اكتشاف مقبرة «قائد الجنود الأجانب» في مصر القديمة

تولى مسؤولية المرتزقة في الجيش قبل 2500 عام

صورة نشرتها وزارة السياحة والآثار لمقبرة واح - إيب - رع مري نيت قائد الجنود الأجانب
صورة نشرتها وزارة السياحة والآثار لمقبرة واح - إيب - رع مري نيت قائد الجنود الأجانب
TT
20

اكتشاف مقبرة «قائد الجنود الأجانب» في مصر القديمة

صورة نشرتها وزارة السياحة والآثار لمقبرة واح - إيب - رع مري نيت قائد الجنود الأجانب
صورة نشرتها وزارة السياحة والآثار لمقبرة واح - إيب - رع مري نيت قائد الجنود الأجانب

أعلنت وزارة السياحة والآثار المصرية، الجمعة، اكتشاف مقبرة «قائد الجنود الأجانب» في مصر القديمة، وذللك خلال أعمال الحفائر التي تنفذها البعثة الأثرية التابعة للمعهد التشيكي لعلم المصريات، بكلية الآداب، جامعة تشارلز، في منطقة أبو صير الأثرية، جنوب الجيزة، يعود تاريخها إلى ما يزيد على 2500 عام.
وقال الدكتور مصطفى وزيري، الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار، في بيان صحافي، إن «المقبرة عثر عليها بجوار خبيئة التحنيط، وتخص شخصاً رفيع المستوى من مصر القديمة يدعى (واح - إيب - رع مري نيت)، كان يشغل وظيفة قائد الجنود الأجانب، في الفترة ما بين أواخر الأسرة 26 وأوائل الأسرة 27»، موضحاً أن «المقبرة مصممة على النموذج البئري، حيث تتكون من بئر رئيسية بعمق ستة أمتار، بلغت أبعادها 14 في 14 متراً تقريباً، مقسمة إلى عدة أجزاء تفصل بينها جسور منحوتة في الصخر الطبيعي للمنطقة، وبمنتصف البئر الرئيسية تم حفر بئر أخرى أصغر، وأعمق، تم استخدامها كبئر أساسية لدفن صاحب المقبرة».

بعض اللقى الأثرية المكتشفة داخل المقبرة (وزارة السياحة)

من جانبه أشار الدكتور حسين عبد البصير، مدير متحف الآثار بمكتبة الإسكندرية، إلى «أهمية الكشف الأثري، في توضيح الفترة التي اعتمد فيها الجيش المصري على الجنود المرتزقة بين صفوفه»، وقال في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «الثابت تاريخياً أن مصر استعانت بمرتزقة في الجيش من الإغريق وجزر البحر المتوسط، خلال الفترة من بداية الأسرة 26 عام 664 قبل الميلاد، وحتى 526 قبل الميلاد مع سقوط مصر تحت الاحتلال الفارسي».
وأضاف عبد البصير أن «الكشف يظهر أن هؤلاء الجنود المرتزقة كان يقودهم شخص مصري، مسمى على اسم الملك واح إيب رع مري نيت، ما يشير إلى مدى أهميته»، لافتاً إلى أن «المصريين ثاروا ضد الملك واح إيب رع بعد حملته على ليبيا بسبب الجنود المرتزقة، وتم تولية أحمس، قائد الجيش، الحكم، وصار اسمه أحمس الثاني».
وتتشابه المقبرة المكتشفة في تصميمها المعماري مع مقابر ذلك العصر المعروف باسم «العصر الصاوي»، من حيث كونها مقابر بئرية، حيث يتشابه تصميم مقبرة قائد الجنود الأجانب مع مقبرة ودجا حور رسنت المنقورة في الصخر، والواقعة على مقربة منها، كما يشبه مقبرة كامبل في الجيزة»، وفقاً للبيان الصحافي.
وقال الدكتور مارسلاف بارتا، رئيس البعثة التشيكية العاملة في أبوصير، إن «البعثة عثرت في بئر الدفن الرئيسية، على عمق 16 متراً، على تابوت مزدوج، متضرر نوعاً ما، صنع من كتلتين ضخمتين من الحجر الجيري الأبيض، وبداخله تابوت مصنوع من حجر البازلت على شكل آدمي، ومنقوش على جزئه العلوي نصوص من الفصل 72 من كتاب الموتى، تتحدث عن رحلة المتوفى في العالم الآخر».
وعثرت البعثة داخل التابوت البازلتي على جعران للقلب غير منقوش، منحوت بدقة عالية، وتميمة على شكل مسند رأس، إضافة إلى بعض المتاع الجنائزي لصاحب المقبرة وعدد من اللقى الأثرية تضمنت 402 تمثال أوشابتي من الفاينس (والأوشابتي هي تماثيل صغيرة من المفترض أنها تمثل صاحب المقبرة وتقوم بتأدية الخدمات نيابة عنه في العالم الآخر)، وإناءين مصنوعين من الألباستر، ونموذجاً من الفاينس لمائدة قرابين، وعشرة أكواب رمزية وأوستراكا من الحجر الجيري منقوشاً عليها نصوص دينية هيراطيقية مكتوبة بالحبر الأسود، حسب البيان الصحافي.

جانب من تابوت قائد الجنود الأجانب (وزارة السياحة)

ويشير بارتا إلى أنه «نظراً لصغر حجم الأوستراكا، قرر مؤلف النص تغطيتها بمقتطفات موجزة من تعاويذ كتاب الموتى، التي شكلت أيضاً أجزاءً من طقوس التحول، وبالتالي ضمان وجود حياة أخرى لصاحب المقبرة في العالم الآخر». موضحاً أن «الدراسات المبدئية التي كشفت تعرض المقبرة للسرقة في أواخر العصور القديمة، خلال القرنين الرابع والخامس بعد الميلاد، حيث قام اللصوص بعمل فتحة بالجزء الغربي من التابوت الخارجي، وحطموا الجزء العلوي من التابوت البازلتي، والذي يمثل وجه المتوفى».
وتقع منطقة أبو صير الأثرية جنوب محافظة الجيزة، على بعد 4.5 كيلومتر شمال منطقة سقارة الأثرية، واشتق اسمها من (بر أوزير) أي مقر الإله أوزيريس، وتضم مجموعة من مقابر ملوك الأسرة الخامسة وبقايا أهرامات من الطوب اللبن للملك ساحورع، ونفر - إير - كا - رع، ونفر - إف - رع، وني - أورس - رع، والتي تهدمت بشكل شبه كامل، بفعل الزمن، إضافة إلى معابد الشمس، ومن بينها معبد الشمس للملك أوسر كاف.
ويقول عبد البصير إن «منطقة أبو صير تضم آثاراً من الدولة القديمة تحديداً الأسرة الخامسة، إضافة إلى مقابر من العصر الصاوي بداية من الأسرة 26»، مشيراً إلى أن «مقابر العصر الصاوي مصممة على الطراز البئري، وتضم توابيت بوجوه آدمية».
بدوره قال الدكتور محمد مجاهد، نائب مدير البعثة التشيكية، في البيان الصحافي إنه «رغم أن الحفائر الأثرية لمقبرة واح - إيب - رع مري نيت لم تقدم لنا العديد من اللقى الأثرية المهمة أو متاعاً جنائزياً متقناً، إلا أن تلك المقبرة تعتبر فريدة من نوعها ومهمة، لأنها تقدم نظرة جديدة حول الفترة المضطربة لبداية عصر الهيمنة الفارسية على مصر القديمة، وتمكننا من رسم فكرة عن صاحب المقبرة، وخلفيته العائلية ومسيرته المهنية، والذي يرجح أنه توفي فجأة، دون اكتمال مقبرته ومتاعه الجنائزي».


