مصادر يمنية لـ {الشرق الأوسط}: الحوثيون يوافقون على تطبيق نسبة مما نصت عليه القرارات الأممية

هادي يجتمع بقيادات حزبية في الرياض ويحذر من «حرب إبادة» تقوم بها جماعة الحوثي

يمني يجمع مع ابنه الحطب في صنعاء يوم أمس لمواجهة أزمة الغاز التي يعاني منها البلد (إ.ب.أ)
يمني يجمع مع ابنه الحطب في صنعاء يوم أمس لمواجهة أزمة الغاز التي يعاني منها البلد (إ.ب.أ)
TT

مصادر يمنية لـ {الشرق الأوسط}: الحوثيون يوافقون على تطبيق نسبة مما نصت عليه القرارات الأممية

يمني يجمع مع ابنه الحطب في صنعاء يوم أمس لمواجهة أزمة الغاز التي يعاني منها البلد (إ.ب.أ)
يمني يجمع مع ابنه الحطب في صنعاء يوم أمس لمواجهة أزمة الغاز التي يعاني منها البلد (إ.ب.أ)

غادر المبعوث الأممي الجديد إلى اليمن، إسماعيل ولد الشيخ أحمد صنعاء أمس بعد سلسلة من المشاورات بشأن الأزمة الراهنة في اليمن ومستقبل التسوية السياسية، في الوقت الذي تتمسك القيادة اليمنية الشرعية بالقرارات الأممية وتطالب بأن ينفذها الحوثيون. وأفادت مصادر مطلعة في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن ولد الشيخ أجرى، خلال زيارته إلى العاصمة اليمنية، مباحثات مع قيادات من الحوثيين وقيادات في حزب المؤتمر الشعبي العام الذي يتزعمه الرئيس اليمني المخلوع علي عبد الله صالح. وأضافت المصادر أن الحوثيين وحزب المخلوع أكدوا للمبعوث الأممي تمسكهم بإجراء حوار أو مفاوضات في جنيف برعاية الأمم المتحدة، مطالبين بسرعة وقف غارات التحالف المستمرة في استهداف المواقع العسكرية للحوثيين والموالين لصالح. وأشارت المعلومات إلى أن صالح يشدد على عقد المفاوضات في جنيف، لتأكيد ما سبق وطرحه الشهر الماضي رغبته في حوار في جنيف من دون التزام مسبق بقرارات الأمم المتحدة.
وتوقعت المصادر اليمنية المطلعة أن يتم التوصل إلى اتفاق بشأن هدنة إنسانية جديدة في القريب العاجل. وكشفت مصادر سياسية يمنية مطلعة لـ«الشرق الأوسط» عن «ما يشبه صيغة اتفاق مرن» ينقله ولد الشيخ إلى القيادة السياسية الشرعية ممثلة في الرئيس عبد ربه منصور هادي ونائبه خالد محفوظ بحاح خلال زيارته إلى الرياض. وبحسب المصادر اليمنية، فإن المشروع يتطرق إلى موضوع الاتفاق على إجراء مفاوضات جنيف، المعروفة أيضا بمؤتمر جنيف حول اليمن، ليشمل جميع الأطراف اليمنية. وكررت المصادر التأكيد لـ«الشرق الأوسط» على أن أبرز النقاط التي تجري بشأنها المباحثات في صنعاء والرياض، في سياق موضوع مؤتمر جنيف، تتعلق بتنفيذ الحوثيين وصالح لقرارات الأمم المتحدة وبالأخص قرار 2216. وذكرت المصادر أن «بعض القوى الدولية تبدو متحمسة لمؤتمر جنيف في ضوء المشاورات الجديدة والمرونة التي يبديها الحوثيون من أجل عدم تفويت هذه الفرصة التاريخية لإجراء مفاوضات والتوصل إلى تسوية سياسية». وأضافت أن الحوثيين «سينفذون نسبة كبيرة مما نص عليه القرار الأممي»، من دون تحديد عناصر تلك البنود التي تشمل إعادة السلطة للحكومة الشرعية والانسحاب من المواقع الحكومية.
