«صراع الإسمنت» يحتدم بين قيادات انقلابيي اليمن

قادة حوثيون يظهرون بمصنع إسمنت باجل في محافظة الحديدة (وسائل إعلام حوثية)
قادة حوثيون يظهرون بمصنع إسمنت باجل في محافظة الحديدة (وسائل إعلام حوثية)
TT

«صراع الإسمنت» يحتدم بين قيادات انقلابيي اليمن

قادة حوثيون يظهرون بمصنع إسمنت باجل في محافظة الحديدة (وسائل إعلام حوثية)
قادة حوثيون يظهرون بمصنع إسمنت باجل في محافظة الحديدة (وسائل إعلام حوثية)

كشفت مصادر يمنية مطلعة عن احتدام الصراع بين كبار قادة الميليشيات الحوثية على عائدات مصانع الإسمنت الواقعة في مناطق سيطرة الجماعة الانقلابية، لا سيما في محافظتي عمران والحديدة.
الصراع الحوثي على نهب الموارد تزامَن مع اتهام قادة بارزين في الميليشيات بالاستيلاء على أكثر من 12 مليار ريال شهرياً من مبيعات تلك المصانع، من خلال تحويل نصفها إلى حساباتهم الشخصية، وتخصيص البقية لتمويل «المجهود الحربي».
في هذا السياق، تحدثت المصادر عن تجدد الصراع بين القيادي أبو علي الحاكم، رئيس ما تُسمّى هيئة الاستخبارات العسكرية، ومهدي المشاط، رئيس مجلس حكم الانقلابيين، على خلفية اعتزام الأخير إجراء تغيرات جذرية بمصنع «إسمنت عمران» بمدينة عمران، ومصنع «باجل» بمدينة الحديدة.
وأرجعت المصادر بحديثها مع «الشرق الأوسط»، أسباب توجه القيادي الانقلابي المشاط إلى إقالة أغلب المسؤولين ومديري الإدارات والأقسام في المصنعين وإحلال آخرين، إلى أنها تعود لرفض تلك الإدارة تنفيذ أي توجيهات أو أوامر صادرة لها من قبله، واكتفائها منذ تعيينها، في عام 2019، بتنفيذ تعليمات أبو علي الحاكم، وتسخير جل إمكانات وإيرادات المصنعين لصالحه.
في السياق، قالت مصادر مقرَّبة من دائرة حكم الميليشيات بصنعاء لـ«الشرق الأوسط»، إن القيادي الحوثي أبو علي الحاكم أبدى رفضه القاطع إجراء أي تغييرات في إدارة المصنعين، مهدداً باقتحامهما وإغلاقهما بشكل نهائي، حال اتخاذ أي قرارات تخص ذلك الأمر.
وكانت الميليشيات أعادت، قبل سنوات قليلة ماضية، تشغيل مصنع «إسمنت عمران» بدعم وتمويل من منظمات تابعة للأمم المتحدة، واتهمت حينها مصادر يمنية متعددة قادة في الجماعة ببيع عقارات وآلات من الأصول المملوكة للمصنع ذاته.
