«الفيدرالي» الأميركي في معركة «حتمية» مع التضخم

باول: التزامنا غير مشروط والخسائر واردة

البنك المركزي الأميركي يسعى لإعادة الاستقرار للأسواق (أ.ب)
البنك المركزي الأميركي يسعى لإعادة الاستقرار للأسواق (أ.ب)
TT

«الفيدرالي» الأميركي في معركة «حتمية» مع التضخم

البنك المركزي الأميركي يسعى لإعادة الاستقرار للأسواق (أ.ب)
البنك المركزي الأميركي يسعى لإعادة الاستقرار للأسواق (أ.ب)

ذكر جيروم باول رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي الأميركي)، يوم الخميس، أن التزام المركزي بكبح جماح التضخم الذي وصل لأعلى مستوياته في 40 عاماً «غير مشروط»، حتى رغم اعترافه بأن الرفع الحاد لأسعار الفائدة قد يرفع كذلك معدلات البطالة.
وقال للجنة الخدمات المالية في مجلس النواب، «نحتاج حقاً لإعادة استقرار الأسعار... لأنه دون ذلك لن نتمكن من الحفاظ على فترات من الحد الأقصى للتوظيف يتم فيها توزيع المنافع على نطاق واسع للغاية... إنه أمر نحتاج لفعله... يتعين علينا فعله».
وجاءت تصريحات باول في اليوم الثاني من الأسئلة الصعبة التي يواجهها في الكونغرس بشأن جهود المركزي الأميركي للسيطرة على التضخم الذي وصل، بطريقة قياس المركزي المفضلة، إلى ما يفوق ثلاثة أمثال المعدل المستهدف البالغ اثنين في المائة.
وقال باول مساء الأربعاء للجنة البنوك في مجلس الشيوخ، إن البنك المركزي لا يحاول إيجاد بيئة تدفع نحو الركود، لكن حدوثه أمر «وارد بالتأكيد» بالنظر للأحداث العالمية الأخيرة، خصوصاً حرب أوكرانيا وجائحة «كوفيد - 19»، مما جعل من الأصعب كبح التضخم دون آثار جانبية.
وقالت عضو مجلس الاحتياطي الفيدرالي ميشيل بومان، يوم الخميس، إنها تدعم زيادة أسعار الفائدة 75 نقطة أساس في يوليو (تموز)، تليها زيادات بمقدار 50 نقطة أساس في الاجتماعات «القليلة المقبلة»، وهو نهج أكثر تشديداً للسياسة النقدية من أغلب نظرائها في البنك المركزي.
وقال اقتصاديون، استطلعت «رويترز» أراءهم، هذا الأسبوع، إنهم يتوقعون رفع المركزي الأميركي سعر الفائدة 75 نقطة أساس الشهر المقبل، ويليه نصف نقطة مئوية في سبتمبر (أيلول) دون تراجع عن تحركات الربع نقطة مئوية قبل نوفمبر (تشرين الثاني) على أقرب تقدير.
وقال باول أمام لجنة مجلس النواب يوم الخميس، إن هناك خطراً بأن تتسبب تحركات المركزي في ارتفاع البطالة. وسجلت البطالة 3.6 في المائة في مايو (أيار) في الولايات المتحدة. وتابع قائلاً: «ليست لدينا أدوات ضبط دقيقة... لذلك هناك خطر أن ترتفع البطالة عن مستوى منخفض تاريخي. سوق عمل تصل نسب البطالة فيها إلى 4.1 في المائة أو 4.3 في المائة لا تزال سوق عمل قوية للغاية»... لكنه قال إن الركود ليس أمراً حتمياً، وتوقع أن ينمو الاقتصاد الأميركي في النصف الثاني من العام الحالي بعد بداية بطيئة في 2022.
وفي سياق ذي صلة، انخفض عدد الأميركيين الذين قدموا طلبات جديدة للحصول على إعانات بطالة الأسبوع الماضي، مع استمرار نقص المعروض في سوق العمل رغم ظهور بعض التباطؤ.
وقالت وزارة العمل، يوم الخميس، إن طلبات الحصول على إعانات البطالة الحكومية المقدمة للمرة الأولى انخفضت في الأسبوع المنتهي في 18 يونيو (حزيران) بواقع ألفي طلب إلى مستوى معدل في ضوء العوامل الموسمية بلغ 229 ألف طلب. وكان خبراء اقتصاد استطلعت «رويترز» آراءهم توقعوا أن يصل عدد الطلبات إلى 227 ألفاً في الأسبوع الأخير.
وتتحرك طلبات الإعانة في نطاق محدود منذ أن تراجعت لأدنى مستوى في أكثر من 53 عاماً مسجلة 166 ألفاً في مارس (آذار) وسط مؤشرات على حدوث بعض التباطؤ في سوق العمل. ولا تزال سوق العمل إجمالاً تعاني من نقص المعروض، حيث تشير الوزارة إلى وجود 11.4 مليون فرصة عمل في نهاية أبريل (نيسان)، أي ما يقرب من وظيفتين شاغرتين لكل شخص عاطل عن العمل. ويقول الخبراء إن طلبات الإعانة يجب أن ترتفع إلى أكثر من 250 ألفاً للمساعدة في إعادة التوازن بين العرض والطلب على العمالة للسيطرة على تضخم الأجور.


