الجبير: لن نقف مكتوفي الأيدي إذا لم تكف إيران عن التدخل في الشأن العربي

تطابق في وجهات النظر بين مصر والسعودية حول سوريا واليمن

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي لدى استقباله وزير الخارجية السعودي عادل الجبير في القاهرة أمس  (إ.ب.أ)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي لدى استقباله وزير الخارجية السعودي عادل الجبير في القاهرة أمس (إ.ب.أ)
TT

الجبير: لن نقف مكتوفي الأيدي إذا لم تكف إيران عن التدخل في الشأن العربي

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي لدى استقباله وزير الخارجية السعودي عادل الجبير في القاهرة أمس  (إ.ب.أ)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي لدى استقباله وزير الخارجية السعودي عادل الجبير في القاهرة أمس (إ.ب.أ)

شدد وزير الخارجية السعودي عادل الجبير على رفض التدخل الإيراني في شؤون سوريا واليمن والعراق وليبيا، والأعمال التي تقوم بها إيران، وكذلك دعمها للإرهاب، مؤكدا أن «الأمر بيدها.. إذا أرادت تحسن العلاقات فعليها أن تكف عن تدخلها في الشأن العربي، وإذا لم تفعل بالتأكيد لن نقف مكتوفي الأيدي لمنع هذا التدخل».. في حين أوضح وزير الخارجية المصري سامح شكري تطابق وجهات نظر مصر مع السعودية في ما يتعلق بأزمتي سوريا واليمن.
والتقى الجبير أمس شكري في القاهرة خلال زيارة لمصر استغرقت عدة ساعات، جرى خلالها بحث العلاقات الثنائية بين البلدين وتطورات الأوضاع في اليمن والمنطقة وقضايا الإرهاب.
وأكد الجبير، خلال المؤتمر الصحافي المشترك مع نظيره المصري، أن التنسيق بين مصر والسعودية مستمر بخصوص الأوضاع في سوريا واليمن، مشيرا إلى دعم بلاده لأي جهود لتخفيف معاناة الشعب اليمني.
وفي الشأن اليمني، أوضح الجبير أن جهودا تجري لتحديد موعد للقاء جنيف لحل الأزمة اليمنية، مؤكدا أن الهدف الأساسي من هذا اللقاء سيكون تطبيق قرار مجلس الأمن الدولي الصادر بشأن الأزمة اليمنية.
واستهل شكري المؤتمر الصحافي بكلمة موجزة حول العناوين البارزة في هذا اللقاء الذي وصفه بالمهم، كما أكد الروابط التاريخية والخاصة والمتميزة بين قيادة وشعبي البلدين، وشدد قائلا: «إننا نسعى لترجمة التوافق والتطابق في وجهات النظر بين الرئيس عبد الفتاح السيسي وخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز».
وأكد شكري أن هناك رغبة مشتركة للاستمرار في العمل المشترك وبشكل مكثف وصولا إلى مستوى أرفع في العلاقات الثنائية، وكذلك كل ما يخدم المنطقة. وقال إنه تم بحث الموضوع اليمني واستعادة الشرعية والسعي نحو تنفيذ قرار مجلس الأمن والتفاعل بشكل إيجابي مع المبعوث الأممي ونزع الأسلحة الثقيلة من العناصر التي لا تمثل الشرعية.
كما أوضح تطابق وجهات النظر في ما يتعلق بتنفيذ قرار مجلس الأمن وعودة الشرعية وتقديم الاحتياجات الإنسانية للشعب اليمني، وبالنسبة لسوريا ركز على أهمية إيجاد الدعم المناسب لتفعيل الحل السياسي لإخراج سوريا من أزمتها وفق مرجعية جنيف واحد، وأكد أن هناك تكاملا مصريا - سعوديا في دعم المعارضة الوطنية ومحاصرة العناصر الإرهابية التي تعمل في سوريا والعراق وليبيا، كما تحدث عن مؤتمر باريس للتحالف الدولي ضد «داعش» ودعا المجتمع الدولي لتحمل مسؤولياته.
وقال شكري إنه يتطلع للتعاون المثمر والعمل المشترك مع وزير الخارجية عادل الجبير، وبدوره أكد وزير الخارجية السعودي تطابق وجهات النظر مع نظيره المصري وحرص قيادة البلدين على المزيد من التنسيق والتشاور بما يخدم مصالح البلدين والمنطقة.
