القضاء العراقي يلمح إلى إمكانية العدول عن قرارات سابقة

قد يكون من بينها ما يخص أغلبية الثلثين لانتخاب رئيس الجمهورية

القضاء العراقي يلمح إلى إمكانية العدول عن قرارات سابقة
TT

القضاء العراقي يلمح إلى إمكانية العدول عن قرارات سابقة

القضاء العراقي يلمح إلى إمكانية العدول عن قرارات سابقة

في وقت تشتد فيه الأزمة السياسية في البلاد بعد سحب زعيم التيار الصدري نواب كتلته الفائزة بالمرتبة الأولى في الانتخابات المبكرة التي أجريت أواخر العام الماضي، أصدر مجلس القضاء الأعلى في العراق بياناً أكد فيه إمكانية العدول عن قرارات سابقة كان قد اتخذها في ظروف مختلفة.
واستشهد بيان للسلطة القضائية في العراق أمس بالقرار الذي أصدرته المحكمة الأميركية العليا الأسبوع الماضي الذي ألغت فيه قراراً سابقاً جعل حق المرأة في الإجهاض دستورياً، وقال: «إن محكمة التمييز والمحكمة الاتحادية في العراق اتخذت عدداً من القرارات تضمنت العدول عن قرارات سابقة اتخذت في حينه في ظروف ووفق اجتهاد قضاة سابقين عملوا في تلك المحاكم وقد وجد خلفهم من القضاة أن هذه القرارات تستوجب العدول عنها».
وفي الوقت الذي لم توضح السلطة القضائية ما هي القرارات التي باتت بحاجة إلى عدول لكي تنسجم مع أوضاع جديدة لم تكن متوفرة في وقت صدورها، فإن القوى السياسية العراقية التزمت الصمت حيال ما يمكن أن يصدر عن القضاء من قرارات جديدة تتضمن تفسيرات جديدة لقوانين أو نصوص دستورية تحتاج إلى إعادة تفسير. لكنه وطبقاً لما يراه المراقبون والمتابعون للشأن السياسي والقانوني في العراق فإن المحكمة الاتحادية سبق أن فسرت خلال أعوام 2010 و2014 مفهوم الكتلة البرلمانية الأكثر عدداً وهو التفسير الذي لم يتفق مع قناعات الكتل السياسية فعملت على تشكيل حكومة عادل عبد المهدي في سياق ما عرف في وقتها أن العراق أكبر من الكتلة الأكبر.
وفي السياق نفسه، فإن المحكمة الاتحادية العليا أصدرت العام الحالي سلسلة من القرارات أو التفاسير لنصوص دستورية وقانونية بدت منسجمة مع طرف وبالضد من طرف آخر. ومن أهم تلك القرارات والقوانين هو إبعاد ترشيح القيادي البارز في الحزب الديمقراطي الكردستاني هوشيار زيباري لمنصب رئيس الجمهورية، وقرارها الخاص بعدم شرعية بيع إقليم كردستان للنفط خارج الحكومة الاتحادية، وفتح باب الترشح مرة واحدة لمنصب رئيس الجمهورية وكذلك تفسيرها لجلسة انتخاب رئيس الجمهورية بأغلبية الثلثين في كلتا جولتي المنافسة وهو ما أثار ولا يزال يثير المزيد من الجدل.
وفيما ترى أوساط سياسية أن قرارات الاتحادية صبت في وقتها لصالح قوى الإطار التنسيقي فإن إعادة التفسير الآن وبعد أن بدا الإطار التنسيقي هو الكتلة الأكبر بعد انسحاب الصدر تثير أكثر من سؤال في وقت تنتظر الأوساط السياسية أي القرارات التي سوف تعيد السلطة القضائية العدول عنها.
رئيس حركة «وعي»، الدكتور صلاح العرباوي، يقول في حديثه لـ«الشرق الأوسط» إن «العراق لا يأخذ بمبدأ السوابق القضائية ولذلك تجد المحاكم العراقية ومنها الاتحادية والتمييز أنه يمكن أن تعدل عن قراراتها حيث سبق للمحكمة الاتحادية أن منعت مجلس النواب من تقديم مشروعات القوانين ولكنها في عام 2015 أقرت هذا الحق للبرلمان لكن بشروط». وأضاف أن «هذا الأمر لا يعد تناقضاً وإنما هو عدول ولكن ليس بالاتجاه المعاكس ولكن باتجاه آخر مشروط وهو ما يمكن أن يمنح القاضي مرونة في اتخاذ القرارات».
وأوضح العرباوي أن «المادة 94 التي تنص على أن قرارات المحكمة الاتحادية باتة مثار إشكال وبالتالي فإن الخلاصة هي أنه ما دمنا لا نأخذ بمبدأ السوابق القضائية فإنه يمكن لها أن تعدل عن قرارات سابقة لكن بطريقة متكاملة مع الاتجاهات السابقة».
أما الخبير القانوني أمير الدعمي فيرى في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن «المحكمة الاتحادية أكدت ما نص عليه الدستور وفق المادة 70 التي أوجبت انتخاب رئيس الجمهورية بأغلبية الثلثين وهي مادة غير قابلة للاجتهاد أو التفسير». وأضاف الدعمي أن «المقصود بالعدول هو كما في تفسير الكتلة الأكثر عدداً حيث فسرته المحكمة السابقة بأنه يسجل في الجلسة الأولى من انعقاد المجلس ومن ثم عدلته إلى أنه يمكن أن تسجل بعد انتخاب رئيس الجمهورية».


