزو الروسي العام المقبل، إذا واصل الغرب تقديم دعمه العسكري لأوكرانيا. وقال إن الروس مرهقون وليس لديهم الكثير مما يمكن القيام به اليوم، مضيفاً أن القوات الأوكرانية تتمتع بميزة معنوية على الروس، «الذين باتوا متعثرين في مستنقع من التهالك». وأضاف أن الوزن الكامل للدعم العسكري الغربي، بدأ يترسخ أخيراً في أوكرانيا، خصوصاً في ميزة أنظمة الصواريخ بعيدة المدى. وأكد هودجز أنه «في كل مرة لا يتمتع فيها الروس بميزة نارية هائلة، يفوز الأوكرانيون»، مشدداً على أهمية تسليح القوات الأوكرانية بأسلحة تمكنها من استهداف المدافع وراجمات الصواريخ ومخزن الذخيرة ومراكز القيادة الروسية، لتعطيل ما وصفه بـ«الميزة الوحيدة التي يمتلكها الروس». وتوقع هودجز أن يعمل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، على إطالة أمد الحرب نحو حرب استنزاف مدروسة، على أمل إحداث شروخ في الجبهة الغربية. لكنه أضاف أنه إذا بقي الغرب متماسكاً هذا العام، فستنتهي الحرب بداية العام المقبل.
في هذا الوقت، أكد وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن، مع نظيره الإيطالي لورنزو جويريني، بعد محادثات وصفت بالمهمة بينهما في واشنطن، على أن دول الناتو تحافظ على وحدتها في مواجهة «الغزو» الروسي غير المبرر، وبأنها ستواصل تقديم المساعدات لأوكرانيا التي تواصل الكفاح ضد هذا الغزو الظالم. وأشاد الوزير الإيطالي بمجموعة الاتصال الدفاعية عن أوكرانيا، «التي تسهم بطريقة حاسمة في دعم المقاومة في أوكرانيا، ما يسمح بالتنسيق بين جميع الدول المساهمة والذي كان من المستحيل القيام به لولا هذه المجموعة». وقال إن إيطاليا «قدمت حتى الآن ثلاث مجموعات من المعدات»، من دون كشف طبيعتها، وإنها «ستواصل القيام بذلك بتعاون وثيق مع الدول الحليفة، بدءاً من الولايات المتحدة». كما أعرب عن استعداد الجيش الإيطالي للمساهمة بشكل أكبر في جهود الدفاع لحلف الناتو، لإرسال مزيد من الوحدات الإيطالية لتعزيز الدفاع عن الجناح الشرقي للحلف وكذلك زيادة مساهمتها في الجناح الجنوبي، تنفيذاً لقرارات قمة الناتو في مدريد.
هل بدأت الأسلحة الغربية «تغير» مسار الحرب في أوكرانيا؟
هل بدأت الأسلحة الغربية «تغير» مسار الحرب في أوكرانيا؟
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة