السعودية تصدر لائحة حماية عملاء شركات التمويل.. والبنوك تحارب الاحتيال المصرفي

تعزيزًا لمبادئ الإفصاح والشفافية وحفظ حقوق جميع الأطراف

مبنى مؤسسة النقد العربي السعودي («الشرق الأوسط»)
مبنى مؤسسة النقد العربي السعودي («الشرق الأوسط»)
TT

السعودية تصدر لائحة حماية عملاء شركات التمويل.. والبنوك تحارب الاحتيال المصرفي

مبنى مؤسسة النقد العربي السعودي («الشرق الأوسط»)
مبنى مؤسسة النقد العربي السعودي («الشرق الأوسط»)

في قرارات وخطوات جديدة، من شأنها حماية عملاء البنوك السعودية، وشركات التمويل في البلاد، أصدر البنك المركزي السعودي يوم أمس، مبادئ حماية عملاء شركات التمويل من جهة، فيما جددت البنوك السعودية من جهة أخرى التأكيد على مستوى الوعي المتنامي لدى أفراد المجتمع وعملاء البنوك تحديدًا حيال أساليب الاحتيال المالي والمصرفي.
وتأتي هذه الخطوات الجديدة في وقت تسعى فيه السعودية إلى رسم ملامح مهمة جدا لخارطة التمويل في البلاد، خصوصا أن إصدار مبادئ حماية عملاء شركات التمويل، يأتي استكمالا لجهود مؤسسة النقد العربي السعودي (البنك المركزي في البلاد)، في وضع إطار عام لحماية عملاء المؤسسات المالية التي تُشرف عليها من خلال منع الممارسات غير المهنية.
وفي الشأن ذاته، أوضحت مؤسسة النقد العربي السعودي، أمس، أنها أصدرت مبادئ حماية عملاء شركات التمويل، استكمالًا لجهودها في وضع إطار عام لحماية عملاء المؤسسات المالية التي تُشرف عليها، وتعزيزًا لمبادئ الصدق والعدل في التعامل والإفصاح والشفافية وحفظ حقوق الأطراف، إضافة إلى زيادة مستوى الإرشاد والتوعية المالية، استنادًا إلى المادة الثانية والعشرين من نظام مراقبة شركات التمويل الصادر بموجب مرسوم ملكي.
وأكد الدكتور فهد المبارك محافظ مؤسسة النقد العربي السعودي، في تصريح صحافي أمس، أن المؤسسة تولي عناية خاصة بحماية حقوق العملاء وتضعها في مقدمة أولوياتها، مشيرا إلى أن المؤسسة قامت - أخيرا - بإصدار مبادئ حماية عملاء المصارف ومبادئ حماية عملاء شركات التأمين، والآن تصدر المؤسسة مبادئ حماية عملاء شركات التمويل استكمالا لتحقيق المبادئ الأساسية لحماية حقوق العملاء في القطاعات التي تُشرف عليها.
ونبه الدكتور المبارك إلى أنه سبق للمؤسسة أن قامت بتحديث ضوابط التمويل الاستهلاكي وضوابط إصدار وتشغيل بطاقات الائتمان وبطاقات الحسم الشهري، وتحديث التعرفة البنكية الخاصة بالخدمات البنكية التي سيكون لها آثار إيجابية على مستوى حفظ الحقوق وتعزيز مبادئ الشفافية والعدل.
وقال محافظ مؤسسة النقد العربي السعودي «مبادئ حماية عملاء شركات التمويل؛ هي: الإفصاح للعملاء قبل إبرام اتفاقية التمويل عن كل ما يتعلق بالمنتج أو الخدمة التمويلية، ومن ذلك على سبيل المثال: الرسوم والعمولات وتكاليف الخدمات الإدارية ومعدل النسبة السنوي، وإجراءات السداد المبكر، وإجراءات إنهاء اتفاقية التمويل، وحقوق الانسحاب إن وجدت».