مقالات ذات صلة

الأمم المتحدة تحث دول جوار العراق على مساعدته في حل مشكلة نقص المياه ومخاطر الجفاف والتلوث

المشرق العربي الأمم المتحدة تحث دول جوار العراق على مساعدته في حل مشكلة نقص المياه ومخاطر الجفاف والتلوث

الأمم المتحدة تحث دول جوار العراق على مساعدته في حل مشكلة نقص المياه ومخاطر الجفاف والتلوث

حثت الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة لدى العراق، جينين هينيس بلاسخارت، أمس (الخميس)، دول العالم، لا سيما تلك المجاورة للعراق، على مساعدته في حل مشكلة نقص المياه ومخاطر الجفاف والتلوث التي يواجهها. وخلال كلمة لها على هامش فعاليات «منتدى العراق» المنعقد في العاصمة العراقية بغداد، قالت بلاسخارت: «ينبغي إيجاد حل جذري لما تعانيه البيئة من تغيرات مناخية». وأضافت أنه «يتعين على الدول مساعدة العراق في إيجاد حل لتأمين حصته المائية ومعالجة النقص الحاصل في إيراداته»، مؤكدة على «ضرورة حفظ الأمن المائي للبلاد».

حمزة مصطفى (بغداد)
المشرق العربي بارزاني: ملتزمون قرار عدم وجود علاقات بين العراق وإسرائيل

بارزاني: ملتزمون قرار عدم وجود علاقات بين العراق وإسرائيل

أكد رئيس إقليم كردستان العراق نيجرفان بارزاني، أمس الخميس، أن الإقليم ملتزم بقرار عدم وجود علاقات بين العراق وإسرائيل، مشيراً إلى أن العلاقات مع الحكومة المركزية في بغداد، في أفضل حالاتها، إلا أنه «يجب على بغداد حل مشكلة رواتب موظفي إقليم كردستان». وأوضح، في تصريحات بمنتدى «العراق من أجل الاستقرار والازدهار»، أمس الخميس، أن الاتفاق النفطي بين أربيل وبغداد «اتفاق جيد، ومطمئنون بأنه لا توجد عوائق سياسية في تنفيذ هذا الاتفاق، وهناك فريق فني موحد من الحكومة العراقية والإقليم لتنفيذ هذا الاتفاق».

«الشرق الأوسط» (بغداد)
المشرق العربي رئيس الوزراء العراقي: علاقاتنا مع الدول العربية بلغت أفضل حالاتها

رئيس الوزراء العراقي: علاقاتنا مع الدول العربية بلغت أفضل حالاتها

أعلن رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني أن علاقات بلاده مع الدول العربية الشقيقة «وصلت إلى أفضل حالاتها من خلال الاحترام المتبادل واحترام سيادة الدولة العراقية»، مؤكداً أن «دور العراق اليوم أصبح رياديا في المنطقة». وشدد السوداني على ضرورة أن يكون للعراق «هوية صناعية» بمشاركة القطاع الخاص، وكذلك دعا الشركات النفطية إلى الإسراع في تنفيذ عقودها الموقعة. كلام السوداني جاء خلال نشاطين منفصلين له أمس (الأربعاء) الأول تمثل بلقائه ممثلي عدد من الشركات النفطية العاملة في العراق، والثاني في كلمة ألقاها خلال انطلاق فعالية مؤتمر الاستثمار المعدني والبتروكيماوي والأسمدة والإسمنت في بغداد.

