غوستافو بيترو... كولومبيا تنضم إلى معسكر اليسار الأميركي اللاتيني

في أكبر تحوّل سياسي تشهده البلاد

غوستافو بيترو... كولومبيا تنضم إلى معسكر اليسار الأميركي اللاتيني
TT

غوستافو بيترو... كولومبيا تنضم إلى معسكر اليسار الأميركي اللاتيني

غوستافو بيترو... كولومبيا تنضم إلى معسكر اليسار الأميركي اللاتيني

دخلت كولومبيا يوم الأحد الماضي مرحلة غير مسبوقة في تاريخها السياسي بعدما صوّتت لصالح المرشح اليساري غوستافو بيترو في الانتخابات الرئاسية، منهية بذلك عقوداً مديدة من التناوب بين الأحزاب اليمينية على الحكم منذ بداية الاستقلال عن الاستعمار الإسباني مطالع القرن التاسع عشر. ولقد جاء فوز بيترو، ونائبته فرنسا ماركيز المتحدرة من أصول أفريقية، بدعم من الأحزاب والقوى اليسارية والتقدمية التي كانت توصّلت إلى اتفاق تحت راية «الميثاق التاريخي» في الجولة الثانية من الانتخابات لمواجهة المرشّح اليميني الشعبوي رودولفو هيرنانديز الذي تضافرت كل القوى المحافظة واليمينية لتأييده وقطع الطريق أمام وصول اليسار إلى الحكم لأول مرة في تاريخ البلاد.
حسم مرشح اليسار غوستافو بيترو معركة انتخابات رئاسة الجمهورية في كولومبيا – ثاني كبرى دول أميركا الجنوبية من حيث عدد السكان بعد البرازيل – بحصوله على 50.4 في المائة من الأصوات مقابل 47.3 في المائة لمنافسه اليميني الشعبوي الثري رودولفو هيرنانديز، الذي كان متقدماً عليه في جميع الاستطلاعات حتى أيام معدودة قبل الانتخابات، حين هبطت شعبيته فجأة في أعقاب رفضه المشاركة في مناظرة تلفزيونية مع منافسه كان أحد القضاة قد حكم بإجرائها.
في أول تصريح له بعد فوزه، قال بيترو بلهجة توافقية «هذا التغيير التاريخي ليس من أجل الانتقام، ولا للمزيد من الضغائن وتعميق الشرخ بين مكوّنات المجتمع الكولومبي». وكرّر العرض الذي كان قدّمه في حال انتخابه ليدعو خصمه التاريخي الرئيس الأسبق آلفارو أوريبي ومنافسه في المعركة الرئاسية، إلى «الكفّ عن التقاتل، والتلاقي للوئام والعمل سويّة تحت راية الديمقراطية من أجل كولومبيا». وبالفعل، سارع هيرنانديز إلى الاتصال بالرئيس المنتخب وهنّأه على فوزه، كما أعرب الرئيس الحالي إيفان دوكي عن كامل استعداده للمباشرة بعملية التسلّم والتسليم بشفافية وحسب الأصول الدستورية. ومن جانبها، كانت الإدارة الأميركية تعرب بلسان وزير الخارجية أنتوني بلينكن عن استعدادها للتعاون والعمل مع الرئيس اليساري الجديد، والمقاتل القيادي السابق في صفوف الحركة الثورية التي كانت واشنطن تحاربها وتضعها على قائمة المنظمات الإرهابية.