مقالات ذات صلة

تحويل ميدان «السيدة عائشة» إلى ممشى سياحي في القاهرة التاريخية

يوميات الشرق القلعة تقف على حدود القاهرة التاريخية (وزارة السياحة والآثار المصرية)

تحويل ميدان «السيدة عائشة» إلى ممشى سياحي في القاهرة التاريخية

ضمن خطة مصر لتطوير القاهرة التاريخية، بدأتْ خطوات تحويل ميدان السيدة عائشة الذي يقع على أطراف المنطقة التاريخية جنوب قلعة صلاح الدين إلى ممشى سياحي عالمي.

محمد الكفراوي (القاهرة)
ثقافة وفنون سفنكس من موقع سلوت يقابله سفنكس من موقع الدُّور وآخر من موقع الفويدة

«سفنكس» عُمان

خرجت من موقع حصن سلوت الأثري في سلطنة عُمان مجموعةٌ من القطع البرونزية المنحوتة، تتميز بطابعها التصويري

محمود الزيباوي
يوميات الشرق عمرها آلاف السنوات (وزارة الثقافة في بيرو)

مومياء نادرة تكشف عن قوة النساء في أقدم حضارة بالأميركتين

اكتشف علماء آثار في بيرو رفات امرأة من النبلاء تعود إلى 5 آلاف سنة في مدينة كارال، وهي منطقة كانت تُستخدم لعقود مكباً للنفايات.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق مطالبات بتشديد قواعد تنظيم الحفلات في المواقع الأثرية في مصر (حساب جمال على «فيسبوك»)

حفلات المواقع الأثرية تفجّر انتقادات في مصر

فجرت واقعة سقوط حامل إضاءة على جمهور أمسية فنية في ساحة قصر البارون الأثري، مساء السبت، في القاهرة جدلاً وانتقادات واسعة في الأوساط الأثرية والسياحية بمصر.

عصام فضل (القاهرة )
يوميات الشرق منطقة الإمام الشافعي بعد هدم مقابر بها (تصوير: عبد الفتاح فرج)

مصر: خبراء يتهمون «الآثار» بـ«المماطلة» في تسجيل المقابر التاريخية

أثارت عملية الهدم الجديدة لمدافن بجبانة القاهرة التاريخية، انتقادات واتهامات للمجلس الأعلى للآثار ووزارة السياحة والآثار، بـ«المماطلة»

عصام فضل (القاهرة)

حملة موسعة من «الموسيقيين» المصرية ضد «تجاوزات» أغاني المهرجانات

عصام صاصا (حسابه بموقع فيسبوك)
عصام صاصا (حسابه بموقع فيسبوك)
TT
20

حملة موسعة من «الموسيقيين» المصرية ضد «تجاوزات» أغاني المهرجانات

عصام صاصا (حسابه بموقع فيسبوك)
عصام صاصا (حسابه بموقع فيسبوك)

قامت «نقابة الموسيقيين» المصرية خلال الأيام القليلة الماضية بحملة موسعة ضد «تجاوزات» أغنيات المهرجانات بالحفلات والإصدارات الخاصة، خصوصاً بعد رصد ومتابعة عدد منها، وبدأت الحملة بمؤدي المهرجانات حمو بيكا، بعد تداول فيديو منسوب له عبر مواقع «سوشيالية»، وهو يغني كلمات اعتبرها البعض غير لائقة، بل وتسيء لإحدى مؤسسات الدولة.

ووفق بيان لـ«نقابة الموسيقيين»، فإن بيكا الذي يمارس نشاطه الفني كأحد حاملي تصريح شعبة «الأداء الصوتي»، تم إيقاف تصريحه وتحويله للشؤون القانونية للتحقيق العاجل، وذلك على خلفية ظهوره بإحدى الحفلات وغنائه كلمات لا تليق، كما شددت النقابة في بيانها على أنها لن تتهاون تجاه أي تجاوز أو إساءة، لا سيما فيما يتعلق بالثوابت المجتمعية أو مؤسسات الدولة.