حمزة مصطفى (بغداد)
المشرق العربي السوداني يؤكد استعداد العراق لـ«مساندة شركائه الاقتصاديين»

السوداني يؤكد استعداد العراق لـ«مساندة شركائه الاقتصاديين»

أكد رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني استعداد العراق لـ«مساندة شركائه الاقتصاديين»، داعياً الشركات النفطية الموقّعة على جولة التراخيص الخامسة مع العراق إلى «الإسراع في تنفيذ العقود الخاصة بها». جاء ذلك خلال لقاء السوداني، (الثلاثاء)، عدداً من ممثلي الشركات النفطية العالمية، واستعرض معهم مجمل التقدم الحاصل في قطاع الاستثمارات النفطية، وتطوّر الشراكة بين العراق والشركات العالمية الكبرى في هذا المجال. ووفق بيان صادر عن مكتب رئيس الوزراء، وجه السوداني الجهات المختصة بـ«تسهيل متطلبات عمل ملاكات الشركات، لناحية منح سمات الدخول، وتسريع التخليص الجمركي والتحاسب الضريبي»، مشدّداً على «ضرورة مراعا

«الشرق الأوسط» (بغداد)
المشرق العربي مباحثات عراقية ـ إيطالية في مجال التعاون العسكري المشترك

مباحثات عراقية ـ إيطالية في مجال التعاون العسكري المشترك

بحث رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني مع وزير الدفاع الإيطالي غويدو كروسيتو العلاقات بين بغداد وروما في الميادين العسكرية والسياسية. وقال بيان للمكتب الإعلامي لرئيس الوزراء العراقي بعد استقباله الوزير الإيطالي، أمس، إن السوداني «أشاد بدور إيطاليا في مجال مكافحة الإرهاب، والقضاء على عصابات (داعش)، من خلال التحالف الدولي، ودورها في تدريب القوات الأمنية العراقية ضمن بعثة حلف شمال الأطلسي (الناتو)». وأشار السوداني إلى «العلاقة المتميزة بين العراق وإيطاليا من خلال التعاون الثنائي في مجالات متعددة، مؤكداً رغبة العراق للعمل ضمن هذه المسارات، بما يخدم المصالح المشتركة، وأمن المنطقة والعالم». وبي

حمزة مصطفى (بغداد)

تركيا: لا مكان لـ«الوحدات الكردية» في سوريا الجديدة

حديث جانبي بين وزيري الخارجية التركي هاكان فيدان والأميركي أنتوني بلينكن خلال مؤتمر وزراء خارجية دول مجموعة الاتصال العربية حول سوريا في العاصمة الأردنية عمان السبت (رويترز)
حديث جانبي بين وزيري الخارجية التركي هاكان فيدان والأميركي أنتوني بلينكن خلال مؤتمر وزراء خارجية دول مجموعة الاتصال العربية حول سوريا في العاصمة الأردنية عمان السبت (رويترز)
TT

تركيا: لا مكان لـ«الوحدات الكردية» في سوريا الجديدة

حديث جانبي بين وزيري الخارجية التركي هاكان فيدان والأميركي أنتوني بلينكن خلال مؤتمر وزراء خارجية دول مجموعة الاتصال العربية حول سوريا في العاصمة الأردنية عمان السبت (رويترز)
حديث جانبي بين وزيري الخارجية التركي هاكان فيدان والأميركي أنتوني بلينكن خلال مؤتمر وزراء خارجية دول مجموعة الاتصال العربية حول سوريا في العاصمة الأردنية عمان السبت (رويترز)

أكدت تركيا أن «وحدات حماية الشعب الكردية» التي تعد أكبر مكونات «قوات سوريا الديمقراطية» (قسد)، لن يكون لها مكان في سوريا في ظل إدارتها الجديدة.