النشأة وبداية المسيرة
وُلد غوستافو فرانشيسكو بيترو يوم 19 أبريل (نيسان) من عام 1960 لعائلة من المزارعين المهاجرين من إيطاليا في مدينة سييناغا دورو الصغيرة بشمال كولومبيا. ورغم نشأته الكاثوليكية نشط منذ شبابه في الحركات الاجتماعية اليسارية؛ إذ أسس إبان دراسته الثانوية مركزاً ثقافياً أطلق عليه اسم غارسيّا ماركيز، كما أصدر صحيفة محلية بعنوان «رسالة الشعب». وكان من أنصار حركة «لاهوت التحرّر» التي قادها عدد من الرهبان والكهنة اليسوعيين التقدميين في أميركا اللاتينية وحاربتها الكنيسة الكاثوليكية لسنوات إلى أن هدد البابا الأسبق يوحنا بولس الثاني بحرمان الذين ينشطون في صفوفها.
تلقى بيترو تعليمه الجامعي في جامعة كولومبيا الخارجية متخصصاً في الاقتصاد، وتابع دراسته العليا في الجامعة الجافييرية الكاثوليكية، إحدى أعرق الجامعات في أميركا الجنوبية. وفي أعقاب حصوله على الماجستير انتقل للإعداد لدرجة الدكتوراه في جامعتي لوفان (بلجيكا) وشلمنقة (إسبانيا). والجدير بالذكر أن بيترو انخرط مع بداية دراسته الجامعية في كلية العلوم الاقتصادية في «حركة التاسع عشر من أبريل الثورية». بل وقاتل في صفوفها إبان النزاع المسلّح بين السلطات الكولومبية والحركات الثورية إلى أن انحلّت أواخر العام 1990 لتتحوّل إلى «تحالف التاسع عشر من أبريل الديمقراطي». وبالتالي، تصبح ثاني قوة سياسية في الجمعية التأسيسية عام 1991. وفي العام التالي انتخب بيترو عضواً في مجلس النواب، وأُعيد انتخابه مرتين قبل أن يصبح عضواً في مجلس الشيوخ عام 2006.
في العام 2009 استقال من مجلس الشيوخ ليترشّح في العام التالي لرئاسة الجمهورية. إلا أنه إثر خسارته في الجولة الأولى من الانتخابات خاض معركة رئاسة بلدية العاصمة بوغوتا التي تولاها في العام 2012. ثم عاد ليخوض معركة الانتخابات الرئاسية للمرة الثانية في العام 2018، ومجدداً لم يوفق؛ إذ حل في المرتبة الثانية وانتقل إلى صفوف المعارضة في مجلس الشيوخ.

الطريق إلى الرئاسة
مطالع السنة الحالية، وبعد المشاورات الواسعة التي أجرتها القوى اليسارية والتقدمية الكولومبية، اختير غوستافو بيترو مرشحاً للرئاسة للمرة الثالثة. لكنه هذه المرة تقدّم في الجولة الأولى بفارق كبير عن جميع منافسيه الذين تحالفوا وتضافروا لتأييد منافسه في الجولة الثانية التي حصد فيها، مع ذلك، أكبر عدد من الأصوات في تاريخ الانتخابات الرئاسية بكولومبيا.
من المزايا القيادية التي ساعدت بيترو في مسيرة صعوده السياسي، أنه بعد انتخابه عضواً في مجلس الشيوخ عقب ثلاث ولايات متتالية في مجلس النواب، برز كخصم عنيد للرئيس الأسبق آلفارو أوريبي الذي كان وما زال يتمتع بنفوذ واسع بين الأحزاب والقوى اليمينية والمحافظة، وأيضاً بدعم من القوات المسلحة والتنظيمات شبه العسكرية (الميليشيات) التي تفرّعت عنها لمقاتلة الثوار. وكان للحملة المديدة والعنيدة التي قادها بيترو لكشف العلاقات التي تربط أوريبي بتلك التنظيمات، وبعدد من كبار مهرّبي المخدرات، أثر كبير في تراجع شعبية أوريبي... ثم انكفاؤه عن العمل السياسي المباشر بسبب الملاحقات القانونية التي تعرّض لها نتيجة التحقيقات التي كان يقودها بيترو.
في المقابل، عندما انتخب بيترو رئيساً بلدية العاصمة بوغوتا في العام 2011 واجه حملة شرسة من خصومه أدت إلى صدور قرار من النيابة العامة بعزله ومنعه من تولّي أي منصب عمومي طوال 15 سنة. وكانت الذريعة أزمة النفايات التي عانت منها بوغوتا أواخر العام 2012، والتي اعتبرت النيابة العامة أنها تسببت في أضرار جسيمة على الصحة العامة. ورغم صدور قرار محكمة الاستئناف لصالح إسقاط العزل واسترداد بيترو حقوقه المدنية والسياسية، أمر رئيس الجمهورية يومذاك بتنفيذ قرار النيابة العامة وتعيين رئيس بديل لبلدية العاصمة. لكن المحكمة العليا عادت وأصدرت أمرا يلزم رئيس الجمهورية بالامتثال لقرار محكمة الاستئناف، وعاد بيترو ليتولّى منصبه كرئيس لبلدية بوغوتا بعد عزله 35 يوماً.

