فرنسا: اليمين المتطرّف يعيد توزيع الأوراق ويضعف جبهة الجمهوريين

توقع تحالفات سياسية جديدة بعد وصوله إلى البرلمان

رئيسة مجلس الوزراء إليزابيث بورن تلقى خطاباً أمام الجمعية الوطنية الفرنسية يوم 6 يوليو الجاري (إ.ب.أ)
رئيسة مجلس الوزراء إليزابيث بورن تلقى خطاباً أمام الجمعية الوطنية الفرنسية يوم 6 يوليو الجاري (إ.ب.أ)
TT

فرنسا: اليمين المتطرّف يعيد توزيع الأوراق ويضعف جبهة الجمهوريين

رئيسة مجلس الوزراء إليزابيث بورن تلقى خطاباً أمام الجمعية الوطنية الفرنسية يوم 6 يوليو الجاري (إ.ب.أ)
رئيسة مجلس الوزراء إليزابيث بورن تلقى خطاباً أمام الجمعية الوطنية الفرنسية يوم 6 يوليو الجاري (إ.ب.أ)

اجتاز حزب «التجمع الوطني» اليميني المتطرف خلال الانتخابات التشريعية (البرلمانية) الفرنسية الأخيرة عتبة تاريخية، ليصبح القوة اليمينية المعارضة الأولى ويستحوذ على شرعية لطالما افتقدها. فبعد النتائج المهمة التي أحرزها الحزب تحت قيادة مارين لوبان، ابنة مؤسسه جان ماري لوبان، في الانتخابات الرئاسية الأخيرة والنتائج التاريخية التي حققها الحزب في الانتخابات التشريعية، حيث احتل المرتبة الثالثة بعد ائتلاف الرئيس إيمانويل ماكرون و«تحالف اليسار»، بنسبة 18.68 في المائة من أصوات الناخبين، حاصلاً على 89 نائباً.
هذا الرقم كبير جداً لدى مقارنته مع الثمانية نواب في الولاية البرلمانية السابقة. وبالنسبة للأحزاب منفردة، تقدم «التجمع الوطني» على «فرنسا الأبية» (المعارضة اليسارية الراديكالية، وأكبر أحزاب «تحالف اليسار») الذي حصل على 72 مقعداً، وعلى حزب اليمين التقليدي بـ62 مقعداً، وعلى الحزب الاشتراكي الذي لم يحصل إلا على 28 مقعداً. بل، وتواصل كتلة اليمين المتطرّف تقدّمها حيث اختير أخيراً نائبان من حزب «التجمّع الوطني» هما سيباستيان شينو وهيلين لابورت نائبين لرئيسة الجمعية الوطنية (مجلس النواب) الفرنسية، إذ فاز شينو ولا بورت بأكثر من 290 و284 (على التوالي) من أصوات نواب البرلمان، مما مكنهما من تولي المنصب، وهذا انتصار تاريخي آخر يسجل لليمين المتطرف، نظراً لأهمية هذه المناصب التي تعتبر نافذة جداً في مجلس النواب.
هذه النتيجة الأخيرة كانت حصيلة حسابات سياسية وتحالف بين الائتلاف الماكروني وحزب «التجمع الوطني» لتوزيع المناصب الأساسية، وذلك من أجل الاحتفاظ بالمناصب الثلاثة للمراقبين الماليين في مكتب مجلس النواب، وهي مناصب مهمة لحزب الرئيس ماكرون، حيث يصار من خلالها إلى التحكم بميزانية مجلس النواب التي تقدّر بـ540 مليون يورو.
من جانبه، ندد «ائتلاف اليسار» اللعبة السياسية هذه، وتحدث عن «عار الديمقراطية الماكرونية» التي «تحالفت مع الشيطان» لكسر جبهة الجمهوريين. وقالت رئيسة كتلة «الخضر» سيريال شاتوران لصحيفة «لوموند»، معلقة: «للأسف انهيار جبهة الجمهوريين مستمرة. نحن في وضعية انفجار سياسي وتركيبة جديدة في غاية الخطورة». أما النائب والناطق الرسمي عن مجموعة الاشتراكيين أرتور دولأبورت فقد هاجم مباشرة حزب الرئيس الذي قال إنه «لطخ يديه بالتصويت لصالح نواب التجمع الوطني»، وأردف: «سقطت الأقنعة عن وجه مّن كان يدعو الفرنسيين للتصويت لصالحه لصّد الطريق أمام اليمين المتطرف».
مثل هذه المناورات السياسية التي تحدث في كواليس المؤسسة التشريعية تأتي لتأكيد مسار «التطبيع» مع حزب «التجمع الوطني»، الذي أصبح لاعباً أساسياً في المعادلة السياسية الجديدة. ولعل الأهم من هذا حصوله أخيراً على نوع من «الشرعنة» بعد عقود من التهميش. هذه هي الوضعية الجديدة التي وصل إليها بفضل جهود مسؤوليه من أجل تجميل صورة الحزب ومواجهة «الشيطنة» التي رسخّها ارث مؤسسّه جان ماري لوبان، الذي كان يثير الجدل بتصريحاته حول المحرقة النازية (الهولوكوست) ومواقفه العنصرية المتطرفة.
المسار بدأ بتغيير اسم الحزب عام 2018 من «الجبهة الوطنية» إلى «التجمع الوطني»، ثم تأّكد بتجديد كوادر الحزب عبر الاستعانة بالشباب والتخلص من التصريحات المعادية. وهنا يكتب ستيفن فورتي في مجلة «لو غران كونتينان»، شارحاً: «من الواضح اليوم أن اليمين المتطرف بلغ هدفه الأول. فقد نجح في تطبيع وضعه، وفي الخروج من التهميش، وربح جزئياً المعركة الثقافية. وهو يدفع النقاش العام باتجاه اليمين المتطرف الذي بات واقعاً في كل الدول الغربية».
وفي دلالة رمزية، ألقى النائب المخضرم جوزيه غونزاليس (79 سنة) عن «التجمع الوطني» خطاب افتتاح الولاية البرلمانية الجديدة في 28 يونيو (حزيران) الماضي، أشاد فيه بحنين للتجربة الاستعمارية الفرنسية وسط تصفيق بعض نواب اليمين واستهجان اليسار. وفي المقابل، رفض بعض النواب مصافحة زملائهم من «التجمع الوطني»، احتجاجاً على وجودهم في المؤسسة التشريعية. هذا، ويطرح «التجمّع الوطني» نفسه الآن كحزب المعارضة الأول في مجلس النواب، وسيتمكن من الاعتماد على مداخيل مادية كبيرة، إذ إنه يتلقى أموالاً عامة عن كل نائب تابع له.