وردا على سؤال عما إذا كانت هناك خلافات في الرؤية بين مصر والسعودية في ما يتعلق بسوريا، أكد شكري أن المواقف متطابقة والرؤية مشتركة وواضحة، وأن مصر تستضيف مؤتمرا للمعارضة وتتكامل مع المملكة لتقديم الدعم اللازم بما يؤدي إلى تسوية، وكذلك الاتصال مع الشركاء الدوليين في هذا الصدد حتى يمكن التمهيد لعقد مؤتمر جنيف وتنفرج الأزمة ويعود للمنطقة العربية جزء من الاستقرار، وكذلك بالنسبة للعراق.
ومن جانبه، أكد الجبير أنه لا خلاف مع مصر حول موضوعي سوريا واليمن، وأن البلدين يسعيان لإيجاد الأمن والاستقرار لليمن وسوريا، وقال إن «مصر كانت أول دولة تشارك في التحالف الخاص بعاصفة الحزم، والتنسيق معها كامل في الموضوعين السوري واليمني». وعما إذا كانت مصر تعتزم بالتنسيق مع روسيا طرح مبادرة بشأن سوريا، قال شكري: «لا توجد مبادرة بين مصر وروسيا، وإنما تنسيق لما لروسيا من تأثير هام في المشهد السوري، وممارسة دور على النظام السوري لإقناعه بالانخراط في العملية السياسية وتمكين المعارضة الوطنية السورية المؤهلة لإحداث التغير المطلوب».
ومن جانبه، علق الجبير أن «هناك اتفاقا في الرؤية مع مصر في هذا الخصوص، وفي الشأن اليمني هناك جهود تبذل لاستضافة المفاوضات السياسية في جنيف بعد مؤتمر الرياض، وجارٍ تحديد الموعد». وأضاف أن الهدف من مؤتمر جنيف تنفيذ قرار مجلس الأمن ودعم أي جهود لإيجاد الحل السلمي وإيصال المساعدات الإنسانية.
وحول التنسيق المصري - السعودي لمكافحة الإرهاب، قال وزير الخارجية السعودي، إن «مقاومة الإرهاب عمل مشترك»، وأنه يتفق مع رؤية الوزير شكري. وأضاف أن «الإرهاب لا يعرف دينا ولا وطنا أو مذهبا، والسعودية اتخذت مواقف قوية لدحره.. والتعاون مع مصر قوي في هذا المجال».
وأشار الجبير إلى ما قدمه المرحوم الملك عبد الله بن عبد العزيز من مبالغ للأمم المتحدة لإنشاء مركز لمكافحة الإرهاب، وقال إن المملكة تسعى لمواجهة الفكر المتطرف. وبدوره، قال شكري إن «مصر تدين كل العمليات الإرهابية التي حدثت وتحدث في المنطقة»، مشيرا إلى مشاركة مصر في التحالف ضد «داعش»، وكذلك الاستعداد لتقديم كل الدعم للسعودية من تبادل المعلومات في إطار التعاون الأمني.
وردا على سؤال حول التدخل الإيراني في الشأن العربي، قال شكري: «لقد تطرقت المباحثات لهذا الجانب، ونحن نرفض التدخل من أي نوع كان من محاولة فرض النفوذ؛ وسوف نواجه كل ذلك بحزم في إطار الدفاع عن الأمن القومي العربي»، مشيرا إلى أن «أمن مصر والسعودية مرتبط ببعضه، ونحن لدينا القدرة لحماية الأمن القومي العربي».



الأمم المتحدة تطالب بإغاثة 10 ملايين يمني

الاستجابة الأممية في 2025 تركز على إغاثة قرابة 4 ملايين نازح يمني (الأمم المتحدة)
الاستجابة الأممية في 2025 تركز على إغاثة قرابة 4 ملايين نازح يمني (الأمم المتحدة)
TT

الأمم المتحدة تطالب بإغاثة 10 ملايين يمني

الاستجابة الأممية في 2025 تركز على إغاثة قرابة 4 ملايين نازح يمني (الأمم المتحدة)
الاستجابة الأممية في 2025 تركز على إغاثة قرابة 4 ملايين نازح يمني (الأمم المتحدة)

بالتزامن مع تحذيرها من تفاقم الأزمة الإنسانية، ووصول أعداد المحتاجين للمساعدات العاجلة إلى أكثر من 19 مليون شخص، أطلقت الأمم المتحدة وشركاؤها خطة الاستجابة للاحتياجات الإنسانية في اليمن للعام الحالي لمساعدة أكثر من 10 ملايين محتاج.

