شاشة الناقد

مشهد من فيلم «وحش البحر»
مشهد من فيلم «وحش البحر»
TT
20

شاشة الناقد

مشهد من فيلم «وحش البحر»
مشهد من فيلم «وحش البحر»

- The Sea Beast
- نقلة نوعية لفيلم مغامرات مرسومة
- ممتاز ★★★★
روّاد مهرجان أنيسي المتخصص بسينما الأنيميشن هم وحدهم الذين شاهدوا «وحش البحر» على شاشة عريضة كما يستحق أن يُعرض. افتتح المهرجان خارج المسابقة، وتدلى من بعد ذلك إلى عروض «نتفليكس» المنزلية. متابعة الفيلم على الشاشة ذات المساحة المحدودة مبهر، لكن ما على المُشاهد إلا تخيّل درجة الإبهار لو شاهده على شاشات صالات السينما التجارية العريضة والمؤهلة أكثر من سواها لمشاهدة الأفلام.
هذا لأن الفيلم مُدهم بمناظره وألوانه وتقنياته وحكايته، وفوق كل ذلك تكامل مساحته البصرية وعناصرها وما يظهر فيها من تفاصيل. حكاية رائعة الكتابة في فيلم رائع التنفيذ يسرد المغامرة ثم يصل إلى نهاية تحمل خطاباً حول ضرورة اعتراف الإنسان بالمخلوقات على تنوّعها، وبل أيضاً اعترافه بالفوارق بين الشعوب ذاتها لخلق نواة حياة طبيعية. في خلال ذلك، هناك إدانة لعصر أوروبي انتهى (تقع الأحداث أيام اختراع البارود لأول مرّة) سعى لاستحواذ العالم وخيراته. نستطيع أن نقرأ بين السطور كلمة «استعمار» التي، كحكاية الفيلم، باتت قديمة العهد، ولو أن المبدأ ربما ما زال قائماً بغلاف مختلف.
حكاية الفيلم مُعبّر عنها برسم لا يتوانى عن أن يكون إعجازياً في تفاصيله وحجم ما يدور في أرجائه. في حركاته ولقطاته ذات الزوايا والأحجام المختلفة. إنه كما لو كان فيلماً حيّاً تم قلبه إلى فيلم رسوم. في الواقع كان على هذا الناقد أن يتمعّن في الدقائق القليلة الأولى ليتأكد من أن النظام المعمول به هنا ليس نظام روتوسكوب (تصوير ممثلين أحياء ثم تحويلهم إلى رسوم).
«الوحش البحري» من إخراج المحترف كريس ويليامز. سبق له وأن حقق Big Hero 6 الذي، بالمقارنة، أقل مرتبة وأهمية من هذا الفيلم. نتعرّف في البداية على المغامر جاكوب هولاند (صوت كارل أوروبان)، وهو يحاول البقاء حياً بعدما غرقت سفينته بفعل هجوم وحش بحري غامض ضرب السفينة فأودى بها. تُكتب لجاكوب الحياة عند مرور سفينة أخرى يقودها كابتن كرو (جارد هاريس). رجل ضخم الجثة، عريض المنكبين، انصرف منذ سنوات لاصطياد وحوش البحر، وخصوصاً ذلك الوحش الذي يضرب السفن (الشراعية حينذاك) ويغرفها. معاً يواصلان البحث وعند مرحلة معيّنة كادا أن ينجحا وباقي الطاقم في اصطياده.
حين عودة الكابتن إلى المملكة تصدر الملكة أمراً لرئيس قواتها بتحميل سفينة حربية، بما يلزم لصيد ذلك الوحش. ينطلق الكابتن وجاكوب من جديد وتتسلل إلى السفينة فتاة سمراء صغيرة يتيمة وهائمة بحب ما تقرأه من حكايات خيالية حول مخاطر البحر ووحوشه.
كلاهما، جاكوب والفتاة مايسي يجدان نفسيهما فوق جزيرة نائية، وهي ذاتها الجزيرة التي سيتجه إليها الوحش لكن من هنا وصاعداً يفهم جاكوب أن الوحش يمكن له أن يكون صديقاً وأن عليه الدفاع عنه ضد الكابتن كرو حين يلتقيه.
لا تنتهي الحكاية عند هذا الحد (وما أوردته هو تلخيص عابر لساعتين إلا خمس دقائق من الأحداث)، بل ينجلي الموقف في النهاية عن القبض على الوحش والعودة به إلى المملكة. هناك تتغير المواقف وتلقي الفتاة كلمة تطالب فيها بالعدالة بين كل المخلوقات، آدمية منها وغير الآدمية.
مع هذه الرسالة الإيجابية ينتهي فيلم مشحون بنوعين من الإثارة، الحكاية التي لا تعرف اللمز والغمز وإدخال مواقف ساذجة أو ذات مضامين سلبية مبطّنة، وطريقة التنفيذ التي لا تبدو كما لو كان من الممكن لإنسان أن ينجزها على هذا النحو المتكامل. نعم للحكاية بعض المواقف المطروقة أو المتوقعة، لكنها قليلة وليست ذات حجم طاغ.
الفيلم بأسره يملك سحر سينما الأنيميشن على أفضل وجه. يعمد إلى حكاية لم نعد نرى مثلها في أفلام من هذا النوع كونها تختلف عن أفلام الحيوانات الطيبة التي تواصل «ديزني» وغيرها إمطارنا بها، لكن بأسلوب مبتكر وبتقنيات حديثة، مما يجعل الفيلم أفضل فيلم أنيميشن لهذا العام على الأقل (عروض: نتفليكس).