وتحولت التطورات الأخيرة في البلد الجار إلى محور سجال بين الرئيس رجب طيب إردوغان والمعارضة التركية.

وبدا أن هناك تركيزاً من تركيا على إنهاء وجود «الوحدات الكردية» ليس فقط في المناطق القريبة من حدودها، وإنما في جميع الأراضي التي تسيطر عليها في شمال شرقي سوريا عبر الاستمرار في عمليات «الجيش الوطني السوري» الموالي لها، والاتفاق مع الإدارة السورية الجديدة.

القضاء على «الوحدات الكردية»

وأكد وزير الخارجية التركي هاكان فيدان، أن بلاده «تريد سوريا خالية من الإرهاب»، وأن هدفها الاستراتيجي هو إنهاء «وحدات حماية الشعب» التي وضع أمامها خيارين: إما أن تحل نفسها أو أن يتم القضاء عليها.

وقال فيدان في مقابلة تلفزيونية ليل الجمعة - السبت بعد ساعات قليلة من مباحثاته في أنقرة مع وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن حول سوريا، إن «تركيا وأميركا كانتا في موقفين متعارضين تماماً بخصوص التنظيم (الوحدات الكردية). هذه قضية وجودية تتعلق بأمننا القومي؛ لذلك نحن دولة أخذت هذه القضية بأعلى قدر ممكن من الجدية».

فيدان خلال مقابلة تلفزيونية ليل الجمعة (الخارجية التركية)

ولفت فيدان إلى أن تركيا استخدمت العمليات في الميدان والأدوات الدبلوماسية على الطاولة بكل جدية، وأن موقفها لا يزال كما هو دون أي تغيير، مضيفاً: «المعارضة السورية كانت تقاتل نظام بشار الأسد منذ سنوات طويلة، وتعرضت لظلم وخسائر لا تصدق، إلا أنها استعادت سوريا الآن. وبطبيعة الحال، سوف يتخذون الخطوات اللازمة لضمان سلامة البلاد».

وتابع: «نعتقد أن (تنظيم الوحدات الكردية) لن يكون قادراً بعد الآن على إيجاد أرضية كبيرة في سوريا نتيجة للخطوات التي ستتخذها الإدارة في دمشق لضمان سلامتها الوطنية والإقليمية».

وقال فيدان: «القضاء على التنظيم الإرهابي هو هدف استراتيجي بالنسبة لتركيا. وبعبارة أخرى: إما أن يحل نفسه أو يتم القضاء عليه. بالطبع، هناك محددات معينة، وأعتقد أنه سيكون من المفيد التعبير عنها؛ أولاً: رغم أن وسائلنا وإمكاناتنا قادرة على القضاء على التنظيم، فإننا سننتظر أولاً الخطوات التي سيتخذها الأشقاء في سوريا للقضاء على هذا التهديد، من خلال اتخاذ خطوات تضمن سلامة أراضيهم ووحدتهم الوطنية».

عناصر من «وحدات حماية الشعب الكردية» في شمال سوريا (إعلام تركي)

وأضاف: «في المرحلة الأولى يجب أن يغادر مسلحو التنظيم الإرهابي (الوحدات الكردية) غير السوريين، سواء من قدموا من العراق أو إيران أو تركيا أو أوروبا؛ أن يغادروا سوريا. وفي المرحلة الثانية يجب على مستوى قيادة التنظيم بأكمله، بمن في ذلك السوريون، مغادرة البلاد».

الغرب و«داعش»

وتابع: «يجب أن تقوم العناصر ممن لا تنتمي لتنظيم (حزب العمال الكردستاني - الوحدات الكردية) الإرهابي بإلقاء السلاح والعودة إلى حياتهم الطبيعية في سوريا بالاتفاق مع الإدارة الجديدة».

ولفت فيدان إلى أن أميركا والأوروبيين يقولون إن «الوحدات الكردية» تكافح «داعش»، لكن «الحقيقة أنهم جعلوا منها حارساً على تنظيم (داعش) الإرهابي»، لافتاً إلى ضرورة أن تتسلم الدول الغربية مواطنيها المنخرطين في «داعش».

