الآلة الكاتبة لا تزال «حية» تسعى في بوليفيا

يجلس الطابعون في الشارع لملء النماذج وحتى كتابة الرسائل الشخصية لعملائهم في بوليفيا (أ.ف.ب)
يجلس الطابعون في الشارع لملء النماذج وحتى كتابة الرسائل الشخصية لعملائهم في بوليفيا (أ.ف.ب)
TT

الآلة الكاتبة لا تزال «حية» تسعى في بوليفيا

يجلس الطابعون في الشارع لملء النماذج وحتى كتابة الرسائل الشخصية لعملائهم في بوليفيا (أ.ف.ب)
يجلس الطابعون في الشارع لملء النماذج وحتى كتابة الرسائل الشخصية لعملائهم في بوليفيا (أ.ف.ب)

يطرق روخيليو كوندوري، على آلته الكاتبة، وعيناه لا تفارقان الورقة، فهذا الكاتب العام العامل منذ نحو أربعين عاماً في لاباز لا يزال يطبع وثائق مختلفة تتراوح من الاستمارات الإدارية إلى رسائل الحب.
وحسب تقرير لوكالة الصحافة الفرنسية، فكوندوري البالغ 61 عاماً يتخذ مكانه في صباح كل يوم منذ 1985 في شارع مزدحم في العاصمة البوليفية، مرتدياً بدلة أنيقة وقبعة، ويضع أمامه آلته الكاتبة القديمة من طراز «براذر» تعود إلى عام 1974.
وأوضح الكاتب العام واضعاً على وجهه درعاً بلاستيكياً للاحتماء من عدوى «كوفيد – 19»، «ما زلنا نطبع وثائق مثل البيانات الضريبية، وحصر الإرث، وغيرها من الاستمارات على الآلة الكاتبة» لأنها غير متوافرة على الإنترنت.
ويعمل روخيليو في غالب الأحيان على ملء وثائق إدارية، لكن يحصل له أحياناً أن يكتب رسائل حب، فيتقاضى من زبائنه ما بين 5 و7 بوليفيانو (ما بين 70 سنتاً ويورو) للصفحة الواحدة.
ما زال يذكر ما كتبه حين أراد مساعدة رجل كان يسعى لإنقاذ علاقته الزوجية، فيتلو عن ظهر قلب «حبيبتي، السنوات التي قضيناها لم تذهب سدى، أرجو أن تعيدي النظر في وضعنا».
وأضاف ضاحكاً أن الرجل «لم يخبر (زوجته) أنني أنا من كتب الرسالة»، غير أنه عاد إليه لاحقاً ليبلغه بأنها حققت الهدف المرجو.
وإلى روخيليو، يعمل في الشارع تسعة كتاب عامين آخرين على مقربة من بلدية لاباز، فيحضرون كل صباح ويجلسون على الرصيف خلف مكاتبهم الصغيرة المتنقلة.
ورغم أنه يفضل العمل في الشارع لأنه يجد ذلك «أكثر إثارة للحماسة»، إلا أن روخيليو فتح مكتباً مجهزاً «بالإنترنت وبكومبيوتر» لإنجاز بعض الإجراءات التي بات بالإمكان إتمامها إلكترونياً.
وتجري كل المعاملات الإدارية في بوليفيا بصورة شخصية وعلى الورق في بلد لا يمكن سوى لـ60 في المائة من سكانه الوصول إلى الإنترنت، وغالباً ما يكون فيه الاتصال بالشبكة بطيئاً.
ويؤكد روخيليو في مطلق الأحوال أن «الآلة الكاتبة أكثر مرونة» و«أسرع» من الكومبيوتر.
- «شيء مربع» - تعمل ماريسول بوما (39 عاماً) كاتبة عامة منذ ثماني سنوات، ولديها مكتبها الصغير قرب روخيليو. تقول ضاحكة، «حين يرى الأطفال الآلة الكاتبة، يسألون أمهاتهم: ما هذا الشيء المربع؟». وبين زبائن الكتاب العامين فتيان ومسنون من طلاب وموظفي مكاتب ومزارعين ومتقاعدين وغيرهم.
يشرح لازاريو كوتشو وهو مزارع عمره 56 عاماً سبق أن استعان بخدمات روخيليو: «لم تكن لي تجربة جيدة مع المحاسبين والمحامين، كما أنهم يتقاضون بدلاً» عن نصائح يقدمها الكتاب مجاناً.
في المقابل، تفضل نانسي فارغاس التي تستعين بروخيليو، وضوح الكومبيوتر، لكنها تختار الآلة الكاتبة لناحيتها العملية. تقوم الفلاحة الأربعينية التي ترتدي تنورة فضفاضة على غرار الملابس التقليدية لسكان الأنديز وتضع قبعة، بإملاء رسالة على روخيليو تود تقديمها إلى البنك لطلب قرض.
عند الساعة الثالثة بعد الظهر، يطوي روخيليو «مكتبه» ويضعه في سيارته لينقله إلى مستودع قريب، حيث سينتظره حتى صباح اليوم التالي.
يقول، «أعتقد أن مسألة الآلة الكاتبة ستستمر... وفي حال انقرضت، سوف أرحل سعيداً وأنا أشعر أنني أتممت مهمتي».



