علماء يحذرون: هاتفك الذكي قد يصيبك بـ«فقدان الذاكرة الرقمي»

الاعتماد على الهواتف الذكية بشكل كبير قد يغير في النهاية من طريقة عمل ذاكرتنا (رويترز)
الاعتماد على الهواتف الذكية بشكل كبير قد يغير في النهاية من طريقة عمل ذاكرتنا (رويترز)
TT

علماء يحذرون: هاتفك الذكي قد يصيبك بـ«فقدان الذاكرة الرقمي»

الاعتماد على الهواتف الذكية بشكل كبير قد يغير في النهاية من طريقة عمل ذاكرتنا (رويترز)
الاعتماد على الهواتف الذكية بشكل كبير قد يغير في النهاية من طريقة عمل ذاكرتنا (رويترز)

قبل انتشار الهواتف الذكية، اعتاد الأشخاص تدريب عقولهم على تذكر المواعيد المهمة والطرق التي يسيرون فيها بسياراتهم وأرقام هواتف منازل بعض أصدقائهم وأفراد عائلاتهم.
أما في الوقت الحالي، وبعد انتشار الهواتف الذكية، فقد أصبح الاعتماد الأساسي على «ذاكرة الهاتف» بدلاً من «ذاكرة الأشخاص»، وفقاً لما ذكرته صحيفة الـ«غارديان» البريطانية.
ولفت علماء الأعصاب إلى أن الاعتماد على الهواتف الذكية بشكل كبير، قد يغير في النهاية من طريقة عمل ذاكرتنا، وهي الحالة التي تسمى «فقدان الذاكرة الرقمي».
وقال كريس بيرد، أستاذ علم الأعصاب الإدراكي في كلية علم النفس بجامعة ساسكس: «لقد تعودنا في السابق أن نقوم بتذكر الأشياء المهمة، أو تدوينها في ورقة، وهي الأمور التي كانت تنشط الذاكرة بشكل كبير. أما الآن؛ فنحن نعتمد على الهواتف بشكل أساسي في أي عمليات تحتاج إلى ذاكرة أو تفكير. وبهذه الطريقة؛ ندرب عقولنا على الكسل ونغلق تدريجياً غرف تدوين وحفظ الذكريات».
من جهته، قال البروفسور أوليفر هاردت، الذي يدرس البيولوجيا العصبية للذاكرة والنسيان بجامعة ماكجيل في مونتريال: «بمجرد التوقف عن استخدام ذاكرتك، فسيزداد الأمر سوءاً، مما يجعلك تستخدم أجهزتك بشكل أكبر». وأضاف: «نحن نستخدم الهواتف حالياً في كل شيء. فبضغطة زر يمكننا الحصول على أي معلومة نحتاج إليها في ثوان. إنه أمر مريح للغاية، لكن الراحة لها ثمن. من الجيد أن تدرب ذاكرتك على حفظ وتذكر بعض الأشياء».
ولفت هاردت إلى أن اعتمادنا الكلي على «نظام تحديد المواقع العالمي (GPS)»، بدلاً من حفظ وتذكر الطرق، من المحتمل أن يقلل من كثافة المادة الرمادية في الدماغ؛ الأمر الذي يهدد بإصابة الشخص بالخرف.

