مئات السجناء اليمنيين يواجهون موجة تجنيد حوثية جديدة

TT

مئات السجناء اليمنيين يواجهون موجة تجنيد حوثية جديدة

لم يكد يمضي سوى أسبوع فقط على إطلاق الميليشيات الحوثية حملات تجنيد قسرية بحق 850 سجيناً في معتقلاتها بخمس مدن تحت سيطرتها، حتى وسعت الجماعة حملتها لتطال سجناء في أجهزة مخابراتها في مدينتي صنعاء وإب.
في هذا السياق، كشفت مصادر محلية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن مواصلة الميليشيات منذ مطلع الأسبوع الجاري إخضاع معتقلين كثر بتلك السجون لتلقي دورات تعبوية تحت إشراف مباشر من معمميها، تمهيداً لتلقي دورات عسكرية بهدف إلحاقهم بالجبهات.
وأفادت المصادر بأن التحركات الحوثية سبقها بأيام إعداد الميليشيات لقاعدة بيانات تضم عشرات السجناء في صنعاء وإب ممن هم معسرون وعليهم مديونيات وعلى ذمة قضايا جنائية ومعتقلون آخرون وفق تهم ملفقة بغية ضمهم إلى تلك المعسكرات كقوات جديدة تحت مسمى بـ«قوى إسناد».
وتزامنت الإجراءات الحوثية مع ورود اتهامات محلية للميليشيات بتصعيدها من جرائم التعسف والقمع بحق آلاف السجناء والمعتقلين في عدد من سجونها.
ففي محافظة البيضاء (268 كلم جنوب شرقي صنعاء) تحدثت مصادر محلية عن إصابة ما يزيد على 5 سجناء نتيجة تعرضهم لسلسلة اعتداءات على يد مسلحين حوثيين، حيث استخدمت الميليشيات قنابل غازية والرصاص الحي في قمع 500 معتقل في السجن المركزي بمديرية رداع في المحافظة ذاتها على خلفية احتجاجهم رفضاً للتعسف والانتهاك وسوء المعاملة.
وذكرت المصادر أن القيادي الحوثي المدعو عبد الكريم المطري المعين مديراً لسجن رداع أصدر توجيهاته لعناصره باستخدام كل أشكال القمع والتنكيل بحق السجناء وقطع الأكل والشرب والدواء والزيارات عنهم، تأديباً لهم بسبب تنظيمهم وقفة احتجاجية.
وبالعودة إلى جرائم التجنيد الحوثية، اتهم حقوقيون الانقلابيين بأنهم دشنوا منذ مطلع يونيو (حزيران) الجاري معسكرات استقطاب وتجنيد للسجناء في مدن تحت قبضتهم من أجل الزج بهم إلى الجبهات مقابل العفو عنهم وتسديد ما عليهم من غراماتهم.
وكانت الميليشيات أخضعت قبل نحو أسبوع أكثر من 850 سجيناً من محافظات (ريمة، وذمار، وحجة، والحديدة، والمحويت)، لتلقي دورات طائفية وتدريبات قتالية متنوعة، بغية إلحاقهم ضمن ما تسميه (قوة الإسناد)، وهو فصيل عسكري جديد تابع للجماعة.
وبحسب ما ذكرته تقارير محلية، خصصت الميليشيات معسكرات عدة لتدريب السجناء ممن أجبرتهم على الانضمام إلى صفوفها، مشيرة إلى أن بعض تلك المعسكرات واقعة بمناطق جبل الشرق بمحافظة ذمار، والجعفرية بمحافظة ريمة، وخميس بني سعد بمحافظة المحويت.
وأشارت تقارير يمنية أخرى إلى إخضاع الجماعة الحوثية مؤخراً سجناء في 20 معتقلاً في مدن تحت سيطرتها لدورات طائفية وتدريبات قتالية في ظل الهدنة الأممية حيث تستعد لإرسال السجناء إلى خطوط التماس.
وكان قادة بارزون في الجماعة كثفوا منذ مطلع العام الجاري من تحركاتهم الميدانية وزيارتهم إلى عشرات السجون في المناطق الخاضعة تحت سيطرتهم، بهدف مقايضة السجناء بالإفراج عنهم مقابل الالتحاق بالجبهات.
ورصدت المصادر قيام قيادات حوثية قدمت من صنعاء مطلع أبريل (نيسان) الماضي، بزيارات إلى عشرات السجون بمحافظة إب و22 مديرية تابعة لها، حيث انتهت حينها المرحلة الأولى بالإفراج عن 230 سجيناً بعضهم على ذمة قضايا جنائية من أجل إلحاقهم بميادين القتال.
وأوضحت المصادر لـ«الشرق الأوسط»، أن معظم السجناء المفرج عنهم حينها كدفعة أولى كانوا في السجن المركزي في مدينة إب وهم ممن أبدوا موافقتهم مجبرين على الانضمام لصفوف الجماعة والخضوع قسراً لتلقي دوراتها الفكرية والعسكرية.
وتوقعت المصادر أن تواصل الجماعة الحوثية عملية استقطاب المزيد من السجناء والمعتقلين فيما تبقى من السجون بتلك المحافظة، ومن ثم التوسع فيما بعد إلى مدن يمنية أخرى لمواصلة غسل عقول السجناء بأفكارها وتجنيدهم في الجبهات.
وكان تقرير حقوقي اتهم بوقت سابق الجماعة الانقلابية بإدارتها لأكثر من 203 سجون في المناطق تحت سيطرتها، منها 78 سجناً رسمياً و125 سرياً، إضافة إلى استحداث سجون سرية خاصة موجودة داخل أقبية المؤسسات الحكومية والمواقع العسكرية، وأخرى موجودة في مبانٍ مدنية كالوزارات والإدارات العامة.
وأوضح التقرير الذي أصدره المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان بعنوان «تمنيت الموت»، أن العديد من السجون التابعة للجماعة في مراكز غير رسمية وغير مخصصة للاحتجاز، ومنها المباني السكنية والمدارس والجامعات. لافتاً إلى أن كل هذه السجون والأماكن لا تتوفر فيها أدنى المعايير الدولية والوطنية اللازم توفرها في أماكن الاحتجاز، فيما يتعلق بالنظافة، والتهوية الجيدة، وتأمين الرعاية الصحية الضرورية، ناهيك عن نقص شديد في الماء والكهرباء والمتطلبات الأساسية.
وبين التقرير أن أجزاء واسعة من المناطق تحت سيطرة الحوثيين احتوت على سجون ومعتقلات عامة وسرية أخفي فيها آلاف المعارضين والناشطين المناهضين للجماعة، ومورس بحقهم مختلف أنواع التعذيب والانتهاكات الخطيرة.
وأشار إلى أن استحداث السجون يعد من الأولويات عند كل توسع تقوم به الميليشيات، إذ تتزايد في المناطق الجديدة أعداد السجون، ويقوم الحوثيون بنقل السجناء من مراكز الشرطة إلى أماكن سرية ومجهولة من دون أوامر قضائية.


