النجيفي لـ {الشرق الأوسط}: قرار إقالتي جزء من مسلسل طويل لإبعاد القيادات السنية في العراق

محافظ نينوى المقال أكد أن الميليشيات من تحكم البلد.. والعبادي غير قادر على معارضتها

أثيل النجيفي
أثيل النجيفي
TT

النجيفي لـ {الشرق الأوسط}: قرار إقالتي جزء من مسلسل طويل لإبعاد القيادات السنية في العراق

أثيل النجيفي
أثيل النجيفي

وصف محافظ نينوى أثيل النجيفي أن قرار إقالته الصادر عن مجلس النواب العراقي جاء ضمن مسلسل طويل لإقصاء القيادات السنية في العراق، لإبعاد الإرادة السنية المستقلة عن الواقع السياسي للبلد، مبينا أن معارضته لمشاركة الحشد الشعبي في عملية تحرير الموصل وتأسيس قوات من أبناء محافظة نينوى كانت من أهم الأسباب التي دفعت كتلة دولة القانون التابعة لنائب رئيس الجمهورية نوري المالكي والتحالف الشيعي، ومن تحالف معها من السنة إلى إقالته.
وقال محافظ نينوى، أثيل النجيفي لـ«الشرق الأوسط»، التي التقته في أربيل أمس، في أول حديث له لصحيفة عربية بعد قرار إقالته الذي صدر أول من أمس: «لم أستغرب قرار الإقالة وإنما استغربت من توقيتها، فأنا كنت متوقعا أن تكون هناك رغبة لدى دولة القانون والتحالف الشيعي في عدم إبقاء أي إرادة مستقلة في العمل للسنة عموما ولمحافظة نينوى خصوصا، فهدفهم دائما إبعاد أي إرادة مستقلة للسنة عن الواقع السياسي، وإبقاء السنة الذين ينتمون إليهم أو يؤيدونهم في كل ما يردونه، لكنني كنت أتوقع أنهم سينتظرون حتى استكمال لجنة التحقيق في سقوط الموصل تحقيقاتها، ومن ثم سيتقدمون بطلب لإقالتي بناء على نتائج اللجنة، لكن يبدو أنهم لم يتحملوا الانتظار أكثر من هذا، وعرضوا الموضوع باستعجال على مجلس النواب، وكانت النتيجة بإرادة التحالف الوطني ودولة القانون».
وأضاف النجيفي أن «نواب دولة القانون كانوا هم الأساس في إصدار قرار الإقالة، وهم الذين جمعوا التواقيع لذلك، والهدف واضح هو إبعاد السنة المستقلين عن ميدان العمل، خصوصا أنه كانت لي معارضة واضحة في إدخال الحشد الشعبي في معركة تحرير الموصل، ومحاولتي المستمرة لإنشاء قوة من أهالي محافظة نينوى، والحصول على دعم وتسليح لهذه القوة، وهذا هو السبب الرئيسي لإقالتي».
وتابع النجيفي: «المالكي ودولة القانون تجاوزوا أمر استجوابهم من الناحية العملية في قضية سقوط الموصل بقوة الميليشيات التي لديهم، وبالتالي لم يعد منذ الآن مهما ما تقره الدولة العراقية، بقدر الذي تقر الميليشيات بفعله حتى لو كان هناك أي إدانة للمالكي»، وتساءل: «من هذا الذي يستطيع محاكمة نوري المالكي أو محاسبته، وهو الذي يمسك بجزء كبير من الحشد الشعبي؟ فالميليشيات التي يملكها قد تفوق أعدادها 30 ألف مسلح في الوقت الحاضر، وهي قوة كبيرة موجودة في بغداد».
وعن الأسس القانونية التي استند عليها قرار الإقالة، بين النجيفي: «الغريب أنهم لم يحسبوا أي قضية قانونية، فالطلب الذي قدم لم يتضمن أي سبب للإقالة، في حين أن قانون مجالس المحافظات حدد أسباب الإقالة بأربع حالات، لا يجوز الخروج عنها، وهي عدم النزاهة واستغلال المنصب الوظيفي والتسبب في هدر المال العام أو فقدان أحد شروط العضوية أو الإهمال والتقصير المتعمدان في أداء الواجب والمسؤولية، فهذه هي الشروط الأربعة التي يمكن تسبيبها قانونا، لكنهم أرسلوا طلبهم دون وجود أي سبب من هذه الأسباب».