وكان مؤتمر جنيف الذي حددت الأمم المتحدة موعده الأولي الأسبوع الماضي فشل في الانعقاد بسبب رفض الحوثيين تطبيق القرارات الصادرة عن مجلس الأمن وتمسك الحكومة الشرعية بتلك القرارات. وكانت مصادر مطلعة كشفت لـ«الشرق الأوسط»، أول من أمس، عن أن المبعوث الأممي يبحث في صنعاء خيارين أساسيين، هما هدنة إنسانية جديدة وإجراء مفاوضات يمنية – يمنية قبل قدوم شهر رمضان المبارك، أي خلال الأسبوعين المقبلين.
وفي هذا الوقت، أكدت السلطة اليمنية الشرعية تمسكها بالمرجعيات المتفق عليها وطنيا وإقليميا ودوليا، وفي المقدمة قرارات مجلس الأمن الدولي. وعقد الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي اجتماعا أمس برئيس وأعضاء الحكومة ومستشاريه وقيادات عدد من الأحزاب اليمنية. وقالت مصادر رسمية يمنية إن الاجتماع ناقش «مجمل القضايا والأحداث على الساحة المحلية والدولية وتطورات الأحداث في مختلف محافظات اليمنية وما تتعرض له من أعمال عنف وقتل الأبرياء وترويع النساء والأطفال وتدمير المنازل بطريقة تتنافى مع قيمنا الإنسانية وعقيدتنا الإسلامية السمحاء». ونقلت المصادر الرسمية عن هادي قوله إن «حساسية المرحلة تتطلب منا جميعًا تضافر كافة الجهود من أجل إخراج اليمن من وضعها الراهن إلى وضع آمن ومستقر، وتجاوز كافة الصعوبات والعقبات التي وضعت في طريق المرحلة الانتقالية من خلال التصعيد الخطير الذي تقوم به ميليشيات الحوثي وصالح بدءا بالانقلاب على الشرعية الدستورية مرورًا باستيلائهم على المؤسسات الحكومة ونهبهم للمؤسسات العسكرية، وممارستهم لحرب الإبادة التي يتعرض لها أبناء الشعب اليمني في مختلف المحافظات والمدن اليمنية في حالة هستيرية غير مسبوقة». وأضاف هادي أن «مهمتنا اليوم تتمثل في إخراج اليمن من وضعه الراهن إلى وضع آمن ومستقر، وتوفير متطلبات الحياة الضرورية للمواطن بدلا من حصاره وفي مقدمة ذلك توفير المواد الغذائية والأدوية والمستلزمات الطبية والمشتقات النفطية والكهرباء والماء والغاز المنزلي وعودة العالقين من كافة الدول إلى أرض الوطن وإيقاف نزيف الدم الذي يراق بدم بارد من قبل تلك الميليشيات الخارجة عن النظام والقانون، وتنفيذ قرار مجلس الأمن 2216 والقرارات ذات الصلة».



كيف سيتصرف «حزب الله» وهل يتفلّت نتنياهو من الضغط الأميركي؟

لدى نصر الله ونتنياهو حسابات معقدة تحول دون تراجعهما (أ.ف.ب - رويترز)
لدى نصر الله ونتنياهو حسابات معقدة تحول دون تراجعهما (أ.ف.ب - رويترز)
TT

كيف سيتصرف «حزب الله» وهل يتفلّت نتنياهو من الضغط الأميركي؟

لدى نصر الله ونتنياهو حسابات معقدة تحول دون تراجعهما (أ.ف.ب - رويترز)
لدى نصر الله ونتنياهو حسابات معقدة تحول دون تراجعهما (أ.ف.ب - رويترز)

