الصلصات الفرنسية الأم

الصلصات الفرنسية الأم
TT

الصلصات الفرنسية الأم

الصلصات الفرنسية الأم

- صلصة البيشاميل Béchamel Sauce
يعتبر البعض البيشاميل من أبسط أنواع الصلصات الأم لأنه لا يتطلب المرق الأساس (stock)، إذ يكفي الحصول على الحليب والطحين والزبدة لتحضيره. وعادة ما يتم هذا التحضير بتركيز الحليب وتكثيفه بعجنة أو خليط الطحين والزبدة الذي يعرف بالفرنسي بالرو - Roux. ويضاف إلى ذلك القرنفل والجوز الطيب والفلفل الأبيض المطحون والبصل ويترك ليطبخ على نار هادئة، وعادة ما يصلح للازانيا وبعض أنواع الباستا، إذ أن أصوله توسكانية إيطالية تعود إلى القرن الرابع عشر.
وقد جاء الملك الفرنسي هنري الرابع في القرن السادس عشر بالبيشاميل من عائلة ماديتشي المعروفة وتم تغيير اسمه الإيطالي بالساميلا - ليحمل اسم المركيز بيشاميل الذي خدم في بلاط الملك لويس الرابع عشر، لأهميته في مطبخ البلاط.
وتقدم صلصة البيشاميل مع أطباق الخضار واللحم الأبيض والبيض.
يعتبر البعض البيشاميل مجرد صلصة فلوتيه العجل - Veal Velouté مع كمية كبيرة من الكريم. وكان يطلق عليه أحيانا اسم «الصلصة البيضاء» لأنه نوع آخر من أنواع صلصة المورنيه.
الصلصات المصنوعة من البيشاميل وهي أيضا صلصات هامة ومعروفة في المطاعم الكلاسيكية والممتازة: صلصة الكريم - صلصة المورنيه - صلصة نانتوا البحرية - صلصة جبن التشادار - صلصة الخردل وغيره.

- صلصة الإسبانول Espagnole Sauce
هذه الصلصة الإسبانية الأصل أكثر تعقيدا من البيشاميل والفيلوتيه، إذ تحضر عبر تثخين وتكثيف المرق البني الداكن اللون الأساس المستخلص من عظام البقر المقلية والمغلية، بعجينة الرو (زبدة وطحين)، ويستخدم في إنتاج صلصة الإسبانول ما يعرف بماريبواه - Mirepoix (قطع جزر وبصل وكرفس مقلية مع بعضها البعض) ورب البندورة في نهاية الطبخ وأحيانا يضاف إليها الزعتر أو ورق الغار.
وتقول القصة بأن طباخي الملك الفرنسي لويس الثالث عشر الإسبان، في القرن السابع عشر، أرادوا تكثيف الصلصة البنية المستخدمة آنذاك لإبهار عروسته آنا، عبر إضافة رب البندورة الإسباني إليها فأعجب المدعوون بالفكرة وتابعوا على استخدامها في بيوت الأغنياء.
الصلصات الثانوية التي تتدرج من صلصة الإسبانول كثيرة أيضا منها: صلصة النبيذ الأحمر - صلصة روبرت - صلصة نبيذ البورت - صلصة الفطر - صلصة مديرا - صلصة الليونيز وغيرها.

- صلصة الفيلوتيه أو الصلصة المخملية Velouté sauce
تعتبر هذه الصلصة أيضا من الصلصات الرئيسية السهلة، إذ يتم تحضيرها عبر تثخين وتكثيف مرق اللحم الأساس بالرو (الطحين الأبيض والزبدة) وتركه على نار هادئة ليكتمل. وتتبع أنواع الفيلوتيه أنواع المرق الذي تستخدمه، فإذا كان المرق الأساس دجاجا تسمى الصلصة فيلوتيه دجاج وإذا كانت مرق لحم العجل يطلق عليها اسم فيلوتيه العجل وهذا ينطبق على مرق السمك أيضا.
وعندما نضيف الكريم إلى فيلوتيه الدجاج نحصل على صلصة السوبريم - Suprême Sauce
(ممتاز للدجاج) وعندما نضيف اللييزون - liaison (خليط من الكريم وصفار البيض) إلى فيلوتيه العجل نحصل على صلصة الأليماندي، أما عندما نضيف النبيذ الأبيض والكريم مع فيلوتيه السمك فنحصل على ما يعرف بصلصة النبيذ الأبيض - White Wine Sauce المطعمة بالأعشاب.
الصلصات الثانوية التي تعتمد على الفيلوتيه كأساس لها كثيرة وكثيرة، منها: صلصة النورماندي - الصلصة الهنغارية - صلصة الأورورا - صلصة القريدس - صلصة الفطر وصلصة البوليتيه الدجاجية وغيره.