ويُعد الصراع الحوثي الحالي على النفوذ والمال المنهوب من ريع المؤسسات الحكومية المغتصَبة، بما فيها إيرادات مصانع الإسمنت، امتداداً لخلاف سابق كان قد نشب قبل نحو أربعة أعوام بين القياديين في الجماعة؛ مهدي المشاط، وأبو علي الحاكم.
وكانت تقارير ومصادر محلية بمحافظة عمران تحدثت في وقت سابق عن اشتعال الصراع بين جناحين بارزين في الميليشيات على إيرادات مصنع «إسمنت عمران» (أكبر مصانع إنتاج الإسمنت في اليمن).
وقدرت بعض التقارير إيرادات مصنع «إسمنت عمران» شهرياً بأكثر من 8 مليارات ريال، في حين تصل إيرادات مصنع «باجل» في الحديدة حالياً (حسب التقارير) إلى أكثر من أربعة مليارات ريال شهرياً (الدولار يساوي 600 ريال).
وأشارت المصادر إلى أن القيادي أبو علي الحاكم كان قد فرض، مطلع سبتمبر (أيلول) 2019، مديراً جديداً ومديري إدارات ورؤساء أقسام موالين له بمصنع «إسمنت عمران»، الأمر الذي رفضه مدير المصنع حينها، المكنى بـ«أبو حلفة» والمدعوم من رئيس المجلس الأعلى الانقلابي غير الشرعي، مهدي المشاط.
وأجبر الصراع المشتعل بين قادة الصف الأول للجماعة على الصلاحيات المالية حينها مدير المصنع على الاستقالة من منصبه، وفق المصادر نفسها.
وكشفت المصادر عن أن قيادات حوثية، منها فيصل جمعان، المعيَّن من قِبَل الجماعة محافظاً في عمران، يتحصلون شهرياً على مبالغ غير قانونية من إيرادات المصنع تبدأ بمليون ريال، وتنتهي بـ5 ملايين ريال.
وفي خضمّ الصراع على الموارد، اتهمت مصادر محلية في مدينة عمران أحد قادة الجماعة، ويُدعى محمد الصريمي، المعين نائباً لمدير مصنع «إسمنت عمران»، بسرقة ملياري ريال، تحت اسم «دعم المجهود الحربي»، ومساعدات، ودعم إقامة عشرات الفعاليات الطائفية.
إلى ذلك، تداول ناشطون يمنيون، في وقت سابق، صورة لوثيقة تُظهِر جانباً من فساد الجماعة الحوثية الحاصل في مصنع «إسمنت باجل»، الواقع تحت إدارتها في محافظة الحديدة.
وتضمنت الوثيقة توجيهاً أصدره، مطلع أبريل (نيسان) الماضي، أحد كبار المشرفين العسكريين الحوثيين في الحديدة إلى قيادي حوثي آخر ينتحل صفة رئيس مجلس إدارة «مؤسسة الإسمنت»، يحضه على صرف 10 آلاف كيس إسمنت خصصتها الجماعة لصالح بناء استحداثات عسكرية جديدة داخل مدينة الحديدة. وعدَّ بعض الناشطين تلك الممارسات تندرج في إطار مسلسل النهب والعبث الحوثي المتكرر بحق المال العام.