أما عالمة الأعصاب والباحثة الشهيرة في مجال الذاكرة، ويندي سوزوكي، فقد أشارت إلى أن الهواتف الذكية رغم أنها تفتح آفاقاً جديدة كاملة من المعرفة، فإنها يمكن أن تتسبب في انغلاق الشخص في عالم افتراضي وعدم تواصله مع الأشخاص الحقيقيين؛ الأمر الذي يؤثر على إدراكه بمرور الوقت. كما أكدت أن هذا الانغلاق والاعتماد الكلي على الهاتف يؤثر على الإبداع بشكل ملحوظ ويجعل الأشخاص محدودي التفكير. وأوضحت: «الإبداع يعتمد على البصيرة. والبصيرة هي القدرة على ربط شيئين مختلفين في عقلك. وهي تتطلب أن يكون لديك كثير من المواد الخام في دماغك، والتي تتمثل في (الذكريات طويلة المدى)».
وأيدت كاثرين برايس، الكاتبة العلمية ومؤلفة كتاب «كيف تتخلى عن هاتفك»، رأي سوزوكي، مضيفة أن الهواتف تجعل الأشخاص غير قادرين على أداء مهام متعددة في وقت واحد. وتابعت: «إذا كنت تهتم بهاتفك وتعتمد عليه في كل شيء بشكل أساسي، فلن يعتاد عقلك أداء العديد من المهام في الوقت نفسه دون مساعدة».
من ناحيتها، أشارت عالمة الأعصاب في جامعة كامبريدج، باربرا ساهاكيان، إلى تجربة أجريت في عام 2010 تم تقسيم المشاركين فيها إلى 3 مجموعات مختلفة، وطلب منهم جميعاً قراءة مقال معين.
وجرى إرسال رسالة فورية على هواتف المشاركين في المجموعة الأولى قبل بدء مهمة قراءة المقال، في حين جرى إرسال الرسالة إلى المجموعة الثانية أثناء المهمة، ولم تحصل المجموعة الثالثة على أي رسائل.

وبعد ذلك أُجري اختبار ذاكرة للمشاركين جميعاً، حيث ثبت أن الأشخاص في المجموعتين الأولى والثانية لم يتذكروا بشكل دقيق ما قرأوه للتو، بسبب انشغالهم بقراءة رسائل هواتفهم.
وقالت كاثرين لوفداي، أستاذة علم الأعصاب الإدراكي في جامعة وستمنستر، إن ذاكرة الأشخاص تأثرت بشكل أكبر مؤخراً عقب انتشار وباء «كورونا»، حيث زاد استخدام الإنترنت والهواتف الذكية بشكل كبير لمعرفة الأخبار والتفاعل مع الآخرين خلال فترة الإغلاق والعزلة.
ووفقاً لاستطلاع رأي أجرته لوفداي في عام 2021، فقد شعر 80 في المائة من الأشخاص أن ذكرياتهم تأثرت سلباً بشكل ملحوظ بعد انتشار الوباء.
ونصح علماء الأعصاب الأشخاص بمحاولة الابتعاد عن هواتفهم الذكية لمدة معينة، تزداد تدريجياً بشكل يومي، وتدريب عقولهم على حفظ بعض المعلومات المدونة بالهاتف حفاظاً على ذاكرتهم وتجنباً للتدهور المعرفي الذي يزيد مع التقدم في العمر.


مقالات ذات صلة

«بلاك هات» تعود إلى الرياض بنسختها الثالثة

عالم الاعمال «بلاك هات» تعود إلى الرياض بنسختها الثالثة

«بلاك هات» تعود إلى الرياض بنسختها الثالثة

تعود فعالية الأمن السيبراني الأبرز عالمياً «بلاك هات» في نسختها الثالثة إلى «مركز الرياض للمعارض والمؤتمرات» ببلدة ملهم شمال العاصمة السعودية الرياض.

تكنولوجيا «غوغل» تطلق النسخة الأولية من آندرويد 16 للمطورين مع ميزات جديدة لتعزيز الخصوصية ومشاركة البيانات الصحية (غوغل)

«غوغل» تطلق النسخة الأولية من آندرويد 16 للمطورين مع ميزات جديدة

أطلقت «غوغل» النسخة التجريبية الأولية من آندرويد 16 للمطورين، وهي خطوة تمهد الطريق للتحديثات الكبيرة المقبلة في هذا النظام.

عبد العزيز الرشيد (الرياض)
تكنولوجيا «أبل» تؤكد مشكلة اختفاء الملاحظات بسبب خلل بمزامنة (iCloud) وتوضح خطوات استعادتها مع توقع تحديث (iOS) قريب (أبل)

اختفاء الملاحظات في أجهزة آيفون... المشكلة والحلول

وفقاً لتقرير رسمي من «أبل»، فإن المشكلة تتعلق بإعدادات مزامنة الآيكلاود (iCloud).

