عقاريون: السعودية بحاجة إلى 550 مدينة عمالية

لاستيعاب 8 ملايين عامل في السوق المحلية

قطاع المقاولات يشغل النسبة الأكبر من القطاعات التي تعمل فيها العمالة الوافدة («الشرق الأوسط»)
قطاع المقاولات يشغل النسبة الأكبر من القطاعات التي تعمل فيها العمالة الوافدة («الشرق الأوسط»)
TT

عقاريون: السعودية بحاجة إلى 550 مدينة عمالية

قطاع المقاولات يشغل النسبة الأكبر من القطاعات التي تعمل فيها العمالة الوافدة («الشرق الأوسط»)
قطاع المقاولات يشغل النسبة الأكبر من القطاعات التي تعمل فيها العمالة الوافدة («الشرق الأوسط»)

قدر مختصون في قطاع العقار أن السعودية بحاجة خلال السنوات المقبلة إلى قرابة 550 مدينة عمالية متكاملة بمواصفات خاصة، وذلك لاستيعاب أكثر من 8 ملايين عامل في السوق المحلية يعملون في قطاعات مختلفة، وموزعون بطرق عشوائية داخل المدن الكبرى.
وتستوعب المدينة العمالية التي تقدر متوسط تكاليف إنشاء الوحدة منها بنحو 500 مليون ريال، أكثر من 20 ألف عامل وتقع خارج النطاق العمراني، حيث تتوافر بها كل الخدمات الأساسية التي تساعد العمالة على الاستفادة من الوقت في عملية التنقل بين مواقع العمل والمنازل وتخفيف العبء على خدمات البنية التحتية داخل المدينة، إضافة إلى أن هذه المدن تحتوي على مواقع للأنشطة الرياضية والترفيهية.
ويعد قطاع المقاولات أكثر القطاعات التي تشغل فيها العمالة الوافدة النسبة الأكبر بواقع 51 في المائة من إجمالي 8.212 من حجم العمالة الموزعة في مشروعات القطاعات الأخرى بين مشروعات مستدامة وأخرى وقتية، إضافة إلى 19 في المائة منهم يعملون في قطاع التجزئة، وهو ما يتطلب بحسب العقاريين تدخلاً سريعًا من قِبل الجهات الحكومية للإشراف على مساكن العمالة المتدنية.
ويرى اقتصاديون أن الشركات الكبرى لديها القدرة على إنشاء هذه المدن وفق متطلباتها الخاصة، من خلال عقد تحالفات لطرح مثل هذه المشروعات، واستقطاع قيمة التكاليف من أجور بدل السكن التي تصرفها هذه الشركات التي تبدأ من 400 ريال، خصوصًا أن عدد العمالة بلغ في آخر الإحصاءات نحو 8.212 ملايين عامل، يشكلون ما مقداره 30 في المائة من إجمالي السكان في السعودية، وصلت قيمة تحويلاتها المالية للخارج مائة بليون ريال سنويًا، إذ يجري تحويل ما يقارب 15 مليار ريال شهريًا إلى 95 دولة، يعمل أبناؤها في السعودية.
وفي هذا السياق، قال المهندس فيصل الصايغ، الرئيس التنفيذي لشركة عنان إسكان، المتخصصة في تطوير المجمعات السكنية الخاصة بالعمال: «إن هناك إشكالية وحلقة مفرغة، فعلى الرغم من الازدهار الذي يعيشه الاقتصاد السعودي، والدخل المرتفع نسبيًا للشركات العاملة في السوق المحلية، مقارنة مع نظيرتها في الخارج، فإن العشوائيات السكنية لا تزال منتشرة في كثير من الأحياء السكنية في مختلف المدن، خصوصًا ما يعرف بالمدن الاقتصادية».
وأضاف الصايغ أن غياب تفعيل الأنظمة الخاصة بمساكن العمال، وقلة وعي المجتمع بحقوق العمالة، يتسببان كل يوم في زيادة التحديات المفروضة على العمالة الأجنبية، سواء من حيث بيئة السكن أو من حيث الآثار المترتبة على نقص تجهيزها، مؤكدًا أهمية دعم قطاع قرى العمال السكنية وتفعيل أنظمة وشروط واضحة ومحددة لمساكن العمال ومواقعها للمشروعات.