ترمب ينشر وثائق اغتيال جون كينيدي... ماذا تتضمن؟

بندقية شبيهة بتلك التي استخدمها لي هارفي أوزوالد قاتل كينيدي داخل متحف في دالاس (أ.ف.ب)
بندقية شبيهة بتلك التي استخدمها لي هارفي أوزوالد قاتل كينيدي داخل متحف في دالاس (أ.ف.ب)
TT

ترمب ينشر وثائق اغتيال جون كينيدي... ماذا تتضمن؟

بندقية شبيهة بتلك التي استخدمها لي هارفي أوزوالد قاتل كينيدي داخل متحف في دالاس (أ.ف.ب)
بندقية شبيهة بتلك التي استخدمها لي هارفي أوزوالد قاتل كينيدي داخل متحف في دالاس (أ.ف.ب)

نشر الرئيس الأميركي دونالد ترمب وثائق تتعلق باغتيال الرئيس السابق جون كينيدي عام 1963، وذلك في إطار سعيه للوفاء بوعده الانتخابي بتوفير مزيد من الشفافية إزاء هذا الحدث الصادم الذي شهدته ولاية تكساس.

نُشرت دفعة أولى من النسخ الإلكترونية للوثائق على موقع الأرشيف الوطني، ومن المتوقع نشر أكثر من 80 ألف نسخة بعد أن أمضى محامو وزارة العدل ساعات في تدقيقها. تضمنت الوثائق الرقمية ملفات لمذكرات، إحداها بعنوان «سري»، وهي عبارة عن سرد مطبوع يتضمن ملاحظات مكتوبة بخط اليد لمقابلة أجريت عام 1964 مع باحث في لجنة وارن، استجوب فيها لي ويغرين، موظف وكالة المخابرات المركزية (سي.آي.إيه)، بخصوص تناقضات في المواد المقدمة إلى اللجنة من وزارة الخارجية و(سي.آي.إيه) عن زيجات السوفيتيات والأميركيين.

* نظريات مؤامرة

تضمنت الوثائق أيضا إشارات إلى نظريات مؤامرة مختلفة تشير إلى أن لي هارفي أوزوالد، قاتل كينيدي، غادر الاتحاد السوفيتي عام 1962 عازما على اغتيال الرئيس الشاب ذي الشعبية.

قللت وثائق أخرى من شأن صلة أوزوالد بالاتحاد السوفيتي. واستشهدت وثيقة مؤرخة في نوفمبر (تشرين الثاني) 1991 بتقرير من أستاذ جامعي أميركي يُدعى إي. بي. سميث، أفاد بأنه تحدث في موسكو عن أوزوالد مع مسؤول المخابرات السوفيتية «سلافا» نيكونوف، الذي قال إنه راجع خمسة ملفات ضخمة عن القاتل لتحديد ما إذا كان عميلا في المخابرات السوفيتية.

وأضاف سميث «نيكونوف واثق الآن من أن أوزوالد لم يكن في أي وقت من الأوقات عميلا خاضعا لسيطرة المخابرات السوفيتية».