وعن تأثيرات القرار على عملية تحرير الموصل المرتقبة، قال النجيفي: «بالنسبة لعملية تحرير الموصل من الناحية العملية لم تتخذ بغداد لحد الآن أي خطوة في هذا المجال، منذ أشهر كنا ننتظر وجود قوات أو تجهيز قوات للقتال في الموصل، لكن هذه القوات بعد أن سلحت من قبل القوات الأميركية بشكل خاص لعملية تحرير الموصل، حولت الآن إلى محافظة الأنبار لخوض المعركة هناك، لذا الحكومة المركزية ما زالت في نقطة الصفر في موضوع تحرير الموصل، ودولة القانون ومن معها يريدون الوصول إلى إلغاء كل الخيارات وإبقاء خيار واحد وهو الحشد الشعبي، الآن يجب أن نعمل في تقوية الصف الذي أنشأناه وتقوية القوة التي لدينا من المتطوعين، لأنهم يحاولون الآن إنهاء هذه القوة وتفكيكها».
وعن أسباب ربط زيارته الأخيرة لواشنطن بقرار الإقالة، أكد النجيفي: «دور الزيارة هي الأخرى كان رئيسيا، ودفعهم إلى إقالتي بسرعة، لأنهم رأوا أن العجلة بدأت بالسير، وأن قوات أبناء نينوى لمحاربة (داعش) بدأت تتشكل وتحصل على الدعم الحقيقي، ولهذا كان عليهم أن يستعجلوا ليمنعوا تشكيل القوة، لذلك تقدموا بمشروعهم أثناء زيارتي إلى واشنطن».
وعن موقف كتلة «متحدون» التي ينتمي إليها، أشار النجيفي بالقول: «كتلة (متحدون) رفضت القرار، وتسعى من الناحية السياسية والقانونية إلى معارضته، وأصدرت بيانا بذلك»، كاشفا أن عددا من النواب السنة لم يكتفوا بالتصويت لإقالته فقط بل سهلوا الأمر أيضا، وأضاف: «حتى رئاسة مجلس النواب كانت متواطئة مع نواب دولة القانون والتحالف الوطني ومن تحالف معهم في هذا الموضوع، لأنها خالفت القوانين لأكثر من مرة للوصول إلى التصويت. إن نواب السنة هؤلاء يريدون الإبقاء على امتيازاتهم في داخل إطار هيمنة الميليشيات الشيعية، وعليهم تقديم التنازلات لإبقائهم في مواقعهم، بحسب المعلومات الواردة إلينا، كان هناك اجتماع بين أحد كبار قيادات الميليشيات الشيعية ومسؤول سني رفيع المستوى استمر حتى ساعة متأخرة من الليلة التي سبقت يوم إصدار قرار إقالتي في مجلس النواب، بالإضافة إلى أنه كان هناك تلويح من عدد من النواب بسحب الثقة من رئيس مجلس النواب سليم الجبوري، وهي تمثل نوعا آخر من الضغط في هذا الموضوع». وعن موقف رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي من إقالته، قال النجيفي: «العبادي ضعيف جدا ولا يستطيع اتخاذ أي قرار، فهو لا يحكم العراق حقيقة، فتأثير الميليشيات أكثر من تأثيره، وهو غير قادر على مواجهة هذه الظروف، بالتالي سيسير هذا المخطط ما لم يعد التوازن في القوى إلى المنظومة العراقية».



«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
TT

«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)

ما زال حزب «الجبهة الوطنية» المصري الجديد يثير انتقادات وتساؤلات بشأن برنامجه وأهدافه وطبيعة دوره السياسي في المرحلة المقبلة، خاصة مع تأكيد مؤسسيه أنهم «لن يكونوا في معسكر الموالاة أو في جانب المعارضة».