ولم يتوقف الأمر عند بيكا، الذي دافع عن نفسه عبر حسابه الرسمي بموقع «فيسبوك»، عقب قرار إيقافه، متذرعاً بأن الأغنية موال قديم، وأنه لم يقصد الإساءة، وأوضح خلال منشوره أن «الكثير من المطربين يقومون بغناء هذه الأغنية في حفلاتهم»، واستشهد بفيديوهات لبعض منهم، من بينهم المطرب الشعبي رضا البحراوي.

بدورها أعلنت النقابة، في بيان رسمي، التحقيق مع المطرب الشعبي رضا البحراوي بعد الاطلاع على الفيديو المنسوب إليه أثناء غنائه الكلمات نفسها التي قدمها بيكا في إحدى حفلاته، حيث أكد الدكتور محمد عبد الله، المتحدث الإعلامي لـ«نقابة الموسيقيين»، بأن النقابة لن تتهاون مع أي تجاوز.

حمو بيكا (حسابه بموقع فيسبوك)
حمو بيكا (حسابه بموقع فيسبوك)

وأوضح عبد الله، في بيان، أن عدم إيقاف البحراوي عن العمل أسوة بإيقاف حمو بيكا، يعود لكون الإيقاف عقوبة في حد ذاته، ولا يجوز توقيع عقوبة من دون تحقيق، طبقاً لنص المادة 12 من اللائحة التنفيذية لقانون النقابات الفنية الثلاث، الذي ينص على أنه يحق لمجلس النقابة إيقاف عضوية المنتسب في أي وقت، بينما لم تنص على إحالته للتحقيق، لكن في حالة العضو العامل فالقانون يشترط إحالته للتحقيق أولاً.

وبجانب بيكا والبحراوي، أعلنت «نقابة الموسيقيين»، مؤخراً التحقيق مع مؤدي المهرجانات عصام صاصا، بعد انتقادات واسعة طالت بعض أعماله الأخيرة، ورصد تجاوزات في كلمات أغنياته، ومن بينها أغنية «محكمة ودخلنا على المفرمة»، التي طرحها صاصا عبر قناته الرسمية بموقع «يوتيوب»، وحققت أكثر من 12 مليون مشاهدة خلال أسبوعين.

من جانبه، قال الناقد الفني المصري طارق الشناوي، تعليقاً على تجاوزات بعض مؤدي المهرجانات: «لا يمكن لأحد الدفاع عن الخطأ بأي شكل من الأشكال، ومن أخطأ فعليه تحمل نتيجة ذلك»، مضيفاً لـ«الشرق الأوسط»، أن «التعميم بارتكاب إساءات أو تجاوزات على كل مطربي المهرجانات لا يجوز، خصوصاً أن ثقافة البعض منهم محدودة، ولا يعلمون جيداً خطورة ما يقدمون، وبرغم ذلك فإن الجهل بالشيء لا يمنع من العقوبة».

رضا البحراوي (حسابه بموقع فيسبوك)
رضا البحراوي (حسابه بموقع فيسبوك)

وتطرق الشناوي إلى وقائع قديمة، قائلاً: «إن محمد عبد الوهاب وأم كلثوم تعرضا لاتهامات من إحدى المؤسسات الدينية بسبب كلمات أغنياتهم؛ لذلك فإن الخطأ لا يقتصر على مؤدي المهرجانات أو المطربين الشعبيين فقط، لكن ربما يكون هناك غيرهم؛ لذلك فمن يتجاوز في أعماله يجب محاسبته ومعاقبته، من دون وصم فئة بعينها».

وبعيداً عن الغناء، تحفظت الأجهزة الأمنية بمصر على حمو بيكا قبل أشهر عدة؛ بتهمة «حيازة سلاح أبيض»، و«الهروب من تنفيذ أحكام قضائية»، إلا أنه خرج بعد قضاء العقوبة في فبراير (شباط) الماضي، بينما قضى عصام صاصا فترة حبسه 6 أشهر مع الشغل في واقعة قيادة سيارة تحت تأثير المخدرات.