«داعش» يقطع ماء الفرات بغلق بوابات سد الرمادي لعرقلة تقدم القوات الأمنية

أهالي الخالدية والحبانية أول المتضررين.. وتحذير من «كارثة» في محافظات الجنوب

عراقيون يقفون إلى جانب نعوش لقتلى هجوم انتحاري استهدف أول من أمس مقرا للشرطة الاتحادية قرب ناظم الثرثار شمال بغداد وتبناه تنظيم داعش خلال مراسم تشييعهم في النجف أمس (إ.ب.أ)
عراقيون يقفون إلى جانب نعوش لقتلى هجوم انتحاري استهدف أول من أمس مقرا للشرطة الاتحادية قرب ناظم الثرثار شمال بغداد وتبناه تنظيم داعش خلال مراسم تشييعهم في النجف أمس (إ.ب.أ)
TT

«داعش» يقطع ماء الفرات بغلق بوابات سد الرمادي لعرقلة تقدم القوات الأمنية

عراقيون يقفون إلى جانب نعوش لقتلى هجوم انتحاري استهدف أول من أمس مقرا للشرطة الاتحادية قرب ناظم الثرثار شمال بغداد وتبناه تنظيم داعش خلال مراسم تشييعهم في النجف أمس (إ.ب.أ)
عراقيون يقفون إلى جانب نعوش لقتلى هجوم انتحاري استهدف أول من أمس مقرا للشرطة الاتحادية قرب ناظم الثرثار شمال بغداد وتبناه تنظيم داعش خلال مراسم تشييعهم في النجف أمس (إ.ب.أ)