- صلصة الهولنديز Hollandaise Sauce
تعتمد هذه الصلصة على خلط البيض والزبدة ويتم إنتاج هذه الصلصة عبر خلط الزبدة الصافية أو الزبدة المصفاة من الماء مع صفار البيض الحار، وتستخدم هذا النوع من الزبدة حتى لا يفسد الماء المستحلب ويبقيه متماسكا. ويضاف إلى الصلصة خلال تحضيرها عصير الليمون والماء البارد والفليفلة الحريفة أو فلفل الكاييان الأحمر.
ويعود أصل الصلصة إلى منطقة النورماندي في فرنسا حيث كان يحمل اسم بلدة اسيغني الغنية بالزبدة، لكن بعد الحرب العالمية الثانية بدأ الناس هناك باستيراد الزبدة الهولندية فتغير الاسم ليصبح هولنديز أي الصلصة الهولندية.
ويقال أيضا بأن أصل الصلصة فنلندي وأحيان هولندي، وأن الهوغونوتيين هم الذين جاءوا به إلى فرنسا في القرن السابع عشر. وقد ظهر في بعض الكتب آنذاك وإلى جانب وصفات خاصة بالهليون.
ورغم أنها تقدم مع شرائح لحم البقر، تعتبر صلصة الهولنديز ممتازة لأطباق البيض والخضار والحيوانات البحرية. ومن الصلصات الثانوية التي تتدرج منه: صلصة ديجون - الصلصة المالطية - صلصة موسيليني - صلصة البرنيز وغيره.

- صلصة البندورة Sauce Tomate
وتتألف هذه الصلصة من لحم المملح والخضار والبندورة ومرق العظم الأساس والسكر والزبدة وتطبخ بإضافة عجينة الرو في الفرن للحصول على طعم متساو بين جميع هذه العناصر. وفي بعض أنواع صلصات البندورة الآخر يتم إضافة النبيذ الأحمر أو الخل بدل المرق. وكثيرا ما يصاحب صلصات البندورة أيضا الثوم والبصل وبعض الأعشاب مثل الزعتر والحبق والبقدونس والمردقوش.
وكما هو معروف فإن صلصة البندورة تصلح للكثير من الأطباق خصوصا أطباق اللحم والباستا وغيرها. ولشهرة هذه الصلصة وشعبيتها في الكثير من الدول لجأ الأميركان إلى اختراع الكاتشاب للتماهي بها والتعويض عنها. لكن الأميركان لا يستخدمون الكاتشاب فقط، بل دأبوا على استخدام رب البندورة في بداية الثلاثينات. وتعتبر صلصة مارينارا التي جاءت من نابولي في إيطاليا أشهر صلصات البندورة في الولايات المتحدة لبساطتها (بندورة وثوم وبصل وأعشاب وأحيانا مع القبار أو الشفلح أو الزيتون). وكثيرا ما يستخدم الإيطاليون والأميركان هذا النوع من الصلصات مع السباغيتي وفي صناعة البيتزا.
ويطلق بعض الأميركان من أصول إيطالية وخصوصا على الساحل الشرقي للولايات المتحدة، على صلصة البندورة اسم مرق البندورة (tomato gravy).
وقد جاء ذكر هذه الصلصة لأول مرة في نهاية القرن السابع عشر في كتاب الإيطالي أنطونيو لاتيني «الخادم الحديث». وقد انتقل أنطونيو من إسبانيا إلى إيطاليا للعمل في أفخر المطابخ في روما وصقلية فنقل الصلصة معه.
ومع هذا تعتبر الصلصة من صلصات حضارة الازتاك القديمة في أميركا اللاتينية، ويقال: إن أول غربي كتب عن صلصة البندورة المكسيكية هو الإسباني برناردينو دي ساهاغون. وهذه الصلصة المكسيكية كانت عبارة عن بندورة مع البهارات والفلفل الأحمر الحار.
من الصلصات الثانوية التي تتدرج من صلصة الطماطم أو البندورة هي: الصلصة الإسبانية والصلصة البرتغالية وصلصة كريولي وصلصة بروفانسال.



