سنوات السينما

لقطة من فيلم «زائر» لبسّام الذوادي‬
لقطة من فيلم «زائر» لبسّام الذوادي‬
TT

سنوات السينما

لقطة من فيلم «زائر» لبسّام الذوادي‬
لقطة من فيلم «زائر» لبسّام الذوادي‬

- زائر
‫- (2003)‬‬
- ★★★
فعلياً، بدأ بسّام الذوادي السينما البحرينية وحده. حدث هذا قبل 31 عاماً عندما أقدم على تحقيق فيلمه الأول «الحاجز». في عام 1989. كان فيلماً بديعاً وتجربة جميلة وجيدة في الإجمال. كذلك كان فيلماً طموحاً حول شاب وكاميرا سينمائية تمنعه بالتدريج من التفاعل مع الواقع، إذ يضعها حاجزاً بينه وبين ما يبدو مهتماً فقط بتصوير الخارج من دون التعاطي فعلياً معه.
«زائر» هو فيلم آخر. ليس بالطموح ذاته ويكاد لا يشكو من شيء إلا عندما تتم مقارنته بالفيلم السابق. الموضوع ما زال مثيراً. الفيلم ما زال بحريني الاهتمام. الأحداث محبوكة رغم إيقاع غير مستقر. والطموح متوفر ولو بحدود.
ينبري الفيلم كعمل تشويقي. بطلته فتاة اسمها فاطمة (فاطمة عبد الرحيم) تعيش حياة مريحة وهادئة لولا تلك الكوابيس التي تؤرقها. الوجه الغامض الذي تراه في تلك الكوابيس يدفعها للبحث عن صاحبه. تشكو من حالتها وتحاول إيجاد حل لها قبل أن تجد في زيارة المقابر خارج المدينة إيماناً بأن حل لغز هذه الكوابيس يكمن هناك. بعد ذلك تقع معظم أحداث الفيلم في تلك المقابر الواقعة قريباً فوق هضاب صحراوية. هناك يجول عدد من الشخصيات بينهم فاطمة ورجل وابنه ورجل غامض. كلهم تائهون وبعضهم يدور حول نفسه في رغبته العودة إلى المدنية بعدما ضل الطريق.
يخصص الفيلم بعض الوقت لبحث علاقة الأب بابنه وجانبياً يستعرض جرائم قتل يُقصد بها أن توفر جوّاً تشويقياً، لكن المخرج لا يجد في المادة أي عامل مساعد لمثل هذا المنهج كون الأحداث، في غالبيّتها، تقع في الصحراء المكشوفة حيث عناصر الدراما مرتبطة بالمكان والتهيؤات وليس بمنهج تتطوّر معه الأحداث في مكان مقفر كهذا.
مع حلول الليل على تلك الشخصيات وخوفها من الأرواح التي تعتقد أنها موجودة يسبر الفيلم غور ما وراء الطبيعي إنما يبقى حذراً من الابتعاد عميقاً وبعيداً في ذلك النوع الصعب كتابة وتعاملاً. كذلك فإن الإمكانيات المادية والفنية لا تساعد على الاندفاع في مثل هذا المنهج الذي يتطلب ما هو أكثر من الطموح لإنجازه على نحو صحيح.
ما يحاول الذوادي إنجازه في هذا النطاق هو تحقيق فيلم تشويقي على شيء من الرعب. وحسنة الفيلم هنا هي عدم رغبته في التقليد أو الاستنساخ من تجارب أفلام سابقة. حسنة أخرى هي اختيار المكان الذي تقع فيه أحداث النصف الثاني من الفيلم. ليس المنطقة بعينها بقدر طبيعتها وما يستطيع المخرج فعله واستغلاله في مثل هذا المكان المقفر.
ما كان يحتاجه الذوادي هو إعادة نظر في كنه الأحداث الدائرة في هذا الجزء. ذلك لأن هناك قدراً ملحوظاً من الاستعجال تحت عبء الرغبة في إبقاء الإيقاع متوتراً. لكن الأمر لم يكن ليؤذي هذا الإيقاع لو أن المخرج سمح لنفسه بإعادة كتابة السيناريو مختاراً مفارقات أعمق وحوارات أجدى لا تعكس فقط ما يدور في دواخل الشخصيات، بل تتولى توجيهها صوب ما قد تمر به وجدانياً في مثل هذه الظروف. كذلك ليست هناك نية لدى المخرج ومدير تصويره (أحمد الذوادي) توظيف المكان جمالياً. هذا فيلم بدأه المخرج وعدّ الأيام والساعات بغية إنجازه في الوقت المنشود وبالميزانية المحدودة.
رغم هذه السلبيات (ومعظمها نتيجة ظروف) فإن التنفيذ من لقطة إلى لقطة ومن مشهد إلى مشهد جيّد. والمخرج يخلص من مطبّات السذاجة التي يمكن لفيلم عربي يتحدث عن غيبيات وشخصيات غامضة تظهر وتختفي أو أخرى حائرة فيما تفعل.