براغماتية وتعايش
بعد فشل بيترو للمرة الأولى في الانتخابات الرئاسية قرّر تكرار التجربة والترشّح مرة ثانية في العام 2018. وحينذاك صرّح خلال الحملة الانتخابية بقوله «كنت أنتمي إلى اليسار، ولست نادماً على ذلك. إلا أنني لن أطرح برنامجاً يسارياً ولا برنامجاً اشتراكياً. نعرف أن هذه البرامج فشلت، ولكن المشكلة في كولومبيا هي أن النظام الرأسمالي لم يتطوّر. وبالتالي، فإن ما أطرحه هو تطوير نظام رأسمالي ديمقراطي يساعد على بناء طبقة متوسطة واسعة تقوم على المبادرة الخاصة وتكون الملكية الخاصة عمادها الأساسي». ويبدو أن براغماتيته هذه أفادته؛ إذ حلّ ثانياً في تلك الانتخابات التي فاز بها الرئيس الحالي ايفان دوكي.
هنا يقول آرماندو بينيديتي، مدير حملته الانتخابية، إن المسيرة الفعلية لبيترو نحو الرئاسة «بدأت مع توقيع اتفاق السلام بين الحكومة وقيادات القوى الثورية المسلحة التي كان يقاتل في صفوف واحدة منها، والذي بموجبه تخلّى الثوار عن السلاح وانخرطوا في الحياة المدنية بعد أربعة عقود من الكفاح المسلح الذي خلّف مئات الآلاف من الضحايا وجعل من كولومبيا البلد الأكثر عنفا في العالم».
ولأن غوستافو بيترو كان من أبرز المفاوضين الذين دفعوا بالقوى الثورية إلى التوقيع على اتفاق السلام انطلاقا من قناعته الراسخة «بعبثية العمل الثوري في الظروف الإقليمية والدولية الراهنة» - كما ذكر في إحدى المقابلات - جاءت تصريحاته الأولى بعد فوزه التاريخي رسالة طمأنة إلى الذين كانوا يتوجسون من وصول مرشح اليسار «الثوري والعنيف» إلى السلطة. وفي المقابل، فإنه توجّه أيضاً إلى طمأنة أنصاره، طالباً إلى النيابة العامة الإفراج فوراً عن المعتقلين الذين شاركوا في الاحتجاجات الشعبية العام الماضي، وإلغاء قرارات عزل رؤساء البلديات الذين شاركوا في حملته الانتخابية، مؤكداً أن مثل هذه التصرفات لن تتكرر على عهده.

