آيديولوجية «الووك» القادمة من أميركا تصبح كابوس النخبة الفرنسية

أكاديميون يصفونها بأنها «ديكتاتورية الأقليات»

آيديولوجية «الووك» القادمة من أميركا تصبح كابوس النخبة الفرنسية
TT

آيديولوجية «الووك» القادمة من أميركا تصبح كابوس النخبة الفرنسية

آيديولوجية «الووك» القادمة من أميركا تصبح كابوس النخبة الفرنسية

وإن لم تكن قد ترُجمت للعربية بمصطلح واضح بعد، فإن آيديولوجية «الووك» المستحدثة قد دخلت بقوة الساحة الثقافية الفرنسية، محدثة جدلاً واسعاً وبلبلة بين صفوف الأكاديميين. هذه الآيديولوجية التي تعني حرفياً أن يكون الشخص يقظاً إزاء الظلم وانتهاك حقوق الأقليات، تحولّت إلى كابوس لكثير من المثقفين والجامعيين الذين يعتبرون أن هذه المفاهيم الأنجلوسكسونية -رغم حسن نياتها- قد تكون خطراً على حرية التعبير وقيم فرنسا العالمية المبنية على المساواة، والأخوة، والحرية.
اجتمع مؤخراً أكثر من خمسين جامعياً وباحثاً في «السوربون»، في ندوة بعنوان «بعد التفكيك، إعادة بناء المعرفة والثقافة». الندوة جاءت رداً على أحداث شغب شهدتها بعض الجامعات الفرنسية، كمنع محاضرة الفيلسوفة سيلفيان أغاسنسكي (زوجة رئيس الوزراء السابق ليونال جوسبان) بسبب مواقفها المعارضة لقانون الإنجاب، ومنع محاضرات الكاتبة كارولين فوريست، والإعلامي محمد سيفاوي، بسبب مواقفهما الإسلاموفوبية، إضافة لإلغاء عروض مستوحاة من أعمال رسام «شارلي إبدو»، «شارب» في معهد «سيانس بو»، وجامعة غرونوبل وليل.

                                                                            باسكال بلانشار
المشاركون تناولوا بالنقد آيديولوجية «الووك»، أو «الووكيزم»، المسؤولة -حسب رأيهم- عن هذه الأحداث. أستاذة الأدب الفرنسي ومُنظِّمة هذه الندوة، إيمانويل هولين، وصفتها بأنها تمثل في آن واحد: «آخر نسخة للوهم الشيوعي، وفي الوقت نفسه محكمة يمثلُ أمامها كل مُفكري التاريخ الغربي... اليوم يتم منع محاضرات وندوات بحجّة إعادة النظر في معارفنا، لا نستطيع تدريس هوميروس؛ لأن البعض يعتبره عنصرياً ومعادياً للمرأة، ولا نابليون لأنه يمثل الاستعمار الاستعبادي، وماذا بعد...؟».
بعض الباحثين والأساتذة انتقدوا أيضاً الدراسات المابعد الاستعمارية، ودراسات النوع الاجتماعي (الجندر) والنظريات العرقية النقدية، والنظريات التفكيكية التي ترسم الصورة النمطية نفسها للرجل الغربي الأبيض. وأشاروا بأصابع الاتهام لأوساط يسارية وجامعات معينة، هي -حسب رأيهم- أعشاش لهذا التيار الفكري الجديد الذي يريد أن يوظف الجامعة لأغراض سياسية.
شخصيات عبّرت عن مقاومتها لدخول هذه المفاهيم الأنجلوسكسونية المشهد الثقافي الفرنسي بمداخلات إعلامية، وإصدار كتب ضدها. ويليام ماكس، أستاذ الأدب المقارن في «كوليج دو فرنس» أكّد في كتابه: «العيش في مكتبة العالم»، أنه: «ليس من حق أحد الدعوة لمسح جزء من تراثنا الفكري والتاريخي. مهاجمة كبار فلاسفة التنوير خطأ فادح؛ لأن ناشطي الحركات المعادية للتمييز العنصري هم أنفسهم ورثة هذه الفلسفة، من دون مونتسكيو لم تكن الثورة لتحدث، ولا كنا لنتمتع بالحريات التي نحظى بها اليوم».

