رواية «الحكم الأسود» تعيد فتح قضية أزلية في الدوري الإنجليزي

مستوحاة من مسيرة يوريا ريني ويستعرض فيها تعليقات مسيئة تعرض لها خلال مسيرته

يوريا ريني بجانب فيرغسون مدرب مانشستر يونايتد الأسبق (غيتي)
يوريا ريني بجانب فيرغسون مدرب مانشستر يونايتد الأسبق (غيتي)
TT

رواية «الحكم الأسود» تعيد فتح قضية أزلية في الدوري الإنجليزي

يوريا ريني بجانب فيرغسون مدرب مانشستر يونايتد الأسبق (غيتي)
يوريا ريني بجانب فيرغسون مدرب مانشستر يونايتد الأسبق (غيتي)

في واحد من أكثر المقاطع التي لا تُنسى والمؤثرة للغاية في رواية «يور شو» (العرض الخاص بك)، الرواية الجديدة التي كتبها آشلي هيكسون لوفنس مستوحاة من حياة يوريا ريني، يقوم أول حكم أسود في الدوري الإنجليزي الممتاز باستعراض مجموعة مختارة من التعليقات على الإنترنت والتغطية الصحافية على أدائه في بعض المباريات الأخيرة، وجاءت بعض التعليقات كالتالي: «حجمه كبير جداً بالنسبة لأحذيته التي ترعاها فيلا»، و«في قاموس كتابي المصور تحت عنوان (حكم مبهرج)»، و«لم أخطئ قط عندما قلت إن المباراة لم تكن عنه».
ويجب الإشارة إلى أن «يور شو» هي رواية رائعة مكتوبة بشكل منمق للغاية، ومكتوبة بضمير المخاطب، وعلى الرغم من أنها تستند إلى مقابلات مكثفة مع الرجل نفسه، فإنها رواية تخيلية إلى حد كبير. ومع ذلك، فإن الأجزاء الأكثر تأثيراً في الرواية هي تلك الأشياء التي نعرف أنها حدثت بالفعل. واستمد الكاتب عنوان الرواية من إعلان ظهر في ملعب ديبديل أثناء خروج الحكام من نفق الملعب خلال مباراة بين بريستون وكريستال بالاس، الذي كان يقول: «استمتع بالنصف الثاني من استعراض يوريا ريني».
ربما كان هذا هو أكثر الاتهامات الموجهة إلى ريني خلال مسيرته التي استمرت 15 عاماً في الملاعب الإنجليزية: إنه كان يريد دائماً وبطريقة ما أن يكون ظاهراً وأن يُرى، وأنه يتوق إلى أن يكون دائماً في دائرة الضوء، وأن يكون محط الاهتمام والأنظار.
وقال بول جيويل بعد خسارة فريقه ويغان أمام آرسنال في عام 2006: «يوريا ريني يحب أن يصنع التاريخ». وقال ديف جونز بعد هزيمة وولفرهامبتون أمام بولتون قبل ذلك بعامين: «إنه متعجرف من حيث الطريقة التي يتصرف بها. بالنسبة للتحدث معه بعد ذلك، لا يمكنك التفوه معه بكلمة واحدة». وعندما نقرأ كل هذه التعليقات الآن، بعد سنوات من صدورها، يبدو أنه من المستحيل فصل هذا النوع من الانتقادات عن مكانة ريني الفريدة كأول حكم أسود (ولا يزال الحكم الأسود الوحيد) في كرة القدم الإنجليزية. وعلى الرغم من اعتزاله التحكيم منذ أكثر من عقد من الزمان، فإن وصمة العار الثقافية للحكام لا تزال تبدو ذات صلة وثيقة، خصوصاً أن كرة القدم الإنجليزية تواجه نقصاً مزمناً في الحكام ذوي الخبرة.
ويوم الأربعاء الماضي، أصبح كيفن فريند رابع حكم في الدوري الإنجليزي الممتاز يعلن اعتزاله خلال الصيف الجاري، بعد مايك دين وجون موس ومارتن أتكينسون. وكان لدى هؤلاء الحكام الأربعة فيما بينهم 63 عاماً من الخبرة في الدوري الإنجليزي الممتاز وأداروا 95 مباراة الموسم الماضي.