مقالات ذات صلة

الحوثيون يفرضون مقرراً دراسياً يُضفي القداسة على زعيمهم

العالم العربي قادة حوثيون في مطابع الكتاب المدرسي في صنعاء (إعلام حوثي)

الحوثيون يفرضون مقرراً دراسياً يُضفي القداسة على زعيمهم

تواصل الجماعة الحوثية إجراء تغييرات في المناهج التعليمية، بإضافة مواد تُمجِّد زعيمها ومؤسسها، بالتزامن مع اتهامات للغرب والمنظمات الدولية بالتآمر لتدمير التعليم

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي استعراض الجماعة الحوثية لقدراتها العسكرية في العاصمة صنعاء والتي تتضمن أسلحة نوعية (رويترز)

تقرير أُممي يتّهم الحوثيين بالتنسيق مع إرهابيين وجني عشرات الملايين بالقرصنة

تقرير جديد لفريق الخبراء الأُمميّين المعنيّ باليمن يكشف عن تعاون الحوثيين مع تنظيم «القاعدة»، و«حركة الشباب» الصومالية، وابتزاز وكالات الشحن الدولية.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي توقعات بإقصاء من يرفضون المشاركة في فعاليات الجماعة الحوثية من وظائفهم (رويترز)

انقلابيو اليمن يستكملون «حوثنة» المؤسسات بهياكل إدارية جديدة

بدأت الجماعة الحوثية بإعداد آلية لدمج عدد من مؤسسات الدولة وتقليص الهيكل الإداري لها وتغيير مهامها في سبيل المزيد من السيطرة والنفوذ عليها وأدلجتها.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي جانب من لقاء وزير التخطيط اليمني مع مسؤولي البنك الدولي على هامش زيارته لواشنطن (سبأ)

اليمن يقدم رؤية شاملة للبنك الدولي لإعادة هيكلة المشروعات التنموية

قدمت الحكومة اليمنية إلى البنك الدولي رؤية شاملة لإعادة هيكلة المشروعات، في مسعى لزيادة المخصصات المالية للبلاد.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي بمعية محافظ مأرب ورئيس هيئة الأركان في زيارة سابقة للخطوط الأمامية بمأرب (سبأ)

الجيش اليمني يحذر من محاولة حوثية للعودة للحرب وإجهاض جهود السلام

تتصاعد حدة التوترات في عدة جبهات يمنية في ظل استمرار جماعة الحوثي في تحشيد عناصرها وحفر الخنادق، خصوصاً بمحافظة الحديدة على ساحل البحر الأحمر.

عبد الهادي حبتور (الرياض)

«الوزراء اليمني» يناقش إنقاذ الاقتصاد في اجتماع استثنائي

جانب من اجتماع استثنائي لمجلس الوزراء اليمني في عدن الخميس (سبأ)
جانب من اجتماع استثنائي لمجلس الوزراء اليمني في عدن الخميس (سبأ)
TT

«الوزراء اليمني» يناقش إنقاذ الاقتصاد في اجتماع استثنائي

جانب من اجتماع استثنائي لمجلس الوزراء اليمني في عدن الخميس (سبأ)
جانب من اجتماع استثنائي لمجلس الوزراء اليمني في عدن الخميس (سبأ)

عقدت الحكومة اليمنية في العاصمة المؤقتة عدن، الخميس، اجتماعاً استثنائياً برئاسة رئيس مجلس الوزراء أحمد عوض بن مبارك؛ لمناقشة خطة إنقاذ اقتصادي تتوافق مع أولوية الحكومة وبرنامجها في الإصلاحات، وإنهاء الانقلاب الحوثي، واستكمال استعادة الدولة.

وجاء الاجتماع في وقت يعاني فيه الاقتصاد اليمني ظروفاً خانقة بسبب تراجع الموارد، وتوقف تصدير النفط جراء الهجمات الحوثية على موانئ التصدير وتعثر مسار السلام، إثر تصعيد الانقلابيين بحرياً وإقليمياً.

حزم من الأوراق النقدية اليمنية الجديدة والقديمة في أحد البنوك في عدن (غيتي)

وذكرت المصادر الرسمية أن مجلس الوزراء ناقش في الاجتماع المستجدات الاقتصادية والمالية والنقدية والخدمية والمعيشية، وفي المقدمة تقلبات أسعار الصرف، والتحديات المتصلة بالكهرباء، وتقييم مستوى الخطط الحكومية للتعاطي معها.

واستعرضت الحكومة اليمنية في اجتماعها مشروع خطة الإنقاذ الاقتصادي لإثرائها بالنقاشات والملاحظات؛ لتطويرها ومواءمتها مع البرامج والسياسات الحكومية الجاري تنفيذها في مجال الإصلاحات، تمهيداً لإقرارها ورفعها إلى مجلس القيادة الرئاسي.

ونقلت وكالة «سبأ» الرسمية أن مجلس الوزراء أجرى نقاشاً مستفيضاً لتقييم الخطة، والتي تتوافق في عدد من جوانبها مع المسارات الرئيسية لأولويات الحكومة والمتمثلة في استكمال استعادة الدولة، وإنهاء الانقلاب، وتحقيق السلام، ومكافحة الفساد، وتعزيز الشفافية والمساءلة، إضافة إلى الإصلاح المالي والإداري، وتنمية الموارد الاقتصادية، والتوظيف الأمثل للمساعدات والمنح الخارجية وتوجيهها وفقاً للاحتياجات والأولويات الحكومية.

