سنوات السينما

سنوات السينما
TT

سنوات السينما

سنوات السينما

- Hiroshima‪، ‬ Mon Amour ‬
‫- (1959)‬‬
- ممتاز ★★★★
هذا كان الفيلم الروائي الطويل الأول للمخرج الفرنسي آلان رنيه. قبله أنجز فيلمين تعرضا، حينها لمضايقات الرقابة الفرنسية. هذا لم يوقفه من الخطو تجاه تحقيق فيلمه الأشهر «هيروشيما، حبي»، الذي كان، آنذاك، اكتشافاً مبهراً للمخرج الجديد واكتشافاً مماثلاً في قيمته لفيلم ينتمي إلى أصالة فنية وأسلوب عمل فريد.
«هيروشيما حبي» فيلم شعري عن مأساة عاطفية على خلفية مأساة سياسية. بطلة الفيلم (إيمانويل ريفا) ممثلة نتعرف عليها في مدينة هيروشيما بعد 14 سنة أو نحوها من الدمار الذي حل عليها عندما ألقيت القنبلة النووية ودمّرتها. هناك، ومن مطلع الفيلم، تتعرف على شاب ياباني متزوج (آيجا أوكادا) والاثنان يقعان في حب لحظوي مفاجئ. يتحادثان في الحاضر والماضي، والمدينة والمكان، ومن ثَم تتركه لتعود إلى عملها حيث عليها الوقوف أمام الكاميرا والتوجه صوب المطار لتغادر عائدة إلى فرنسا. حبيبها (والمخرج يبقي شخصيتيه بلا أسماء)، يلحق بها لإقناعها بالبقاء معه. لكنها لا توافق. بالنسبة إليها تلك العلاقة كانت من بدايتها مؤقتة ناتجة عن هيام سريع وعليه أن ينتهي عند هذا الحد.
هذا لا يمنع من قضائهما بعض الوقت في مزيد من الحديث. هذه المرة ليس عن هيروشيما والحرب وما آلت إليه، بل عما وقع معها عندما كانت على علاقة مع ألماني خلال احتلال ألمانيا لفرنسا. مع رحيل الألمان بقيت وحدها في المدينة الصغيرة التي تعيش فيها مدينة (Nevers)، تتلقى سهام البيئة الاجتماعية من حولها وتواجه غضب والدها الذي يتبرأ منها. هذا ما يدفعها لمغادرة المدينة، لكن التجربة لا تغادرها.
تقع أحداث الفيلم في 24 ساعة، ويفتح بعشرين دقيقة يصرفها المخرج لتصوير المدينة في شكل تسجيلي كامل. يمزج ما يصوره مع وثائقيات مصورة في تلاحم منضبط. في الواقع، اتخذ رنيه موقفاً من المدينة في معظم أعماله. هو يبدأ بصور لها قبل أن ينتقل إلى الحكاية (تماماً كما فعل في «حياة رايلي»، 2014 وقبله وبعده).
رنيه هو شاعر سينمائي بلا ريب. ومنواله وكيفية شغله على الأماكن والشخصيات وحواراته كلها مكوّنات من نفس واحدة تتمتع برؤية شعرية بارعة وغير قابلة للنسيان. هو أيضاً سينمائي ملم بالكيفية التي يستطيع فيه تجاوز عقبات السرد حين تبدو كما لو أنها مصاعب بلا سرد. هنا في «هيروشيما، حبّي» اقتباس لرواية وضعتها مارغريت دورا تحتوي على تجربتين متناقضتين. الأولى «هيروشيما» الأكبر والأشهر، والثانية تجربة بطلتها الشخصية.
مهارة رنيه هي في كيف صاغ فيلماً يتّسع، من ثَم يقبل بوجود تجربتين من الصعب مقارنتهما على أي مستوى محتمل. هذا القبول ليس كاملاً، ومشاهدة الفيلم مرّتين متتابعتين تكشفان عن مكمن ضعف لا بد من الاعتراف به، وهو أن السبيل الأول (وشبه الوحيد) لدمج التجربتين معاً في صياغة واحدة ومتناسقة، هو الحوار. من البداهة انتقاله من سرد يخص جانباً، إلى سرد يخص جانباً آخر. لكن الهوّة في الحقيقة تبقى ماثلة.
هناك عبارات تحاول فرض المقارنة ونجاحها يعود إلى ثقافة المتلقي. مثلاً عندما تقول الممثلة: «أنا لي الشرف بأن لا يكون لي شرف»، (بالإشارة إلى ما واجهت به من عداء مجتمعها)، فإن ذلك نقلة مثيرة للاهتمام، لكنها لا تفعل فعلها لردم الهوّة بين تجربتين حتى وإن كانت غاية الفيلم واحدة، وهي معاداة الحرب أينما كانت.
على ذلك، تتجلى مهارة آلان رنيه بانضباطه وحسن إدارته لكل شيء. للمكان وما يحدث فيه، وللزمان وما يدور في أرجائه في الماضي وفي الحاضر. بطلاه عاشقان عابران مثل قطارين سريعين كل منهما يتوجه صوب مصير معاكس، لكنهما سيلتقيان عند نقطة تستمر بضع لحظات من الحياة.

