سلطات حضرموت تستعيد المطار والميناء وفرع البنك المركزي من قبضة «القاعدة»

الطائرات من دون طيار أجبرت عناصر التنظيم المتطرف على الاختفاء

عناصر من شباب المكلا خلال تدريبات في أحد المعسكرات («الشرق الأوسط»)
عناصر من شباب المكلا خلال تدريبات في أحد المعسكرات («الشرق الأوسط»)
TT

سلطات حضرموت تستعيد المطار والميناء وفرع البنك المركزي من قبضة «القاعدة»

عناصر من شباب المكلا خلال تدريبات في أحد المعسكرات («الشرق الأوسط»)
عناصر من شباب المكلا خلال تدريبات في أحد المعسكرات («الشرق الأوسط»)

استعادت السلطات الأهلية في مدينة المكلا مجموعة من المؤسسات الحيوية التي كانت خاضعة تحت سيطرة تنظيم القاعدة، من بينها المطار الدولي، والميناء، وفرع البنك المركزي، ومعسكر شرطة النجدة.
وأكد ربيع العوبثاني، الناطق الرسمي للمجلس الأهلي الحضرمي، الذي يدير شؤون المحافظة منذ سقوطها في يد «القاعدة» في 2 أبريل (نيسان) الماضي، لـ«الشرق الأوسط»، تسلم المجلس للكثير من المنشآت الحكومية داخل مدينة المكلا من تنظيم أنصار الشريعة (تابع لتنظيم القاعدة)، وأنهم بصدد تسلم ميناء الضبة النفطي، والقصر الجمهوري، وقيادة المنطقة العسكرية الثانية. ويتشكل المجلس من زعماء القبائل والعشائر وشخصيات عامة. وأشار العوبثاني إلى عدم جاهزية المجلس لإدارة الجوانب الأمنية للمدينة في حال انسحاب التنظيم، ولم يشر لأي وعود حصلوا عليها من قبل التنظيم بالانسحاب الكامل من المدينة.
وتحدث المسؤول عن وجود 4 معسكرات لتدريب مجاميع مدنية على استخدام السلاح، يشرف عليها العميد خالد بن طالب الكثيري، لتشكيل قوى أمنية تدير الأمن بالمدينة، وتقوم بدعم جبهات القتال ضد المتمردين الحوثيين كأولوية ضرورية. وأوضح العوبثاني إلى تأمين المدخل الغربي لمدينة المكلا، وعمل التدابير الأمنية اللازمة بمديرية حجر وميفع الواقعة على الطريق الرئيسي المؤدي من شبوة إلى المكلا، على بعد نحو 300 كيلومتر من وسط المدينة، كما أكد وجود قوة شعبية تابعة للمجلس تحمي المدخل الشرقي للمدينة، بالإضافة لوجود القوة القبلية التابعة لحلف قبائل حضرموت، والتي تحمي هضبة حضرموت.
وتحدث العوبثاني لـ«الشرق الأوسط» عن جاهزية مطار المكلا الدولي لاستقبال أي طائرات قادمة يسمح بها التحالف العربي، كذلك ميناء المكلا، والذي بدأ في استقبال بعض السفن التي حملت بعض الأدوية، والقمح، ومادتي الديزل والمازوت التي تعاني المدينة انقطاعات في الطاقة الكهربائية تصل إلى 15 ساعة بسبب نقص مادة المازوت التي تعمل عليها المولدات الرئيسية للطاقة الكهربائية، كما عانت المدينة في ارتفاع ملحوظ في سعر المواصلات والنقليات بسبب ندرة مادة الديزل.
وتطرق الناطق باسم المجلس الأهلي بحضرموت إلى توقف فرع البنك المركزي بالمدينة، جراء ما تعرض له من دمار خلال عملية اقتحام التنظيم للبنك، ومحاولة فتح خزائنه، وقال إن العمليات المالية الخاصة بالمحافظة تدار حاليًا من فرع البنك بمدينة سيئون، التي تسيطر عليها القوات التابعة للمنطقة العسكرية الأولى، التي أعلنت ولاءها لشرعية الرئيس عبد ربه منصور هادي.
وقال العوبثاني إنه يوجد للمجلس وفد مشارك بالعاصمة السعودية الرياض يتكون من الشيخ سالم السعدي، وصالح باصليب، ويسلم بابطين، للالتقاء بالحكومة اليمنية متمثلة في نائب الرئيس اليمني رئيس الحكومة خالد محفوظ بحاح، لبحث شؤون المواطنين بالمحافظة، وعودة الحياة الطبيعية، وعمل الدوائر الحكومية، كما كشف العوبثاني عن وجود تواصل غير رسمي مع الحكومة اليمنية، والسلطة المحلية بالمحافظة لبحث شؤون المحافظة.
إلى ذلك، ازدادت حركة المواطنين في المدينة مع قرب شهر رمضان، وازدياد أعداد النازحين من المحافظات المجاورة، جراء العمليات العسكرية التي تقوم بها ميليشيات الحوثي وعلي عبد الله صالح، حيث قالت اللجنة العليا للإغاثة بالمحافظة، إن أعداد النازحين تقدر بنحو 50 ألف نازح، وهي في ازدياد مستمر. كما تعاني المدينة من نقص حاد في المشتقات النفطية، وارتفاع أسعارها بنحو 300 في المائة في السوق السوداء، كما أن نقص مادة المازوت تسبب في انقطاعات للتيار الكهرباء تجاوزت 15 ساعة يوميًا.