مقالات ذات صلة

بعد فوز ترمب... مطالب عربية بميزات تنافسية بسبب توترات المنطقة

الاقتصاد ترمب يتحدث على شاشة بقاعة تداول بورصة «دويتشه» في فرانكفورت بألمانيا (أ.ب)

بعد فوز ترمب... مطالب عربية بميزات تنافسية بسبب توترات المنطقة

«الشرق الأوسط» استطلعت آراء خبراء اقتصاديين من عدة دول عربية حول رؤيتهم لأهم الإجراءات التي تجب مراعاتها من رئيس الولايات المتحدة للمنطقة العربية.

صبري ناجح (القاهرة)
الاقتصاد عرض خطاب مرشح الحزب الجمهوري دونالد ترمب في فلوريدا على شاشة في لاس فيغاس (أ.ف.ب)

ترمب في خطاب النصر: سنساعد بلادنا على التعافي

شدّد ترمب على أهمية أولويات إدارته المقبلة، قائلاً: «سنبدأ تقليص الديون وتقليل الضرائب».

«الشرق الأوسط» (فلوريدا)
الاقتصاد لوحة تحمل اسم «وول ستريت» خارج «بورصة نيويورك»... (رويترز)

ارتفاع قوي لمؤشرات الأسهم الأميركية مع ترقب نتائج الانتخابات

ارتفع مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» بشكل قوي يوم الثلاثاء مع انتظار المتداولين نتائج الانتخابات الرئاسية الأميركية الحاسمة.

«الشرق الأوسط» (نيويورك )
الاقتصاد عاملة في مخبز بسوق ريدينغ ترمينال في فيلادلفيا (رويترز)

نشاط قطاع الخدمات الأميركي يتسارع لأعلى مستوى له في أكثر من عامين

تسارع نشاط قطاع الخدمات الأميركي بشكل غير متوقع في أكتوبر إلى أعلى مستوى له في أكثر من عامين، مع تعزيز في التوظيف.

«الشرق الأوسط» (واشنطن )
الاقتصاد العلم الأميركي يرفرف بينما يغادر أحد الناخبين مركز اقتراع بعد الإدلاء بصوته في ديربورن بولاية ميشيغان (أ.ب)

5 تحديات اقتصادية تنتظر ترمب بعد عودته للبيت الأبيض

من طبيعة الحملات الانتخابية أن يتحول السياسيون بغض النظر عن مواقفهم الأولية إلى الخطاب الشعبوي حيث يقدمون وعوداً كبيرة ويتجنبون التطرق إلى التفاصيل السياسية.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

فوز ترمب يعيد رسم خريطة الأسواق

شاشات التلفزيون في قاعة بورصة نيويورك تعرض الأخبار في 6 نوفمبر 2024 (أ.ف.ب)
شاشات التلفزيون في قاعة بورصة نيويورك تعرض الأخبار في 6 نوفمبر 2024 (أ.ف.ب)
TT

فوز ترمب يعيد رسم خريطة الأسواق

شاشات التلفزيون في قاعة بورصة نيويورك تعرض الأخبار في 6 نوفمبر 2024 (أ.ف.ب)
شاشات التلفزيون في قاعة بورصة نيويورك تعرض الأخبار في 6 نوفمبر 2024 (أ.ف.ب)

ارتفعت مؤشرات «وول ستريت» الرئيسية إلى مستويات قياسية جديدة يوم الأربعاء، بعد فوز الجمهوري دونالد ترمب في انتخابات الرئاسة الأميركية لعام 2024، بعد 4 سنوات من خروجه من البيت الأبيض.