برنامجه الانتخابي
يقوم البرنامج الانتخابي الذي وصل غوستافو بيترو على أساسه إلى سدة الرئاسة الكولومبية على مجموعة من الإصلاحات الكبرى، التي سبق أن أدرجها معظم المرشحين ضمن برامجهم ووعودهم في الماضي، من دون أن يتحقق شيء. ولا شك في أن ذلك ولّد رغبة عميقة في التغيير لدى شريحة واسعة من الناخبين، خاصة بين الفقراء وسكان الأرياف، وكذلك الطبقة المتوسطة التي منذ سنوات تتقلّص بعدما كانت تشكّل نحو 65 في المائة من مجموع السكان. ومن بين هذه الإصلاحات: تعديل قانون ملكية الأراضي الزراعية لتوزيعها على الفلاحين الذين يخضع معظمهم لنظام اقطاعي يحرمهم من ملكيتها، ووضع خطة صناعية حديثة تتيح الاستفادة من الموارد الطبيعية الضخمة التي تزخر بها كولومبيا، فضلاً عن إصلاح النظام الضريبي وتطبيق بنود اتفاق السلام الذي ما زال يواجه معارضة من بعض القوى المحافظة التي يقودها الرئيس الأسبق أوريبي.
هذا، وكان واضحاً منذ بداية الحملة الانتخابية أن رحى المعركة لن تدور حول طرفي المشهد اليميني، الليبراليين والمحافظين، بل إن الصراع بات مركّزاً بين اليسار والقوى التقدمية - التي توحّدت لأول مرة في تاريخها - من جهة، والقوى اليمينية التي أمسكت بالزمام السياسية والاقتصادية للبلاد منذ الاستقلال، ودأبت على محاولة قطع الطريق أمام أي محاولة للتغيير أو تقاسم مواقع النفوذ والسلطة.
ثم إنه، لأول مرة في تاريخ الحملات الانتخابية الرئاسية في كولومبيا، دار الخطاب السياسي حول قضايا مثل نبذ العنصرية والتمييز الجنسي، والاهتمام بالمعاشات التقاعدية والبيئة، بعدما كان لعقود عديدة شبه مقصور على الأمن وعنف الحركات الثورية والتنظيمات شبه العسكرية.

الصورة الفنزويلية
من جهة أخرى، إذا كان غوستافو بيترو قد نجح في استقطاب الرغبة العارمة في التغيير وفتح صفحة جديدة في المشهد السياسي، وتطمين مراكز السلطة الاقتصادية من حيث برنامج الإصلاحات الذي يعتزم تطبيقها، فإنه اتجه أيضاً إلى تفكيك الصورة التي حاول خصومه أن يرسموها له كحليف للنظام الفنزويلي ومؤيد للخط المتطرف الذي رسمه هوغو تشافيز مستلهماً مبادئ الثورة الكوبية.
وكانت الانتقادات الموجهة إلى بيترو في هذا السياق تنطلق من ماضيه كمقاتل في صفوف الحركة الثورية التي كانت تنادي بإقامة نظام يستلهم الثورة الكوبية أو الإصلاحات التي طبقتها الجبهة الساندينية في نيكاراغوا، ودعوته المتكررة إلى إعادة العلاقات الدبلوماسية مع «الجارة» فنزويلا بعدما قطعها الرئيس الحالي إيفان دوكي في ذروة الأزمة بين البلدين. فقد حرص بيترو في خطابه على التأكيد بأن برنامجه الإصلاحي لا يشبه في شيء البرامج السوفياتية في كوبا أو الساندينية في نيكاراغوا، مع تشديده على ضرورة استئناف العلاقات مع فنزويلا كشرط أساسي لمعالجة أزمة الهجرة التي تسببت في موجة من الاضطرابات الأمنية والاجتماعية على الحدود بين البلدين الجارين.
وكان مقرّبون من الرئيس الكولومبي الجديد قد كشفوا أن اتصالات كانت جرت بين محيطه والإدارة الأميركية تناولت تطمينات لواشنطن بأنه في حال انتخابه لن ينضمّ إلى المعسكر اليساري المتطرف الذي تقوده كوبا وفنزويلا، والذي كانت الأنظمة التقدمية الأخرى في أميركا اللاتينية، مثل المكسيك والأرجنتين وتشيلي وبوليفيا، قررت الابتعاد عن مساره والاتجاه نحو تأسيس تكتل تقدمي معتدل.


مقالات ذات صلة

إسبانيا تحقق في احتمال دخول نفط روسي إليها عبر دول أخرى

الاقتصاد إسبانيا تحقق في احتمال دخول نفط روسي إليها عبر دول أخرى

إسبانيا تحقق في احتمال دخول نفط روسي إليها عبر دول أخرى

أعلنت الحكومة الإسبانية أمس (الجمعة) فتح تحقيق في احتمال دخول شحنات من النفط الروسي إلى أراضيها عبر دول ثالثة ودعت إلى بذل جهود أوروبية مشتركة لـ«تعزيز إمكانية تتبع» واردات المحروقات. وقالت وزيرة الانتقال البيئي الإسبانية تيريزا ريبيرا في رسالة: «في مواجهة أي شكوك، من الضروري التحقق» مما إذا كانت «المنتجات المستوردة تأتي من المكان المشار إليه أو من بلد آخر وما إذا كانت هناك أي مخالفة». وأوضحت الوزيرة الإسبانية أن «هذه المخاوف» هي التي دفعت إسبانيا إلى «التحقيق» في إمكانية وصول نفط روسي إلى أراضيها، مذكرة بأن واردات المحروقات «مرفقة نظريا بوثائق تثبت مصدرها».