وسط غياب الرعاية والإحصائيات... اضطرابات نفسية تخنق اليمنيات

جلسة توعية حول العنف القائم على النوع الاجتماعي في مخيمات النازحين في اليمن (الأمم المتحدة)
جلسة توعية حول العنف القائم على النوع الاجتماعي في مخيمات النازحين في اليمن (الأمم المتحدة)
TT

وسط غياب الرعاية والإحصائيات... اضطرابات نفسية تخنق اليمنيات

جلسة توعية حول العنف القائم على النوع الاجتماعي في مخيمات النازحين في اليمن (الأمم المتحدة)
جلسة توعية حول العنف القائم على النوع الاجتماعي في مخيمات النازحين في اليمن (الأمم المتحدة)

بينما تقدر تقارير دولية أن ربع سكان اليمن يعانون اضطرابات نفسية؛ تتضاعف معاناة النساء من تلك الاضطرابات، في ظل تدني إمكانية حصولهن على العلاج والدعم النفسيين لأسباب تتعلق بانهيار المنظومة الصحية والتمييز القائم على النوع الاجتماعي.

وتشهد المنظومة الصحية في اليمن انهياراً عاماً، خصوصاً تلك التي طالتها الحرب وآثارها، ومراكز تجمع النازحين، بالإضافة إلى عموم المناطق الخاضعة لسيطرة الجماعة الحوثية، حيث تعاني النساء ضغوطاً نفسية وعقلية نتيجة مضاعفة أعباء الحرب بسبب النزوح واضطرارهن إلى تحمل المزيد من الضغوط والقيود والمخاوف.

بسبب الحرب تضاعفت معاناة اليمنيات ووقعت غالبية الأعباء المعيشية على كواهلهن (رويترز)

تذهب أمل عبد النور، وهي ناشطة مجتمعية، إلى أن مخيمات النزوح وضواحي المدن تحظى بالقسط الأوفر من حالات الاضطرابات النفسية التي يكاد انتشارها يشبه الوباء، حسب تعبيرها، وبينما يكون لدى الذكور وسائل للتخفف أو الهروب من الضغوط المؤدية لتلك الاضطرابات، تكاد تلك الوسائل تنعدم تماماً لدى النساء.

من خلال عملها واطلاعها على بيانات عدد من المنظمات المحلية والدولية، وجدت أمل عبد النور أن العائلات في ضواحي المدن ومخيمات النزوح تحتل مرتبة الأشد فقراً، ويجد أفرادها صعوبة في الوصول للتعليم أو الترفيه، «بل إنها تعجز في الأصل عن توفير احتياجاتها الغذائية؛ ما يجعلها بيئة خصبة للاضطرابات النفسية».

«الاضطرابات النفسية التي تصيب الذكور بفعل الأوضاع المعيشية وتأثيرات الحرب، تنتقل تأثيراتها إلى النساء بأشكال مختلفة». هذا ما وصلت إليه عزة أحمد، وهي اختصاصية نفسية تشارك في المسوح الميدانية لعدد من المنظمات، وقد تكون تلك التأثيرات أشد خطورة بحسب الاختصاصية؛ «كونهن يواجهن اضطرابات الذكور، إما مدفوعات بالواجب الأسري أو خاضعات لممارسات الذكور وضغوط المجتمع».

أعباء مضاعفة

تظهر تقارير المنظمات الأممية أن معدلات انتشار الاضطرابات النفسية في اليمن تختلف بين الجنسين؛ إلا أنها لا تورد إحصائيات تكشف هذه التباينات.

وتبيّن عزة أحمد لـ«الشرق الأوسط» أن الكثير من النساء تضطرهن الحالات النفسية الصعبة لأولادهن أو أزواجهن أو أشقائهن إلى مواجهة المزيد من الأعباء المنزلية لرعايتهم وحمايتهم من المزيد من التدهور أو من إيذاء أنفسهم أو الآخرين، كما يحاولن توفير الراحة لهم ومنع تعرضهم للتنمر والمضايقات، في الوقت نفسه الذي يكون عليهن توفير الرعاية لآخرين وأحياناً اكتساب الرزق بأيديهن.