وكان حزب «الجبهة الوطنية» مثار جدل وتساؤلات في مصر، منذ الكشف عن اجتماعات تحضيرية بشأنه منتصف الشهر الماضي، انتهت بإعلان تدشينه في 30 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وتمحورت التساؤلات حول أسباب ظهوره في هذه المرحلة، وهل سيكون بديلاً لحزب الأغلبية في البرلمان المصري (مستقبل وطن)، لا سيما أن مصر مقبلة على انتخابات برلمانية نهاية العام الجاري.

هذه التساؤلات حاول اثنان من مؤسسي الحزب الإجابة عنها في أول ظهور إعلامي مساء السبت، ضمن برنامج «الحكاية» المذاع على قناة «إم بي سي»، وقال وكيل مؤسسي حزب «الجبهة الوطنية» ووزير الإسكان المصري السابق عاصم الجزار، إن «الحزب هو بيت خبرة هدفه إثراء الفكر وإعادة بناء الوعي المصري المعاصر»، مؤكداً أن الحزب «لا يسعى للأغلبية أو المغالبة، بل يستهدف التأثير النوعي وليس الكمي».

وأضاف: «هدفنا تشكيل تحالف من الأحزاب الوطنية القائمة، إذ لن نعمل وحدنا»، معلناً استعداد الحزب الجديد، الذي لا يزال يستكمل إجراءات تأسيسه رسمياً، للتحالف مع «أحزاب الأغلبية مستقبل وطن وحماة وطن والمعارضة والمستقلين أيضاً بهدف خدمة المصلحة الوطنية»، مستطرداً: «لن نكون أداة لتمرير قرارات، بل أداة للإقناع بها».

وشدد الجزار على أن «الحزب لا ينتمي لمعسكر الموالاة أو للمعارضة»، وإنما «نعمل لمصلحة الوطن».

وهو ما أكده رئيس «الهيئة العامة للاستعلامات» بمصر وعضو الهيئة التأسيسية لحزب «الجبهة الوطنية»، ضياء رشوان، الذي قال: «سنشكر الحكومة عندما تصيب ونعارضها عندما تخطئ»، مشيراً إلى أن «مصر ليس لها حزب حاكم حتى يكون هناك حديث عن موالاة ومعارضة».

الانتقادات الموجهة للحزب ارتبطت بتساؤلات حول دوره في ظل وجود نحو 87 حزباً سياسياً، وفق «الهيئة العامة للاستعلامات»، منها 14 حزباً ممثلاً في البرلمان الحالي، يتصدرها حزب «مستقبل وطن» بأغلبية 320 مقعداً، يليه حزب «الشعب الجمهور» بـ50 مقعداً، ثم حزب «الوفد» بـ39 مقعداً، وحزب «حماة الوطن» بـ27 مقعداً، وحزب «النور» الإسلامي بـ11 مقعداً، وحزب «المؤتمر» بـ8 مقاعد.

ورداً على سؤال للإعلامي عمرو أديب، خلال برنامج «الحكاية»، بشأن ما إذا كان الحزب «طامحاً للحكم ويأتي بوصفه بديلاً لحزب الأغلبية»، قال رشوان: «أي حزب سياسي يسعى للحكم، لكن من السذاجة أن نقول إن حزباً يعمل على إجراءات تأسيسه اليوم سيحصد الأغلبية بعد 8 أو 10 أشهر»، مشيراً إلى أن «الحزب لن يعيد تجارب (الهابطين من السماء)». واستطرد: «لن نسعى للأغلبية غداً، لكن قد يكون بعد غد».

وأضاف رشوان أن «الحزب يستهدف في الأساس إعادة بناء الحياة السياسية في مصر بعد فشل تجربة نظام الحزب الواحد في مصر منذ عام 1952»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إحياء تحالف 30 يونيو (حزيران)»، لافتاً إلى أن «التفكير فيه هو ثمرة للحوار الوطني الذي أثار زخماً سياسياً».