ضعيف ★ وسط ★★ جيد ★★★ ممتاز ★★★★ تحفة ★★★★★


مقالات ذات صلة

«الحريفة 2» ينعش إيرادات السينما المصرية في موسم «رأس السنة»

يوميات الشرق فيلم «الحريفة 2» اعتمد على البطولة الشبابية (الشركة المنتجة)

«الحريفة 2» ينعش إيرادات السينما المصرية في موسم «رأس السنة»

شهدت دور العرض السينمائي في مصر انتعاشة ملحوظة عبر إيرادات فيلم «الحريفة 2... الريمونتادا»، الذي يعرض بالتزامن مع قرب موسم «رأس السنة».

داليا ماهر (القاهرة )
يوميات الشرق «صيفي» فيلم سعودي مرشح لجائزة مسابقة مهرجان البحر الأحمر السينمائي للأفلام الطويلة

الفساد والابتزاز في «صيفي»... تحديات تقديم القضايا الحساسة على الشاشة

تعود أحداث فيلم «صيفي» الذي عُرض ضمن فعاليات مهرجان البحر الأحمر السينمائي في دورته الرابعة، إلى فترة أواخر التسعينات.

أسماء الغابري (جدة)
يوميات الشرق المخرج محمد سامي في جلسة حوارية خلال خامس أيام «البحر الأحمر» (غيتي)

محمد سامي: السينما تحتاج إلى إبهار بصري يُنافس التلفزيون

تعلَّم محمد سامي من الأخطاء وعمل بوعي على تطوير جميع عناصر الإنتاج، من الصورة إلى الكتابة، ما أسهم في تقديم تجربة درامية تلفزيونية قريبة من الشكل السينمائي.

أسماء الغابري (جدة)
يوميات الشرق ياسمين رئيس في مشهد من فيلم «الفستان الأبيض» (الشركة المنتجة)

لماذا لا تصمد «أفلام المهرجانات» المصرية في دور العرض؟

رغم تباين ردود الفعل النقدية حول عدد من الأفلام التي تشارك في المهرجانات السينمائية، التي تُعلي الجانب الفني على التجاري، فإن غالبيتها لا تصمد في دور العرض.

أحمد عدلي (القاهرة )
يوميات الشرق الفنانة الأردنية ركين سعد (الشرق الأوسط)

الفنانة الأردنية ركين سعد: السينما السعودية تكشف عن مواهب واعدة

أكدت الفنانة الأردنية ركين سعد أن سيناريو فيلم «البحث عن منفذ لخروج السيد رامبو»، الذي عُرض بمهرجان البحر الأحمر السينمائي، استحوذ عليها بمجرد قراءته.