يتوقف بدء سريان المفاعيل السياسية للنداء الأميركي - الفرنسي، المدعوم أوروبياً وعربياً، للحكومتين اللبنانية والإسرائيلية، على الضغط الذي تمارسه الولايات المتحدة الأميركية على رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو، لمنعه من التفلُّت من مسؤوليته بتوفير الأجواء السياسية المواتية لتطبيق مضمون هذا النداء، بعد أن كان قد التزم بمضامينه، لينقلب عليه لاحقاً بذريعة أن مجرد التلازم في وقف إطلاق النار ليشمل جبهتي جنوب لبنان وغزة يتيح لـ«حزب الله» تبرير مساندته لـ«حماس»، على نحو يرتد عليه سلباً، ويتسبّب له بإشكالات داخل حكومته المناوئة بأكثريتها للربط بين الجبهتين، فيما يلقى فصل الجبهتين معارضة من «حزب الله»، كونه يشكل له إحراجاً أمام بيئته بعدم الجدوى من انخراطه في إسناد غزة، وما ترتب عليه من أكلاف باهظة كان في غنى عنها.

«فيتوات» متبادلة بين إسرائيل والحزب

لكن صدور النداء الأميركي - الفرنسي بصيغته الراهنة قوبل بتبادل «الفيتوات» بين إسرائيل و«حزب الله»، الذي يتمسك بتطبيق التلازم بوقف إطلاق النار على جبهتي غزة والجنوب، بخلاف نتنياهو المعترض عليه، وهذا ينسجم مع ما طرحه الوسيط الأميركي، أموس هوكستين، في مفاوضاته مع رئيس المجلس النيابي، نبيه بري، بتفويض من قيادة «حزب الله» لتهدئة الوضع جنوباً ونزع فتيل التفجير ومنع توسعة الحرب.

وكان الرئيس بري يعد العدّة لاستئناف التفاوض مع هوكستين لاستكمال البحث بينهما في الورقة التي أعدها الأخير لتهدئة الوضع جنوباً، للبدء بالتفاوض غير المباشر والتوصل إلى وقف إطلاق النار على قاعدة تهيئة الأجواء لتطبيق القرار رقم (1701) كونه الناظم الدولي لتحديد الحدود بين لبنان وإسرائيل.

لكن الرئيس بري، الذي كان قد تواصل مع هوكستين فور صدور النداء، فوجئ، كما يقول مصدر نيابي بارز لـ«الشرق الأوسط»، بمبادرة نتنياهو إلى سحب تأييده له باعتراضه على التلازم بتطبيق وقف إطلاق النار على الجبهتين الغزاوية والجنوبية، ومطالبته بعدم الربط بينهما بذريعة أنه يشكل انحيازاً لوجهة نظر «حزب الله» بإسناده لـ«حماس».

انقلب نتنياهو فألغى هوكستين زيارته

ويؤكد المصدر النيابي أن هوكستين كان يتحضر للعودة إلى بيروت لمواصلة البحث في الورقة التي أعدها لتطبيق القرار رقم (1701)، وسبق لبري أن سجّل ملاحظاته على بعض بنودها، لكنه عدل عن المجيء، بعد أن انقلب نتنياهو على موافقته المبدئية على ما ورد في النداء الذي يحظى أيضاً بتأييد إيران، انسجاماً مع توافقها والولايات المتحدة على استيعاب التأزم لمنع توسعة الحرب في الإقليم.

وينفي المصدر نفسه كل ما أُشيع عن أن هوكستين بحث في اتصاله ببري وجوب انسحاب الحزب إلى ما وراء جنوب الليطاني، ويقول إن الاتصال بينهما بقي في العموميات، ولم يتطرقا إلى أي تفصيل يتعلق بالورقة، طالما أن للبحث بينهما صلة.