                                                   يوريا ريني خلال قيادته إحدى المباريات في الدوري الإنجليزي (غيتي)
إن اعتزال هؤلاء الحكام يتسبب في مأزق كبير للدوري الأكثر مشاهدة في العالم، بينما تعمل لجنة الحكام المحترفين في إنجلترا على تطوير التحكيم في كرة القدم الإنجليزية وتصعيد الحكام الشباب ورعايتهم، فإن نقص الخبرة على المستوى الأعلى يعني أنه قد لا يكون هناك خيار آخر سوى الدفع ببعض هؤلاء الحكام الأقل خبرة في المباريات الكبيرة. وأعلنت لجنة الحكام المحترفين، يوم السبت قبل الماضي، أن مايك رايلي سيتنحى عن منصب رئيس الحكام الإنجليز في نهاية الموسم المقبل، بعد العمل في هذا المنصب لمدة 13 عاماً.
يعد كل هذا مجرد جزء بسيط من هذه المشكلة الكبرى التي تواجه كرة القدم الإنجليزية بأكملها من النخبة إلى القاعدة الشعبية. وتشير تقديرات إلى أن نحو 10 آلاف حكم تركوا اللعبة خلال السنوات الخمس الماضية، وكان السبب وراء اعتزال الكثيرين هو سوء المعاملة والإيذاء الذي تعرضوا له. ووجدت دراسة أجرتها جامعة بورتسموث أن 93 في المائة من الحكام في كرة القدم الإنجليزية تعرضوا للإساءة في وظائفهم، مقارنة بنصف الحكام فقط في هولندا. وفي موسم 2019 – 2020، الموسم الذي تم إيقافه بسبب تفشي وباء كورونا فيه، سجل الاتحاد الإنجليزي لكرة القدم 77 حادثة اعتداء جسدي على الحكام.
وفي المستويات الأعلى، تكون معدلات الأجور ومستويات الحماية أعلى، لكن مستوى التدقيق في أداء الحكام وتعرضهم للانتقادات يكون أعلى أيضاً. لا يزال ريني هو الحكم الأسود الوحيد الذي أدار مباريات في الدوري الإنجليزي الممتاز، وهو ما يعد إدانة واضحة ليس للجنة الحكام المحترفين فحسب ولكن لثقافة كرة القدم الإنجليزية بأكملها التي أصبحت بيئة معادية للحكام أصحاب المواهب والإمكانات الكبيرة الذين لا يتحملون العمل فيها.
لكن يجب الإشارة إلى أن كرة القدم الإنجليزية ليست الوحيدة التي يتعرض فيها الحكام لانتقادات لاذعة، لكن الفرق أن الكثير من معاملتهم في هذا البلد - البحث الدقيق عن أي خطأ يرتكبونه، والإساءة الشخصية، وتشويه سمعتهم، والافتراضات المتكررة بالتحيز والفساد - تنبع من اتجاهات معينة في المجتمع.
هذه ليست عملية جديدة؛ حيث ينبع التآكل المنهجي من قبل الطبقة السياسية والإعلامية لمؤسسات هذا البلد، بدءاً من البرلمان وصولاً إلى القضاء و«بي بي سي» ونظام التعليم، من دافع شعبي مشترك: إنه لا يوجد شيء اسمه سلطة محايدة، وإنه يجب التشكيك في هذه السلطة نفسها، وإن مفهوم الحياد نفسه قد أصبح أقرب ما يكون إلى الخداع.
لذا فإن الصندوق الوطني للأماكن ذات الأهمية التاريخية أو الجمال الطبيعي لا يقوم فقط بإعادة كتابة عدد قليل من الكتيبات لتعكس بشكل أفضل الماضي الاستعماري لهذا البلد، لكنه يستسلم لأجندة واضحة. وبالتالي، فإن قضاة المحكمة العليا الثلاثة الذين أصدروا حكماً يُلزم الحكومة باستشارة البرلمان قبل سن تشريع خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي لا يُنظر إليهم ببساطة على أنهم يحكمون على قضية ما بناءً على الحجج والأدلة المقدمة، بل يتم تصويرهم على أنهم أعداء للشعب.
وبالمثال، لا يتم النظر إلى الحكم الذي احتسب ركلة جزاء ضد فريقك على أنه مجرد إنسان يتخذ قراراً حاسماً في الوقت الفعلي تحت أعلى مستوى من الضغوط، لكن يتم تصويره على أنه متحيز ومرتشٍ، ويجب فحص كل قرارته بالتفاصيل الدقيقة للتأكد من سلامتها، والغريب أن هذا يحدث في كثير من الأحيان من قبل الحكام السابقين في وسائل الإعلام!
في الحقيقة، يمكن وصف هذا، بمعناه الأساسي، بأنه شكل من أشكال عدم النضج الجماعي، وبالتالي لا توجد حلول سهلة لهذه المشكلة. على المدى القصير، يمكنك أن تضع أجندات تدعو إلى الاحترام وتشدد العقوبات التأديبية وتدرب المزيد من الحكام وتستعين بخدمات حكام آخرين من بطولات الدوري الأخرى، وتعوض الحكام بشكل أفضل عن الإهانات التي يتعرضون لها. لكن القضية الأوسع تتطلب إعادة هيكلة على نطاق واسع، وإعادة النظر في التزاماتنا تجاه بعضنا كمشجعين وأشخاص، لأن قضية كرة القدم - كما كانت دائماً - لها جذورها في العالم الخارجي.


