غريليش يقود مشهد «البدلاء الخارقين» في الدوري الإنجليزي

الاعتماد على المتخصصين ضد المنافسين «المرهقين» سيكون أكثر شيوعاً في الأيام المقبلة

جاك غريليش (غيتي)
جاك غريليش (غيتي)
TT

غريليش يقود مشهد «البدلاء الخارقين» في الدوري الإنجليزي

جاك غريليش (غيتي)
جاك غريليش (غيتي)

من الضروري بالطبع أن نستخلص الإيجابيات من أي شيء يحدث. وفي العصر الحديث فإن كل ما يمكنك القيام به بعد الهزيمة هو أن تبحث عن الدروس التي يمكنك أن تستفيد منها وتجعلك تمضي قدما. وعلى الرغم من أنه يكاد يكون من المستحيل أن تجد شيئا سار بشكل صحيح بالنسبة للمنتخب الإنجليزي بعد مشوار كئيب في دوري الأمم الأوروبية بلغ ذروته بأسوأ هزيمة له على أرضه منذ عام 1928، إلا أنه في خضم هذا الشعور بالتعب والإحباط هناك شيء إيجابي بعض الشيء وهو أن جاك غريليش قد ساعد إنجلترا على العودة أمام ألمانيا بعدما كانت متأخرة بهدف دون رد لتنتهي المباراة بالتعادل بهدف لكل فريق، لكن الأهم من ذلك أن الأداء الذي قدمه غريليش في ميونيخ عندما شارك كبديل يعطي انطباعا بأنه قادر على نقل المنتخب الإنجليزي إلى مستويات جديدة إذا ما تم استغلال إمكاناته بشكل جيد.
لقد كان هناك الكثير من الصخب والجدل حول غريليش على مدار 18 شهرا أو نحو ذلك، حيث كان قطاع كبير من الجماهير والنقاد يطالبون بأن يشارك بشكل أساسي في صفوف المنتخب الإنجليزي. إنه لاعب ذكي ومتألق ويبدو طبيعيا وتلقائيا إلى حد ما، كما أنه يمتلك شخصية لطيفة تجعل من المستحيل تقريبا عدم الشعور بالدفء تجاهه. لكن هل يمكنك الوثوق به في فرض رقابة لصيقة على أحد لاعبي الخصم، وإغلاق زوايا التمرير أمام المنافسين، وعدم فقدان الكرة بسهولة؟
هذه هي المشكلة التي يتعين على المدير الفني للمنتخب الإنجليزي غاريث ساوثغيت، والمدير الفني لمانشستر سيتي جوسيب غوارديولا، إيجاد حلول لها. لقد تحدث غريليش في مقابلة غير معتادة من داخل أرض الملعب بعد المباراة الأخيرة لفريقه في الدوري الإنجليزي الممتاز، عن مدى صعوبة تعلم طريقة اللعب الجديدة في مانشستر سيتي. كما تحدث ساوثغيت عن أهمية السماح له باللعب بحرية. لكن كيف يمكن تحقيق ذلك، بعيدا عن العودة إلى كرة القدم التي كانت تُلعب قبل 40 عاما بدون خطط تكتيكية معقدة وكان يمكن بناء الفريق حول لاعب عبقري واحد في صناعة اللعب؟
لقد جاء الجواب عن هذا السؤال هناك في ميونيخ، عندما تم إشراك غريليش في المباراة كبديل. من المؤكد أن سياق المباراة هو الذي يحدد كل شيء، فعندما تكون المباراة متوازنة وتحاول التحكم في زمام الأمور فإن الدفع بغريليش يكون مغامرة. لكن عندما تلعب أمام فريق يعتمد على التكتل الدفاعي وتسعى لفك الطلاسم الدفاعية أو عندما تسعى لإحراز هدف، حتى لو كنت تدافع وتعتمد على الهجمات المرتدة السريعة، فسيكون غريليش مفيدا جدا، فاللاعب الذي لديه القدرة على المراوغة يكون أكثر فعالية وخطورة عندما يلعب أمام مدافعين يعانون من التعب والإرهاق، حتى لو كان ذلك يعني من الناحية العملية الحصول على عدد من الركلات الحرة نتيجة لعرقلة المدافعين لهذا اللاعب المهاري. في الحقيقة، يبدو أن هذا الدور الذي يلعبه غريليش كبديل في الشوط الثاني لديه القدرة على تغيير نتيجة اللقاء وحسم المباراة واستغلال الفرص أمام المرمى، مناسبا تماما له.
ومع ذلك، لا يزال هناك شعور بأن التشكيلة الأساسية لأي فريق هي الأكثر أهمية، وأن اللاعب البديل لا يكون بنفس القدر من الأهمية. لقد قاوم لاعبون مثل ديفيد فيركلوف وأولي غونار سولسكاير فكرة «البديل الخارق»، وأصروا على أنهم أكثر من مجرد بديل يمكنهم إحداث الفارق عند المشاركة في المباريات، لكن لا يوجد سبب يجعل اللاعب البديل يعتقد أنه أقل شأنا من اللاعبين الأساسيين، خاصة بعدما انضم الدوري الإنجليزي الممتاز إلى معظم بقية العالم من حيث السماح بإجراء خمسة تبديلات، وبالتالي فمن المتوقع أن يلعب البدلاء دورا أكبر في نتائج المباريات، مع العلم بأن كل ما يتطلبه الأمر هو تحول في العقلية وطريقة التفكير.
لقد كان هناك شعور في الماضي بأن كرة القدم تقترب من هذه النقطة. فعندما كان روميلو لوكاكو يلعب على سبيل الإعارة في وست بروميتش ألبيون في موسم 2012-2013، كان ستيف كلارك يدفع به أو بشين لونغ بانتظام في التشكيلة الأساسية للفريق، وبعد ذلك وعندما تظهر علامات الإرهاق على مدافعي الفريق المنافس كان يدفع باللاعب الآخر من أجل استغلال نشاط هذا اللاعب وقدرته على الانطلاق.