ويبقى السؤال: هل ينجح الرئيس الأميركي جو بايدن في إقناع نتنياهو بتعديل موقفه بما يسمح بتعبيد الطريق لتنفيذ ما ورد في النداء؟ أم أن محاولته، وقد تكون الأخيرة، لن تلقى التجاوب المطلوب؟ وهذا ما يفتح الباب لسؤال آخر: كيف سيتصرف «حزب الله» في حال أصر نتنياهو على المضي في اجتياحه الجوي للبلدات الجنوبية والبقاعية، وفي اغتياله لأبرز قياداته وكوادره العسكرية؟

فلدى الحزب، كما تقول أوساط مقربة منه، القدرات العسكرية والقتالية للتعويض عن تراجع حدة المواجهة في القطاع، كما يشيعه بعضهم، وتقول إنه جاهز لمواجهة كل الاحتمالات، وسيمضي في دفاعه عن النفس ضد العدوان الإسرائيلي، ولن يرضخ لضغوط نتنياهو النارية باستهدافه المدنيين من دون أن يستدرج لتوسيع الحرب، مع احتفاظه بحق الرد على تجاوز نتنياهو الخطوط الحمر باغتياله لأبرز قيادات الحزب العسكرية والميدانية.

مخزون «حزب الله» الصاروخي

لكن الأوساط نفسها لا تعلق على ما يتردد بأن القتال في غزة بدأ ينحسر، وأن القطاع تحوّل إلى جبهة مساندة، ما يجعل الحزب منفرداً في حربه مع إسرائيل، وأنه أصبح يختصر بنفسه وحدة الساحات بتراجع منسوب الانشغال الذي تتولاه أذرع محور الممانعة في المنطقة، كما تفضّل عدم التعليق على تحليلات سياسية تتحدث عن التفاوض بين طهران وواشنطن، وتتهم إيران بترك الحزب وحيداً، وتحمله القسط الأكبر في المواجهة، بذريعة أن لديها حسابات وأوراق سياسية لا تريد التصرف بها في غير أوانها، وتحتفظ بها لتحسين شروطها في المفاوضات.

وتؤكد هذه الأوساط لـ«الشرق الأوسط» أن لدى الحزب مخزوناً صاروخياً، يعود له وحده استخدام الصواريخ الدقيقة منه في الوقت المناسب، وتقول إن استخدامه لصاروخ من نوع «قادر-1» لن يكون الأول والأخير، وأريد منه تمرير رسالة يجب أن يأخذها العدو على محمل الجد، بأن الحزب قادر على تجاوز ما بعد حيفا باستهدافه مواقع إسرائيل العسكرية والمخابراتية، وهذا ما أصاب إحدى قياداته الواقعة على تخوم تل أبيب.

متى تتدخل إيران؟

لذلك، هل يبقى الحزب وحيداً في المواجهة لتراجع وحدة الساحات كما يقول خصومه في الداخل والخارج؟ أم أنه لا يزال يراهن، تبعاً لحساباته، على تدخل إيران في الوقت المناسب في حال تمادت إسرائيل في عدوانها بما ينذر باندلاع حرب شاملة؟ وهذا ما أكده وزير خارجيتها عباس عرقجي بقوله إن بلاده لن تبقى مكتوفة الأيدي في حال قيام إسرائيل بتوسيع الحرب لتشمل الإقليم، مع أن طهران تتمهل لأسباب خاصة بها في الرد على اغتيال رئيس المكتب السياسي لـ«حماس» إسماعيل هنية، في عقر دار الحرس الثوري.

في المقابل فإن تل أبيب تواصل اجتياحها الجوي لتفريغ البلدات الجنوبية والبقاعية والضاحية الجنوبية لبيروت من سكانها، كونها مدرجة على بنك أهدافها، بغية تكبير أزمة النزوح بما يشكل إحراجاً للحزب أمام بيئته الحاضنة، والتحريض عليه بذريعة عدم قدرته على توفير الاحتياجات الضرورية لمئات الألوف من النازحين، في ظل عدم استطاعة الدولة على تلبيتها كما يجب، وهذا ما يفسر إصرار إسرائيل على تحييد الطرقات الدولية والفرعية المؤدية إلى هذه القرى لتسهيل عملية النزوح منها.