                                                                                 محمد سيفاوي
أما الباحث بريس كوتوريي فيذهب لأبعد من ذلك؛ حيث نقرأ في كتابه: «أوكي جيل الألفية»، ما يلي: «هذا الجيل يريد أن يوبخنا لأننا نسافر بالطائرة، أو نستعمل السيارة، أو نأكل اللحوم، ويريد أن يوهمنا بأنه يحارب التمييز العنصري والتحيز الجنسي، عن أي عبودية يتحدثون؟ تلك التي انتهت منذ أكثر من 150 سنة؟ إنها ديكتاتورية الأقليات التي تريد أن توهم العالم بأنها تخوض معارك ضد الظلم والانتهاكات... نحن جيل الستينات من دخل المعارك وربحها مع مارتن لوثر كينغ والحركة الطلابية في مايو (أيار) 68، وكنا نواجه جيوشاً وحكومات رجعية ومقاومة شديدة من محيطنا الاجتماعي، فلماذا يقضون وقتهم في وسائل التواصل الاجتماعي بدل الاهتمام بما يحدث الآن من مآسٍ حقيقية في الصين؛ حيث تتم إبادة شعب الأويغور بكامله، بسبب ديانته الإسلامية، أو في أفغانستان، أين تُنتهك حقوق المرأة كل يوم؟».
يكتب المؤرخ باسكال بلانشار، في مجلة «إكسبرس» التي خصّصت عدداً كاملاً لهذا الموضوع بعنوان «المتعصّبون الجدد»: «ما الفائدة من تفكيك تماثيل نابوليون بونابرت؟ هل كتابة الماضي تتم حسب آيديولوجيات الحاضر؟ هل هذا معقول؟ الصواب هو أن نترك للأجيال القادمة آثاراً عما عشناه؛ لأن هذا ما سيسمح لها بالتفكير... يجب تقبل الماضي بأخطائه لبناء مستقبل دون الوقوع في الأخطاء نفسها».

                                                                     كارولين فوريست
الباحث في علم الاجتماع ألكس ماهودو، يرى في كتابه: «الووك: حالة الذعر»، أن «المشكلة هي في منظومة القيم العالمية والمبادئ العلمانية التي تميز الجمهورية، والتي تتعارض تماماً مع خطاب الأقليات الذي تشجعه مثل هذه الآيديولوجيات. إنه الخطاب الذي يجعل الشخص محدوداً بانتمائه لهوية، أو عرق، أو جنس، أو ديانة معينة، وهذا ليس في تقاليدنا».
أما الإعلامية الفرنكوأميركية آن تولوز، فتقول في كتابها: «الووكيزم، هل انتقلت العدوى إلى فرنسا؟»: «هذه الأفكار اكتسحت العقليات الأميركية بقوة، بسبب الإحساس بالذنب تجاه العبودية، والذي لا يزال حياً في الأذهان. نحن في فرنسا واثقون من أنفسنا ومتعلقون بتاريخنا، وإن كانت محاربة الظلم والانتهاكات شرعية ومُبررة، فإن هذه الإجراءات لا تعالج المشكلة من أساسها، فما الجدوى من إعادة تسمية بعض المدارس الحكومية دون الاهتمام بالوضعية المزرية التي توجد عليها؟ ولماذا نتحدث عن المصادرة الثقافية للهنود الحمر، ونترك جانباً ما يعانيه ها الشعب من تهميش وفقر وتفشي البطالة منذ عقود؟».
القلق وصل لمستوى الهيئات الرسمية، وزير التربية (السابق) بلانكير وصف هذه الآيديولوجية بـ«الظلامية»، وجمع حوله مفكرين ورجال سياسة للنظر في «كيفية إنقاذ فرنسا وشبابها من الوقوع في آيديولوجية الووك» كما هو وارد في عنوان الندوة. ما يُلام عليها هذه المرة هي تسببها في بلبلة بين أوساط المؤسسات التربوية، بسبب المطالبة بإحداث تغييرات في مقررات التاريخ، لا سيما ما يخص ماضيها الاستعماري، والدعوة لتبني ما تسمى «الكتابة الشاملة» écriture inclusive التي تجعل اللغة الفرنسية أقل تحيزاً للجنس؛ لكنها تقلب معاييرها رأساً على عقب، كجعل كل من الجنسين مرئيين خلافاً لما تنص عليه القاعدة اللغوية التي تقول: «المذكر يسود على المؤنث»، وإن كان جنس مذكر واحد ضمن مجموعة من الأجناس المتأنثة، والدعوة للتأنيث المنتظم للوظائف، واستحداث جنس ثالث بين «الهو» و«الهي» للأشخاص الذين لم يحددوا هويتهم الجنسية بعد، وكل هذه الاستحداثات أثارت حفيظة الوزارة وحتى أكاديمية اللغّة التي ترى أنها أضفت طبقة من التعقيد إلى اللغة الفرنسية كنا في غنى عنها.
الرئيس ماكرون نفسه أقحم نفسه في الجدل القائم، حين صرحّ في أحد خطاباته بما يلي: «تركنا النقاش الفكري لأطراف خارج الجمهورية، أحياناً لتقاليد جامعية أخرى، وهنا أقصد التيارات الفكرية الأنجلوسكسونية التي تملك تاريخاً مختلفاً عن تاريخنا، وحين أرى استقدام بعض نظريات العلوم الاجتماعية الآتية من الولايات المتحدة بمشكلاتها، والتي تُضاف لمشكلاتنا، فأنا أقول: يجب التصّدي بإعادة الاستثمار في العلوم الاجتماعية من جديد».