مقالات ذات صلة

أموريم لا يملك عصا سحرية... ومانشستر يونايتد سيعاني لفترة طويلة

رياضة عالمية أموريم عمل على توجيه لاعبي يونايتد أكثر من مرة خلال المباراة ضد إيبسويتش لكن الأخطاء تكررت (رويترز)

أموريم لا يملك عصا سحرية... ومانشستر يونايتد سيعاني لفترة طويلة

أصبح أموريم ثاني مدير فني بتاريخ الدوري الإنجليزي يسجل فريقه هدفاً خلال أول دقيقتين لكنه لم يفلح في الخروج فائزاً

رياضة عالمية ساوثغيت (أ.ب)

ساوثغيت: لن أقصر خياراتي المستقبلية على العودة إلى التدريب

يقول غاريث ساوثغيت إنه «لا يقصر خياراته المستقبلية» على العودة إلى تدريب كرة القدم فقط.

The Athletic (لندن)
رياضة عالمية النتائج المالية شهدت انخفاض إجمالي إيرادات يونايتد إلى 143.1 مليون جنيه إسترليني (رويترز)

مانشستر يونايتد يحقق نحو 11 مليون دولار في «الربع الأول من 2025»

حقق مانشستر يونايتد أرباحاً خلال الربع الأول من «موسم 2024 - 2025»، رغم إنفاق 8.6 مليون جنيه إسترليني (10.8 مليون دولار) تكاليفَ استثنائية.

The Athletic (مانشستر)
رياضة عالمية أندريه أونانا (رويترز)

أونانا حارس يونايتد يفوز بجائزة إنسانية لعمله الخيري في الكاميرون

فاز أندريه أونانا حارس مرمى مانشستر يونايتد المنافس في الدوري الإنجليزي الممتاز لكرة القدم بجائزة الاتحاد الدولي للاعبين المحترفين (فيفبرو) لإسهاماته الإنسانية.

«الشرق الأوسط» (مانشستر )
رياضة عالمية سجل صلاح 29 % من إجمالي أهداف ليفربول هذا الموسم (أ.ف.ب)

محمد صلاح... الأرقام تؤكد أنه يستحق عقداً جديداً مع ليفربول

لطالما كانت مجموعة فينواي الرياضية تتمحور حول الأرقام.

The Athletic (لندن)

بطولة إيطاليا: إنتر للنهوض من كبوة الديربي... ويوفنتوس للعودة إلى سكة الانتصارات

لاعبو ميلان وفرحة تخطي الجار اللدود إنتر (أ.ب)
لاعبو ميلان وفرحة تخطي الجار اللدود إنتر (أ.ب)
TT

بطولة إيطاليا: إنتر للنهوض من كبوة الديربي... ويوفنتوس للعودة إلى سكة الانتصارات

لاعبو ميلان وفرحة تخطي الجار اللدود إنتر (أ.ب)
لاعبو ميلان وفرحة تخطي الجار اللدود إنتر (أ.ب)

يسعى إنتر حامل اللقب إلى النهوض من كبوة الديربي وخسارته، الأحد الماضي، أمام جاره اللدود ميلان، وذلك حين يخوض (السبت) اختباراً صعباً آخر خارج الديار أمام أودينيزي، في المرحلة السادسة من الدوري الإيطالي لكرة القدم. وتلقى فريق المدرب سيموني إينزاغي هزيمته الأولى هذا الموسم بسقوطه على يد جاره 1-2، بعد أيام معدودة على فرضه التعادل السلبي على مضيفه مانشستر سيتي الإنجليزي في مستهل مشواره في دوري أبطال أوروبا.

ويجد إنتر نفسه في المركز السادس بثماني نقاط، وبفارق ثلاث عن تورينو المتصدر قبل أن يحل ضيفاً على أودينيزي الذي يتقدمه في الترتيب، حيث يحتل المركز الثالث بعشر نقاط بعد فوزه بثلاث من مبارياته الخمس الأولى، إضافة إلى بلوغه الدور الثالث من مسابقة الكأس الخميس بفوزه على ساليرنيتانا 3-1. ويفتقد إنتر في مواجهته الصعبة بأوديني خدمات لاعب مؤثر جداً، هو لاعب الوسط نيكولو باريلا، بعد تعرّضه لإصابة في الفخذ خلال ديربي ميلانو، وفق ما قال بطل الدوري، الثلاثاء.