وحول حقوق العميل عند إجراء أي تغييرات أضاف المبارك «على الشركة إحاطة العميل بأي تغييرات في الأحكام والشروط خلال 30 يوما عمل على الأقل قبل إجراء أي تغيير، ويحق للعميل الاعتراض عليها خلال 10 أيام عمل من تاريخ تسلمه الإشعار، فيما لا يحق للشركة إجراء أي تغيير على الرسوم والعمولات بعد توقيع اتفاقية التمويل».
وتابع المبارك حديثه «على الشركة الإفصاح للعملاء عن أي تغطية تأمينية والمُستفيد منها والتفاصيل المرتبطة بها، كما أنه من حقوق العملاء أن تقدم شركات التمويل الاستشارة والنصح للعملاء عند اختيارهم الخدمات أو المنتجات أو عند مواجهتهم صعوبات مالية»، مضيفا: «عند التعامل مع من لديهم صعوبات مالية، ينبغي على الشركة الأخذ في الاعتبار بالحالات الإنسانية».
وأوضح الدكتور المبارك أن مبادئ حماية عملاء شركات التمويل على الاتفاقيات المبرمة تسري من اليوم الثالث من شهر يناير (كانون الثاني) المقبل، مبينا أنه يمكن الاطلاع على مبادئ حماية عملاء شركات التمويل والإجابات عن الأسئلة المتكررة عبر موقع المؤسسة الإلكتروني.
وفي سياق ذي صلة، جددت البنوك السعودية التأكيد على مستوى الوعي المتنامي لدى أفراد المجتمع وعملاء البنوك تحديدًا حيال أساليب الاحتيال المالي والمصرفي، وكيفية التعاطي مع المنتجات المصرفية، والاستخدام الأمثل للقنوات المصرفية الإلكترونية، نتيجة سلسلة الجهود والنشاط التوعوي المكثّف الذي تضطلع به الجهات المصرفية والمالية ذات الصلة، بما في ذلك مؤسسة النقد العربي السعودي، وهيئة سوق المال، والبنوك السعودية، إلى جانب الدور الحيوي للجنة الإعلام والتوعية المصرفية بالبنوك السعودية، التي أسهمت خلال السنوات السابقة في نشر وتعزيز مفاهيم «الثقافة المصرفية»، عبر ما تبنته من سلسلة حملات توعوية بهذا الخصوص.
جاءت هذه التأكيدات، خلال المؤتمر الصحافي الذي عقدته البنوك السعودية يوم أمس في الرياض، ممثلة بلجنة الإعلام والتوعية المصرفية بالبنوك السعودية، حيث دُشنت المرحلة الخامسة من حملة التوعية بعمليات الاحتيال المالي والمصرفي «لا تِفشيها»، بمشاركة كل من أمين عام لجنة الإعلام والتوعية المصرفية بالبنوك السعودية طلعت حافظ، ومحمد الربيعة رئيس فريق العمل الإعلامي والتوعية المصرفية، وأعضاء الفريق، بحضور جمع من ممثلي وسائل الصحافة والإعلام.
وقللت البنوك السعودية، خلال المؤتمر الصحافي، من درجة تأثير عمليات الاحتيال المالي في المملكة على سمعة ومكانة بيئة التعاملات المالية والاستثمارية، معتبرة أن تلك العمليات لم تصل في حجمها إلى مستوى الظاهرة، ولم تتعدَ حدود الحالات الفردية، حيث بقيت تلك العمليات في الحدود الدنيا والمحدودة نسبيًا قياسًا بحجم وزخم العمليات المالية التي تجري على مدار الساعة في المملكة.
