أدوار إنسانية متعددة تلك التي تقدّم لضيوف الرحمن خلال رحلة الحج تنعكس على وجوه العديد من الحجاج بين فرحة بإتمام الفريضة، وأخرى بحجم الرعاية والاهتمام اللذين يحظيان بهما عبر منظومة متكاملة من الخدمات توفّر لهم كل سبل الراحة والاطمئنان لإتمام نسكهم.
مشاهد تأسر بطبيعتها مع توافد الحجاج إلى منشأة الجمرات عند ساعات الصباح الأولى في أول أيام التشريق بين رجل أمن يقدم المساعدة لحاجّ، وآخر يقدم الرعاية الصحية، وآخرون من جهات خدمية يقدمون المساعدة لحجاج في مشاعر جسّدتها عبارات الشكر والامتنان بلغات متعددة لمن يقومون على راحتهم وخدمتهم.
يقول الحاج فوزي سعيد، القادم من ليبيا لأداء فريضة الحج، إن الكلمات لا تفي حجم هذه الرعاية الكريمة منذ وصولنا إلى بلاد الحرمين، حيث وجدنا التسهيلات كافة أمامنا، ممتدحاً الخدمة التي قدمها له أحد العاملين في القطاع الصحي عقب شعوره ببعض الدوار.
وأضاف سعيد صاحب الـ42 عاماً «دوماً ماً تكون الخدمات الصحية ذات كلفة عالية، إلا أن ما وجدته هنا خدمات على أعلى مستوى ومجاناً، وهنا أقول دون رسوم مالية ولو بسيطة ودون انتظار منا أي شيء سوى أن نكون بأفضل شعور وأتم صحة».
في حين قال الحاج الهندي إدريس بينجير والبالغ من العمر 58 عاماً، في مشاعر تغمرها السعادة والابتسامة وإلى جانبه ابن شقيقه الأكبر محمد «انتظرت سنوات طويلة لمعايشة هذه اللحظة والتواجد في أطهر بقاع الأرض وأداء الفريضة، كنت أخشى بعد ألا يتحقق الحلم الكبير لمعاناتي من أمراض عدة، ولكن ما وجدته من رعاية هنا واهتمام بدّد كل مخاوفي منذ أن وطأت قدماي الأراضي الطاهرة، حيث لمست تأهب الجميع لتقديم المساعدة بكل حب».
وفي الوقت الذي يجد الحجاج الراحة والتيسير لأداء الفريضة من قِبل الجهات المعنية كافة والعاملين في الحج، تأتي الأدوار التنظيمية والصحية المتميزة والتي وجدت أشادت كبيرة من الحجاج طوال رحلتهم الإيمانية داخل المشاعر المقدسة، وتطبق وزارة الصحة أعلى معايير السلامة الصحية والتدابير الوقائية العالمية لضمان سلامة الحجاج عبر توفير كوادر طبية متخصصة في جمع المجالات، وتهيئة عشرات المرافق الطبية لرعاية ضيوف الرحمن.
وفي جولة لـ«الشرق الأوسط» بمستشفى النور التخصصي في مكة المكرمة، أحد المستشفيات الكبرى الـ4 المجهزة لخدمة الحجاج على مدار الساعة والقريبة من المشاعر المقدسة، التقينا الحاج الهندي أحمد كويتي عقب تجبيره قدمه بعد الإصابة التي تعرض لها، وقال، إنها ناتجة من سقوط من الدرج، معرباً عن سعادته الكبيرة بالرعاية التي وجدها والتي أسهمت في خروجه سريعاً من المستشفى والتوجه لاستكمال النسك.
ويستقبل المستشفى الحالات الطبية الواردة لهم من المشاعر المقدسة لتقديم الخدمات العلاجية والإسعافية كافة من خلال كوادر متخصصة ومؤهلة، وعبر تقنيات حديثة وتجهيزات طبية متقدمة، ويضم المستشفى الذي عمل على تشغيل العيادات على مدار الساعة لخدمة الحجاج، ليتفرغ قسم الطوارئ للحالات الحرجة، في الوقت الذي يضم المستشفى قسماً خاصاً لضربات الشمس وآخر للعزل، كما يوفر المستشفى مركزاً خاصاً «للمحسنين» والمعني بالوقوف على راحة الحاج بعد خروجه من المستشفى والتواصل مع المكتب التابع له للحضور وإيصاله إلى مقر إقامته دون عناء الانتظار خارج المستشفى، في خدمة نوعية تقدم للحاج الذي يتم التواصل معه بلغته في ظل تواجد كوادر تتحدث العديد من اللغات العالمية.
إلى ذلك، قال فهد الصبياني، مدير العيادات بمستشفى النور، لـ«الشرق الأوسط»، إن جميع العيادات بما فيها التخصصية والأساسية تعمل على مدار الساعة لاستقبال الحجاج وتقديم الرعاية الطبية لهم، منها عيادات الجراحة والباطنة والجلدية والقلب والمسالك والأنف والأذن وجراحة التجميل والمسالك والعيون والكلى والسكر، دون شرط أو موعد.
وأشار الصبياني إلى الاكتفاء عند دخول الحاج للمستشفى بأخذ بياناته ومعرفة معاناته لتوجيهه للعيادة مباشرة حسب شكواه.
وكانت وزارة الصحة أعلنت، أنها قدمت خدماتها العلاجية عبر المستشفيات والمراكز الصحية في مكة المكرمة، عرفات، مزدلفة، منى، والجمرات لـ97.262 حاجاً وحاجة حتى اليوم.
وأجرت الوزارة ممثلة بالمستشفيات والمراكز الصحية مجموعة من الخدمات، منها إجراء 10 عمليات قلب مفتوح، و187 قسطرة قلبية، في حين أجريت 379 عملية غسيل كلوي، و10 عمليات مناظير، و267 عملية جراحية، بينما تم دخول 997 حاجاً وحاجة إلى المستشفيات.
وشارك مستشفى الصحة الافتراضي في تقديم عدد من الخدمات الافتراضية عن بعد، منها 9 حالات تشخيص جلطات دماغية، وحالة واحدة للرعاية الحرجة عن بعد، و127 حالة الأشعة عن بعد، في حين بلغ عدد المستفيدين من خدمات الاستشارة الفورية تطبيق «صحتي» 1995 حاجاً وحاجة.
يُذكر أن «الصحة» جهّزت خلال موسم حج هذا العام في مكة المكرمة والمشاعر المقدسة والمدينة المنورة منشآتها الصحية لتقديم الخدمات العلاجية لضيوف الرحمن، حيث بلغ عدد المستشفيات 23 مستشفى، يساندها 147 مركزاً صحياً، وزادت سعتها السريرية إلى 4654 سريراً، في حين بلغ عدد الأسرّة المخصصة للعناية المركزة 1080، والمخصصة لضربات الشمس 238، وعدد الكوادر الصحية المؤهلة لخدمة ضيوف الرحمن نحو 25 ألف ممارس، وأعدت الوزارة نقاطاً طبية في قطار المشاعر وقطار الحرمين، وكثفت جهودها في المنطقة المركزية للحرم المكي الشريف، إضافة إلى توفير 180 سيارة إسعاف، وتهيئة 16 مركز طوارئ على منشأة جسر الجمرات في مشعر منى.
عيادات متخصصة على مدار الساعة لخدمة ضيوف الرحمن
أكثر من 97 ألف حاج تلقوا الخدمات العلاجية في المشاعر
عيادات متخصصة على مدار الساعة لخدمة ضيوف الرحمن
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة