خطباء في صنعاء يحذرون من مبادرات إنسانية تتجاوز إشراف الميليشيات

TT

خطباء في صنعاء يحذرون من مبادرات إنسانية تتجاوز إشراف الميليشيات

حذر خطباء حوثيون من على منابر بعض المساجد في العاصمة المختطفة صنعاء التجار وفاعلي الخير والجمعيات والمتطوعين إنسانياً من مغبة إطلاق أي مبادرات تقدم المساعدة للفقراء قبيل عيد الأضحى المبارك دون إشراف ورقابة مباشرة من عناصر الميليشيات.
وأوضح سكان في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، أن خطباء الجماعة الحوثية في عديد من مساجد العاصمة أطلقوا من على المنابر خلال خطبتي الجمعة الماضي سلسلة تنبيهات للتجار والمنظمات والمتطوعين وغيرهم بالإنابة عن سلطات الانقلاب تحذرهم من تجاوز الأجهزة الميليشاوية وتوزيع المساعدات للمحتاجين دون الرجوع إليها وطلب الاستشارة والإذن المسبق منها.
وأشارت المصادر إلى أن معممي الجماعة ومن على منابر بعض المساجد بنطاق مديريتي معين والسبعين بصنعاء كشفوا عقب تحذيراتهم تلك عن تشكيل الانقلابيين فرقاً وجماعات ستتولى مهام إدارة وتوزيع كل المساعدات، على رأسها تلك التي يعتزم تجار وفاعلو خير ومبادرات توزيعها على الفقراء في مناطق سيطرة الجماعة.
وطبقاً للسكان، أعلن الخطباء المؤدلجون طائفياً اعتزام جماعتهم بقادم الأيام ارتكاب جرائم منع وملاحقة وقمع واختطاف بحق من يقدمون العون والمساندة للمحتاجين، زاعمين أن ذلك يأتي بسياق الترتيب الصحيح لهذه العملية قبيل قدوم العيد الكبير وبعيداً عمن تطلق عليه الجماعة الحوثية «الدعم والتمويل المقدم من الجهات المشبوهة».
ووصف حقوقيون في صنعاء، تحدثوا مع «الشرق الأوسط»، ذلك الأسلوب بأنه يندرج في إطار تحرك الميليشيات الاستباقي للحيلولة دون وصول أي مساعدات بما فيها «أضاحي العيد» إلى مستحقيها. وأكد الناشطون أن الهدف من ذلك هو سطو الميليشيات على كل المساعدات وتخصيصها فقط لصالح أتباعها وأسر قتلاها.
ويأتي ذلك - بحسب الحقوقيين - في الوقت الذي لا يزال فيه غالبية اليمنيين يعيشون أوضاعاً اقتصادية حرجة رافقها ارتفاع أعداد الفقراء والجوعى إلى أرقام غير مسبوقة بفعل الانقلاب وآلة الفساد والحرب الحوثية.
وعلى الصعيد ذاته، كشف مصدر مقرب من دائرة حكم الجماعة الانقلابية في صنعاء، لـ«الشرق الأوسط»، عن نشر الجماعة كعادتها كل مرة وقبيل قدوم عيد الأضحى العشرات من أتباعها بأحياء متفرقة في صنعاء بهدف المراقبة والإبلاغ عن أي مبادرات تطوعية ومنظمات وجمعيات ورجال أعمال يقدمون العون للأسر الفقيرة.
ولم تكن هذه المرة الأولى التي يحرم فيها الانقلابيون الفقراء بمدن سيطرتهم من الحصول على أي معونات يقدمها الغير لهم لسد رمقهم وأطفالهم. فقد سبق للميليشيات أن انتهجت خلال السنوات السابقة ذلك الأسلوب الإجرامي بسياق مواصلتها إذلال وإفقار وتجويع الشعب اليمني.
وفي مثل هذه الأيام من العام الماضي شنت الجماعة، حملة شعواء طالت ناشطين وشباناً متطوعين إنسانياً بأحياء ومناطق متفرقة من صنعاء العاصمة لحظة اعتزامهم البدء في توزيع مساعدات على الفقراء.
أعقب ذلك بأيام وتحديداً في أول أيام عيد الأضحى، تنفيذ حملة اعتقال واسعة بحق عشرات المتطوعين بالعاصمة ذاتها أثناء قيامهم بتوزيع لحوم الأضاحي على المحتاجين في إطار مبادرات خيرية هدفها التخفيف من معاناة السكان.
وأكدت مصادر حقوقية في صنعاء حينها لـ«الشرق الأوسط»، أن مسلحين تابعين لما يسمى «جهاز الأمن الوقائي» شنوا حملة ملاحقة واحتجاز طالت شباناً متطوعين بأحياء مذبح وشملان (غرب صنعاء) لحظة تسليمهم لحوم الأضاحي لصالح الأسر الفقيرة والأشد فقراً. مشيرة إلى أن الحملة جاءت فور تلقي الجماعة بلاغات من جواسيس كانت زرعتهم سابقاً بأحياء متفرقة من العاصمة.
وإلى جانب مصادرة الجماعة عدداً من الأضاحي والمساعدات، ذكرت المصادر، لـ«الشرق الأوسط»، أن الحملة أسفرت في غضون يوم عن إيقاف ثلاث فرق تطوعية واحتجاز ما يزيد على 29 شاباً وناشطاً، بعضهم يعمل في مبادرات تطوعية وآخرون في مؤسسات وجمعيات خيرية وإنسانية.
ومنذ مطلع العام الحالي، ارتفعت وتيرة الاستهدافات الحوثية بحق المبادرات الشبابية التطوعية، حيث ضيقت الميليشيات الخناق على جميع المنظمات والمؤسسات والجمعيات الخيرية والإنسانية المحلية والخارجية العاملة في مناطق سيطرتها.
وفي أواخر أبريل (نيسان) الماضي، كشفت مصادر حقوقية في صنعاء عن منع الميليشيات لـ35 فرقة ومبادرة شبابية تطوعية من تنفيذ مشاريع إنسانية لصالح الآلاف من الفقراء في صنعاء ومدن يمنية أخرى.


مقالات ذات صلة

الحوثيون يُخضعون إعلاميين وناشطين في الحديدة للتعبئة

المشرق العربي جانب من إخضاع الحوثيين سكاناً في مدينة الحديدة للتعبئة القتالية (فيسبوك)

الحوثيون يُخضعون إعلاميين وناشطين في الحديدة للتعبئة

بعد أن أخضعت العشرات منهم لدورات تدريبية تعبوية، منعت الجماعة الحوثية إعلاميين وصحافيين وناشطين حقوقيين في محافظة الحديدة اليمنية (223 كلم غرب صنعاء) من العمل.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
المشرق العربي جرافة حوثية تهدم محلاً تجارياً في إحدى المناطق التابعة لمحافظة الضالع (فيسبوك)

اعتداءات مسلحة أثناء تحصيل الحوثيين جبايات في الضالع

يتهم سكان محافظة الضالع اليمنية الجماعة الحوثية بارتكاب ممارسات إجرامية خلال تحصيل إتاوات تعسفية وغير قانونية من الباعة والتجار والسكان.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
العالم العربي مركز الملك سلمان وقع اتفاقية تعاون لتنفيذ مشروع العودة إلى المدارس في اليمن (واس)

«مركز الملك سلمان» يوقع اتفاقيات لتعزيز التعليم والصحة في اليمن

وقع «مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية»، اتفاقيات متنوعة لتعزيز القطاع التعليمي والطبي في محافظات يمنية عدة يستفيد منها ما يزيد على 13 ألف فرد.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
العالم العربي انتهاكات جسيمة بحق الصحافة والصحافيين ارتكبتها الجماعة الحوثية خلال سنوات الانقلاب والحرب (إعلام محلي)

تأسيس شبكة قانونية لدعم الصحافيين اليمنيين

أشهر عدد من المنظمات المحلية، بالشراكة مع منظمات أممية ودولية، شبكة لحماية الحريات الصحافية في اليمن التي تتعرّض لانتهاكات عديدة يتصدّر الحوثيون قائمة مرتكبيها.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي أطفال مرضى السرطان في محافظة إب اليمنية خلال مشاركتهم في مخيم ترفيهي (فيسبوك)

الموت يهدّد آلاف مرضى السرطان في إب اليمنية

يواجه الآلاف من مرضى السرطان في محافظة إب اليمنية خطر الموت بسبب إهمال الرعاية الطبية وسط اتهامات للجماعة الحوثية بنهب الأدوية والمعونات

«الشرق الأوسط» (صنعاء)

طائرات سورية وروسية تقصف شمال غربي سوريا الخاضع لسيطرة المعارضة

TT

طائرات سورية وروسية تقصف شمال غربي سوريا الخاضع لسيطرة المعارضة

قوات جوية روسية وسورية تقصف مناطق خاضعة لسيطرة المعارضة في شمال غرب سوريا قرب الحدود مع تركيا (أ.ب)
قوات جوية روسية وسورية تقصف مناطق خاضعة لسيطرة المعارضة في شمال غرب سوريا قرب الحدود مع تركيا (أ.ب)

قال الجيش السوري ومصادر من قوات المعارضة إن قوات جوية روسية وسورية قصفت مناطق خاضعة لسيطرة المعارضة، شمال غربي سوريا، قرب الحدود مع تركيا، اليوم (الخميس)، لصد هجوم لقوات المعارضة استولت خلاله على أراضٍ لأول مرة منذ سنوات.

ووفقاً لـ«رويترز»، شن تحالف من فصائل مسلحة بقيادة هيئة تحرير الشام هجوماً، أمس (الأربعاء)، اجتاح خلاله 10 بلدات وقرى تحت سيطرة قوات الرئيس السوري بشار الأسد في محافظة حلب، شمال غربي البلاد.

وكان الهجوم هو الأكبر منذ مارس (آذار) 2020، حين وافقت روسيا التي تدعم الأسد، وتركيا التي تدعم المعارضة، على وقف إطلاق نار أنهى سنوات من القتال الذي تسبب في تشريد ملايين السوريين المعارضين لحكم الأسد.

وفي أول بيان له، منذ بدء الحملة المفاجئة قال الجيش السوري: «تصدَّت قواتنا المسلحة للهجوم الإرهابي الذي ما زال مستمراً حتى الآن، وكبَّدت التنظيمات الإرهابية المهاجمة خسائر فادحة في العتاد والأرواح».

وأضاف الجيش أنه يتعاون مع روسيا و«قوات صديقة» لم يسمِّها، لاستعادة الأرض وإعادة الوضع إلى ما كان عليه.

وقال مصدر عسكري إن المسلحين تقدموا، وأصبحوا على مسافة 10 كيلومترات تقريباً من مشارف مدينة حلب، وعلى بُعد بضعة كيلومترات من بلدتَي نبل والزهراء الشيعيتين اللتين بهما حضور قوي لجماعة «حزب الله» اللبنانية المدعومة من إيران.

كما هاجموا مطار النيرب، شرق حلب، حيث تتمركز فصائل موالية لإيران.

وتقول قوات المعارضة إن الهجوم جاء رداً على تصعيد الضربات في الأسابيع الماضية ضد المدنيين من قبل القوات الجوية الروسية والسورية في مناطق جنوب إدلب، واستباقاً لأي هجمات من جانب الجيش السوري الذي يحشد قواته بالقرب من خطوط المواجهة مع قوات المعارضة.

وفي الوقت نفسه، ذكرت وسائل إعلام إيرانية رسمية، اليوم (الخميس)، أن البريجادير جنرال كيومارس بورهاشمي، وهو مستشار عسكري إيراني كبير في سوريا، قُتل في حلب على يد قوات المعارضة.

وأرسلت إيران آلاف المقاتلين إلى سوريا خلال الصراع هناك. وبينما شمل هؤلاء عناصر من الحرس الثوري، الذين يعملون رسمياً مستشارين، فإن العدد الأكبر منهم من عناصر جماعات شيعية من أنحاء المنطقة.

وقالت مصادر أمنية تركية اليوم (الخميس) إن قوات للمعارضة في شمال سوريا شنَّت عملية محدودة، في أعقاب هجمات نفذتها قوات الحكومة السورية على منطقة خفض التصعيد في إدلب، لكنها وسَّعت عمليتها بعد أن تخلَّت القوات الحكومية عن مواقعها.

وأضافت المصادر الأمنية أن تحركات المعارضة ظلَّت ضمن حدود منطقة خفض التصعيد في إدلب التي اتفقت عليها روسيا وإيران وتركيا في عام 2019، بهدف الحد من الأعمال القتالية بين قوات المعارضة وقوات الحكومة.

وقال مصدر بوزارة الدفاع التركية إن تركيا تتابع التطورات في شمال سوريا عن كثب، واتخذت الاحتياطات اللازمة لضمان أمن القوات التركية هناك.

ولطالما كانت هيئة تحرير الشام، التي تصنِّفها الولايات المتحدة وتركيا منظمة إرهابية، هدفاً للقوات الحكومية السورية والروسية.

وتتنافس الهيئة مع فصائل مسلحة مدعومة من تركيا، وتسيطر هي الأخرى على مساحات شاسعة من الأراضي على الحدود مع تركيا، شمال غربي سوريا.

وتقول قوات المعارضة إن أكثر من 80 شخصاً، معظمهم من المدنيين، قُتلوا منذ بداية العام في غارات بطائرات مُسيرة على قرى تخضع لسيطرة قوات المعارضة.

وتقول دمشق إنها تشن حرباً ضد مسلحين يستلهمون نهج تنظيم القاعدة، وتنفي استهداف المدنيين دون تمييز.