الدكتور سعد البازعي رئيساً لـ«جائزة القلم الذهبي للأدب»

الدكتور سعد البازعي يملك خبرة واسعة في مجالات الأدب والرواية (إثراء)
الدكتور سعد البازعي يملك خبرة واسعة في مجالات الأدب والرواية (إثراء)
TT

الدكتور سعد البازعي رئيساً لـ«جائزة القلم الذهبي للأدب»

الدكتور سعد البازعي يملك خبرة واسعة في مجالات الأدب والرواية (إثراء)
الدكتور سعد البازعي يملك خبرة واسعة في مجالات الأدب والرواية (إثراء)

قرّر المستشار تركي آل الشيخ رئيس مجلس إدارة هيئة الترفيه السعودية، الاثنين، تعيين الدكتور سعد البازعي رئيساً لـ«جائزة القلم الذهبي للأدب الأكثر تأثيراً»، الذي يعد «كفاءة وطنية تحمل خبرة في مجالات الأدب والرواية».

وكتب الدكتور سعد البازعي عبر حسابه على منصة «إكس» للتواصل الاجتماعي: «من الأخبار المبهجة إعلان جائزة تدعم الرواية القابلة للتحويل إلى أفلام وكتابة السيناريو»، عادّاً إياها «بشارة خير لقطاع يحتاج للكثير من الدعم والتفاتة مهمة للعلاقة بين الرواية والسينما».

وأكد أن الجائزة تُمثّل «إنجازاً نفخر به جميعاً، وستكون له آثاره البعيدة على المنتج الروائي والسينمائي»، متطلعاً لأن «تحقق هذه المبادرة الرائعة المأمول، وتدفع بالحراك الأدبي والسينمائي لكل ما فيه فائدة للوطن، وللثقافة العربية، ولقطاعين مهمين في حياتنا الثقافية».

ويملك البازعي خبرة واسعة بمجالات عدة؛ أبرزها النقد والترجمة في اللغة الإنجليزية، حيث يشغل منصب أستاذ متفرغ في الأدب المقارن بجامعة الملك سعود، ونشر عديداً من الكتب والأبحاث والمقالات باللغتين العربية والإنجليزية، وله مشاركات في مؤتمرات وندوات محلية وعربية ودولية، وعضوية بالصندوق الدولي لدعم الثقافة بمنظمة «اليونيسكو».

ورأس لجنة جائزة «البوكر» لعام 2014، كما نال جوائز عدة، منها جائزة وزارة الثقافة والإعلام السعودية للكتاب لعام 2012، وجائزة السلطان قابوس في النقد الأدبي لعام 2017، وجائزة البحرين للكتاب لعام 2018، وجائزة الدوحة للكتاب العربي في عام 2024، كما كُرِّم في اجتماع وزراء ثقافة دول الخليج لعام 2019.

وتُشكَّل لجنة الجائزة من أعضاء يملكون خبرات واسعة في مجالات الأدب، والكتابة السينمائية، والإنتاج والإخراج السينمائي.

وتركز الجائزة على الروايات الأكثر جماهيرية وقابلية لتحويلها إلى أعمال سينمائية، مقسمة على مجموعة مسارات؛ أبرزها مسار «الجوائز الكبرى»، حيث ستُحوَّل الروايتان الفائزتان بالمركزين الأول والثاني إلى فيلمين، ويُمْنح صاحب المركز الأول مبلغ 100 ألف دولار، والثاني 50 ألف دولار، والثالث 30 ألف دولار.

ويشمل مسار «الرواية» فئات عدة، هي أفضل روايات «تشويق وإثارة» و«كوميدية» و«غموض وجريمة»، و«فانتازيا» و«رعب» و«تاريخية»، و«رومانسية» و«واقعية»، حيث يحصل المركز الأول على مبلغ 25 ألف دولار عن كل فئة بإجمالي 200 ألف دولار لكل الفئات.

وسيحوّل مسار «أفضل سيناريو مقدم من عمل أدبي» العملين الفائزين بالمركزين الأول والثاني إلى فيلمين سينمائيين مع مبلغ 100 ألف دولار للأول، و50 ألف دولار للثاني، و30 ألف دولار للثالث.

وتتضمن المسابقة جوائز إضافية أخرى، حيث سيحصل أفضل عمل روائي مترجم على جائزة قدرها 100 ألف دولار، وأفضل ناشر عربي 50 ألف دولار، بينما يُمنح الفائز «جائزة الجمهور» مبلغ 30 ألف دولار، وذلك بالتصويت عبر المنصة الإلكترونية المخصصة.