مع هذا الفوز، تتوقع الأسواق الاقتصادية الأميركية موجة من التعديلات الكبرى، تشمل تخفيضات ضريبية، وتخفيف القيود التنظيمية، وتطبيق سياسات قد تعيد هيكلة المشهد الاقتصادي الأميركي.

في الوقت نفسه، يترقب المستثمرون تأثير السياسات المحتملة لترمب على الأسواق، من بينها احتمالات زيادة التعريفات الجمركية التي قد تؤدي إلى تفاقم التضخم والعجز. ونتيجة لذلك، شهدت أسواق الأسهم قفزات ملحوظة، مع ارتفاع العوائد على السندات الأميركية، وصعود «بتكوين» إلى أعلى مستوى له على الإطلاق، كما عزّز الدولار من موقعه في الأسواق العالمية.

قفزات ملحوظة للأسواق الأميركية

مع بداية يوم التداول، شهدت أسواق الأسهم الأميركية قفزات قوية، حيث سجّل مؤشر «داو جونز» الصناعي زيادة قدرها 1190 نقطة، ما يعادل 2.82 في المائة ليصل إلى 43412.81 نقطة.

كما سجّل مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» ارتفاعاً بنسبة 1.62 في المائة، بينما ارتفع مؤشر «ناسداك» المركب بنسبة 1.69 المائة.

وأوضح المحلل الأول في شركة «تريد نيشن»، ديفيد موريسون، أن الأسواق شعرت «بارتياح» نتيجة للنتيجة السريعة والواضحة للاقتراع، وهو ما ساهم في تعزيز الثقة بشكل كبير.

كما حقّق مؤشر «راسل 2000» للأسهم الصغيرة أكبر المكاسب بين المؤشرات الرئيسية، حيث ارتفع بنسبة 4.1 في المائة ليصل إلى أعلى مستوى له منذ 3 سنوات.

ويتوقع المستثمرون أن تستفيد الشركات المحلية من بيئة تنظيمية وضريبية أكثر تساهلاً، بالإضافة إلى أن هذه الشركات ستكون أقل تأثراً بالتعريفات الجمركية التي قد يتم فرضها على الواردات الأجنبية.

كما انخفض مؤشر الخوف، الذي يقيس تقلبات السوق، بما يقارب 5 نقاط، ليصل إلى أدنى مستوى له منذ سبتمبر (أيلول). وقبل النتائج، كان المستثمرون يستعدون لعدة أيام من عدم اليقين بشأن من سيفوز في الانتخابات.

وقال كبير الاستراتيجيين الاستثماريين في «سي إف آر إيه»، سام ستوفال: «مع احتمال زيادة التحفيز وتخفيف القيود أو اللوائح على الصناعات، قد نرى السوق تحقق انتعاشاً قوياً بين الآن ونهاية العام».

وشهدت الأسهم المرتبطة بسياسات ترمب القوية خلال ولايته الثانية مكاسب كبيرة، حيث ارتفعت أسهم مجموعة «ترمب ميديا» بنسبة 16 في المائة.

متداول يرتدي قبعة ترمب في قاعة بورصة نيويورك (أ.ف.ب)

الذهب يتراجع والدولار يقوي من موقفه

على الرغم من المكاسب التي حقّقتها أسواق الأسهم والعملات المشفرة، فإن الذهب الذي يعدّ ملاذاً آمناً للمستثمرين في أوقات عدم اليقين شهد انخفاضاً حاداً.

فقد انخفض سعر الذهب بنسبة تزيد عن 3 في المائة ليصل إلى أدنى مستوى له في 3 أسابيع، في وقت توجه فيه المستثمرون نحو الدولار الأميركي الذي شهد ارتفاعاً هو الأكبر له في يوم واحد منذ يونيو (حزيران) 2016.