* فيدل كاسترو

غطت وثائق وزارة الدفاع الأميركية لعام 1963 الحرب الباردة في أوائل الستينيات والتدخل الأميركي في أميركا اللاتينية في محاولة لإحباط دعم الزعيم الكوبي فيدل كاسترو للقوى الشيوعية في دول أخرى. وتشير الوثائق إلى أن كاسترو لن يذهب إلى حد إثارة حرب مع الولايات المتحدة أو التصعيد إلى درجة «تعرّض نظام كاسترو لخطر جدي وفوري». وجاء في الوثائق «من المرجح على ما يبدو أن يُكثّف كاسترو دعمه للقوى التخريبية في أميركا اللاتينية».

تكشف وثيقة نشرت في يناير كانون الثاني 1962 تفاصيل مشروع سري للغاية يُسمى «العملية نمس»، أو ببساطة «المشروع الكوبي»، وهو حملة من العمليات السرية والتخريب تقودها (سي.آي.إيه) ضد كوبا، بموافقة كينيدي عام 1961، بهدف الإطاحة بنظام كاسترو.

* «الشفافية القصوى»

وقّع ترمب، بعد توليه منصبه بفترة وجيزة في يناير (كانون الثاني)، أمرا يتعلق بنشر الوثائق، ما دفع مكتب التحقيقات الاتحادي (إف.بي.آي) إلى العثور على آلاف الوثائق الجديدة المتعلقة باغتيال كينيدي في دالاس.

وفي خضم الجهود المبذولة للامتثال لأمر ترمب، أظهرت رسالة بريد إلكتروني مساء الاثنين اطلعت عليها رويترز أن وزارة العدل أمرت بعض محاميها المعنيين بقضايا الأمن القومي الحساسة بمراجعة سجلات الاغتيال على وجه السرعة.

وقالت تولسي جابارد مديرة المخابرات الوطنية في منشور على إكس «يُدشن الرئيس ترمب عهدا جديدا من الشفافية القصوى».

* خبراء يشككون

نُسبت جريمة قتل كينيدي إلى مسلح واحد، هو أوزوالد. وأكدت وزارة العدل وهيئات حكومية اتحادية أخرى هذا الاستنتاج خلال العقود التي تلت ذلك. لكن استطلاعات الرأي تُظهر أن العديد من الأميركيين ما زالوا يعتقدون بأن وفاته كانت نتيجة مؤامرة.

وشكك خبراء في أن تغير هذه المعلومات الجديدة الحقائق الأساسية للقضية، وهي أن لي هارفي أوزوالد أطلق النار على كينيدي من نافذة مستودع لحفظ الكتب المدرسية في أثناء مرور موكب الرئيس بساحة ديلي في دالاس.

وقال لاري ساباتو، مدير مركز السياسة بجامعة فرجينيا، ومؤلف كتاب عن الاغتيال «من شبه المؤكد أن من يتوقعون أحداثا كبيرة سيصابون بخيبة أمل». وأضاف أن بعض الصفحات قد تكون مجرد مواد منشورة سابقا، وقد حُذفت بعض الكلمات منها.

* تورط «سي.آي.إيه»؟

وعد ترمب أيضا بنشر وثائق تتعلق باغتيال زعيم الحقوق المدنية مارتن لوثر كينغ الابن والسناتور روبرت كينيدي، اللذين قُتلا عام 1968. ومنح ترمب مزيدا من الوقت لوضع خطة لنشر هذه الوثائق.

وقال وزير الصحة والخدمات الإنسانية في حكومة ترمب، روبرت كينيدي الابن، نجل روبرت كينيدي وابن أخ جون كينيدي، إنه يعتقد بأن (سي.آي.إيه) متورطة في وفاة عمه، وهو ادعاء وصفته الوكالة بأنه لا أساس له من الصحة. كما قال كينيدي الابن إنه يعتقد بأن والده قتله عدة مسلحين، وهو ادعاء يتناقض مع الروايات الرسمية.

ومن بين ما قد تكشفه الوثائق أن (سي.آي.إيه) كانت على دراية بأوزوالد أكثر مما كشفت عنه سابقا. ولا تزال هناك تساؤلات عما كانت تعرفه الوكالة عن زيارات أوزوالد إلى مكسيكو سيتي قبل ستة أسابيع من الاغتيال. وخلال تلك الرحلة زار أوزوالد السفارة السوفيتية. وقال ترمب «انتظر الناس هذا لعقود. سيكون مثيرا للاهتمام للغاية».