مقالات ذات صلة

ماذا ينتظر اليمن في عهد ترمب؟

تحليل إخباري الجماعة الحوثية استقبلت انتخاب ترمب بوعيد باستمرار الهجمات في البحر الأحمر وضد إسرائيل (غيتي)

ماذا ينتظر اليمن في عهد ترمب؟

ينتظر اليمنيون حدوث تغييرات في السياسات الأميركية تجاه بلادهم في ولاية الرئيس المنتخب دونالد ترمب.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي رئيس الحكومة اليمنية أحمد عوض بن مبارك (سبأ)

وعود يمنية بإطلاق عملية شاملة لإعادة بناء المؤسسات الحكومية

وعد رئيس الحكومة اليمنية، أحمد عوض بن مبارك، بإطلاق عملية شاملة لإعادة بناء المؤسسات، ضمن خمسة محاور رئيسة، وفي مقدمها إصلاح نظام التقاعد.

«الشرق الأوسط» (عدن)
العالم العربي مسلحون حوثيون خلال حشد في صنعاء دعا إليه زعيمهم (إ.ب.أ)

الحوثيون يحولون المنازل المصادرة إلى معتقلات

أفاد معتقلون يمنيون أُفْرج عنهم أخيراً بأن الحوثيين حوَّلوا عدداً من المنازل التي صادروها في صنعاء إلى معتقلات للمعارضين.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي بوابة البنك المركزي اليمني في صنعاء الخاضع لسيطرة الجماعة الحوثية (أ.ف.ب)

تفاقم معاناة القطاع المصرفي تحت سيطرة الحوثيين

يواجه القطاع المصرفي في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية شبح الإفلاس بعد تجريده من وظائفه، وتحولت البنوك إلى مزاولة أنشطة هامشية والاتكال على فروعها في مناطق الحكومة

وضاح الجليل (عدن)
الخليج جاسم البديوي الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية (مجلس التعاون)

إدانة خليجية للاعتداء الغادر بمعسكر قوات التحالف في سيئون اليمنية

أدان جاسم البديوي، الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، الاعتداء الغادر في معسكر قوات التحالف بمدينة سيئون بالجمهورية اليمنية.