مقالات ذات صلة

برلين: اعتقالات جديدة في قضية «محاولة الانقلاب»

العالم برلين: اعتقالات جديدة في قضية «محاولة الانقلاب»

برلين: اعتقالات جديدة في قضية «محاولة الانقلاب»

حدد ممثلو ادعاء ألمان هويات خمسة مشتبه بهم آخرين، لهم صلة بحركة «مواطني الرايخ» اليمينية المتطرفة، في أعقاب مداهمات وقعت في ديسمبر (كانون الأول) الماضي. ووفق وكالة الأنباء الألمانية، قالت متحدثة باسم مكتب المدعي العام الاتحادي، في كارلسروه، إن مداهمات جرت اليوم الأربعاء واستهدفت خمسة مشتبه بهم من بافاريا وساكسونيا السفلى وساكسونيا وسويسرا، حيث يشتبه أنهم يدعمون منظمة إرهابية. بالإضافة إلى ذلك، تم تفتيش منازل 14 آخرين، لا ينظر إليهم على أنهم مشتبه بهم. وأجريت عمليات تفتيش للمنازل أيضا في سويسرا.

«الشرق الأوسط» (برلين)
العالم مظاهرة ضد السياسي السويدي الذي أحرق القرآن خارج سفارة السويد في أنقرة أمس (أ.ف.ب)

استنكار واسع لإحراق نسخة من المصحف في استوكهولم

تسبب قيام سياسي دنماركي سويدي متطرف بإحراق نسخة من القرآن الكريم خلال احتجاج أمام مبنى السفارة التركية في ستوكهولم، بمزيد من العقبات في طريق حصول السويد على موافقة تركيا على طلب انضمامها إلى عضوية حلف شمال الأطلسي (الناتو)؛ إذ ردّت أنقرة بإلغاء زيارة كانت مقررة لوزير الدفاع السويدي في 27 يناير (كانون الثاني) الحالي إليها، لبحث موقف تركيا من مسألة الانضمام، وذلك بعد أن ألغت تركيا زيارة رئيس البرلمان السويدي، بسبب فعالية لأنصار حزب «العمال الكردستاني» أهانوا فيها الرئيس رجب طيب إردوغان. وأعربت المملكة العربية السعودية عن إدانتها واستنكارها الشديدين لسماح السلطات السويدية بإحراق نسخة من المصحف ال