- Father Stu
- أحلام ملاكم معتزل وممثل محتمل
- جيد ★★★
هذه رحلة لرجل يبدأ حياته، على الشاشة، ساذجاً وينتهي وقد حقق غاية كانت بعيدة عنه، وهي التحوّل إلى رجل دين أو - على الأقل - إلى مشروع رجل دين. هي ليست رحلة بحث لأن ستيوارت لم يكن في وارد اختيار ما يبحث عنه. فرض عليه طبيبه اعتزال الملاكمة، ثم فرضت عليه رغباته أن يتحوّل إلى التمثيل ثم فشله في إيجاد فرصة أمام الكاميرا، فرض عليه العمل في محل جزارة. تعرّضه لحادثة عندما قاد دراجته النارية برعونة دفعه للشعور بأنه وُلد من جديد وبذلك تحوّل، مرّة أخرى من دون اختيار، إلى راهب. هكذا يبدو الأمر حتى وإن لم تقصد المخرجة روزاليند روس ذلك.
كل ما سبق مُعالج بريشة ذات سماكة واحدة وانتقالات مستعجلة. ربما كانت حياة ستيوارت لونغ الحقيقية هكذا، لكن لا بد أنها احتوت على أكثر مما يعرضه الفيلم من أسباب تحوّلات. هناك دراية جيدة، طوال الوقت، بالنسبة لكيفية سرد موضوع ثقيل بخفّة ومتعة وهذه تشمل منح الممثل مارك وولبرغ المساحة الكافية للعب الشخصية في مشروع سعى إليه منذ سنوات. تمثيله جيّد وتوليف الفيلم يجمع بين طروحات هذه الشخصية وتصرّفاتها وبين رغبة المخرجة توفير سرد سريع يأتي على حساب التعمّق في الدوافع التي سيّرت حياة بطلها. ينجح الفيلم في صدق رغبته إظهار ستيوارت كرجل في حيرة من أمره حتى وإن لم يكن يدرك ذلك (عروض تجارية).

ضعيف ★ وسط ★★ جيد ★★★
ممتاز ★★★★ تحفة ★★★★★


مقالات ذات صلة

كاترين دينوف شبحٌ يسهر على راحة الأحياء

يوميات الشرق ملصق فيلم «عالم الأرواح»

كاترين دينوف شبحٌ يسهر على راحة الأحياء

هو ليس فيلماً من أفلام الخيال العلمي أو الرعب، ولكن حكاية ناعمة مكتوبة بكثير من الحساسية والحنين.

«الشرق الأوسط» (باريس)
يوميات الشرق انطلق عرض الجزء الرابع والأخير من سلسلة «بريدجت جونز» السينمائية (يونيفرسال بيكتشرز)

«بريدجت جونز»... لماذا كل هذا الحزن؟

عادت «بريدجت جونز» إلى صالات السينما في جزءٍ رابع وأخير من السلسلة الشهيرة. لكن مرور الزمن وتعاقب الخيبات أرخيا بثقلهما على الفيلم وشخصيته المحبوبة.