«الشرق الأوسط» (مدريد)
العالم إسبانيا تستدعي سفير روسيا إثر «هجوم» على حكومتها عبر «تويتر»

إسبانيا تستدعي سفير روسيا إثر «هجوم» على حكومتها عبر «تويتر»

أعلنت وزارة الخارجية الإسبانية، الجمعة، أنها استدعت السفير الروسي في مدريد، بعد «هجمات» شنتها السفارة على الحكومة عبر موقع «تويتر». وقال متحدث باسم الوزارة، لوكالة «الصحافة الفرنسية»، إن الغرض من الاستدعاء الذي تم الخميس، هو «الاحتجاج على الهجمات ضد الحكومة على مواقع التواصل الاجتماعي».

«الشرق الأوسط» (مدريد)
العالم إسبانيا سترسل 6 دبابات «ليوبارد» لأوكرانيا خلال أيام

إسبانيا سترسل 6 دبابات «ليوبارد» لأوكرانيا خلال أيام

قال وزير الخارجية الإسباني خوسيه مانويل ألباريس إن بلاده سترسل خلال أيام 6 دبابات من بين 10 دبابات من طراز «ليوبارد 2» لأوكرانيا كانت قد تعهدت بتقديمها، وفق ما ذكرته وكالة الأنباء الألمانية. وقال ألباريس لمجموعة «فونكه» الإعلامية الألمانية، في مقابلة نُشرت اليوم (السبت)، «سيتم تزويد أوكرانيا في وقت لاحق بمجموعة ثانية تتكون من أربع دبابات». وتابع «سندعم أوكرانيا طالما تحتاج للدعم...

«الشرق الأوسط» (مدريد)
يوميات الشرق حمى الضنك... ما أعراضها؟ ومتى تبدأ في الظهور؟

حمى الضنك... ما أعراضها؟ ومتى تبدأ في الظهور؟

أصدر مسؤولو الصحة في جزيرة إيبيزا الإسبانية إنذاراً بعد رصد عدة حالات من حمى الضنك. وتحدث المسؤولون في الجزيرة عن العدوى في بيان بعد الإبلاغ عن إصابة ستة سياح ألمان بين مايو (أيار) ونوفمبر (تشرين الثاني) من العام الماضي، مما أثار مخاوف من تفشي المرض مع اقتراب الموسم السياحي، وفقاً لصحيفة «إندبندنت». وحمى الضنك هي عدوى تنتشر عن طريق البعوض.

«الشرق الأوسط» (مدريد)
يوميات الشرق لم تمس الماء طيلة عام ونصف... إسبانية تعيش منعزلة تحت الأرض لـ500 يوم

لم تمس الماء طيلة عام ونصف... إسبانية تعيش منعزلة تحت الأرض لـ500 يوم

خرجت متسلقة الجبال الإسبانية والمتخصصة في استكشاف الكهوف، بياتريس فلاميني (50 عاما)، إلى النور يوم الجمعة، بعد أن أمضت طواعية 500 يوم تحت الأرض داخل كهف بعمق 70 مترا في مقاطعة غرناطة جنوبي إسبانيا، وفقاً لوكالة «الأنباء الألمانية». وقالت الرياضية المحترفة، وهي تضحك بصوت عال أمام كاميرات قناة «آر تي في إي» التلفزيونية الحكومية ووسائل الإعلام الأخرى «سأخبركم كيف كان الوضع هناك... ولكن إذا كنتم لا تمانعون، سأستحم، لأنني لم أمس الماء طيلة عام ونصف العام».