«الشرق الأوسط» (الرياض)

انتهاكات حوثية تستهدف قطاع التعليم ومنتسبيه

إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)
إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)
TT

انتهاكات حوثية تستهدف قطاع التعليم ومنتسبيه

إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)
إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)

ارتكبت جماعة الحوثيين في اليمن موجةً من الانتهاكات بحق قطاع التعليم ومنتسبيه شملت إطلاق حملات تجنيد إجبارية وإرغام المدارس على تخصيص أوقات لإحياء فعاليات تعبوية، وتنفيذ زيارات لمقابر القتلى، إلى جانب الاستيلاء على أموال صندوق دعم المعلمين.

وبالتوازي مع احتفال الجماعة بما تسميه الذكرى السنوية لقتلاها، أقرَّت قيادات حوثية تتحكم في العملية التعليمية بدء تنفيذ برنامج لإخضاع مئات الطلبة والعاملين التربويين في مدارس صنعاء ومدن أخرى للتعبئة الفكرية والعسكرية، بحسب ما ذكرته مصادر يمنية تربوية لـ«الشرق الأوسط».

طلبة خلال طابور الصباح في مدرسة بصنعاء (إ.ب.أ)

ومن بين الانتهاكات، إلزام المدارس في صنعاء وريفها ومدن أخرى بإحياء ما لا يقل عن 3 فعاليات تعبوية خلال الأسبوعين المقبلين، ضمن احتفالاتها الحالية بما يسمى «أسبوع الشهيد»، وهي مناسبة عادةً ما يحوّلها الحوثيون كل عام موسماً جبائياً لابتزاز وقمع اليمنيين ونهب أموالهم.

وطالبت جماعة الحوثيين المدارس المستهدفة بإلغاء الإذاعة الصباحية والحصة الدراسية الأولى وإقامة أنشطة وفقرات تحتفي بالمناسبة ذاتها.

وللأسبوع الثاني على التوالي استمرت الجماعة في تحشيد الكوادر التعليمية وطلبة المدارس لزيارة مقابر قتلاها، وإرغام الموظفين وطلبة الجامعات والمعاهد وسكان الأحياء على تنفيذ زيارات مماثلة إلى قبر رئيس مجلس حكمها السابق صالح الصماد بميدان السبعين بصنعاء.

وأفادت المصادر التربوية لـ«الشرق الأوسط»، بوجود ضغوط حوثية مُورِست منذ أسابيع بحق مديري المدارس لإرغامهم على تنظيم زيارات جماعية إلى مقابر القتلى.

وليست هذه المرة الأولى التي تحشد فيها الجماعة بالقوة المعلمين وطلبة المدارس وبقية الفئات لتنفيذ زيارات إلى مقابر قتلاها، فقد سبق أن نفَّذت خلال الأعياد الدينية ومناسباتها الطائفية عمليات تحشيد كبيرة إلى مقابر القتلى من قادتها ومسلحيها.

حلول جذرية

دعا المركز الأميركي للعدالة، وهو منظمة حقوقية يمنية، إلى سرعة إيجاد حلول جذرية لمعاناة المعلمين بمناطق سيطرة جماعة الحوثي، وذلك بالتزامن مع دعوات للإضراب.

وأبدى المركز، في بيان حديث، قلقه إزاء التدهور المستمر في أوضاع المعلمين في هذه المناطق، نتيجة توقف صرف رواتبهم منذ سنوات. لافتاً إلى أن الجماعة أوقفت منذ عام 2016 رواتب موظفي الدولة، بمن في ذلك المعلمون.

طفل يمني يزور مقبرة لقتلى الحوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

واستحدث الحوثيون ما يسمى «صندوق دعم المعلم» بزعم تقديم حوافز للمعلمين، بينما تواصل الجماعة - بحسب البيان - جني مزيد من المليارات شهرياً من الرسوم المفروضة على الطلبة تصل إلى 4 آلاف ريال يمني (نحو 7 دولارات)، إلى جانب ما تحصده من عائدات الجمارك، دون أن ينعكس ذلك بشكل إيجابي على المعلم.

واتهم البيان الحقوقي الحوثيين بتجاهل مطالب المعلمين المشروعة، بينما يخصصون تباعاً مبالغ ضخمة للموالين وقادتهم البارزين، وفقاً لتقارير حقوقية وإعلامية.

وأكد المركز الحقوقي أن الإضراب الحالي للمعلمين ليس الأول من نوعه، حيث شهدت العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء إضرابات سابقة عدة قوبلت بحملات قمع واتهامات بالخيانة من قِبل الجماعة.

من جهته، أكد نادي المعلمين اليمنيين أن الأموال التي تجبيها جماعة الحوثي من المواطنين والمؤسسات الخدمية باسم صندوق دعم المعلم، لا يستفيد منها المعلمون المنقطعة رواتبهم منذ نحو 8 سنوات.

وطالب النادي خلال بيان له، الجهات المحلية بعدم دفع أي مبالغ تحت مسمى دعم صندوق المعلم؛ كون المستفيد الوحيد منها هم أتباع الجماعة الحوثية.