طوال ما يزيد على ساعة ونصف الساعة حاول الجزار ورشوان الإجابة عن التساؤلات المختلفة التي أثارها إعلان تدشين الحزب، والتأكيد على أنه «ليس سُلمة للوصول إلى البرلمان أو الوزارة»، وليس «بوابة للصعود»، كما شددا على أن «حزب الجبهة يضم أطيافاً متعددة وليس مقصوراً على لون سياسي واحد، وأنه يضم بين جنباته المعارضة».

وعقد حزب «الجبهة الوطنية» نحو 8 اجتماعات تحضيرية على مدار الأسابيع الماضي، وتعمل هيئته التأسيسية، التي تضم وزراء ونواباً ومسؤولين سابقين، حالياً على جمع التوكيلات الشعبية اللازمة لإطلاقه رسمياً.

ويستهدف الحزب، بحسب إفادة رسمية «تدشين أكبر تحالف سياسي لخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة، عبر صياغة تفاهمات سياسية واسعة مع الأحزاب الموجودة»، إضافة إلى «لمّ الشمل السياسي في فترة لا تحتمل التشتت».

ومنذ إطلاق الحزب تم ربطه بـ«اتحاد القبائل والعائلات المصرية» ورئيسه رجل الأعمال إبراهيم العرجاني، حتى إن البعض قال إن «الحزب هو الأداة السياسية لاتحاد القبائل». وعزز هذه الأحاديث إعلان الهيئة التأسيسية التي ضمت رجل الأعمال عصام إبراهيم العرجاني.

وأرجع الجزار الربط بين الحزب والعرجاني إلى أن «الاجتماعات التحضيرية الأولى للحزب كانت تجري في مكتبه بمقر اتحاد القبائل؛ كونه أميناً عاماً للاتحاد»، مؤكداً أن «الحزب لا علاقة له باتحاد القبائل». وقال: «العرجاني واحد من عشرة رجال أعمال ساهموا في تمويل اللقاءات التحضيرية للحزب». وأضاف: «الحزب لا ينتمي لشخص أو لجهة بل لفكرة».

وحول انضمام عصام العرجاني للهيئة التأسيسية، قال رشوان إنه «موجود بصفته ممثلاً لسيناء، ووجوده جاء بترشيح من أهل سيناء أنفسهم».

وأكد رشوان أن «البعض قد يرى في الحزب اختراعاً لكتالوج جديد في الحياة السياسية، وهو كذلك»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إعادة بناء الحياة السياسية في مصر التي يقول الجميع إنها ليست على المستوى المأمول».

بينما قال الجزار: «نحن بيت خبرة يسعى لتقديم أفكار وحلول وكوادر للدولة، ونحتاج لكل من لديه القدرة على طرح حلول ولو جزئية لمشاكل المجتمع».

وأثارت تصريحات الجزار ورشوان ردود فعل متباينة، وسط تساؤلات مستمرة عن رؤية الحزب السياسية، التي أشار البعض إلى أنها «غير واضحة»، وهي تساؤلات يرى مراقبون أن حسمها مرتبط بالانتخابات البرلمانية المقبلة.

كما رأى آخرون أن الحزب لم يكن مستعداً بعد للظهور الإعلامي.

بينما أشار البعض إلى أن «الحزب ولد بمشاكل تتعلق بشعبية داعميه»، وأنه «لم يفلح في إقناع الناس بأنه ليس حزب موالاة».

وقال مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الدكتور عمرو الشوبكي لـ«الشرق الأوسط» إن «الحزب قدم حتى الآن كلاماً عاماً دون تصور أو رؤية واضحة للإصلاح التدريجي»، موضحاً أنه «من حيث المبدأ من حق أي جماعة تأسيس حزب جديد».

وبينما أكد الشوبكي أن ما عرضه المسؤولون عن الحزب الجديد بشأن «عدم طموحه للحكم لا يختلف عن واقع الحياة السياسية في مصر الذي يترك للدولة تشكيل الحكومة»، مطالباً «بتفعيل دور الأحزاب في الحياة السياسية»، فالمشكلة على حد تعبيره «ليست في إنشاء حزب جديد، بل في المساحة المتاحة للأحزاب».