ولفت الصايغ إلى أن شركته شرعت في عقد ندوة لتوعية وتسليط الضوء على أهمية العناية بمفهوم قرى العمال السكنية وللتوعية بحقوق العمال في هذا الخصوص، خصوصًا فيما يتعلق بواقع المباني العشوائية والأحياء المهجورة، التي يقيم بها معظم العمالة في السعودية، ولا يتوافر فيها الحد الأدنى من اشتراطات الأمن والسلامة الخاصة بهذه الفئة من المساكن.
وأوضح الصايغ أن ارتفاع عدد العمالة الذي وصل إلى نحو 8.2 مليون عامل وعاملة في المناطق السعودية، 6.8 مليون من هؤلاء يعملون في منشآت القطاع الخاص، غالبيتهم عرضة للعيش في المناطق العشوائية أو في مبانٍ متهالكة تنقصها كثير من المرافق الأساسية، وأسباب الحياة الكريمة، ولا بد أن نتحرك على الأصعدة كافة، التي ستكون نتائجها إيجابية على المجتمع المحلي اقتصاديًا واجتماعيًا.
وحول إمكانية التنسيق مع الجهات المعنية في تطبيق المدن العمالية، أكد الصايغ أن «عنان إسكان» جاهزة لنشر ثقافة قرى العمال السكنية عبر توفير حلول سكنية مبتكرة موجهة لشريحة العمال، بالتنسيق مع القطاعات الحكومية والأهلية كافة، التي من شأنها أن تساعد في إيجاد الحلول البديلة للبنية التحتية للمدينة، خصوصًا أن المدن العمالية تؤمِّن كل الاشتراطات اللازمة للإسكان الآدمي، وتوفر خدمات شاملة للقاطنين فيها من العمال بما في ذلك خدمات الرعاية الصحية الأولية، والخدمات المعيشية، والسكن الملائم والمتكامل، وذلك وفقًا لأعلى مستويات الجودة التي تتنوع حسب متطلبات العملاء، إضافة للخدمات اللوجيستية الأخرى، حسب أفضل المعايير في هذا المجال.
وفي حال انطلاق هذه المشروعات، فإن السعودية وبحسب العقاريين ستدخل مرحلة جديدة في البناء والتشييد، إذ يقدر حجم الاستثمار في هذه المدن بنحو 275 مليار ريال، الذي سينعكس إيجابًا على الشركات العاملة في قطاع المقاولات، إضافة إلى أنها سترفع حجم الاستثمار في العقار الذي يشهد نموًا مع حجم الإنفاق للحكومة السعودية في مشروعات البنية التحتية.
وقال مروان الشريف، خبير اقتصادي: «إن وجود مثل هذه المشروعات يدفع من القيمة الاستثمارية في قطاع العقار، إضافة إلى أنه سيسهم وبشكل مباشر في الاقتصاد المحلي من خلال طلب القروض من البنوك السعودية لإنشاء مثل هذه المدن العمالية»، موضحًا أن العمالة الوافدة لا بد أن تشارك في مثل هذه المشروعات من خلال استقطاع جزء من أجورها، وتحديدًا بدل السكن الذي تقدمه الشركات لحل مشكلة توزع العمالة بشكل عشوائي.
وأضاف الشريف أن المدن العمالية ستدفع مُلاَّك العقار إلى تخفيض أجور الوحدات السكنية بنسب متفاوتة وبشكل سريع وملحوظ مع بداية انتقال العمالة للمواقع الجديدة، الذي يتوقع أن يسري بالتزامن مع فرض رسوم الأراضي، وتحرك وزارة الإسكان لإيجاد مساكن للسعوديين، على الوحدات السكنية غير الشعبية أو القديمة، وهو ما سيوفر مساحة كبيرة من الاختيار للراغبين في السكن.