وكان ذلك يحقق فوائد لها شقان: لا يقتصر الأمر على أن اللاعب البديل يكون نشيطا وأفضل بدنيا من مدافعي الفريق المنافس الذين أصابهم الإرهاق، لكن الأمر يمتد إلى أن اللاعب الأساسي الذي يبدأ المباراة يعرف أنه يمكنه الركض بكل قوة وشراسة لأنه يعرف أنه سوف يخرج من الملعب بعد مرور 60 دقيقة أو نحو ذلك - وهذا بدوره يؤدي إلى إرهاق خصمه المباشر.
وعلى الرغم من أن هذا الأمر يكون مفيدا في وسط الملعب، إلا أنه ربما يكون ذا قيمة أكبر عندما يتعلق الأمر بالأجنحة والمهاجمين. لقد أصبحت فكرة «البدلاء المتخصصين» شبه مقبولة بين حراس المرمى، بسبب لجوء بعض المديرين الفنيين إلى إشراك بعض حراس المرمى قبل بداية ركلات الترجيح لعلمهم بأن هؤلاء الحراس البدلاء أفضل في التصدي لركلات الترجيح. لم يلعب أندرو ريدماين دقيقة واحدة من المباريات التي لعبتها أستراليا في التصفيات المؤهلة لنهائيات كأس العالم، لكنه شارك بدلا من القائد مات رايان، قبل نهاية الوقت الإضافي بثوان معدودة في المباراة النهائية لملحق الصعود للمونديال أمام بيرو. وعلى الرغم من أنه من غير الواضح مدى مساهمة تصرفاته الغريبة - مثل الرقص على خط المرمى، ورمي زجاجة المياه الخاصة بحارس مرمى بيرو بعيدا لأنه كان مكتوبا عليها تعليمات بخصوص كيفية تسديد لاعبي أستراليا لركلات الترجيح - في فوز أستراليا، لكنه انضم إلى قائمة طويلة من الحراس الذين شاركوا كبدلاء ويُنسب إليهم الفضل في تحقيق انتصارات مهمة في ركلات الترجيح.
وكان أقرب مثال على ذلك هو نيكوس كريستيديس، الذي شارك بدلا من لاكيس ستيرغيوداس، عندما فاز أيك أثينا اليوناني على كوينز بارك رينجرز في الدور ربع النهائي لكأس الاتحاد الأوروبي لكرة القدم في موسم 1976-1977 وأنقذ ركلة الجزاء التي سددها ديف ويب. ومنذ ذلك الحين، أصبح مديرون فنيون مختلفون مثل مارتن أونيل ولويس فان غال يستخدمون هذا التكتيك. لكن لا يزال هناك رفض لهذا الأمر، والدليل على ذلك أن المدير الفني لتشيلسي توماس توخيل تعرض لانتقادات شديدة عندما أشرك كيبا أريزابالاغا قبل ركلات الترجيح في المباراة النهائية لكأس رابطة الأندية الإنجليزية المحترفة في فبراير (شباط) الماضي، على الرغم من أن نفس الخطة نجحت في نهائي كأس السوبر الأوروبي في وقت سابق من الموسم.
لكن إذا كانت ركلات الجزاء تتطلب حارسا مميزا وردود فعل سريعة ومهارة كبيرة في قراءة اللعب والتمركز بشكل صحيح، فلماذا لا يجيدها حراس المرمى الذين يجيدون اللعب خلال المباريات وينقذون العديد من الفرص المحققة من اللعب المفتوح؟ عندما يكون التنبؤ بالزوايا التي سيسدد بها لاعبو الفرق المنافسة جزءاً أساسياً من المعادلة، فمن المنطقي تماما أن يركز حارس مرمى واحد على هذا الأمر، بينما يستمر الحارس الآخر في التركيز على اللعب المفتوح في المباراة نفسها. لكن في عالم كرة القدم تنقلب الأمور رأسا على عقب إذا فشل الحارس البديل في التصدي لركلات الترجيح، وسرعان ما يتعرض المدير الفني لانتقادات لاذعة بسبب استبداله للحارس الأساسي، لكن إذا تمكن الحارس البديل من التصدي لأي من ركلات الترجيح وقاد الفريق للفوز فإن الإشادات تنهال على المدير الفني ويصفه الجميع بأنه عبقري وداهية لأنه أجرى هذا التغيير!
وعندما كان مسموحا بإجراء تغيير واحد أو اثنين أو حتى ثلاثة، كان المديرون الفنيون يفضلون الانتظار طويلا ويتسمون بالحذر قبل إجراء التغييرات تحسبا لإصابة أي لاعب في التشكيلة الأساسية، لكن الآن وبعد أن أصبح من الممكن إجراء خمسة تبديلات (بالإضافة إلى تبديل إضافي في الوقت الإضافي)، يبدو من المعقول أن يخصص المدير الفني تغييرين لمن يمكن وصفهم بالبدلاء المتخصصين، سواء كانوا حراس مرمى متخصصين في التصدي لركلات الترجيح، أو مهاجمين يمتلكون مهارات كبيرة مثل غريليش أو أي شخص آخر لديه قدرات وفنيات يمكن استغلالها لمصلحة الفريق.
لقد بدأ هذا يحدث بالفعل، وكل ما يتبقى الآن هو قبول ذلك، وأن يتمكن اللاعبون البدلاء من القيام بدورهم وإحداث الفارق عند المشاركة في المباريات. وقبل كل شيء، يجب أن يعرف اللاعب البديل أنه يشارك وهو في أفضل حالاته البدنية ضد لاعبين أصابهم الإرهاق، فما الذي يمنعه من الاستمتاع بذلك؟