ضعيف ★ وسط ★★ جيد ★★★
ممتاز ★★★★ تحفة ★★★★★


مقالات ذات صلة

عُدي رشيد لـ«الشرق الأوسط»: لم أقرأ نصاً لغيري يستفزني مخرجاً

يوميات الشرق المخرج عدي رشيد مع بطل فيلمه عزام أحمد علي (الشرق الأوسط)

عُدي رشيد لـ«الشرق الأوسط»: لم أقرأ نصاً لغيري يستفزني مخرجاً

قال المخرج العراقي عُدي رشيد المتوج فيلمه «أناشيد آدم» بجائزة «اليسر» لأفضل سيناريو من مهرجان «البحر الأحمر» إن الأفلام تعكس كثيراً من ذواتنا.

انتصار دردير (جدة)
يوميات الشرق مريم شريف في لقطة من فيلم «سنو وايت» (الشركة المنتجة)

بطلة «سنو وايت»: الفيلم يُنصف قِصار القامة ويواجه التنمر

رغم وقوفها أمام عدسات السينما ممثلة للمرة الأولى؛ فإن المصرية مريم شريف تفوّقت على ممثلات محترفات شاركن في مسابقة الأفلام الطويلة بـ«مهرجان البحر الأحمر».

انتصار دردير (القاهرة )
يوميات الشرق وجوه من فيلم «السادسة صباحاً» (غيتي)

من طهران إلى كابل... حكايات نساء يتحدّيْن الظلم في «البحر الأحمر»

«السادسة صباحاً» و«أغنية سيما» أكثر من مجرّد فيلمين تنافسيَّيْن؛ هما دعوة إلى التأمُّل في الكفاح المستمرّ للنساء من أجل الحرّية والمساواة.

أسماء الغابري (جدة)
يوميات الشرق جوني ديب لفت الأنظار بحضوره في المهرجان (تصوير: بشير صالح)

اختتام «البحر الأحمر السينمائي» بحفل استثنائي

بحفل استثنائي في قلب جدة التاريخية ، اختم مهرجان «البحر الأحمر السينمائي الدولي» فعاليات دورته الرابعة، حيث أُعلن عن الفائزين بجوائز «اليُسر». وشهد الحفل تكريمَ

أسماء الغابري (جدة)
يوميات الشرق ياسمين عبد العزيز في كواليس أحدث أفلامها «زوجة رجل مش مهم» (إنستغرام)

«زوجة رجل مش مهم» يُعيد ياسمين عبد العزيز إلى السينما

تعود الفنانة المصرية ياسمين عبد العزيز للسينما بعد غياب 6 سنوات عبر الفيلم الكوميدي «زوجة رجل مش مهم».