ويأتي ذلك في ظل تراجع حاد للعملة اليمنية، إلى أدنى مستوياتها على الإطلاق، بعد تجاوز سعر الدولار 2160 ريالاً في مناطق سيطرة الحكومة الشرعية، التي عجزت عن سداد رواتب الموظفين منذ 4 أشهر، بعد أكثر من عامين من تسبب الجماعة الحوثية في توقف تصدير النفط، واشتداد أزمات الخدمات العامة، وانقطاع الكهرباء في عدن حيث العاصمة المؤقتة للبلاد لأكثر من نصف اليوم.

ودعت الأمم المتحدة المجتمع الدولي والمانحين إلى توفير مبلغ 2.47 مليار دولار لدعم خطة الاستجابة الإنسانية لليمن للعام الحالي، لتلبية الاحتياجات الإنسانية العاجلة لأكثر من 19.5 مليون شخص.

وجاءت الدعوة على لسان جوليان هارنيس، منسق الشؤون الإنسانية في اليمن، الذي طالب بتقديم الدعم اللازم لضمان الوصول إلى الفئات الأكثر ضعفاً وتقديم المساعدات المنقذة للحياة لـ10.5 مليون شخص، مشيراً إلى أن الجهود السابقة خلال العام الماضي، شملت أكثر من 8 ملايين شخص بدعم تجاوز 1.4 مليار دولار.

نصف الأطفال اليمنيين يعانون من سوء تغذية وتعدّ النساء والفتيات من الفئات الأكثر ضعفاً (الأمم المتحدة)

وشدَّد هاريس على أن الاحتياجات خلال العام الحالي تتطلب استجابة أوسع وأكثر شمولية لتحقيق الاستقرار وبناء قدرة المجتمعات على الصمود، منوهاً بأن تدهور الأوضاع الاقتصادية، والظروف المناخية القاسية، والتطورات العسكرية الإقليمية أسهمت في مضاعفة الاحتياجات الإنسانية.

ويواجه نصف السكان تقريباً انعداماً حاداً في الأمن الغذائي، ويعيش أكثر من 13 مليون شخص في ظل نقص حاد في مياه الشرب النظيفة، بينما تعمل 40 في المائة من المرافق الصحية بشكل جزئي أو لا تعمل.

وكانت الأمم المتحدة طالبت العام الماضي بـ2.7 مليار دولار لخطة الاستجابة الإنسانية، لكنها لم تحصل سوى على تعهدات ضئيلة، ما تسبب في عجز كبير في تلبية احتياجات المستهدفين.

تناقض الاحتياجات والمطالب

ويؤكد جمال بلفقيه رئيس اللجنة العليا للإغاثة في الحكومة اليمنية أرقام الاحتياجات الإنسانية التي تعلن عنها الأمم المتحدة ووكالاتها والمنظمات الدولية، لكنه يشير إلى التناقض بين ما تعلن عنه من احتياجات ومساعيها للحصول على تمويل لتلبية تلك الاحتياجات، إلى جانب عدم قدرتها على الوصول إلى المستهدفين بسبب نقص المعلومات والبيانات، بالإضافة إلى التغيرات الديموغرافية الحاصلة بفعل النزوح.

استمرار الصراع ترك اليمنيين في حالة احتياج دائم للمساعدات (الأمم المتحدة)

وفي تصريحه لـ«الشرق الأوسط» أعرب بلفقيه عن مخاوفه من عدم إمكانية الحصول على المبالغ المطلوبة لصالح الاستجابة الإنسانية بسبب سوء الترويج للأزمة الإنسانية في اليمن لدى المانحين، لافتاً إلى أن طرق تعامل المنظمات الدولية والأممية في الإغاثة لم تتغير منذ عام 2015، رغم فشلها في تلبية احتياجات اليمنيين، وإنهاء الأزمة الإنسانية أو الحد منها.