أضاف مسلحو تنظيم داعش المياه في العراق إلى ترسانة أسلحتهم بعد السيطرة على مدينة الرمادي مركز محافظة الأنبار، إذ أغلقوا بوابات سد الرمادي على نهر الفرات ما يمكنهم من إغراق مناطق وتجفيف أخرى ومنع قوات الأمن العراقية من التقدم نحوهم وتحرير مدينة الرمادي من سطوة التنظيم. وأعلن مجلس محافظة الأنبار، أن مسلحي تنظيم داعش قطعوا أمس ماء الفرات عن مدينتي الخالدية والحبانية، فيما أكد المجلس على ضرورة شن عملية عسكرية سريعة لاستعادة السد أو قصف إحدى بواباته لإعادة تدفق المياه.
وقال طه عبد الغني، عضو مجلس المحافظة، لـ«الشرق الأوسط»، إن التنظيم المتطرف يهدف من وراء خطوته هذه «توفير أرضية مناسبة لعناصره لشن هجمات على مدينتي الخالدية والحبانية بعد انخفاض منسوب المياه». وأضاف أن «التنظيم الإرهابي يحاول محاصرة المدينتين وقتل مواطنيهما عطشًا بسبب مساندة أبنائهم للقوات الأمنية». وتابع: «كما أن نهر الفرات يشكل عائقا أمام تقدم عصابات تنظيم داعش أو في عملية هروبهم من الرمادي إذا ما دخلت القوات الأمنية لها بهدف تحريرها». وأشار عبد الغني إلى أن «منسوب المياه بدأ ينخفض، الأمر الذي لم يمكن المضخات من سحب مياه النهر وضخها إلى الخالدية والحبانية»، مشيرا إلى أن الأمر «يستدعي القيام بعملية عسكرية لاستعادة السد أو قصف إحدى بواباتها للسماح بتدفق المياه إلى مناطق شرق الرمادي».
بدورهم، حذر مسؤولون حكوميون ومستشارون في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» من أن الإغلاق المستمر لبوابات سد الرمادي سيؤثر على ري المزارع في الكثير من المحافظات الجنوبية، التي تعتمد على نهر الفرات، ومن بينها الحلة وكربلاء والنجف والديوانية. وقال صهيب الراوي، محافظ الأنبار، إن «إغلاق بوابات السد سيتسبب بكارثة في مناطق جنوب العراق وسيلحق ضررًا كبيرًا بأهلنا في مناطق شرق الأنبار». وأضاف الراوي، أن «مسلحي تنظيم داعش يبتغون من إغلاق سد الرمادي تحويل مجرى نهر الفرات إلى بحيرة الحبانية وإغراق المناطق التي أصبحت تنتشر فيها قواتنا الأمنية وإعاقة تقدم القطعات من الجانب الشرقي لمدينة الرمادي».
من جهته، قال الخبير الأمني اللواء الركن عبد الكريم خلف، إن مسلحي تنظيم داعش يهدفون من وراء إغلاق سد الرمادي الضغط على أهالي مناطق الجنوب باتجاه مناطق الفرات الأوسط، مضيفا أن «هذا أمر غير مجدٍ من الناحية العسكرية ولا يهدد ساحة العمليات».
وتفاقمت معاناة أهالي الخالدية والحبانية خصوصًا بعد الهبوط الهائل في منسوب نهر الفرات. وقال مزارعون من المنطقتين، إن مضخات سحب المياه الموجودة على ضفتي النهر عاجزة عن العمل الأمر الذي سيتسبب في إتلاف مساحات زراعية شاسعة إضافة إلى أضرار أخرى كبيرة.
وبني سد الرمادي عام 1956 ويقع على بعد كيلومترين شمال مركز محافظة الأنبار على نهر الفرات جنوب مدخل بحيرة الحبانية. ويبلغ طول السد 209 أمتار وفيه 24 بوابة مجهزة بأبواب حديدية ترفع وتغلق يدويا وكهربائيا، وذلك بعد أن دمرت غرفة السيطرة المركزية عام 1991. ويمر نهر الفرات بعد دخوله الأراضي العراقية من مدينة البوكمال السورية في مدن القائم والعبيدي وراوة وعانة وحديثة والحقلانية والبغدادي وهيت والرمادي والخالدية والحبانية والفلوجة في محافظة الأنبار ثم يتجه نهر الفرات إلى مدن الحلة وكربلاء والديوانية والنجف وصولاً إلى مدينة الناصرية ثم يلتقي بنهر دجلة ليشكلا شط العرب في مدينة القرنة ثم يكملان الجريان في مدينة البصرة عبر شط العرب ليصبا في الخليج العربي في رحلة داخل الأراضي العراقي طولها 1160 كيلومترا.
بدوره، رأى عون ذياب رئيس دائرة الموارد المائية سابقا والخبير في شؤون المياه، أن «هدف داعش ليس قطع المياه، إنما خفض المنسوب، للاستفادة منه لأغراض العسكرية».
ونقلت عنه وكالة الصحافة الفرنسية أنه «عندما ينخفض منسوب المياه، سيتمكنون من التسلل من الرمادي إلى الخالدية ثم العبور إلى مناطق أخرى بشكل أسهل». وأضاف: «بدأت المياه تنخفض والنهر بدأ يجف في عدة مناطق (...) وهناك خطورة على مشاريع مياه الشرب».



انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
TT

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

بموازاة استمرار الجماعة الحوثية في تصعيد هجماتها على إسرائيل، واستهداف الملاحة في البحر الأحمر، وتراجع قدرات المواني؛ نتيجة الردِّ على تلك الهجمات، أظهرت بيانات حديثة وزَّعتها الأمم المتحدة تراجعَ مستوى الدخل الرئيسي لثُلثَي اليمنيين خلال الشهر الأخير من عام 2024 مقارنة بالشهر الذي سبقه، لكن هذا الانخفاض كان شديداً في مناطق سيطرة الجماعة المدعومة من إيران.

ووفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فقد واجهت العمالة المؤقتة خارج المزارع تحديات؛ بسبب طقس الشتاء البارد، ونتيجة لذلك، أفاد 65 في المائة من الأسر التي شملها الاستطلاع بانخفاض في دخلها الرئيسي مقارنة بشهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي والفترة نفسها من العام الماضي، وأكد أن هذا الانخفاض كان شديداً بشكل غير متناسب في مناطق الحوثيين.

وطبقاً لهذه البيانات، فإن انعدام الأمن الغذائي لم يتغيَّر في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية، بينما انخفض بشكل طفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين؛ نتيجة استئناف توزيع المساعدات الغذائية هناك.