العالم مظاهرة ضد السياسي السويدي الذي أحرق القرآن خارج سفارة السويد في أنقرة أمس (أ.ف.ب)

تنديد بإحراق القرآن الكريم أمام سفارة تركيا في استوكهولم

أضاف قيام سياسي دنماركي سويدي متطرف بإحراق نسخة من القرآن الكريم أمام مبنى السفارة التركية في استوكهولم، مزيداً من العقبات في طريق حصول السويد على موافقة تركيا على طلب انضمامها إلى عضوية حلف شمال الأطلسي (الناتو)؛ إذ ردت أنقرة بإلغاء زيارة كانت مقررة لوزير الدفاع السويدي في 27 يناير (كانون الثاني) الحالي إليها، لبحث موقف تركيا من مسألة الانضمام، وذلك بعد أن ألغت تركيا زيارة رئيس البرلمان السويدي، بسبب فعالية لأنصار حزب «العمال الكردستاني» أهانوا فيها الرئيس رجب طيب إردوغان. ونددت وزارة الخارجية التركية، بشدة، بسماح السلطات السويدية لرئيس حزب «الخط المتشدد» الدنماركي اليميني المتطرف راسموس بالو

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
العالم السعودية تدين سماح السويد لمتطرف بحرق المصحف

السعودية تدين سماح السويد لمتطرف بحرق المصحف

أعربت المملكة العربية السعودية عن إدانتها واستنكارها الشديدين لسماح السلطات السويدية لأحد المتطرفين بإحراق نسخة من المصحف الشريف أمام سفارة تركيا في استوكهولم. وأكدت وزارة الخارجية السعودية في بيان أمس موقف بلادها الثابت الداعي إلى أهمية نشر قيم الحوار والتسامح والتعايش، ونبذ الكراهية والتطرف. كما أدانت منظمة التعاون الإسلامي بأشد العبارات العمل الدنيء الذي أقدم عليه نشطاء من اليمين المتطرف بحرق نسخة من القرآن الكريم في استوكهولم، وبترخيص من السلطات السويدية.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
العالم الرئيس البرازيلي لولا دا سيلفا خلال حديثه اليوم مع الصحافيين في برازيليا (د.ب.أ)

لولا يؤكد أن أبواب القصر الرئاسي شُرّعت أمام المتظاهرين من الداخل

أكد الرئيس البرازيلي لويس إيناسيو لولا دا سيلفا اليوم (الخميس) اقتناعه بأن المتظاهرين الذين اقتحموا القصر الرئاسي في برازيليا الأحد، تلقوا مساعدة من الداخل، معلناً عملية «تدقيق عميقة» بالموظفين. ووفق وكالة الصحافة الفرنسية، قال الزعيم اليساري خلال مأدبة الفطور الأولى مع الصحافيين منذ تنصيبه في الأول من يناير (كانون الثاني): «أنا مقتنع بأن أبواب قصر بلانالتو فتحت ليتمكن الناس من الدخول لأنه لم يتم خلع أي باب». وأوضح: «هذا يعني أن أحدهم سهل دخولهم إلى هنا».

«الشرق الأوسط» (برازيليا)

بلينكن يصل إلى لاوس لحضور اجتماعات «آسيان» ولقاء نظيره الصيني

وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن خلال مشاركته في اجتماع وزراء خارجية رابطة دول جنوب شرق آسيا (أ.ف.ب)
وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن خلال مشاركته في اجتماع وزراء خارجية رابطة دول جنوب شرق آسيا (أ.ف.ب)
TT

بلينكن يصل إلى لاوس لحضور اجتماعات «آسيان» ولقاء نظيره الصيني

وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن خلال مشاركته في اجتماع وزراء خارجية رابطة دول جنوب شرق آسيا (أ.ف.ب)
وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن خلال مشاركته في اجتماع وزراء خارجية رابطة دول جنوب شرق آسيا (أ.ف.ب)

وصل وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، فجر السبت، إلى لاوس حيث سيحضر اجتماعات رابطة دول «آسيان» ويجري محادثات مع نظيره الصيني، وذلك في مستهل جولة آسيوية تشمل دولاً عدة وتهدف إلى تعزيز علاقات واشنطن مع حلفائها الإقليميين في مواجهة بكين.