وأفاد إنتر بأنّ لاعب وسط منتخب إيطاليا تعرّض لتمزق عضلي في فخذه اليمنى، مضيفاً أنّ «حالته ستقيّم من جديد الأسبوع المقبل». وذكر تقرير إعلامي إيطالي أنّ باريلا (27 عاماً) سيغيب إلى ما بعد النافذة الدولية المقررة الشهر المقبل، ما يعني غيابه أيضاً عن المباراتين أمام النجم الأحمر الصربي (الثلاثاء) في دوري أبطال أوروبا، وتورينو متصدر ترتيب الدوري.

«كانوا أفضل منا»

وأوضحت صحيفة «غازيتا ديلو سبورت»، التي تتخذ من ميلانو مقراً لها، أن إينزاغي حاول تخفيف عبء الخسارة التي تلقاها فريقه في الديربي بهدف الدقيقة 89 لماتيو غابيا، بمنح لاعبيه فرصة التقاط أنفاسهم من دون تمارين الاثنين، على أمل أن يستعيدوا عافيتهم لمباراة أودينيزي الساعي إلى الثأر من إنتر، بعدما خسر أمامه في المواجهات الثلاث الأخيرة، ولم يفز عليه سوى مرة واحدة في آخر 12 لقاء. وأقر إينزاغي بعد خسارة الدربي بأنهم «كانوا أفضل منا. لم نلعب كفريق، وهذا أمر لا يمكن أن تقوله عنا عادة».

ولا يبدو وضع يوفنتوس أفضل بكثير من إنتر؛ إذ، وبعد فوزه بمباراتيه الأوليين بنتيجة واحدة (3 - 0)، اكتفى «السيدة العجوز» ومدربه الجديد تياغو موتا بثلاثة تعادلات سلبية، وبالتالي يسعى إلى العودة إلى سكة الانتصارات حين يحل (السبت) ضيفاً على جنوا القابع في المركز السادس عشر بانتصار وحيد. ويأمل يوفنتوس أن يتحضر بأفضل طريقة لرحلته إلى ألمانيا الأربعاء حيث يتواجه مع لايبزيغ الألماني في مباراته الثانية بدوري الأبطال، على أمل البناء على نتيجته في الجولة الأولى، حين تغلب على ضيفه أيندهوفن الهولندي 3-1. ويجد يوفنتوس نفسه في وضع غير مألوف، لأن جاره اللدود تورينو يتصدر الترتيب في مشهد نادر بعدما جمع 11 نقطة في المراحل الخمس الأولى قبل استضافته (الأحد) للاتسيو الذي يتخلف عن تورينو بفارق 4 نقاط.

لاعبو إنتر بعد الهزيمة أمام ميلان (رويترز)

من جهته، يأمل ميلان ومدربه الجديد البرتغالي باولو فونسيكا الاستفادة من معنويات الديربي لتحقيق الانتصار الثالث، وذلك حين يفتتح ميلان المرحلة (الجمعة) على أرضه ضد ليتشي السابع عشر، قبل رحلته الشاقة جداً إلى ألمانيا حيث يتواجه (الثلاثاء) مع باير ليفركوزن في دوري الأبطال الذي بدأه بالسقوط على أرضه أمام ليفربول الإنجليزي 1-3. وبعد الفوز على إنتر، كان فونسيكا سعيداً بما شاهده قائلاً: «لعبنا بكثير من الشجاعة، وأعتقد أننا نستحق الفوز. لا يمكنني أن أتذكر أي فريق آخر تسبب لإنتر بكثير من المتاعب كما فعلنا نحن».

ويسعى نابولي إلى مواصلة بدايته الجيدة مع مدربه الجديد، أنطونيو كونتي، وتحقيق فوزه الرابع هذا الموسم حين يلعب (الأحد) على أرضه أمام مونتسا قبل الأخير، على أمل تعثر تورينو من أجل إزاحته عن الصدارة. وفي مباراة بين فريقين كانا من المنافسين البارزين الموسم الماضي، يلتقي بولونيا مع ضيفه أتالانتا وهما في المركزين الثالث عشر والثاني عشر على التوالي بعد اكتفاء الأول بفوز واحد وتلقي الثاني ثلاث هزائم. وبعدما بدأ مشواره خليفة لدانييلي دي روسي بفوز كبير على أودينيزي 3-0، يأمل المدرب الكرواتي إيفان يوريتش منح روما انتصاره الثاني هذا الموسم (الأحد) على حساب فينيتسيا.