انتصار دردير (جدة )

إعلان أول فيلم روائي قطري بمهرجان «البحر الأحمر»

بدء تصوير فيلم «ساري وأميرة» (كتارا)
بدء تصوير فيلم «ساري وأميرة» (كتارا)
TT

إعلان أول فيلم روائي قطري بمهرجان «البحر الأحمر»

بدء تصوير فيلم «ساري وأميرة» (كتارا)
بدء تصوير فيلم «ساري وأميرة» (كتارا)

نظراً للزخم العالمي الذي يحظى به مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي بجدة، اختارت «استديوهات كتارا»، ومقرها الدوحة، أن تكشف خلاله الستار عن أول فيلم روائي قطري طويل تستعد لإنتاجه، وهو «سعود وينه؟»، وذلك في مؤتمر صحافي ضمن الدورة الرابعة من المهرجان، مبينة أن هذا العمل «يشكل فصلاً جديداً في تاريخ السينما القطرية».

ويأتي هذا الفيلم بمشاركة طاقم تمثيل قطري بالكامل؛ مما يمزج بين المواهب المحلية وقصة ذات بُعد عالمي، كما تدور أحداثه حول خدعة سحرية تخرج عن السيطرة عندما يحاول شقيقان إعادة تنفيذها بعد سنوات من تعلمها من والدهما، وهذا الفيلم من إخراج محمد الإبراهيم، وبطولة كل من: مشعل الدوسري، وعبد العزيز الدوراني، وسعد النعيمي.

قصة مؤسس «صخر»

كما أعلنت «استديوهات كتارا» عن أحدث مشاريعها السينمائية الأخرى، كأول عرض رسمي لأعمالها القادمة، أولها «صخر»، وهو فيلم سيرة ذاتية، يقدم قصة ملهمة عن الشخصية العربية الاستثنائية الراحل الكويتي محمد الشارخ، وهو مبتكر حواسيب «صخر» التي تركت بصمة واضحة في عالم التكنولوجيا، باعتبارها أول أجهزة تتيح استخدام اللغة العربية، وأفصح فريق الفيلم أن هذا العمل ستتم معالجته سينمائياً ليحمل كماً مكثفاً من الدراما والتشويق.

«ساري وأميرة»

والفيلم الثالث هو الروائي الطويل «ساري وأميرة»، وهو عمل فنتازي يتناول الحب والمثابرة، يتم تصويره في صحراء قطر، وتدور أحداثه حول حياة قُطّاع الطرق «ساري وأميرة» أثناء بحثهما عن كنز أسطوري في وادي «سخيمة» الخيالي، في رحلة محفوفة بالمخاطر، حيث يواجهان الوحوش الخرافية ويتعاملان مع علاقتهما المعقدة، وهو فيلم من بطولة: العراقي أليكس علوم، والبحرينية حلا ترك، والنجم السعودي عبد المحسن النمر.

رحلة إنسانية

يضاف لذلك، الفيلم الوثائقي «Anne Everlasting» الذي يستكشف عمق الروابط الإنسانية، ويقدم رؤى حول التجارب البشرية المشتركة؛ إذ تدور قصته حول المسنّة آن لوريمور التي تقرر مع بلوغها عامها الـ89، أن تتسلق جبل كليمنجارو وتستعيد لقبها كأكبر شخص يتسلق الجبل، ويروي هذا الفيلم الوثائقي رحلة صمودها والتحديات التي واجهتها في حياتها.

وخلال المؤتمر الصحافي، أكد حسين فخري الرئيس التنفيذي التجاري والمنتج التنفيذي بـ«استديوهات كتارا»، الالتزام بتقديم محتوى ذي تأثير عالمي، قائلاً: «ملتزمون بتحفيز الإبداع العربي وتعزيز الروابط الثقافية بين الشعوب، هذه المشاريع هي خطوة مهمة نحو تقديم قصص تنبض بالحياة وتصل إلى جمهور عالمي، ونحن فخورون بعرض أعمالنا لأول مرة في مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي؛ مما يعكس رؤيتنا في تشكيل مستقبل المحتوى العربي في المنطقة».