الوضع الإنساني في مناطق الحوثيين لا يزال مزرياً (الأمم المتحدة)

وأظهرت مؤشرات نتائج انعدام الأمن الغذائي هناك انخفاضاً طفيفاً في صنعاء مقارنة بالشهر السابق، وعلى وجه التحديد، انخفض الاستهلاك غير الكافي للغذاء من 46.9 في المائة في نوفمبر إلى 43 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وضع متدهور

على النقيض من ذلك، ظلَّ انعدام الأمن الغذائي في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية دون تغيير إلى حد كبير، حيث ظلَّ الاستهلاك غير الكافي للغذاء عند مستوى مرتفع بلغ 52 في المائة، مما يشير إلى أن نحو أسرة واحدة من كل أسرتين في تلك المناطق تعاني من انعدام الأمن الغذائي.

ونبّه المكتب الأممي إلى أنه وعلى الرغم من التحسُّن الطفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، فإن الوضع لا يزال مزرياً، على غرار المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، حيث يعاني نحو نصف الأسر من انعدام الأمن الغذائي (20 في المائية من السكان) مع حرمان شديد من الغذاء، كما يتضح من درجة استهلاك الغذاء.

نصف الأسر اليمنية يعاني من انعدام الأمن الغذائي في مختلف المحافظات (إعلام محلي)

وبحسب هذه البيانات، لم يتمكَّن دخل الأسر من مواكبة ارتفاع تكاليف سلال الغذاء الدنيا، مما أدى إلى تآكل القدرة الشرائية، حيث أفاد نحو ربع الأسر التي شملها الاستطلاع في مناطق الحكومة بارتفاع أسعار المواد الغذائية كصدمة كبرى، مما يؤكد ارتفاع أسعار المواد الغذائية الاسمية بشكل مستمر في هذه المناطق.

وذكر المكتب الأممي أنه وبعد ذروة الدخول الزراعية خلال موسم الحصاد في أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر، الماضيين، شهد شهر ديسمبر أنشطةً زراعيةً محدودةً، مما قلل من فرص العمل في المزارع.

ولا يتوقع المكتب المسؤول عن تنسيق العمليات الإنسانية في اليمن حدوث تحسُّن كبير في ملف انعدام الأمن الغذائي خلال الشهرين المقبلين، بل رجّح أن يزداد الوضع سوءاً مع التقدم في الموسم.

وقال إن هذا التوقع يستمر ما لم يتم توسيع نطاق المساعدات الإنسانية المستهدفة في المناطق الأكثر عرضة لانعدام الأمن الغذائي الشديد.

تحديات هائلة

بدوره، أكد المكتب الإنمائي للأمم المتحدة أن اليمن استمرَّ في مواجهة تحديات إنسانية هائلة خلال عام 2024؛ نتيجة للصراع المسلح والكوارث الطبيعية الناجمة عن تغير المناخ.

وذكر أن التقديرات تشير إلى نزوح 531 ألف شخص منذ بداية عام 2024، منهم 93 في المائة (492877 فرداً) نزحوا بسبب الأزمات المرتبطة بالمناخ، بينما نزح 7 في المائة (38129 فرداً) بسبب الصراع المسلح.

نحو مليون يمني تضرروا جراء الفيضانات منتصف العام الماضي (الأمم المتحدة)

ولعبت آلية الاستجابة السريعة متعددة القطاعات التابعة للأمم المتحدة، بقيادة صندوق الأمم المتحدة للسكان، وبالشراكة مع برنامج الأغذية العالمي و«اليونيسيف» وشركاء إنسانيين آخرين، دوراً محورياً في معالجة الاحتياجات الإنسانية العاجلة الناتجة عن هذه الأزمات، وتوفير المساعدة الفورية المنقذة للحياة للأشخاص المتضررين.

وطوال عام 2024، وصلت آلية الاستجابة السريعة إلى 463204 أفراد، يمثلون 87 في المائة من المسجلين للحصول على المساعدة في 21 محافظة يمنية، بمَن في ذلك الفئات الأكثر ضعفاً، الذين كان 22 في المائة منهم من الأسر التي تعولها نساء، و21 في المائة من كبار السن، و10 في المائة من ذوي الإعاقة.

وبالإضافة إلى ذلك، تقول البيانات الأممية إن آلية الاستجابة السريعة في اليمن تسهم في تعزيز التنسيق وكفاءة تقديم المساعدات من خلال المشاركة النشطة للبيانات التي تم جمعها من خلال عملية الآلية وتقييم الاحتياجات.