عُقد مساء أمس في الرباط اجتماع استثنائي لمكتب جمعية هيئات المحامين بدعوة من رئيس الجمعية النقيب عيد الواحد الأنصاري، إثر تسريب تسجيل صوتي لمكالمة هاتفية بين قضاة مغاربة جرى فيها توجيه اتهامات للمحامين بالفساد والوساطة في التلاعب بالقضايا.
وقال مصدر في الجمعية «إن المحامين غاضبون من كلام قاضٍ ورد في التسجيل الصوتي يقول فيه إن معظم المحامين يمارسون النصب». وجاء ذلك بعد انتشار تسجيل صوتي في مواقع التواصل الاجتماعي جمع ثلاثة قضاة، هم رئيسة غرفة في محكمة النقض، ومستشار في غرفة الجنايات الاستئنافية في محكمة الاستئناف في الدار البيضاء، ورئيس غرفة الجنايات في المحكمة ذاتها. وتناولت المكالمة حديثاً عن ملف رائج أمام غرفة الجنايات.
ويذكر، أن القاضية المذكورة في القضية، كانت عضواً سابقاً في المجلس الأعلى للسلطة القضائية (مؤسسة دستورية تمثل استقلال السلطة القضائية)، وعضو حالياً في المجلس الوطني لحقوق الإنسان (مؤسسة دستورية تعنى بحقوق الإنسان)، ويظهر من خلال المكالمة أنها تتدخل في ملف معروض على غرفة الجنايات، حيث اعترضت على قرار المحكمة تأخير الملف إلى شهر سبتمبر (أيلول) يتعلق باعتقال شاب قالت، إنها تعرف أمه.
ورغم أن القاضي المستشار في المحكمة أبلغها بأن قرار التأخير جاء بسبب تعيين محاميين جديدين طلبا مهلة لإعداد الدفاع، فإن القاضية بدت غير مقتنعة بمبررات التأجيل، وقالت مخاطبة القاضي «لقد اتصلت بك لأني لي غيرة على القضاء»، مضيفة، أن محامية والدة الشاب المعتقل طلبت من الأم رشوة بقيمة 25 ألف درهم (2500 دولار) مقابل الإفراج عن ابنها.
ووفق ما جاء في حديث القاضية في المكالمة المسجلة، فإن المحامية التي وصفتها بممارسة «السمسرة»، قالت لوالدة الشاب، إنه إذا لم تسلم المبلغ للقضاة، فإن ابنها سيحكم عليه بسنتين سجناً، لكن القاضي نفى أي صلة له بالمحامية التي تكرر وصفها في المكالمة بـ«المجرمة».
ثم انتقلت القاضية للحديث مع رئيس غرفة الجنايات، والذي اشتكى لها من المحامين وممارساتهم؛ إذ قال للقاضية «هؤلاء المحامون نعاني منهم»، مضيفاً أن «90 في المائة منهم قمارة وشفارة» (لصوص).
وقال لها «ماذا نفعل، هل نكف عن إطلاق سراح الأبرياء حتى لا نتهم بأننا حصلنا على رشوة؟».
وجرى الحديث عن المحامية المتهمة بالسمسرة في الملفات وممارساتها، والتي سرد القاضي رئيس الغرفة وقائع «عن سلوكياتها التي لا تحترم المهنة»، وقال «هذه المحامية يجب عزلها». ووعد القاضية التي تدخلت في الملف بأنه سيستجيب لطلبها.
تفاصيل هذه المكالمة شكّلت صدمة للمحامين الذين اعتبروا ما جاء على لسان رئيس الغرفة «إساءة لهم». وأصدر مكتب جمعية هيئات المحامين بياناً جاء فيه أن ما جاء في التسجيل الصوتي يمثل «إساءة ومساساً بقدسية رسالة المحاماة». وأضاف «بعد ربط الاتصال مع كل من الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية، ورئيس النيابة العامة، أكدا لنا بكل وضوح بأن ما تضمنه الشريط الصوتي لا يعبر إطلاقاً عن السادة القضاة لا أفراداً ولا مؤسسات، وأنه بمجرد علمهما به أمرا بإجراء الأبحاث اللازمة بشأنه، مع حرصهما وتأكيدهما على ترتيب كل الآثار القانونية وبكل حزم وصرامة بعد التوصل إلى نتائج الأبحاث المأمور بها».
وكان الوكيل العام للملك (الادعاء العام) لدى محكمة الاستئناف في الدار البيضاء، قال في بيان، إنه على إثر نشر تسجيل صوتي منسوب إلى قضاة حول وجود تدخل في تدبير ملف قضائي معروض على هيئة قضائية «وتضمنه عبارات تمس بسمعة بعض أعضاء هيئة الدفاع، عملت النيابة العامة على إعطاء تعليماتها للفرقة الوطنية للشرطة القضائية في الدار البيضاء من أجل إجراء تحقيق «في شأن حقيقة وظروف وخلفيات ما ورد في الشريط الصوتي من معطيات، والاستماع إلى كل من له علاقة بالموضوع، وإجراء جميع التحريات اللازمة لبلوغ ذلك، وحالما تنتهي الأبحاث سوف يتم ترتيب الآثار القانونية اللازمة على ذلك».
محامو المغرب غاضبون بعد تسريب مكالمة لقضاة يتهمونهم بالسرقة والسمسرة
النيابة العامة وجهت الشرطة القضائية لإجراء تحقيق
محامو المغرب غاضبون بعد تسريب مكالمة لقضاة يتهمونهم بالسرقة والسمسرة
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة