الجيش السوداني يفتح الباب لتشكيل حكومة مدنية

قائد الجيش السوداني الفريق عبد الفتاح البرهان (أ.ب)
قائد الجيش السوداني الفريق عبد الفتاح البرهان (أ.ب)
TT

الجيش السوداني يفتح الباب لتشكيل حكومة مدنية

قائد الجيش السوداني الفريق عبد الفتاح البرهان (أ.ب)
قائد الجيش السوداني الفريق عبد الفتاح البرهان (أ.ب)

أعلن قائد الجيش السوداني ورئيس مجلس السيادة الحاكم الفريق عبد الفتاح البرهان، اليوم الإثنين، عدم مشاركة المؤسسة العسكرية في الحوار الوطني وإفساح المجال لتشكيل حكومة مدنية، بينما واصل مئات السودانيين اعتصامهم لليوم الخامس على التوالي في شوارع الخرطوم وضواحيها للمطالبة بحكم مدني، وفقاً لوكالة الصحافة الفرنسية.
وقال البرهان في تصريحات بثّها التلفزيون الرسمي إنه تقرر «عدم مشاركة المؤسسة العسكرية في المفاوضات الجارية حالياً (الحوار الوطني) لإفساح المجال للقوى السياسية والثورية... وتشكيل حكومة من الكفاءات الوطنية المستقلة تتولى إكمال... (متطلبات) الفترة الانتقالية».
وخلال الأسابيع الأخيرة، مارست الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي ومجموعة دول شرق ووسط أفريقيا للتنمية (إيغاد) عبر ما يعرف باسم «الآلية الثلاثية»، ضغوطاً لإجراء حوار مباشر بين العسكريين والمدنيين. إلا أن كتل المعارضة الرئيسية، مثل قوى الحرية والتغيير وحزب الأمة، رفضت خوض هذا الحوار.
والشهر الماضي، انطلقت جلسات الحوار الوطني بمشاركة العسكريين وأحزاب سياسية سودانية وقيادات من حركات تمرد سابقة برعاية أممية وأفريقية، وتقرر تأجيله لحين التوافق مع القوى السياسية التي قررت مقاطعة الحوار.
وفي تصريحات الاثنين، قال البرهان إنه بعد تشكيل حكومة مدنية «سيتم حل مجلس السيادة وتشكيل مجلس أعلى للقوات المسلحة من القوات المسلحة والدعم السريع لتولي القيادة العليا للقوات النظامية ويكون مسؤولاً عن مهام الأمن والدفاع».
وأتت قرارات البرهان بينما يواصل مئات السودانيين اعتصامهم لليوم الخامس على التوالي الاثنين للمطالبة بحكم مدني وإنهاء الانقلاب العسكري الذي نفذه قائد الجيش العام الماضي.
ويتظاهر السودانيون كلّ أسبوع تقريباً ضدّ الحكم العسكري لكن منذ 30 يونيو (حزيران) الذي شهد سقوط أكبر عدد من الضحايا في صفوف المتظاهرين منذ أشهر، يواظب المحتجون على الاعتصام في منطقة بحري شمال الخرطوم ومدينة أم درمان غرب العاصمة وأمام مستشفى الجودة في وسط الخرطوم.
وسقط تسعة قتلى برصاص قوات الأمن في ذلك اليوم، بحسب لجنة أطباء السودان المركزية المناهضة للانقلاب، ليكون الأكثر دموية منذ بداية العام.
ويحمل تاريخ 30 يونيو في السودان بعداً رمزياً لأنه يُصادف ذكرى انقلاب الرئيس السوداني السابق عمر البشير على الحكومة المنتخبة ديمقراطياً عام 1989، وكذلك ذكرى التجمّعات الحاشدة عام 2019 التي دفعت الجنرالات إلى إشراك المدنيين في الحكم بعدما أطاح الجيش البشير.
لكن الانقلاب الذي قاده الفريق عبد الفتاح البرهان في 25 أكتوبر (تشرين الأول) 2021، أنهى هذه الشراكة.
ومنذ الانقلاب، قُتل 114 متظاهراً أحدهم قضى السبت بعدما أصيب «في الرأس بعبوة غاز مسيل للدموع في مواكب 16 يونيو»، كما ورد في بيان لجنة الأطباء.
وطوال اليومين الماضيين، حاولت قوات الأمن تفريق المتظاهرين باستخدام مدافع المياه وقنابل الغاز المسيل للدموع.
وقال البرهان الاثنين إن «حق التعبير عن الرأي مكفول للجميع... لن تقف قواتكم المسلحة في طريقه». وتابع: «وإننا إذ نترحم على أرواح الشهداء نتأسف لسقوط الضحايا من كل الأطراف (و) نؤكد... تقديم المتورطين في إزهاق الأرواح للعدالة».
ومن اعتصام وسط العاصمة، قال أحد المعتصمين، مفضلاً عدم الكشف عن اسمه، لوكالة الصحافة الفرنسية: «أنا داعم للاعتصام لو سيبقى لمدة سنة من أجل إخواني الشهداء والثوار... حتى نثبت للناس أن الشارع حي مهما فقدنا من شهداء وحتى نسقط النظام».
من جهته، دعا ائتلاف قوى الحرية والتغيير، فصيل المعارضة الرئيسي في البلاد، في بيان الأحد إلى «تنوع أشكال المقاومة النوعية والجماهيرية والتنسيق والوحدة بين قواها».
كما أعلنت نقابة الأطباء السودانيين الاثنين بدء إضراب لمدة 72 ساعة اعتباراً من الثلاثاء.
ومساء الأحد، أعلن القضاء السوداني فتح تحقيق في شأن «هذه الأحداث التي أسفرت عن قتلى وجرحى».
وكانت المفوضة السامية لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة ميشيل باشليه نددت بقمع المتظاهرين في 30 يونيو، وطالبت بإجراء «تحقيق مستقل».
ورداً على الانقلاب العسكري، أوقف المجتمع الدولي مساعداته المالية التي تمثل 40 في المائة من ميزانية السودان، البلد الذي يعاني من أزمة اقتصادية عميقة بسبب نقص النقد الأجنبي وارتفاع معدل التضخم بشكل كبير ليبلغ حوالي 200 في المائة.
كذلك حذر برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة هذا الشهر من أن ثلث سكان السودان «يعانون انعداماً حاداً في الأمن الغذائي».