مقالات ذات صلة

بوستيكوغلو: غوارديولا في طريقه لأن يصبح أحد عظماء التدريب

رياضة عالمية بوستيكوغلو مدرب توتنهام (رويترز)

بوستيكوغلو: غوارديولا في طريقه لأن يصبح أحد عظماء التدريب

قال أنجي بوستيكوغلو مدرب توتنهام هوتسبير إن بيب غوارديولا رفع سقف المنافسة مع مدربي الدوري الإنجليزي الممتاز.

«الشرق الأوسط» (لندن)
رياضة عالمية غوارديولا (أ.ف.ب)

غوارديولا بعد تجديد عقده: لم يحن وقت الرحيل

قال المدرب الإسباني بيب غوارديولا الخميس عقب تمديد عقده مع مانشستر سيتي بطل إنجلترا لعامين اضافيين حتى العام 2027 إنّه «لم يستطع الرحيل الآن».

«الشرق الأوسط» (مانشستر)
رياضة عالمية غوارديولا مدد عقده لعامين مقبلين (أ.ف.ب)

ماذا يعني بقاء بيب غوارديولا لمانشستر سيتي؟

في وقت تسود فيه حالة كبيرة من عدم اليقين حول مانشستر سيتي والدوري الإنجليزي الممتاز، فإن العقد الجديد لبيب غوارديولا يمثل دفعة كبيرة للنادي.

The Athletic (مانشستر)
رياضة عالمية غوارديولا مدد تعاقده مع سيتي معلنا التحدي بإعادة الفريق للقمة سريعا (رويترز)

غوارديولا أكد قدرته على التحدي بقرار تمديد عقده مع مانشستر سيتي

يُظهر توقيع جوسيب غوارديولا على عقد جديد لمدة عام واحد مع مانشستر سيتي أن المدير الفني الإسباني لديه رغبة كبيرة في التغلب على التحديات الكثيرة التي تواجه فريقه

جيمي جاكسون (لندن)
رياضة عالمية رودريغو بينتانكور خلال مشاركته مع منتخب الأوروغواي في مواجهة البرازيل الأخيرة بالتصفيات (د.ب.أ)

بوستيكوغلو: سندعم بينتانكور بالطرق الصحيحة للمضي قُدماً

وصف أنجي بوستيكوغلو، مدرب فريق توتنهام هوتسبير، لاعب خط وسط الفريق، رودريغو بينتانكور بأنه «شخص استثنائي»، بعد معاقبة الأوروغواياني؛ لاستخدامه لغة عنصرية.