وقال إن سوريا باتت «لاعباً دولياً مستقلاً»، ولن تعترف بتنظيم «الوحدات الكردية» الإرهابي، مشيراً في الوقت ذاته إلى أنه بينما يتم القضاء على «الوحدات الكردية»، ينبغي ألا يتعرض الأكراد الذين يعيشون في المدن العريقة في المنطقة منذ قرون طويلة للأذى؛ لأن القمع الذي مارسه التنظيم ضد العرب والأكراد واضح دائماً؛ إذ يفرض سيطرته عليهم بإبقائهم تحت الضغط.

فيدان وبلينكن يتحدثان للصحافيين عقب انتهاء مباحثاتهما في أنقرة الجمعة (الخارجية التركية)

وأضاف فيدان أن هدفهم في المرحلة الجديدة في سوريا هو «إقناع المجتمع الدولي والجهات الإقليمية الفاعلة بحماية الشعب السوري، ودعم الإدارة الجديدة في دمشق، والتعاون من أجل إعادة الاستقرار إلى سوريا مجدداً».

«الجيش الوطني» و«تحرير الشام»

ونوّه فيدان بدور «الجيش الوطني السوري»، قائلاً إنه «لو لم يتم دعم (الجيش الوطني السوري)؛ لما تم تدمير المعارضة السورية فحسب، بل لكان ملايين اللاجئين قد أتوا إلى تركيا».

وعن بعض المخاوف المتعلقة بـ«هيئة تحرير الشام»، قال فيدان إن «هذا أمر طبيعي للغاية»، مشدداً على ضرورة إزالة هذه المخاوف، وأنه تواصل مع وزراء خارجية دول عربية في هذا الشأن، وأن «العالم بات متقبلاً للمعايير والمحددات التي وضعتها تركيا».

أحد مقاتلي «تحرير الشام» أمام مقر السفارة التركية في دمشق قبل وقت قليل من افتتاحها السبت (أ.ف.ب)

وأضاف أن هناك رغبة في رؤية سوريا لا يوجد فيها إرهاب، ولا تحظى فيها التنظيمات الإرهابية مثل «حزب العمال الكردستاني» و«وحدات حماية الشعب الكردية» و«داعش» بالدعم، وتابع: «ولا تتعرض الأقليات لسوء المعاملة، بل يتم تلبية متطلباتهم الأساسية. و(تكون) سوريا لا يشعر أحد فيها بالحاجة للتعامل مع أسلحة الدمار الشامل، والبلد الذي لا يشكل أي خطر وتهديد للمنطقة، وفي الوقت نفسه يتم ضمان وحدة البلاد وسلامة أراضيها».

وتابع أنهم أبلغوا الإدارة الجديدة في دمشق بهذه «المخاوف»، وأنهم ينتظرون منها اتخاذ المواقف والخطوات اللازمة لإزالتها، و«سنتابع كيف سيتطور الأمر لاحقاً، وسنناقش ذلك على المدى القريب والمتوسط، وسنتابعه عن كثب».

المرحلة الانتقالية

بدوره، أكد وزير الدفاع التركي، يشار غولر، أن تركيا لم ولن تسمح بالأمر الواقع الجديد الذي يحاول تنظيم «حزب العمال الكردستاني - وحدات حماية الشعب الكردية» الإرهابي تطويره عقب الأحداث الأخيرة، وبخاصة في محيط مناطق العمليات التركية في سوريا.

وزير الدفاع التركي يشار غولر متحدثاً في البرلمان (وزارة الدفاع التركية)

وقال غولر في كلمة أمام البرلمان خلال مناقشة ميزانية وزارته لعام 2025 ليل الجمعة - السبت، إن «الوحدات الكردية» اضطرت إلى الانسحاب من مناطق تل رفعت وجنوب الباب وخط منبج نتيجة للعمليات الناجحة التي نفذها «الجيش الوطني السوري»، و«لن نسمح أبداً باستغلال حالة عدم الاستقرار في الميدان».

وشدد غولر على أن تركيا ستواصل جهودها ومبادراتها النشطة لضمان أن تكون عملية الانتقال السياسي في سوريا آمنة وسلسة وتحل المشاكل القائمة، معرباً عن اعتقاده بأنه سيتم إرساء الأمن والاستقرار الكاملين في سوريا، من خلال حل سياسي شامل في الفترة المقبلة بعد سقوط الأسد.