مقالات ذات صلة

الجيش السوداني و«الدعم السريع» يوافقان على تمديد الهدنة 72 ساعة

شمال افريقيا الجيش السوداني و«الدعم السريع» يوافقان على تمديد الهدنة 72 ساعة

الجيش السوداني و«الدعم السريع» يوافقان على تمديد الهدنة 72 ساعة

قالت القوات المسلحة السودانية، اليوم (الخميس)، في بيان، إنها وافقت على تمديد الهدنة لمدة 72 ساعة أخرى، وذلك بوساطة سعودية - أميركية، وفقاً لما ذكرته وكالة «رويترز» للأنباء.

«الشرق الأوسط» (الخرطوم)
شمال افريقيا اليابان تجلي جميع رعاياها الذين أبدوا رغبة في مغادرة السودان

اليابان تجلي جميع رعاياها الذين أبدوا رغبة في مغادرة السودان

أعلن رئيس الوزراء الياباني فوميو كيشيدا، اليوم الثلاثاء، اكتمال إجلاء جميع المواطنين اليابانيين الذين أبدوا رغبة في مغادرة السودان، وذلك ضمن عمليات إجلاء دولية مكثفة بعد اندلاع العنف في الدولة الأفريقية. وأبلغ كيشيدا الصحافيين أنه بالإضافة إلى 45 شخصاً غادروا في وقت متأخر من ليل أمس (الاثنين) على متن طائرة عسكرية يابانية، فقد غادر ثمانية آخرون بمساعدة فرنسا ومجموعات أخرى. ولم يتضح على الفور إن كان هؤلاء الثمانية يشملون أربعة قال كيشيدا في وقت متأخر أمس إنهم غادروا بمساعدة فرنسا والصليب الأحمر الدولي وجهات أخرى. وقال رئيس الوزراء الياباني دون الخوض في تفاصيل «اكتمل إجلاء جميع اليابانيين الذين أ

«الشرق الأوسط» (طوكيو)
شمال افريقيا الجيش السوداني يوافق على وقف إطلاق النار لمدة 72 ساعة