وبحسب الوكالة، أقرت الحكومة تشكيل لجنة وزارية برئاسة وزير المالية، وعضوية وزراء التخطيط والتعاون الدولي، والصناعة والتجارة، والكهرباء والطاقة، والنقل، والخدمة المدنية والتأمينات، والنفط والمعادن، والبنك المركزي اليمني، والأمانة العامة لمجلس الوزراء، ومكتب رئيس الوزراء، لدراسة الخطة واستيعاب الملاحظات المقدمة عليها، وإعادة عرضها على المجلس خلال أسبوعين من تاريخه للمناقشة واتخاذ ما يلزم.

مواءمة الخطة

وأفاد الإعلام الرسمي بأن مجلس الوزراء كلف اللجنة الوزارية بمواءمة خطة الإنقاذ مع برنامج الحكومة ومصفوفة الإصلاحات وخطة التعافي الاقتصادي والخطط القطاعية للوزارات، وغيرها من السياسات التي تعمل عليها الحكومة، وتحديد الأولويات، وما تم إنجازه، ومتطلبات تنفيذ الخطة، والخروج بوثيقة اقتصادية موحدة يتم الاستناد إليها في عمل الدولة والحكومة، بحسب الأولويات العاجلة.

رئيس الحكومة اليمنية أحمد عوض بن مبارك (سبأ)

وشدد مجلس الوزراء اليمني على تحديد التحديات بما يتناسب مع الواقع والمتغيرات، وسبل معالجتها بطريقة مناسبة والمسؤولية التشاركية والواجبات بين الحكومة ومجلس القيادة الرئاسي.

وركزت نقاشات الحكومة على أهمية مراعاة الخطة لمسببات الوضع الاقتصادي الكارثي الذي فاقمته هجمات الحوثيين على المنشآت النفطية وخطوط الملاحة الدولية، وتحديد جوانب الدعم المطلوبة من شركاء اليمن في التنمية من الدول والمنظمات المانحة.

وأكد اجتماع الحكومة اليمنية تحديد السياسات التي تم تنفيذها والجاري العمل عليها، والتي تضمنتها الخطة، والتحديات والمعوقات التي حالت دون تنفيذ بعضها، ومقترحات المعالجة.

نقص الوقود

اطلع مجلس الوزراء اليمني في اجتماعه على تقارير من الوزراء المعنيين، حول الإشكالات القائمة في تزويد محطات الكهرباء بالوقود في العاصمة المؤقتة عدن، والجهود المبذولة لتجاوزها، والإجراءات العاجلة لوضع الحلول لتحقيق الاستقرار النسبي في خدمة الكهرباء، واستمرار إمدادات المياه للمواطنين.

وطبقاً للإعلام الرسمي، تم التأكيد بهذا الخصوص على توفير كميات إسعافية من الوقود لمحطات الكهرباء، وعلى العمل لتأمين كميات أخرى إضافية لضمان استقرار الخدمة.

الحكومة اليمنية تعاني تدهوراً حاداً في الاقتصاد بسبب نقص الموارد وتوقف تصدير النفط (سبأ)

كما وجه الاجتماع الحكومي وزيري المياه والكهرباء بالتنسيق لتأمين احتياجات تشغيل آبار المياه، من الكهرباء والوقود اللازم لاستمرار الضخ، وتفادي توقف إمدادات المياه للسكان في عدن.

وإلى ذلك، استمع مجلس الوزراء اليمني إلى إحاطات حول نتائج حملات ضبط محلات الصرافة المخالفة والمضاربين بالعملة في عدن والمحافظات المحررة، وضبط أسعار السلع والمتلاعبين بالأسعار، وشدد على مواصلة الحملات والتنسيق بين الجهات الأمنية والسلطات العدلية المختصة في هذا الجانب، طبقاً لما أورده الإعلام الرسمي.