كريستين حبيب (بيروت)
يوميات الشرق مشهد من الفيلم (الشركة المنتجة)

«المستعمرة»... فيلم مصري يطرح قضايا عمّال المصانع بـ«واقعية سوداء»

يوضح المخرج أنه تعمَّد الغموض في بعض الشخصيات والأحداث ليترك للجمهور مساحة تخيُّل، وتكوين وجهة نظرهم وتوقّعاتهم عما حدث بناءً على ما عرفوه عن كل شخصية.

أحمد عدلي (القاهرة )
يوميات الشرق وجوهٌ لا تُنسى (غيتي)

ميدالية نادرة من «حرب النجوم» قد تُباع بـ476 ألف إسترليني

يُعتقد أنّ الميدالية ارتداها الممثل الأميركي هاريسون فورد، وقد لعب دور «هان سولو» خلال بروفات الفيلم الذي أنتج عام 1977

«الشرق الأوسط» (لندن)
سينما «مجمّع مقدّس» (إنديان بانتبرش)

موسم الأوسكار: من سيفوز بالجائزة الأبرز؟

الدورة الـ97 للأوسكار على بعد 9 أيام فقط... تُقام في الثاني من الشهر المقبل وتحمل معها تحديات مثيرة للاهتمام في كل ركن ومسابقة

محمد رُضا (لندن)

موسم الأوسكار: من سيفوز بالجائزة الأبرز؟

«مجمّع مقدّس» (إنديان بانتبرش)
«مجمّع مقدّس» (إنديان بانتبرش)
TT
20

موسم الأوسكار: من سيفوز بالجائزة الأبرز؟

«مجمّع مقدّس» (إنديان بانتبرش)
«مجمّع مقدّس» (إنديان بانتبرش)

الدورة السابعة والتسعين للأوسكار على بعد تسعة أيام فقط. تُقام في الثاني من الشهر المقبل وتحمل معها تحديات مثيرة للاهتمام في كل ركن ومسابقة.

المنافسات صعبة في كل قسم، فالعام الحالي شهد أعمالاً فنية غزيرة ومختلفة معظمها من صنع جيل جديد من المخرجين غرز أسنانه في العمل في السنوات العشرين الأخيرة أو ما جاورها.

من سيفوز ومن سيخرج من الحفل بالذكريات وحدها غير معروف، لكن التكهنات مطروحة والاتجاهات النقدية تؤم لعبة التنبؤات كما في كل عام. المختلف هو عناوين وأسماء المشاركين.

«أنا ما زلت هنا» (ڤيديو فيلمز)
«أنا ما زلت هنا» (ڤيديو فيلمز)

الأهم... ولكن

تأتي ترشيحات الأوسكار لأفضل فيلم في المقدّمة بين السباقات الأخرى إن لم يكن بسبب أنها الأهم بين المسابقات فعلى الأقل لكون العديد من الأفلام المطروحة هذا العام توجد في سباقات أخرى مثل السيناريو والموسيقى والتوليف والإخراج والتمثيل. لذا القيام بحصر الاهتمام هنا بالأفلام المتنافسة على القمّة أمر صائب قبل النظر لاحقاً في الأقسام الأخرى.

على صعيد مؤكد الأوسكار هو الجائزة الأولى عالمياً في الأهمية. هو أهم من السعفة الذهبية التي يمنحها «كان» وأهم من الأسد الذهبي في ڤنيسيا أو الدب البرليني الذهبي (تنتهي دورته مساء اليوم). كذلك هو أشهر وأهم من المناسبات السنوية الأخرى التي تمنحها مؤسسات وجمعيات سينمائية مختلفة مثل البافتا والغولدن غلوبز والسيزار وسواها.

لكن حقيقة أن جوائز الأوسكار الأشهر والأهم لا يعني أنها أعلى قيمة من جوائز المهرجانات والمناسبات المذكورة. في الواقع تتوقّف مسألة القيمة الفنية الخالصة على الفيلم الفائز بالأوسكار لأنه كثيراً ما فاز فيلم لم يتجاوز في قيمته الفنية ذاك الذي خرج بجائزة أولى في مناسبة أو مهرجان آخر.