الجيش السوداني يوافق على وقف إطلاق النار لمدة 72 ساعة

قال الجيش السوداني في بيان بصفحته على «فيسبوك»، اليوم الثلاثاء، إنه وافق على هدنة لمدة 72 ساعة بوساطة أميركية وسعودية بدءا من منتصف ليل 25 أبريل (نيسان). كما قالت قوات الدعم السريع، أمس الاثنين، إنها وافقت على وقف إطلاق النار بعد وساطة أميركية لتسهيل الجهود الإنسانية، وفق ما ذكرته وكالة «رويترز» للأنباء. وأعلن وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، الاثنين، موافقة طرفي النزاع في السودان على وقف إطلاق النار ثلاثة أيام اعتباراً من (الثلاثاء) على أثر عشرة أيام من المعارك الدامية. وقال بلينكن في بيان «عقب مفاوضات مكثفة على مدار الساعات الثماني والأربعين الماضية، وافقت القوات المسلحة السودانية وقوات

«الشرق الأوسط» (الخرطوم)
شمال افريقيا تسارع عمليات «معقّدة» لإجلاء الأجانب من السودان مع تواصل المعارك

تسارع عمليات «معقّدة» لإجلاء الأجانب من السودان مع تواصل المعارك

تسارعت، أمس (الأحد)، عمليات إجلاء الرعايا والدبلوماسيين الأجانب من السودان من قبل دول مثل الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا وألمانيا، في وقت تتواصل المعارك بين الجيش وقوات «الدعم السريع» منذ أكثر من أسبوع. وأفاد شهود وكالة الصحافة الفرنسية أن أصوات إطلاق الرصاص ودوي الانفجارات وتحليق الطيران الحربي تتواصل في الخرطوم، وتطغى (الأحد) على ما عداها، لاسيما دعوات التهدئة المتكررة والتي جاءت أحدثها (الأحد) من البابا فرنسيس. وترافق تسارع إجلاء المواطنين الأجانب، مع تزايد المخاوف على مصير السودانيين متى انتهت هذه العمليات. ووصلت (الأحد) الى جيبوتي طائرتين عسكريتين فرنسيتين تحملان زهاء 200 شخص من الرعاي

«الشرق الأوسط» (الخرطوم)
الولايات المتحدة​ بلينكن يلمح: الدعم السريع هاجمت قافلتنا الدبلوماسية

بلينكن يلمح: الدعم السريع هاجمت قافلتنا الدبلوماسية

أعلن وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، اليوم الثلاثاء، أن موكباً دبلوماسياً أميركياً تعرض لإطلاق نار، أمس الاثنين، في السودان من دون إصابة أي من أفراده. وقال بلينكن للصحافيين بعد محادثات وزراء خارجية دول مجموعة السبع «يمكنني أن أؤكد أنه تم إطلاق النار على موكب دبلوماسي أميركي»، مضيفاً أن «جميع أفرادنا سالمون وغير مصابين، لكن هذا العمل كان متهوراً وغير مسؤول». وأشار بلينكن إلى أن «التقارير الأولية تشير إلى أن الهجوم نفذته عناصر مرتبطة بالدعم السريع»، وفق ما ذكرته وكالة «رويترز» للأنباء.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

الجيش السوداني يعلن مقتل قائد لـ«الدعم السريع» في الفاشر

قصف مدفعي يدمر منازل بمخيم زمزم (متداولة)
قصف مدفعي يدمر منازل بمخيم زمزم (متداولة)
TT

الجيش السوداني يعلن مقتل قائد لـ«الدعم السريع» في الفاشر

قصف مدفعي يدمر منازل بمخيم زمزم (متداولة)
قصف مدفعي يدمر منازل بمخيم زمزم (متداولة)

أعلن الجيش السوداني، السبت، مقتل القائد العسكري في «قوات الدعم السريع» العميد جمعة إدريس، خلال قصف بالمدفعية الثقيلة استهدف تحركات قواته في المحور الجنوبي لمدينة الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور (غرب البلاد).

وقالت الفرقة السادسة مشاة، التابعة للجيش السوداني بالفاشر، في بيان على موقع «فيسبوك»، إن سلاح الطيران نفّذ، الجمعة، غارات جوية دمّرت 45 مركبة قتالية بكامل عتادها العسكري وطواقمها.