«كوفيد ـ 19» يوقف إجراءات تسليم المساكن في السودان

ينتظر أن ينطلق برنامج التوعية والتثقيف بالسكن الرأسي لرفع الوعي بهذا النوع من البناء
ينتظر أن ينطلق برنامج التوعية والتثقيف بالسكن الرأسي لرفع الوعي بهذا النوع من البناء
TT

«كوفيد ـ 19» يوقف إجراءات تسليم المساكن في السودان

ينتظر أن ينطلق برنامج التوعية والتثقيف بالسكن الرأسي لرفع الوعي بهذا النوع من البناء
ينتظر أن ينطلق برنامج التوعية والتثقيف بالسكن الرأسي لرفع الوعي بهذا النوع من البناء

في وقت تجري فيه الاستعدادات لعقد اجتماع بين الصندوق القومي للإسكان ووزارة المالية والتخطيط الاقتصادي وبنك السودان، لبحث سبل توفير تمويل لمشروعات الإسكان للمواطنين عبر قروض طويلة الأجل، ألغت الحكومة أول من أمس، وأوقفت، إجراءات تسليم المساكن للموطنين والتقديم لها، خوفاً من حدوث إصابات بـ«كورونا»، أثناء الاصطفاف للتقديم والتسلم.
وكان الصندوق القومي للإسكان قد طرح مباني سكنية جاهزة للمواطنين في معظم المناطق الطرفية بالعاصمة الخرطوم، وبقية الولايات، وذلك ضمن مشروع السودان لتوفير المأوى للمواطنين، الذي سيبدأ بـ100 ألف وحدة سكنية لذوي الدخل المحدود. وقد بدأ المشروع بفئة العمال في القطاعات الحكومية في جميع ولايات السودان العام الماضي، بواقع 5 آلاف منزل للمرحلة الأولى، تسدد بالتقسيط على مدى 7 سنوات. ويتضمن مشروع إسكان عمال السودان 40 مدينة سكنية في جميع مدن البلاد، لصالح محدودي الدخل، ويستفيد من المشروع في عامه الأول أكثر من مليونين.
وقد أقام المواطنون مواقع أمام مقر الصندوق القومي للإسكان، وباتوا يتجمعون يومياً بأعداد كبيرة، ما سبب إزعاجاً لدى إدارة الصندوق والشارع العام، وذلك بعد قرار سياسي من والي ولاية الخرطوم، لدعوة المواطنين للتقديم للحصول على سكن شعبي.
ووفقاً للدكتور عبد الرحمن الطيب أيوبيه الأمين العام المكلف للصندوق القومي للإسكان والتعمير في السودان لـ«الشرق الأوسط» حول دواعي إصدار قرار بوقف إجراءات التسليم والتقديم للإسكان الشعبي، وعما إذا كان «كورونا» هو السبب، أوضح أن تلك التجمعات تسببت في زحام شديد، حيث نصب المتقدمون للوحدات السكنية خياماً أمام مقر الصندوق في شارع الجمهورية، بعد قرار الوالي في وقت سابق من العام الماضي بدعوة المواطنين للتقديم. وظلت تلك التجمعات مصدر إزعاج وإرباك للسلطات، ولم تتعامل معهم إدارة الصندوق، إلى أن جاء قرار الوالي الأخير بمنع هذه التجمعات خوفاً من عدوى «كورونا» الذي ينشط في الزحام.
وبين أيوبيه أن الخطة الإسكانية لا تحتاج لتجمعات أمام مباني الجهات المختصة، حيث هناك ترتيبات وإجراءات للتقديم والتسلم تتم عبر منافذ صناديق الإسكان في البلاد، وعندما تكون هناك وحدات جاهزة للتسليم يتم الإعلان عنها عبر الصحف اليومية، موضحاً أن كل ولاية لديها مكاتب إدارية في كل ولايات السودان، وتتبع الإجراءات نفسها المعمول بها في العاصمة.
ولم يخفِ أيوبيه أزمة السكن في البلاد، والفجوة في المساكن والوحدات السكنية، والمقدرة بنحو مليوني وحدة سكنية في ولاية الخرطوم فقط، لكنه أشار إلى أن لديهم خطة مدروسة لإنشاء 40 ألف مدينة سكنية، تم الفراغ من نسبة عالية في العاصمة الخرطوم، بجانب 10 آلاف وحدة سكنية.
وقال إن هذه المشاريع الإسكانية ستغطي فجوة كبيرة في السكن الشعبي والاقتصادي في البلاد، موضحاً أن العقبة أمام تنفيذها هو التمويل، لكنها كمشاريع جاهزة للتنفيذ والتطبيق، مشيراً إلى أن لديهم جهوداً محلية ودولية لتوفير التمويل لهذه المشاريع.
وقال إن اجتماعاً سيتم بين الصندوق القومي للإسكان وبنك السودان المركزي ووزارة المالية والتخطيط الاقتصادي، لتوفير الضمانات بالنسبة للتمويل الخارجي واعتماد مبالغ للإسكان من الاحتياطي القانوني للمصارف المحلية.