عبد العزيز الرشيد (الرياض)
تكنولوجيا تمكنك «دورا» من تصميم مواقع ثلاثية الأبعاد مذهلة بسهولة تامة باستخدام الذكاء الاصطناعي دون الحاجة لأي معرفة برمجية (دورا)

صمم موقعك ثلاثي الأبعاد بخطوات بسيطة ودون «كود»

تتيح «دورا» للمستخدمين إنشاء مواقع مخصصة باستخدام الذكاء الاصطناعي عبر إدخال وصف نصي بسيط.

عبد العزيز الرشيد (الرياض)
خاص يحول الذكاء الاصطناعي الطابعات من مجرد خدمة بسيطة إلى أداة أكثر ذكاءً واستجابة لحاجات المستخدمين (أدوبي)

خاص كيف يجعل الذكاء الاصطناعي الطابعات أكثر ذكاءً؟

تلتقي «الشرق الأوسط» الرئيسة العامة ومديرة قسم الطباعة المنزلية في شركة «إتش بي» (HP) لفهم تأثير الذكاء الاصطناعي على عمل الطابعات ومستقبلها.

نسيم رمضان (بالو ألتو - كاليفورنيا)

تجميد الجثث أملاً في إحيائها مستقبلاً لم يعد يقتصر على الخيال العلمي

إميل كيندزورا أحد مؤسسي شركة «توموروو بايوستيتس» (على اليمين) داخل مركز تخزين الجثث في سويسرا (أ.ف.ب)
إميل كيندزورا أحد مؤسسي شركة «توموروو بايوستيتس» (على اليمين) داخل مركز تخزين الجثث في سويسرا (أ.ف.ب)
TT

تجميد الجثث أملاً في إحيائها مستقبلاً لم يعد يقتصر على الخيال العلمي

إميل كيندزورا أحد مؤسسي شركة «توموروو بايوستيتس» (على اليمين) داخل مركز تخزين الجثث في سويسرا (أ.ف.ب)
إميل كيندزورا أحد مؤسسي شركة «توموروو بايوستيتس» (على اليمين) داخل مركز تخزين الجثث في سويسرا (أ.ف.ب)

قررت بيكا زيغلر البالغة 24 عاماً، تجميد جثتها في برّاد بعد وفاتها عن طريق مختبر في برلين، على أمل محدود بإعادة إحيائها مستقبلاً.

وقّعت هذه المرأة الأميركية التي تعيش وتعمل في العاصمة الألمانية، عقداً مع شركة «توموروو بايوستيتس» الناشئة المتخصصة في حفظ الموتى في درجات حرارة منخفضة جداً لإعادة إحيائهم في حال توصّل التقدم العلمي إلى ذلك يوماً ما.

وعندما تتوفى زيغلر، سيضع فريق من الأطباء جثتها في حوض من النيتروجين السائل عند حرارة 196 درجة مئوية تحت الصفر، ثم ينقلون الكبسولة إلى مركز في سويسرا.

وتقول زيغلر، وهي مديرة لقسم المنتجات في إحدى شركات التكنولوجيا في كاليفورنيا، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «بشكل عام، أحب الحياة ولدي فضول لمعرفة كيف سيبدو عالمنا في المستقبل».

ولم يعد علم حفظ الجسم بالتبريد الذي ظهر في ستينات القرن العشرين، مقتصراً على أصحاب الملايين أو الخيال العلمي كما ظهر في فيلم «ذي إمباير سترايكس باك» الذي تم فيه تجميد هان سولو، وفيلم «هايبرنيتس» حين يعود رجل تحرر من الجليد القطبي، إلى الحياة.

توفّر شركات في الولايات المتحدة هذه الخدمة أصلاً، ويُقدّر عدد الأشخاص الذي وُضعت جثثهم في التبريد الأبدي بـ500 فرد.