ويرى كثير من المستثمرين أن السياسات الاقتصادية لترمب قد تساهم في تحفيز الاقتصاد الأميركي، ما يؤدي إلى تعزيز قوة الدولار.

كما أن احتمالات فرض زيادة في التعريفات الجمركية وارتفاع التضخم قد يؤديان إلى رفع عوائد السندات الأميركية، وهو ما يضغط على الذهب.

المرشح الرئاسي الجمهوري دونالد ترمب يلوح بيده في فعالية بيتكوين 2024 في ناشفيل 27 يوليو 2024 (رويترز)

قطاعا البنوك والمالية في الصدارة

ارتفعت معظم قطاعات مؤشر «ستاندرد آند بورز 500»، حيث قادت المالية المكاسب بزيادة قدرها 5.1 في المائة لتصل إلى أعلى مستوى لها على الإطلاق، في ظل ارتفاع العوائد وتوقعات بفوائد أقل من اللوائح.

كما سجّلت أسهم البنوك الكبرى مكاسب ملحوظة. وارتفعت أسهم «جيه بي مورغان تشيس» بنسبة 8.3 في المائة، في حين زادت أسهم القطاع المالي في «ستاندرد آند بورز 500» بنسبة 5.1 في المائة، وهي الزيادة الأكبر بين 11 قطاعاً ضمن المؤشر.

ويعزى هذا الارتفاع إلى التفاؤل بنمو اقتصادي أقوى، ما سيساهم في زيادة الطلب على القروض والتمويل، وكذلك تخفيف اللوائح التي تفرضها الحكومة على القطاع المالي.

«تسلا» وصعود العملات المشفرة

ومن بين الشركات التي استفادت بشكل خاص من فوز ترمب، برزت أسهم «تسلا»، التي ارتفعت بنسبة 15.1 في المائة، ما يعكس الثقة المتزايدة في الشركة تحت قيادة ترمب.

ويرتبط هذا الصعود أيضاً بدعم الرئيس التنفيذي إيلون ماسك لترمب في الحملة الانتخابية الأخيرة.

في المقابل، انخفضت أسهم منافس تسلا «ريفيان» بنسبة 7.3 في المائة، في حين كانت أسهم «تسلا» تواصل تقدمها نحو آفاق جديدة.

ومن المتوقع أن تحقق «تسلا» مكاسب كبيرة تحت إدارة ترمب بسبب حجمها، مع توقعات بأن الإعانات الموجهة للطاقة البديلة والسيارات الكهربائية قد تكون مهددة.

وبينما سيكون هذا الأمر سلبياً بشكل عام للصناعة كلها، فإنه قد يعطي «تسلا» ميزة بفضل حصتها في السوق.

في المقابل، هبطت أسهم الشركات المنافسة في قطاع السيارات الكهربائية بشكل حادّ يوم الأربعاء.

وفي قطاع العملات المشفرة، أعلن ترمب عزمه جعل الولايات المتحدة «عاصمة العملات المشفرة في العالم»، ما عزّز من قيمتها في الأسواق.

وسجّلت عملة «بتكوين» أعلى مستوى لها على الإطلاق، متجاوزة حاجز 75000 دولار، كما شهدت العملات المشفرة الأخرى مثل «دوجكوين» مكاسب ملحوظة.

وارتفعت أسهم شركات مثل «كوينباس» بنسبة 19.4 في المائة.

التضخم والفائدة

بينما يترقب المستثمرون ما سيسفر عنه قرار الفائدة من جانب الاحتياطي الفيدرالي الأميركي، حيث من المتوقع أن يتم تخفيض أسعار الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس، فإن سياسات ترمب قد تؤدي إلى ضغط إضافي على التضخم، خاصة في ظل احتمالات رفع التعريفات الجمركية.

وتشير التوقعات إلى أن هذه السياسات قد ترفع العوائد على السندات الأميركية، حيث ارتفعت عوائد السندات لأجل 10 سنوات إلى 4.47 في المائة، من 4.29 في المائة، في أواخر يوم الثلاثاء، وهو تحرك كبير لسوق السندات. كما أنها ارتفعت بشكل ملحوظ منذ أغسطس (آب)، عندما كانت دون 4 في المائة.