ووفقاً للبيان، حشدت «ميليشيا الدعم السريع» قوات كبيرة من الولايات ومناطق أخرى للهجوم على الفاشر وتسلُّم الفرقة السادسة.

وذكر أن القوات المسلحة أسقطت 3 مسيّرات كانت تستهدف دفاعات وارتكازات في المدينة.

«قوات الدعم السريع» تقصف مخيم زمزم (متداولة)

بدورها، قالت المنسقية العامة لمعسكرات النازحين واللاجئين (كيان مدني)، في بيان: «إن (قوات الدعم السريع) قصفت بالمدفعية الثقيلة خلال الأيام الماضية مخيمي زمزم وأبوشوك، ما أدى إلى وقوع قتلى وجرحى غالبيتهم من النساء والأطفال والعجزة من الجنسين».

ودعا المتحدث باسم المنسقية، آدم رجال، الأطراف المتحاربة إلى الابتعاد عن استهداف مناطق النازحين، وعدم استخدام المدنيين العزّل «دروعاً بشرية» لتحقيق مكاسب سياسية وعسكرية.

وطالب رجال «قوات الدعم السريع» بوقف القصف المدفعي العشوائي، والقصف الجوي من قبل الجيش السوداني، وقال: «ينبغي أن يتم وقف الحرب بشكل فوري وعاجل من خلال وقف إطلاق النار وإنهاء العدائيات مباشرة لإنقاذ حياة النازحين من الأطفال والنساء».

ودعا المتحدث باسم النازحين، آدم رجال، المجتمع الدولي إلى ممارسة المزيد من الضغوط على الأطراف المتصارعة للالتزام بالقوانين الدولية، لوضع حد للقصف العشوائي بالمدافع الثقيلة والبراميل المتفجرة في الأماكن المأهولة بالمدنيين. وقال: «لا يوجد ما يبرر هذه الأعمال الإجرامية، لقد حان الوقت لإنقاذ ما تبقى من أرواح بريئة، فالكارثة لم تعد تحتمل المزيد من التأجيل».

بقايا مقذوف مدفعي استهدف معسكر زمزم للنازحين (متداولة)

وخلال الأسبوع الماضي أفادت تقارير حكومية رسمية بمقتل أكثر من 57 مدنياً وإصابة 376 في الهجمات على الفاشر ومعسكر زمزم.

وتُعد الفاشر من أكثر خطوط المواجهة اشتعالاً بين «قوات الدعم السريع» والجيش السوداني وحلفائه الذين يقاتلون للحفاظ على موطئ قدم أخير في منطقة دارفور.

وتسيطر الدعم السريع على 4 من أصل 5 ولايات في إقليم دارفور، هي: جنوب وشرق ووسط وغرب دارفور بعد أن تمكّنت من إبعاد القوات المسلحة السودانية، فيما تقود معارك ضارية للسيطرة على مدينة الفاشر.

وفي الخرطوم بحري تجددت المعارك العنيفة، فجر السبت، بين الجيش السوداني و«قوات الدعم السريع» في عدة محاور بالمدينة.

وقال سكان لـ«الشرق الأوسط» إنهم سمعوا دوي انفجارات قوية هزت أرجاء المدينة.

ووفقاً لمصادر ميدانية، تدور الاشتباكات على بعد كيلومترات من ضاحية العزبة، بعد تقدم الجيش السوداني وسيطرته على أغلب أحياء منطقة السامراب بمدينة بحري.

وأعلنت غرفة طوارئ جنوب الحزام بولاية الخرطوم عن أن 4 أشخاص قتلوا وأصيب أكثر من 30 آخرين، الجمعة، جراء قصف جوي بالطيران التابع للجيش السوداني على منطقة الشاحنات.

وعلى الرغم من تقدم الجيش السوداني عسكرياً خلال الأشهر الماضية في مدينة بحري، لا تزال «قوات الدعم السريع» على معظم أنحاء العاصمة الخرطوم وولاية الجزيرة في وسط البلاد، ومناطق شاسعة في إقليم دارفور، إضافة إلى جزء كبير من كردفان إلى الجنوب.

اندلعت الحرب بين الجيش السوداني و«قوات الدعم السريع» منذ أكثر من 18 شهراً، وأدت إلى مقتل أكثر من 188 ألف شخص، وفرار أكثر من 10 ملايين شخص من منازلهم.