ومن المقرر أن يلتقي بلينكن وزير الخارجية الصيني وانغ يي على هامش محادثات وزراء خارجية رابطة دول جنوب شرق آسيا (آسيان) التي تعقد في فينتيان، عاصمة لاوس.

منافسة حادة

ويسعى بلينكن لتحقيق تطلّع بجعل منطقة المحيطين الهندي والهادئ «منطقة حرة ومفتوحة ومزدهرة»، وهو شعار يحمل في طيّاته انتقاداً للصين وطموحاتها الاقتصادية والإقليمية والاستراتيجية في المنطقة.

وقالت وزارة الخارجية في بيان صدر قبل وقت قصير من وصول بلينكن إلى فينتيان، إنّ «محادثات الوزير ستواصل البناء والتوسع غير المسبوق للعلاقات بين الولايات المتحدة وآسيان»، وفق ما نقلته وكالة الصحافة الفرنسية.

وهذه هي الزيارة الـ18 التي يقوم بها بلينكن إلى آسيا منذ توليه منصبه قبل أكثر من ثلاث سنوات، ما يعكس المنافسة الحادة بين واشنطن وبكين في المنطقة.

ووصل بلينكن بعد يومين على اجتماع عقده وزيرا خارجية الصين وروسيا مع وزراء خارجية تكتل «آسيان» الذي يضم عشر دول، وقد عقدا أيضاً اجتماعاً ثنائياً على الهامش.

وناقش وانغ وسيرغي لافروف «هيكلية أمنية جديدة» في أوراسيا، وفق وزارة الخارجية الروسية.

وقالت الوزارة إن وانغ ولافروف اتفقا على «التصدي المشترك لأي محاولات من جانب قوى من خارج المنطقة للتدخل في شؤون جنوب شرق آسيا».

وتقيم الصين شراكة سياسية واقتصادية قوية مع روسيا. ويعتبر أعضاء حلف شمال الأطلسي بكين مسانداً رئيسياً لموسكو في حربها على أوكرانيا.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية ماو نينغ، الجمعة، إن وانغ وبلينكن «سيتبادلان وجهات النظر حول مسائل ذات اهتمام مشترك».

ووفق وزارة الخارجية الأميركية سيناقش بلينكن «أهمية التقيّد بالقانون الدولي في بحر الصين الجنوبي» خلال محادثات «آسيان».

توترات متصاعدة

وتأتي المحادثات في خضم توترات متصاعدة بين الصين والفلبين في بحر الصين الجنوبي، حيث سجّلت مواجهات في الأشهر الأخيرة بين سفن فلبينية وصينية حول جزر مرجانية متنازع عليها.

وتتمسك بكين بالسيادة شبه الكاملة على الممر المائي الذي تعبره سنوياً بضائع بتريليونات الدولارات، على الرغم من حكم أصدرته محكمة دولية قضى بأن لا أساس قانونياً لموقفها هذا.

وفقد بحار فلبيني إبهامه في مواجهة وقعت في 17 يونيو (حزيران) حين أحبط أفراد من جهاز خفر السواحل الصيني محاولة للبحرية الفلبينية لإمداد قواتها في موقع ناء.

وانتقدت الصين في وقت سابق من العام الحالي تصريحات لبلينكن أبدى فيها استعداد واشنطن للدفاع عن الفلبين إذا تعرضت قواتها أو سفنها أو طائراتها لهجوم في بحر الصين الجنوبي.

وتصر بكين على أنه «لا يحق» للولايات المتحدة التدخل في بحر الصين الجنوبي.

والبلدان على طرفي نقيض في ملفات التجارة وحقوق الإنسان ووضع جزيرة تايوان المتمتعة بالحكم الذاتي.

وتشمل جولة بلينكن ستّ دول هي لاوس وفيتنام واليابان والفلبين وسنغافورة ومنغوليا.

ومن المقرر أن يصدر وزراء خارجية الدول المنضوية في «آسيان» بياناً مشتركاً في ختام الاجتماعات التي ستُعقد على مدى ثلاثة أيام.