وقبيل إطلاقها خطة الاستجابة الإنسانية للعام الحالي، حذّرت الأمم المتحدة، من اشتداد الأزمة الإنسانية في اليمن، بعد تجاوز أعداد المحتاجين إلى مساعدات إنسانية هذا العام 19.5 مليون شخص، بزيادة قدرها 1.3 مليون شخص مقارنة بالعام الماضي، مبدية قلقها على الأطفال الذين يعانون من سوء تغذية، وعلى الفئات الأكثر تهميشاً من بينهم، مثل النساء والفتيات والنازحين البالغ عددهم 4.8 مليون شخص.

وقالت نائبة رئيس مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)، جويس مسويا، أمام مجلس الأمن الدولي إنّ اليمنيين ما زالوا يواجهون أزمة خطرة على الصعيدين الإنساني وحماية المدنيين، مشيرة إلى أن تقديرات النداء الإنساني للعام الحالي الذي يجري إعداده، كشفت عن تفاقم الأزمة.

وباء الكوليرا عاد للتفشي في اليمن بالتزامن مع ضعف القطاع الصحي (رويترز)

ووفق حديث مسويا، فإنّ نحو 17 مليون يمني، أي ما يقدر بنصف سكان البلاد، لا يستطيعون تلبية احتياجاتهم الغذائية الأساسية، وما يقرب من نصف الأطفال دون سنّ الخامسة يعانون من تأخر خَطرٍ في النمو بسبب سوء التغذية، مع انتشار مروّع لوباء الكوليرا، بينما يعاني النظام الصحي من ضغوط شديدة.

انهيار العملة

وواصلت العملة اليمنية تراجعها إلى أدنى المستويات، وتجاوز سعر العملات الأجنبية المتداولة في البلاد 2160 ريالاً للدولار الواحد، و565 ريالاً أمام الريال السعودي، بعد أن ظلت تتراجع منذ منتصف العام الماضي، وهي الفترة التي شهدت تراجع الحكومة اليمنية عن قراراتها بفرض حصار على البنوك التجارية المتواطئة مع الجماعة الحوثية.

ويرجع الخبراء الاقتصاديون اليمنيون هذا الانهيار المتواصل للعملة إلى الممارسات الحوثية ضد الأنشطة الاقتصادية الحكومية، مثل الاعتداء على مواني تصدير النفط الخام ومنع تصديره، وإجبار الشركات التجارية على الاستيراد عبر ميناء الحديدة الخاضع للجماعة، إلى جانب المضاربة غير المشروعة بالعملة، وسياسات الإنفاق الحكومية غير المضبوطة وتفشي الفساد.

العملة اليمنية واصلت تدهورها الحاد خلال الأشهر الستة الماضية (رويترز)

ويقدر الباحث الاقتصادي اليمني فارس النجار الفجوة التمويلية لأعمال الإغاثة والاستجابة الإنسانية، بأكثر من 3 مليارات دولار، ويقول إن تراكمات هذا العجز خلال السنوات الماضية أوصل نسبة تغطية الاحتياجات الإنسانية في البلاد إلى 52 في المائة.

ولمح النجار في حديثه لـ«الشرق الأوسط» إلى تضرر الاقتصاد اليمني بفعل أزمة البحر الأحمر وما سببته من تحول طرق التجارة العالمية أو ارتفاع تكاليف الشحن والتأمين، مع عدم بروز إمكانية لتحسن اقتصادي دون توقف الجماعة الحوثية عن ممارساتها أو إلزامها بالكف عنها، بالتوازي مع إجراءات داخلية لتحسين الإيرادات.

استهداف الحوثيين للسفن التجارية في البحر الأحمر ضاعف من تدهور الاقتصاد اليمني (أ.ف.ب)

وحثّ النجار الحكومة اليمنية على اتباع سياسات تزيد من كفاءة تحصيل الإيرادات المحلية، وتخفيف فاتورة الاستيراد، ومن ذلك تشجيع الأنشطة الزراعية والسمكية وتوفير فرص عمل جديدة في هذين القطاعين اللذين يشكلان ما نسبته 30 في المائة من حجم القوى العاملة في الريف، وتشجيع زراعة عدد من المحاصيل الضرورية.

يشار إلى أن انهيار العملة المحلية وعجز الحكومة عن توفير الموارد تسبب في توقف رواتب الموظفين العموميين منذ 4 أشهر، إلى جانب توقف كثير من الخدمات العامة الضرورية، ومن ذلك انقطاع الكهرباء في العاصمة المؤقتة عدن لمدد متفاوتة تصل إلى 14 ساعة يومياً.