50 يورو شهرياً

تأسست «توموروو بايوستيتس» عام 2020 في برلين، وهي الشركة الأولى من نوعها في أوروبا.

وفي حديث إلى «وكالة الصحافة الفرنسية»، يقول إميل كيندزورا، أحد مؤسسي الشركة، إن أحد أهدافها «هو خفض التكاليف حتى يصبح تبريد الجثة في متناول الجميع».

إميل كيندزورا أحد مؤسسي «توموروو بايوستيتس» يقف داخل إحدى سيارات الإسعاف التابعة للشركة خارج مقرها في برلين (أ.ف.ب)

ولقاء مبلغ شهري قدره 50 يورو (نحو 52.70 دولار) تتقاضاه من زبائنها طيلة حياتهم، تتعهد الشركة الناشئة بتجميد جثثهم بعد وفاتهم.

يضاف إلى الـ50 يورو مبلغ مقطوع قدره 200 ألف يورو (نحو 211 ألف دولار) يُدفع بعد الوفاة - 75 ألف يورو (نحو 79 ألف دولار) لقاء تجميد الدماغ وحده - ويمكن أن يغطيه نظام تأمين على الحياة.

ويقول كيندزورا (38 سنة) المتحدر من مدينة دارمشتات في غرب ألمانيا، إنه درس الطب وتخصص في الأبحاث المتعلقة بالسرطان، قبل أن يتخلى عن هذا الاختصاص بسبب التقدم البطيء في المجال.

وتشير «توموروو بايوستيتس» إلى أنّ نحو 700 زبون متعاقد معها. وتقول إنها نفذت عمليات تبريد لأربعة أشخاص بحلول نهاية عام 2023.

ويلفت كيندزورا إلى أنّ غالبية زبائنه يتراوح عمرهم بين 30 و40 سنة، ويعملون في قطاع التكنولوجيا، والذكور أكثر من الإناث.

عندما يموت أحد الزبائن، تتعهد «توموروو بايوستيتس» بإرسال سيارة إسعاف مجهزة خصيصاً لتبريد المتوفى باستخدام الثلج والماء. يتم بعد ذلك حقن الجسم بمادة «حفظ بالتبريد» ونقله إلى المنشأة المخصصة في سويسرا.

دماغ أرنب

في عام 2016، نجح فريق من العلماء في حفظ دماغ أرنب بحال مثالية بفضل عملية تبريد. وفي مايو (أيار) من هذا العام، استخدم باحثون صينيون من جامعة فودان تقنية جديدة لتجميد أنسجة المخ البشري، تبين أنها تعمل بكامل طاقتها بعد 18 شهراً من التخزين المبرد.

لكنّ هولغر رينش، الباحث في معهد «آي إل كاي» في دريسدن (شرق ألمانيا)، يرى أنّ الآمال في إعادة شخص متجمد إلى الحياة في المستقبل القريب ضئيلة جداً.

ويقول لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «نشكّ في ذلك. أنصح شخصياً بعدم اللجوء إلى مثل هذا الإجراء».

ويتابع: «في الممارسة الطبية، إنّ الحدّ الأقصى لبنية الأنسجة التي يمكن حفظها بالتبريد هو بحجم وسمك ظفر الإبهام، والوضع لم يتغير منذ سبعينات القرن العشرين».

ويقرّ كيندزورا بعدم وجود ضمانات، ويقول: «لا نعرف ما إذا كان ذلك ممكناً أم لا. أعتقد أن هناك فرصة جيدة، لكن هل أنا متأكد؟ قطعاً لا».

بغض النظر عما يمكن أن يحدث في المستقبل، تقول زيغلر إنها متأكدة من أنها لن تندم على قرارها. وتضيف: «قد يبدو الأمر غريباً، لكن من ناحية أخرى، البديل هو أن يضعوك داخل تابوت وتأكلك الديدان».