سجال سياسي

في الوقت ذاته، تحولت التطورات الأخيرة في سوريا والموقف التركي من «وحدات حماية الشعب الكردية» إلى محور سجال بين الرئيس رجب طيب إردوغان، وزعيم المعارضة رئيس حزب «الشعب الجمهوري» أوزغور أوزال، وقال إردوغان: «لقد خرج السيد أوزال محاولاً الضغط علينا من خلال حزب (الاتحاد الديمقراطي) الذي تشكل (الوحدات الكردية) ذراعه المسلحة».

إردوغان متحدثاً في مؤتمر لحزب «العدالة والتنمية» الحاكم (الرئاسة التركية)

وكان أوزال وجّه خلال مقابلة تلفزيونية، الخميس، سؤالاً إلى إردوغان بشأن قرار حزب «الاتحاد الديمقراطي» الكردي استخدام العلَم السوري، وهل لا يزال يصرّ على أنه تنظيم إرهابي.

ورد إردوغان في كلمة خلال مؤتمر لحزب «العدالة والتنمية» في أرضروم (شمال شرقي تركيا)، السبت، قائلاً: «موقفنا بشأن الامتدادات السورية للمنظمة الإرهابية الانفصالية (حزب العمال الكردستاني) واضح يا سيد أوزال»، مضيفاً: «تعالَ واشرح، هل تعتنق رأي زعيمك السابق (كمال كليتشدار أوغلو) بشأن حزب (الاتحاد الديمقراطي) و(وحدات حماية الشعب الكردية) حينما قال إن (الوحدات الكردية) لن تهاجمنا؟».

وتساءل إردوغان: «متى أصبح تغيير العلَم كافياً لتبرير امتدادات حزب (العمال الكردستاني)؟ أنت لا تعرف سوريا، ألا تعرف حتى المخططات التي كان حزب (العمال الكردستاني) يفعلها منذ 40 عاماً؟ ماذا يجب أن نقول؟! نسأل الله لهم البصيرة».

وقال الرئيس التركي إن الأزمة السورية كانت بمثابة اختبار حقيقي لمعرفة أين يقف كل طرف في تركيا، وإن مجرد النظر إلى التطورات في سوريا خلال الأسبوعين الماضيين يكفي لفهم ما يعنيه حزب «العدالة والتنمية» و«تحالف الشعب» (العدالة والتنمية والحركة القومية والوحدة الكبرى) بالنسبة لتركيا.

زعيم المعارضة التركية رئيس حزب «الشعب الجمهوري» أوزغور أوزال (من حسابه في «إكس»)

وعدّ إردوغان أن أكبر فرصة لتركيا هي أن يكون حزب «العدالة والتنمية» في غرفة القيادة بتركيا في جميع الأزمات.

استطلاع رأي

في السياق، أظهرت نتائج أول استطلاع للرأي أُجري في تركيا بعد التطورات في سوريا، ارتفاع أصوات حزب «العدالة والتنمية»، وفقد حزب «الشعب الجمهوري» تفوقه الذي حققه منذ الانتخابات المحلية في 31 مارس (آذار) الماضي.

وبحسب نتائج الاستطلاع الذي أجرته شركة «آسال» في 26 ولاية تركية في الفترة من 9 إلى 12 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، جاء حزب «العدالة والتنمية» في المرتبة الأولى بنسبة 32.5 في المائة، وحزب «الشعب الجمهوري» في المرتبة الثانية بنسبة 30.7 في المائة، وحزب «الحركة القومية» في المرتبة الثالثة بنسبة 9.6 في المائة، وذلك بعد توزيع أصوات المترددين التي بلغت 30 في المائة.

إردوغان ملوّحاً لأعضاء حزبه خلال مؤتمر في كوجا إيلي غرب تركيا مساء الجمعة (الرئاسة التركية)

وكان حزب «الشعب الجمهوري» حصل على المرتبة الأولى في الانتخابات المحلية التي أُجريت في 31 مارس الماضي، للمرة الأولى من 47 عاماً، بنسبة 37.8 في المائة من الأصوات في جميع أنحاء تركيا، وحصل حزب «العدالة والتنمية» على 35.5 في المائة ليأتي في المرتبة الثانية للمرة الأولى خلال فترة بقائه في الحكم التي استمرت 22 عاماً.