«الشرق الأوسط» (مدريد)

ألمانيا... الحزب الديمقراطي الحر «شريك الحكم» شبه الدائم

شيل
شيل
TT

ألمانيا... الحزب الديمقراطي الحر «شريك الحكم» شبه الدائم

شيل
شيل

مع أن «الحزب الديمقراطي الحر»، الذي يعرف في ألمانيا بـ«الحزب الليبرالي»، حزب صغير نسبياً، مقارنةً بالقطبين الكبيرين «الاتحاد الديمقراطي المسيحي» (المحافظ) و«الحزب الديمقراطي الاجتماعي» (الاشتراكي)، فإنه كان غالباً «الشريك» المطلوب لتشكيل الحكومات الائتلافية المتعاقبة.

النظام الانتخابي في ألمانيا يساعد على ذلك، فهو بفضل «التمثيل النسبي» يصعّب على أي من الحزبين الكبيرين الفوز بغالبية مطلقة تسمح له بالحكم منفرداً. والحال أنه منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، تحكم ألمانيا حكومات ائتلافية يقودها الحزب الفائز وبجانبه حزب أو أحزاب أخرى صغيرة. ومنذ تأسيس «الحزب الديمقراطي الحر»، عام 1948، شارك في 5 حكومات من بينها الحكومة الحالية، قادها أحد من الحزبين الأساسيين، وكان جزءاً من حكومات المستشارين كونراد أديناور وهيلموت كول وأنجيلا ميركل.

يتمتع الحزب بشيء من الليونة في سياسته التي تُعد «وسطية»، تسمح له بالدخول في ائتلافات يسارية أو يمينية، مع أنه قد يكون أقرب لليمين. وتتمحور سياسات

الحزب حول أفكار ليبرالية، بتركيز على الأسواق التي يؤمن بأنها يجب أن تكون حرة من دون تدخل الدولة باستثناء تحديد سياسات تنظيمية لخلق أطر العمل. وهدف الحزب الأساسي خلق وظائف ومناخ إيجابي للأعمال وتقليل البيروقراطية والقيود التنظيمية وتخفيض الضرائب والالتزام بعدم زيادة الدين العام.

غينشر

من جهة أخرى، يصف الحزب نفسه بأنه أوروبي التوجه، مؤيد للاتحاد الأوروبي ويدعو لسياسات أوروبية خارجية موحدة. وهو يُعد منفتحاً في سياسات الهجرة التي تفيد الأعمال، وقد أيد تحديث «قانون المواطنة» الذي أدخلته الحكومة وعدداً من القوانين الأخرى التي تسهل دخول اليد العاملة الماهرة التي يحتاج إليها الاقتصاد الألماني. لكنه عارض سياسات المستشارة السابقة أنجيلا ميركل المتعلقة بالهجرة وسماحها لمئات آلاف اللاجئين السوريين بالدخول، فهو مع أنه لا يعارض استقبال اللاجئين من حيث المبدأ، يدعو لتوزيعهم «بشكل عادل» على دول الاتحاد الأوروبي.

من أبرز قادة الحزب، فالتر شيل، الذي قاد الليبراليين من عام 1968 حتى عام 1974، وخدم في عدد من المناصب المهمة، وكان رئيساً لألمانيا الغربية بين عامي 1974 و1979. وقبل ذلك كان وزيراً للخارجية في حكومة فيلي براندت بين عامي 1969 و1974. وخلال فترة رئاسته للخارجية، كان مسؤولاً عن قيادة فترة التقارب مع ألمانيا الديمقراطية الشرقية.

هانس ديتريش غينشر زعيم آخر لليبراليين ترك تأثيراً كبيراً، وقاد الحزب بين عامي 1974 و1985، وكان وزيراً للخارجية ونائب المستشار بين عامي 1974 و1992، ما جعله وزير الخارجية الذي أمضى أطول فترة في المنصب في ألمانيا. ويعتبر غينشر دبلوماسياً بارعاً، استحق عن جدارة لقب «مهندس الوحدة الألمانية».