وأكد الدكتور عبد الرحمن على أهمية التنسيق والتعاون المشترك بين الجهات المعنية لإنفاذ المشروع القومي للمأوى، وتوفير السكن للشرائح المستهدفة، مجدداً أن أبواب السودان مشرعة للاستثمار في مجال الإسكان. وأشار إلى أن الصندوق القومي للإسكان سيشارك في معرض أكسبو في دبي في أكتوبر (تشرين الأول) المقبل، وذلك بجناح يعرض فيه الفرص الاستثمارية في السكن والوحدات السكنية في السودان، وسيتم عرض كل الفرص الجاهزة والمتاحة في العاصمة والولايات.
وقال إن هناك آثاراً متوقعة من قرار رفع العقوبات الاقتصادية الأميركية على البلاد، ومن المتوقع أن يسهم كثيرا في إنعاش سوق العقارات واستقطاب رؤوس أموال لصالح التوسع في مشروعات الإسكان. وأبان أن الصندوق استطاع خلال السنوات الماضية إحداث جسور للتعاون مع دول ومنظمات واتحادات ومؤسسات مختلفة، وحالت العقوبات دون استثمارها بالشكل المطلوب، مشيرا إلى أن جهودهم ستتواصل للاستفادة من الخبرات والموارد المالية المتاحة عبر القروض والمنح والاستثمارات.
وأكمل الصندوق القومي للإسكان في السودان تحديد المواقع والدراسات لمشروع المأوى القومي ومنازل العمال، حيث ستشيد المنازل بأنماط مختلفة من السكن الاقتصادي، الشعبي، الاستثماري، الريفي، والمنتج، بتمويل من البنوك العاملة في البلاد، وفق خطة الصندوق.
وقد طرحت إدارة الصندوق عطاءات منذ بداية العام الجاري لتنفيذ مدن سكنية، كما دعت المستثمرين إلى الدخول في شراكات للاستثمار العقاري بالولايات لتوفير المأوى للشرائح المستهدفة، إلا أن التمويل وقف عثرة أمام تلك المشاريع.
وطرح الصندوق القومي للإسكان في ولاية الخرطوم أن يطرح حالياً نحو 10 آلاف وحدة سكنية لمحدودي الدخل والفئويين والمهنيين في مدن العاصمة الثلاث، كما يطرح العديد من الفرص المتاحة في مجال الإسكان والتطوير العقاري، حيث تم الانتهاء من تجهيز 5 آلاف شقة و15 ألفا للسكن الاقتصادي في مدن الخرطوم الثلاث.
وتم تزويد تلك المساكن بخدمات الكهرباء والطرق والمدارس وبعض المرافق الأخرى، بهدف تسهيل وتوفير تكلفة البناء للأسرة، حيث تتصاعد أسعار مواد البناء في البلاد بشكل جنوني تماشياً مع الارتفاع الذي يشهده الدولار مقابل الجنيه السوداني والأوضاع الاقتصادية المتردية التي تمر بها البلاد حالياً.
يذكر أن الصندوق القومي للإسكان لديه خطة لتوسيع قاعدة السكن لمحدودي الدخل، عبر الإسكان الرأسي، الذي يتكون من مجمعات سكنية، كل مجمع يضم بناية من 7 أدوار، ويتكون الطابق من 10 شقق سكنية، بمساحات من 180 إلى 300 متر مربع.
ويتوقع الصندوق أن يجد مشروع الإسكان الرأسي والشقق، رواجاً وإقبالاً في أوساط السودانيين محدودي الدخل، خاصة أنه أقل تكلفة وأصبح كثير من السودانيين يفضلونه على السكن الأفقي، الأمر الذي دفع الصندوق لتنفيذ برامج إعلامية لرفع مستوى وعي وثقافة المواطنين للتعامل مع السكن الجماعي والتعاون فيما بينهم.
ووفقاً لمسؤول في الصندوق القومي للإسكان فإن برنامج التوعية والتثقيف بالسكن الرأسي، يتضمن كيفية المحافظة على خدمات البناية، ورفع وعيهم بهذا النوع من البناء، حتى تتحول الخرطوم إلى عاصمة حضارية وجاذبة. وأضاف المصدر أن برنامج التوعية بالسكن في الشقق ودوره في تقليل تكلفة السكن، سيتولاه فريق من اتحاد مراكز الخدمات الصحافية، الذي يضم جميع وسائل الإعلام المحلية، مما سيوسع قاعدة انتشار الحملات الإعلامية للسكن الرأسي.
تغير ثقافة المواطن السوداني من السكن التقليدي (الحوش) إلى مساحات صغيرة مغلقة لا تطل على الشارع أو الجيران، ليس أمرا هينا. وبين أن خطوة الصندوق الحالية للاعتماد على السكن الرأسي مهمة لأنها تزيل كثيرا من المفاهيم المغلوطة عن السكن في الشقق السكنية.
يذكر أن الصندوق القومي للإسكان عام 2018 بدأ بالتعاون مع شركة هيتكو البريطانية للاستثمار، لتنفيذ مشروع الإسكان الفئوي الرأسي، الذي يستهدف بناء 50 ألف وحدة سكنية بالعاصمة الخرطوم، وكذلك مشروع لبناء أكبر مسجد في السودان، بمساحة 5 كيلومترات، وبناء 3 آلاف شقة ومحلات تجارية.