داليا ماهر (القاهرة )

هوليوود ترغب في صحافيين أقل بالمهرجانات

جوني دَب خلال تصوير فيلمه الجديد (مودي بيكتشرز)
جوني دَب خلال تصوير فيلمه الجديد (مودي بيكتشرز)
TT

هوليوود ترغب في صحافيين أقل بالمهرجانات

جوني دَب خلال تصوير فيلمه الجديد (مودي بيكتشرز)
جوني دَب خلال تصوير فيلمه الجديد (مودي بيكتشرز)

عاش نقادُ وصحافيو السينما المنتمون «لجمعية هوليوود للصحافة الأجنبية» (كنت من بينهم لقرابة 20 سنة) نعمة دامت لأكثر من 40 عاماً، منذ تأسيسها تحديداً في السنوات الممتدة من التسعينات وحتى بُعيد منتصف العشرية الثانية من العقد الحالي؛ خلال هذه الفترة تمتع المنتمون إليها بمزايا لم تتوفّر لأي جمعية أو مؤسسة صحافية أخرى.

لقاءات صحافية مع الممثلين والمنتجين والمخرجين طوال العام (بمعدل 3-4 مقابلات في الأسبوع).

هذه المقابلات كانت تتم بسهولة يُحسد عليها الأعضاء: شركات التوزيع والإنتاج تدعو المنتسبين إلى القيام بها. ما على الأعضاء الراغبين سوى الموافقة وتسجيل حضورهم إلكترونياً.

هذا إلى جانب دعوات لحضور تصوير الأفلام الكبيرة التي كانت متاحة أيضاً، كذلك حضور الجمعية الحفلات في أفضل وأغلى الفنادق، وحضور عروض الأفلام التي بدورها كانت توازي عدد اللقاءات.

عبر خطّة وُضعت ونُفّذت بنجاح، أُغلقت هذه الفوائد الجمّة وحُوّلت الجائزة السنوية التي كانت الجمعية تمنحها باسم «غولدن غلوبز» لمؤسسة تجارية لها مصالح مختلفة. اليوم لا تمثّل «جمعية هوليوود للصحافة الأجنبية» إلّا قدراً محدوداً من نشاطاتها السابقة بعدما فُكّكت وخلعت أضراسها.

نيكول كيدمان في لقطة من «بايبي غيرل» (24A)

مفاجأة هوليوودية

ما حدث للجمعية يبدو اليوم تمهيداً لقطع العلاقة الفعلية بين السينمائيين والإعلام على نحو شائع. بعضنا نجا من حالة اللامبالاة لتوفير المقابلات بسبب معرفة سابقة ووطيدة مع المؤسسات الإعلامية المكلّفة بإدارة هذه المقابلات، لكن معظم الآخرين باتوا يشهدون تقليداً جديداً انطلق من مهرجان «ڤينيسيا» العام الحالي وامتد ليشمل مهرجانات أخرى.

فخلال إقامة مهرجان «ڤينيسيا» في الشهر التاسع من العام الحالي، فُوجئ عدد كبير من الصحافيين برفض مَنحِهم المقابلات التي اعتادوا القيام بها في رحاب هذه المناسبة. أُبلغوا باللجوء إلى المؤتمرات الصحافية الرّسمية علماً بأن هذه لا تمنح الصحافيين أي ميزة شخصية ولا تمنح الصحافي ميزة مهنية ما. هذا ما ترك الصحافيين في حالة غضب وإحباط.

تبلور هذا الموقف عندما حضرت أنجلينا جولي المهرجان الإيطالي تبعاً لعرض أحد فيلمين جديدين لها العام الحالي، هو «ماريا» والآخر هو («Without Blood» الذي أخرجته وأنتجته وشهد عرضه الأول في مهرجان «تورونتو» هذه السنة). غالبية طلبات الصحافة لمقابلاتها رُفضت بالمطلق ومن دون الكشف عن سبب حقيقي واحد (قيل لبعضهم إن الممثلة ممتنعة لكن لاحقاً تبيّن أن ذلك ليس صحيحاً).