وقال طلعت حافظ أمين عام لجنة الإعلام والتوعية المصرفية بالبنوك السعودية «رغم عدم توافر أرقام وبيانات إحصائية دقيقة حيال حجم عمليات الاحتيال المالي سواء على المستوى العالمي أو المحلي، فإن تأثير تلك العمليات يبقى هو الأهم بالنظر دورها في زعزعة الثقة في البيئة المالية والاستثمارية للدول، إذ إن حجم عمليات الاحتيال المالي في العالم لم يتجاوز في حدّه الأقصى 1 في المائة، من حجم العمليات المالية الكلية، ومع ذلك فإن الخسائر الكلية السنوية المترتبة على عمليات التحايل تقدّر بنحو 5 في المائة، من حجم التجارة العالمية أي ما يعادل 3.5 تريليون دولار».
وأضاف حافظ «البنوك السعودية على المستوى المحلي، ما زالت تحافظ على موقعها الريادي والمتميز كأقل دول العالم تسجيلًا لعمليات الاحتيال المالي»، مرجعًا تنامي مستوى الوعي بين عملاء البنوك وأفراد المجتمع، وتفاعلهم مع إرشادات وتعليمات المؤسسات المصرفية حيال كيفية التعاطي مع البطاقات البنكية والبطاقات الائتمانية والقنوات المصرفية الإلكترونية، إلى السياسات العامة التي حددتها مؤسسة النقد العربي السعودي من خلال إصدار دليل لمكافحة الاختلاس والاحتيال المالي. وأضاف حافظ «نتيجة لتضافر جهود التوعية المصرفية، فقد سجلت شكاوى العملاء مستويات مقبولة بالنسبة لحجم العمليات، حيث بلغت أعداد الشكاوى بأنواعها المختلفة التي لا تقتصر على شكاوى عمليات الاحتيال المالي وخلال العام الماضي نحو 17.6 ألف شكوى وبمتوسط ربعي نحو 4 آلاف شكوى، في الوقت الذي تجاوز فيه عدد العمليات التي نفذت العام الماضي من خلال أجهزة الصراف الآلي وحدها 1500 مليون عملية».
واستعرض طلعت خلال المؤتمر الصحافي ما حققته حملة التوعية بعمليات الاحتيال المالي والمصرفي وخلال دوراتها المتعاقبة منذ 5 سنوات من نتائج، وما أسهمت به من دور فاعل في رفع مستوى الوعي بأساليب الاحتيال، وإحاطة عملاء البنوك بالإرشادات السليمة لكيفية الحفاظ على بياناتهم الشخصية والبنكية، والاستخدام الأمثل لبطاقاتهم البنكية والائتمانية، وكذلك تنفيذ العمليات المصرفية من خلال القنوات الإلكترونية، للوقاية من محاولات التحايل أو الاستغلال، معتبرًا أن تهاون الشخص في بياناته المالية والشخصية أثبت أنه المدخل الرئيس الذي يستند إليه المحتال لتنفيذ جريمته المالية.
من جانبه، أكد محمد الربيعة رئيس فريق العمل الإعلامي والتوعية المصرفية، أن حملة «لا تِفشيها» تكتسب أهميتها سنة تلو الأخرى، نتيجة التطور المتسارع الذي تشهده وسائط التقنية المصرفية ووسائل التواصل الاجتماعي، التي يواكبها تطور متسارع لوسائل التحايل، الأمر الذي يستدعي ضرورة مواصلة الجهود الرامية لتوعية العملاء وأفراد المجتمع بوسائل الحماية والتصدّي لمحاولات التحايل.