مرضى نفسيون يتجولون في ساحة في منشأة طبية مهملة في العاصمة صنعاء تحت سيطرة الجماعة الحوثية (رويترز)

«لكن الأسوأ من ذلك أن يكون الأب أو الشقيق الأكبر، وحتى الأصغر، أو الزوج، مصاباً باضطراب نفسي مرتبط بسلوك عنف»، تضيف الاختصاصية: «وفي بيئة يسيطر عليها التمييز القائم على النوع الاجتماعي، فإن النساء قد يتعرضن لتعنيف خطير يؤدي إلى إصابتهن باضطرابات نفسية يصعب التعافي منها».

يزيد غياب الأمن والحماية القانونية القوية للنساء، من صعوبة الوصول إليهن لتقديم العون القانوني أو الرعاية الصحية، فبحسب إفادة الناشطة وداد عبده لـ«الشرق الأوسط»، لا تجرؤ النساء على البوح بمعاناتهن حتى لفرق المنظمات الدولية والمحلية خلال زياراتها النادرة والمحدودة لمخيمات النزوح والأحياء المزدحمة بالسكان الفقراء والمعدمين.

وتأسف الاختصاصية النفسية في تعز نجلاء سلطان من عدم الإفصاح عن الإحصائيات الخاصة بالاضطرابات النفسية للنساء اليمنيات، فطبقاً لمعلوماتها، توجد الكثير من الجهات التي عملت على مسوح بحثية ميدانية، وحصلت على بيانات كافية لتقييم الوضع النفسي لليمنيات بشكل عام.

امرأة تتلقى المشورة في مركز متخصص للصحة النفسية يدعمه صندوق الأمم المتحدة للسكان (الأمم المتحدة)

لكن، وكما تقول نجلاء سلطان لـ«الشرق الأوسط»، تكتفي المنظمات والجهات بجمع تلك البيانات وتضمينها أبحاثها التي لم يتم الإعلان سوى عن القليل منها؛ وهو ما يساهم في حرمان النساء حتى من الكشف عن معاناتهن الخطيرة، وبقائهن قيد المعاناة دون الحصول على الدعم الكافي في مواجهة أوضاع قاسية تلحق بالمجتمع الكثير من الخسائر.

سكان بلا رعاية صحية

كشفت منظمة الصحة العالمية حديثاً عن أن نحو 25 في المائة من سكان اليمن يعانون اضطرابات نفسية تستدعي التدخل والرعاية، بعد أن ألحق الصراع والأزمة الإنسانية المطولة في اليمن أضراراً جسيمة بالصحة البدنية والعقلية للسكان.

ووفق تقديرات الصحة العالمية؛ فإن واحداً من كل أربعة أشخاص في اليمن يعاني اضطرابات نفسية تتطلب التدخل، وهذا العبء المرتفع من المرض؛ إلى جانب الوصمة والخرافات، ونقص الأطباء النفسيين وعلماء النفس، والمَرافق التي تحتاج بشدة إلى الإصلاح، يتسبب في حواجز مستمرة أمام الوصول إلى الرعاية.

وأكدت المنظمة الأممية أن تعزيز الرعاية الصحية العقلية يمثل مجال عمل رئيسياً لمنظمة الصحة العالمية كجزء من مشروع رأس المال البشري الطارئ مع البنك الدولي، والذي قال أرتورو بيسيجان، ممثل المنظمة في اليمن إنه يأتي بدعم من البنك الدولي من خلال مشروع الرعاية الصحية الأولية.

مرضى نفسيون في فناء إحدى منشآت الطب النفسي في مدينة تعز جنوب غرب اليمن (أ.ف.ب)

وأطلقت المنظمة والبنك الدولي استراتيجية وطنية للصحة العقلية، وشرَعَا في مراقبة الاضطرابات العقلية باستخدام نظام «DHIS2»، وهو أداة لجمع وتقديم البيانات الإحصائية المجمّعة والمرتكزة على المريض والتحقق منها وتحليلها، مصممة للأنشطة المتكاملة لإدارة المعلومات الصحية.

ووفقاً لبيسيجان؛ درّب البنك والمنظمة أكثر من 150 عاملاً صحياً على مستوى المرافق والمديريات لتحسين رعاية الصحة العقلية، وأنشآ 19 عيادة تركز على الرعاية المجتمعية، وإعادة تأهيل مناطق رئيسية بـ3 مستشفيات للأمراض النفسية، وهي: مستشفى عدن للأمراض النفسية، ومستشفى الطلح في صعدة، ومستشفى تعز للأمراض النفسية، بما يتماشى مع خطط الإدارة البيئية والاجتماعية التي أقرّها البنك الدولي.