لم يكن البرتغالي نونو سانتو يعرف عن مستقبله سواء كلاعب مارس كرة القدم، أو حتى عندما أصبح مدرباً بعد اعتزاله بسنوات، حيث لعبت الصدفة دوراً كبيراً في تحولات مفصلية بمسيرته المهنية لاعباً، واستمرت حينما أصبح مدرباً؛ وذلك بفضل علاقة نشأت مع وكيل الأعمال الأشهر خورخي مينديز.
ومؤخراً، أعلن الاتحاد عن فك علاقته التعاقدية مع الروماني كوزمين كونترا مدرب الفريق الذي اقترب من تحقيق الحُلم، لكنه ودّع موسمه خالي الوفاض دون أي لقب بعد تصدره لفترات طويلة من الموسم قبل أن يحقق الهلال اللقب. وأعلن الاتحاد أيضاً عن التعاقد مع البرتغالي نونو سانتو المدرب الذي تولى قيادة توتنهام وسجل معه بداية مثالية وتوّج بجائزة مدرب الشهر في إنجلترا، قبل أن يودّع النادي الإنجليزي مُقالاً بعد سلسلة من الإخفاقات التي اعترضت مسيرته.
وستكون المهمة على عاتق سانتو كبيرة في الموسم المقبل؛ فسقف الطموحات ارتفع وبات حلم تحقيق لقب الدوري الغائب عن خزينة النادي الغربي منذ موسم 2009 أحد أهداف الموسم الجديد، بالإضافة إلى المنافسة على لقبي كأس السوبر بهويته الجديدة، وكذلك بطولة كأس الملك الأغلى محلياً.
وولد سانتو في يناير (كانون الثاني) 1974 بجزيرة ساو تومي الممتدة على خليج غينيا في الساحل الغربي الاستوائي من منطقة وسط أفريقيا، كان سانتو طفلاً خجولاً وهادئاً وغريب الأطوار في أحيان كثيرة، يحب مساعدة الآخرين ويتميز بصراحته في التحدث عن الأشياء حتى عندما كان شاباً صغيراً.
في العاشرة من عمره قررت والدته المغادرة إلى البرتغال للحصول على ظروف معيشية أفضل، وفي 1985 عندما كان في الحادية عشرة من عمره بدأ ممارسة كرة القدم بصورة فعلية، وعُرف سانتو بالشخص السعيد، كان دائماً في نظر زملائه بالفريق شخصاً قادراً على التكييف في أي بيئة ينتقل لها.
وجرّب الشاب الصغير سانتو نفسه في أربعة أندية برتغالية، وكان يُصر على أنه سيصبح حارس مرمى محترفاً ويحقق حلمه، ولكن الصدفة وحدها قادته للتعرف على خورخي مينديز في ملهى ليلي وكان حينها الأخير مجرد منسق للموسيقي ومدير متجر فيديو بعمل إضافي قبل أن يتحول مينديز إلى واحد من أشهر وكلاء الأعمال.
والتقى سانتو صديقه مينديز الذي لم يفكر أن يكون وكيل أعمال حينها، وكان حارس المرمى الصغير في عمر 22 سنة ويبحث عن الانتقال إلى نادٍ يخوض من خلاله تجربة احترافية كحارس مرمى، وفعلياً انتهت تلك الليلة بأن يصبح مينديز وكيل أعمال لاعبين والبداية مع سانتو.
غادر مينديز البرتغال صوب إسبانيا للقاء رئيس نادي ديبورتيفو لاكورونيا الإسباني وأقنعه بإمكانيات الحارس الشاب، وفعلاً تمت الصفقة، ومعها أنشأ مينديز شركته لوكالة أعمال اللاعبين التي باتت اليوم اسماً كبيراً.
وتنقل سانتو بين أندية إسبانية عدة في مسيرته كحارس مرمى، وعاد بعد خمس سنوات قضاها في إسبانيا لتمثيل فريق بورتو البرتغالي الذي كان يتولى قيادته حينها المدرب الشهير جوزيه مورينو.
كان مورينو يثق بقدرات «سانتو» رغم تواجده في مقاعد البدلاء وعدم مشاركته في أحيان كثيرة كحارس أساسي، حتى أطلق عليه لقب «البديل»، ورغم ذلك فقد كانت مشاركته القليلة مؤثرة وفعالة في مسيرة بورتو لتحقيق لقب دوري أبطال أوروبا 2004.
وودّع سانتو الملاعب بعدما لعب لمدة 18 عاماً في ثلاث دول وبلغت عدد مبارياته 199 مباراة حتى فترة اعتزاله، وستظل أفضل ذكرياته في الملاعب هي تحقيق لقب دوري أبطال أوروبا مع بورتو.
بدأ سانتو حياته المهنية مدرباً مع فريق في ريو أفي البرتغالي؛ وذلك بفضل وكيل أعماله وصديقه مينديز، وبفضل الأخير انتقل لقيادة فالنسيا الإسباني وحصل على لقب مدرب الشهر ثلاث مرات هناك حتى استقال في نوفمبر (تشرين الثاني) 2015 ليخوض تجربة جديدة مدرباً في بورتو البرتغالي، لكنه أمضى موسماً، وتمت إقالته بعد خروجه خال الوفاض.
وبحكم العلاقة الجيدة التي تربط مينديز بمجموعة فوسون إنترناشيونال الصينية التي تملك نادي ولفر هامبتون الإنجليزي ساهم بانتقال صديقه سانتو لتولي تدريب الفريق، ويدين النادي الإنجليزي بالفضل لوكيل الأعمال الشهير مينديز بعدما أحضر سانتو وعدداً من الصفقات الأخرى التي ساهمت في صعود الفريق وتحقيق لقب تشامبيون تشيب.
كانت مسيرة سانتو في ولفرهامبتون الملقب بمروّض «الذئاب» هي الأفضل والأطول في مسيرته مدرباً، لكنه خاض تجربة أخرى في إنجلترا مع توتنهام الإنجليزي رفعت من أسهمه مدرباً، رغم أن التجربة لم تدم طويلاً، لكن سانتو حقق خلالها جائزة مدرب الشهر.
هجرته من الجزيرة الأفريقية الساحلية إلى البرتغال وتنقله بين بيئتين مختلفتين، هدوؤه طفلاً، سعادته لاعباً، روحه القيادية رغم تواجده على مقاعد البدلاء، أمور تجمع التناقض فيما بينها إلا أنها كونت شخصية فريدة من نوعها للبرتغالي سانتو الذي حط رحاله في مدينة جدة لقيادة الاتحاد.
ويتحدث برونو ألفيس اللاعب الذي زامل نونو سانتو في بورتو «قائد من دون إشارة» يعني شارة القيادة، وكانت شخصية سانتو محببة لدى الجميع في بورتو، مُحفزاً دائماً لزملائه، حيث كان هو الوجهة الأولى لأغلب اللاعبين عند تسجيل هدف والاحتفال معه.
وقال عنه مواطنه جوزيه مورينو عندما كان يتولى قيادة فريق بورتو، عندما يكون لديك نونو، لا داعي للقلق بشأن غرفة الملابس، وذلك وفقاً لما ورد في مدونة «لايف بوقير» عن حياة اللاعب الشخصية.