بورصة لندن تواجه أزمة تنافسية مع أكبر موجة هجرة منذ الأزمة المالية

رجل يتجول في بهو بورصة لندن (رويترز)
رجل يتجول في بهو بورصة لندن (رويترز)
TT

بورصة لندن تواجه أزمة تنافسية مع أكبر موجة هجرة منذ الأزمة المالية

رجل يتجول في بهو بورصة لندن (رويترز)
رجل يتجول في بهو بورصة لندن (رويترز)

حذَّر الرئيس السابق لمجموعة بورصة لندن، من أنَّ بورصة لندن الرئيسية أصبحت «غير تنافسية للغاية»، وسط أكبر هجرة شهدتها منذ الأزمة المالية.

وقال كزافييه روليه، الذي ترأس مجموعة بورصة لندن بين عامَي 2009 و2017، إن التداول الضعيف في لندن يمثل «تهديداً حقيقياً» يدفع عدداً من الشركات البريطانية إلى التخلي عن إدراجها في العاصمة؛ بحثاً عن عوائد أفضل في أسواق أخرى.

وجاءت تعليقاته بعد أن أعلنت شركة تأجير المعدات «أشتيد» المدرجة في مؤشر «فوتسي 100» خططها لنقل إدراجها الرئيسي إلى الولايات المتحدة، استمراراً لاتجاه مماثل اتبعته مجموعة من الشركات الكبرى في السنوات الأخيرة.

ووفقاً لبيانات بورصة لندن، فقد ألغت أو نقلت 88 شركة إدراجها بعيداً عن السوق الرئيسية في لندن هذا العام، بينما انضمت 18 شركة فقط. وتشير هذه الأرقام، التي نشرتها صحيفة «فاينانشيال تايمز»، إلى أكبر تدفق صافي من الشركات خارج السوق منذ الأزمة المالية في 2009.

كما أن عدد الإدراجات الجديدة في لندن يتجه لأن يكون الأدنى في 15 عاماً، حيث تتجنب الشركات التي تفكر في الطرح العام الأولي (IPO) التقييمات المنخفضة نسبياً مقارنة بالأسواق المالية الأخرى.

وقد تجاوزت قيمة الشركات المدرجة التي تستعد لمغادرة سوق الأسهم في لندن هذا العام، 100 مليار جنيه إسترليني (126.24 مليار دولار) سواء من خلال صفقات استحواذ غالباً ما تتضمن علاوات مرتفعة، أو من خلال شطب إدراجها.

وأضاف روليه أن انخفاض أحجام التداول في لندن في السنوات الأخيرة، مقارنة مع الارتفاع الحاد في الولايات المتحدة، دفع الشركات إلى تسعير أسهمها بأسعار أقل في المملكة المتحدة لجذب المستثمرين.

وقال في تصريح لصحيفة «التليغراف»: «الحسابات البسيطة تشير إلى أن السوق ذات السيولة المنخفضة ستتطلب خصماً كبيراً في سعر الإصدار حتى بالنسبة للطروحات العامة الأولية العادية. كما أن السيولة المنخفضة نفسها ستؤثر في تقييم الأسهم بعد الاكتتاب. بمعنى آخر، فإن تكلفة رأس المال السهمي تجعل هذه السوق غير تنافسية بشكل كامل».

ووفقاً لتقديرات «غولدمان ساكس»، يتم تداول الأسهم في لندن الآن بخصم متوسط يبلغ 52 في المائة مقارنة بنظيراتها في الولايات المتحدة.

وتستمر معاناة سوق العاصمة البريطانية في توجيه ضربة لحكومة المملكة المتحدة، التي تسعى جاهدة لتبسيط القوانين التنظيمية، وإصلاح نظام المعاشات المحلي لتشجيع مزيد من الاستثمارات.

وأشار روليه إلى أن المملكة المتحدة بحاجة إلى التخلص من الإجراءات البيروقراطية المرتبطة بالاتحاد الأوروبي التي تمنع صناديق التقاعد من امتلاك الأسهم، بالإضافة إلى ضرورة خفض الضرائب على تداول الأسهم وتوزيعات الأرباح.

وأضاف: «قلقي اليوم لا يتعلق كثيراً بالطروحات العامة لشركات التكنولوجيا، فقد فات الأوان على ذلك. التهديد الحقيقي في رأيي انتقل إلى مكان آخر. إذا استمعنا بعناية لتصريحات كبار المديرين التنفيذيين في الشركات الأوروبية الكبرى، فسنجد أنهم أثاروا احتمال الانتقال إلى الولايات المتحدة للاستفادة من انخفاض تكلفة رأس المال والطاقة، والعوائد المرتفعة، والتعريفات التفضيلية».