«الشرق الأوسط» (لندن)

«خليجي 26»... السعودية والعراق وجهاً لوجه في المجموعة الثانية

الكويت ستحتضن كأس الخليج بنهاية العام الحالي (الشرق الأوسط)
الكويت ستحتضن كأس الخليج بنهاية العام الحالي (الشرق الأوسط)
TT

«خليجي 26»... السعودية والعراق وجهاً لوجه في المجموعة الثانية

الكويت ستحتضن كأس الخليج بنهاية العام الحالي (الشرق الأوسط)
الكويت ستحتضن كأس الخليج بنهاية العام الحالي (الشرق الأوسط)

أسفرت قرعة بطولة كأس الخليج (خليجي 26) لكرة القدم التي أجريت السبت، وتستضيفها الكويت خلال الفترة من 21 ديسمبر (كانون الأول) 2024، وحتى 3 يناير (كانون الثاني) 2025، عن مجموعتين متوازنتين.

فقد ضمت الأولى منتخبات الكويت، وقطر، والإمارات وعمان، والثانية العراق والسعودية والبحرين واليمن.

ويتأهل بطل ووصيف كل مجموعة إلى الدور نصف النهائي.

وسُحبت مراسم القرعة في فندق «والدورف أستوريا» بحضور ممثلي المنتخبات المشارِكة في البطولة المقبلة.

وشهد الحفل الذي أقيم في العاصمة الكويت الكشف عن تعويذة البطولة «هيدو»، وهي عبارة عن جمل يرتدي قميص منتخب الكويت الأزرق، بحضور رئيس اتحاد كأس الخليج العربي للعبة القطري الشيخ حمد بن خليفة، إلى جانب مسؤولي الاتحاد وممثلين عن الاتحادات والمنتخبات المشاركة ونجوم حاليين وسابقين.

السعودية والعراق وقعا في المجموعة الثانية (الشرق الأوسط)

وجرى وضع الكويت على رأس المجموعة الأولى بصفتها المضيفة، والعراق على رأس الثانية بصفته حاملاً للقب النسخة السابقة التي أقيمت في البصرة، بينما تم توزيع المنتخبات الستة المتبقية على 3 مستويات، بحسب التصنيف الأخير الصادر عن الاتحاد الدولي (فيفا) في 24 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.

وتقام المباريات على استادي «جابر الأحمد الدولي» و«جابر مبارك الصباح»، على أن يبقى استاد علي صباح السالم بديلاً، ويترافق ذلك مع تخصيص 8 ملاعب للتدريبات.

وستكون البطولة المقبلة النسخة الرابعة التي تقام تحت مظلة اتحاد كأس الخليج العربي بعد الأولى (23) التي استضافتها الكويت أيضاً عام 2017. وشهدت النسخ الأخيرة من «العرس الخليجي» غياب منتخبات الصف الأول ومشاركة منتخبات رديفة أو أولمبية، بيد أن النسخة المقبلة مرشحة لتكون جدية أكثر في ظل حاجة 7 من أصل المنتخبات الثمانية، إلى الاستعداد لاستكمال التصفيات الآسيوية المؤهلة إلى كأس العالم 2026 المقررة في الولايات المتحدة وكندا والمكسيك.

وباستثناء اليمن، فإن المنتخبات السبعة الأخرى تخوض غمار الدور الثالث الحاسم من التصفيات عينها، التي ستتوقف بعد الجولتين المقبلتين، على أن تعود في مارس (آذار) 2025.

ويحمل المنتخب الكويتي الرقم القياسي في عدد مرات التتويج باللقب الخليجي (10) آخرها في 2010.

الكويت المستضيفة والأكثر تتويجا باللقب جاءت في المجموعة الأولى (الشرق الأوسط)

ووجهت اللجنة المنظمة للبطولة الدعوة لعدد من المدربين الذين وضعوا بصمات لهم في مشوار البطولة مع منتخبات بلادهم، إذ حضر من السعودية ناصر الجوهر ومحمد الخراشي، والإماراتي مهدي علي، والعراقي الراحل عمو بابا، إذ حضر شقيقه بالنيابة.

ومن المقرر أن تقام مباريات البطولة على ملعبي استاد جابر الأحمد الدولي، الذي يتسع لنحو 60 ألف متفرج، وكذلك استاد الصليبيخات، وهو أحدث الملاعب في الكويت، ويتسع لـ15 ألف متفرج.

وتقرر أن يستضيف عدد من ملاعب الأندية مثل نادي القادسية والكويت تدريبات المنتخبات الـ8.