Anora‬ لقطة من «أنورا» المرشّح رقم 1 (فيلم ناشن إنترتاينمنت)
Anora‬ لقطة من «أنورا» المرشّح رقم 1 (فيلم ناشن إنترتاينمنت)

بين البافتا والأوسكار

إلى الآن، يبدو أن الفيلم الأميركي «أنورا» هو المرشّح الأقوى بين الأفلام المتنافسة. وللتذكير هذه الأفلام هي، لجانب «أنورا» «ذَ بروتاليست» لبرادي كوربت، و«أنا لست هنا» لولتر ساليس، و«المادة» لكورالي فارجَت، و«فتيان النيكل» لرامَل روس، و«إميليا بيريز» لجاك أوديار، و«مجمّع مقدس» لإدوارد برغر، و«ديون» لدَني ڤلنييف، و«ويكيد» لجون م. تشو، و«مجهول تماماً» لجيمس مانغولد.

إذ يتقدّم «أنورا»، حسب معطيات عديدة من بينها ارتفاع نسبة تأييده بين النقاد (91 في المائة حسب موقع Metacritic) يجب ألا يغيب عن البال أن فيلم شون بايكر هذا سقط في المواجهة مع فيلم «مجمّع مقدس» في سباق البافتا قبل أيام قليلة. كذلك «ذَ بروتاليست» و«إميليا بيريز» و«مجهول تماماً». هذا، على أهمية دلالاته، لا يؤكد أن «أنورا» (أو أياً من الأفلام المتسابقة) سيخسر حظوظه الأوسكارية. في الواقع تأثير «بافتا» على الأوسكار شبه معدوم لأنه لا يوجد في تاريخ الجوائز فيلم فاز بجائزة «بافتا» وحدها (أي من دون جوائز الغولدن غلوبز أو نقابة المخرجين أو «نقابة المنتجين») وفاز لاحقاً بالأوسكار.

في المقابل، يدعم فيلم «أنورا» أنه نال جائزتي نقابة المنتجين ونقابة المخرجين قبل أسابيع قليلة ما يعزز احتمال فوزه بالأوسكار، استناداً إلى حقيقة أن كل فيلم فاز بجوائز هاتين النقابتين فاز لاحقاً بالأوسكار باستثناء ستة أفلام منذ ذلك منتصف التسعينات.

الفيلم الأجنبي

المنافس الشرس في هذا الإطار هو «ذَ بروتاليست» لبرادي كوربت الذي نال قدراً موازياً من إعجاب النقاد منذ أن عرضه مهرجان ڤنيسيا في مسابقته هذا العام. على الهامش، لا بد من ذكر أن «أنورا» هو الفيلم الفائز في مهرجان «كان»، ما يجعل السباق على أشدّه بين المهرجانين في حفل الأوسكار المقبل.

بالنسبة لفيلم «مجمّع مقدس» الذي هو ثالث الأفلام المدرجة بقوّة في هذا التنافس تبدو حظوظه أقل من الفيلمين الآخرين؛ كون اسم برغر غائب عن قائمة المخرجين المرشّحين للأوسكار. المخرجون المرشّحون هم شون بايكر عن «أنورا»، وبرادلي كوربت عن «ذَ بروتاليست»، وجيمس مانغولد عن «مجهول تماماً»، وجاك أوديار عن «إميليا بيريز»، وكورالي فارجَت عن «المادة». كل واحد من هؤلاء لديه فيلم متنافس.

ولا بد من الإشارة كذلك إلى أن فيلمين فقط من الأفلام العشرة المتنافسة على أوسكار أفضل فيلم موجود في سباق أفضل فيلم أجنبي، وهما «أنا لا زلت هنا» لوولتر ساليس ممثلاً البرازيل و«إميليا بيريز» لجاك أوديار ممثلاً فرنسا. هذا يعني أن أحد هذين الفيلمين سيخطف أوسكار أفضل فيلم عالمي لأنه، على الأرجح، لن يحظى بأوسكار أفضل فيلم.

الأفلام الثلاثة الأخرى في قائمة أفضل فيلم عالمي هي «الفتاة ذات الأبرة» لماغنوس فون هورن (دنمارك) و«بذرة التين المقدّسة» لمحمد رسولوف (ألمانيا) و«فلو»، وهو فيلم رسوم نفّذه ماغويل غوميز (لاتڤيا).