دانيال غريغ في «كوير» (24A)

الأمر نفسه حدث مع دانيال كريغ الذي طار من مهرجان لآخر هذا العام دعماً لفيلمه الجديد «Queer». بدءاً بـ«ڤينيسيا»، حيث أقيم العرض العالمي الأول لهذا الفيلم. وجد الراغبون في مقابلة كريغ الباب موصداً أمامهم من دون سبب مقبول. كما تكرر الوضع نفسه عند عرض فيلم «Babygirl» من بطولة نيكول كيدمان حيث اضطر معظم الصحافيين للاكتفاء بنقل ما صرّحت به في الندوة التي أقيمت لها.

لكن الحقيقة في هذه المسألة هي أن شركات الإنتاج والتوزيع هي التي طلبت من مندوبيها المسؤولين عن تنظيم العلاقة مع الإعلاميين ورفض منح غالبية الصحافيين أي مقابلات مع نجوم أفلامهم في موقف غير واضح بعد، ولو أن مسألة تحديد النفقات قد تكون أحد الأسباب.

نتيجة ذلك وجّه نحو 50 صحافياً رسالة احتجاج لمدير مهرجان «ڤينيسيا» ألبرتو باربيرا الذي أصدر بياناً قال فيه إنه على اتصال مع شركات هوليوود لحلّ هذه الأزمة. وكذلك كانت ردّة فعل عدد آخر من مديري المهرجانات الأوروبية الذين يَرون أن حصول الصحافيين على المقابلات حقٌ مكتسب وضروري للمهرجان نفسه.

لا تمثّل «جمعية هوليوود للصحافة الأجنبية» إلّا قدراً محدوداً من نشاطاتها السابقة

امتعاض

ما بدأ في «ڤينيسيا» تكرّر، بعد نحو شهر، في مهرجان «سان سيباستيان» عندما حضر الممثل جوني دَب المهرجان الإسباني لترويج فيلمه الجديد (Modi‪:‬ Three Days on the Wings of Madness) «مودي: ثلاثة أيام على جناح الجنون»، حيث حُدّد عدد الصحافيين الذين يستطيعون إجراء مقابلات منفردة، كما قُلّصت مدّة المقابلة بحدود 10 دقائق كحد أقصى هي بالكاد تكفي للخروج بحديث يستحق النشر.

نتيجة القرار هذه دفعت عدداً من الصحافيين للخروج من قاعة المؤتمرات الصحافية حال دخول جوني دَب في رسالة واضحة للشركة المنتجة. بعض الأنباء التي وردت من هناك أن الممثل تساءل ممتعضاً عن السبب في وقت هو في حاجة ماسة لترويج فيلمه الذي أخرجه.

مديرو المهرجانات يَنفون مسؤولياتهم عن هذا الوضع ويتواصلون حالياً مع هوليوود لحل المسألة. الاختبار المقبل هو مهرجان «برلين» الذي سيُقام في الشهر الثاني من 2025.

المديرة الجديدة للمهرجان، تريشيا تاتل تؤيد الصحافيين في موقفهم. تقول في اتصال مع مجلة «سكرين» البريطانية: «الصحافيون مهمّون جداً لمهرجان برلين. هم عادة شغوفو سينما يغطون عدداً كبيراً من الأفلام».

يحدث كل ذلك في وقت تعرّضت فيه الصحافة الورقية شرقاً وغرباً، التي كانت المساحة المفضّلة للنشاطات الثقافية كافة، إلى حالة غريبة مفادها كثرة المواقع الإلكترونية وقلّة عدد تلك ذات الاهتمامات الثقافية ومن يعمل على تغطيتها. في السابق، على سبيل المثال، كان الصحافيون السّاعون لإجراء المقابلات أقل عدداً من صحافيي المواقع السريعة الحاليين الذين يجرون وراء المقابلات نفسها في مواقع أغلبها ليس ذا قيمة.

الحل المناسب، كما يرى بعض مسؤولي هوليوود اليوم، هو في تحديد عدد الصحافيين المشتركين في المهرجانات. أمر لن ترضى به تلك المهرجانات لاعتمادها عليهم لترويج نشاطاتها المختلفة.