المطاعم و«إنستغرام»... قصة حب غير مكتملة

ديكورات جميلة ولكن مذاق الطعام عادي (إنستغرام)
ديكورات جميلة ولكن مذاق الطعام عادي (إنستغرام)
TT

المطاعم و«إنستغرام»... قصة حب غير مكتملة

ديكورات جميلة ولكن مذاق الطعام عادي (إنستغرام)
ديكورات جميلة ولكن مذاق الطعام عادي (إنستغرام)

في الماضي، كان الناس يخرجون لتناول الطعام في مطعمهم المفضل وتذوق طبقهم الألذ فيه، أما اليوم، وفي عصر وسائل التواصل الاجتماعي وتوفر كاميرا الهواتف الذكية في كل مكان وزمان، ونشر صور الطعام على منصات رقمية على رأسها «إنستغرام» أصبحت زيارة المطعم لالتقاط الصور ومشاركتها مع العالم، دون أكلها أحياناً. ولكن هل كل ما تأكله الكاميرا قبل المعدة لذيذ كما تراه في الصورة؟

برغر سمك في "فيش إند بابلز " (إنستغرام)

هناك فئة من المطاعم التي تحمل مصطلح «إنستغرامابل» Instagrammable وتعني أنها تبدو جميلة على صفحات «إنستغرام» نظراً للتركيز على شكل الأطباق وطريقة تقديمها واستخدام الألوان فيها، بعيداً عن التركيز عن النكهة والمنتج المستخدم فيها.

وفي دراسة نشرت أخيراً على موقع رقمي متخصص بأخبار المطاعم والطعام، تبين أن تصوير مأكولات (تبدو شهية مثل الكيك وأنواع الحلوى المنمقة) قد تزيد من نكهتها قبل أكلها، والسبب قد يعود إلى أن مقولة «العين تعشق قبل القلب أحياناً» صحيحة، وذلك لأن العين هنا تقع في حب الطبق قبل تذوقه، فقط بسبب الصور التي نلتقطها.

طبق شهير نشرت صوره على وسائل التواصل الاجتماعي (إنستغرام)

في الآونة الأخيرة، وفي تغير واضح في طريقة تصرف الذواقة في المطاعم أصبح التقاط صور الطعام أمراً مبالغاً به، لدرجة أنه أصبح من الضروري الاستئذان من الجالسين على طاولتك قبل مد يدك لتناول الأكل بسبب اهتمام بعضهم بالتقاط الصور ونشرها على الإنترنت، ولكن السؤال الذي يطرح نفسه هنا: هل كل ما تلتقطه الكاميرا وينشر على الشبكة العنكبوتية يتمتع بنكهة لذيذة توازي الشكل الجميل؟

ديكورات تلفت الانظار والمهتمين بنشر صور المطاعم (إنستغرام)

هذا السؤال يذكرني بحادثة وقعت معي، بعدما تحمست لزيارة أحد المطاعم الإيطالية في لندن، بعد رؤية العديد من المؤثرين ينشرون صوراً لثمار البحر يسيل لها اللعاب، فقررت الذهاب وتذوق تلك التحف الصالحة للأكل، وللأسف انتهى الحماس بمجرد تذوق أول لقمة من طبق الأسماك المشكلة الذي جئت حالمة بصورته وتذوقه، فالمذاق لم يكن على المستوى الذي توقعته، خاصة أن لائحة الانتظار للحصول على حجز في ذلك المطعم طويلة مما اضطرني للتكلم مع المدير المسؤول في هذا الخصوص، والاعتراض على نوعية المنتج.

صور الطعام قد تكون خادعة في بعض الاحيان (انستغرام)

الأكل في أيامنا هذه بالنسبة للأجيال الصاعدة مثل «جين زي» وجيل الألفية يعدّ نوعاً من التعبير عن المكانة الاجتماعية والمادية، فنشر صور الأكل بالنسبة لهم يتعدى مفهوم التهام الطعام والتمتع بمذاقه، وإنما يكون نوعاً من المفاخرة والتباهي في أوساط مجتمعاتهم ومعارفهم.

فالطعام نوعان؛ الأول يركز على المذاق والنكهة، أما الثاني فيعتمد على التصميم الخارجي، تماماً مثل ما حصل مع دوناتس قوز القزح، أقراص الحلوى التي غزت الإنترنت وشبكة التواصل الاجتماعي، وسميت بـRainbow Food Craze فكل من تذوق هذه الحلوى بوصفة الدونات المعدلة والمبتكرة قال إن النوع التقليدي يتمتع بمذاق ألذ بكثير.

تاباس أسماك (إنستغرام)

هناك عدد من المطاعم حول العالم التي تشتهر بتقديم أطباق جميلة وجذابة بصرياً على «إنستغرام»، لكنها ليست بالضرورة لذيذة. غالباً ما يكون الهدف من هذه المطاعم هو جذب الانتباه من خلال الإبداع في العرض وتنسيق الألوان والتفاصيل الجمالية، ولكن عند تذوق الطعام قد يكون الطعم عادياً أو غير مميز.

فيما يلي بعض الأمثلة التي تُذكر عادة في هذا السياق، مثل مطعم «ذا أفو شو» في أمستردام المعروف بتقديم يعتمد بشكل كامل على الأفوكادو بطريقة مبهرة وجميلة، إنما هناك بعض الآراء التي تشير إلى أن الطعم لا يرقى إلى مستوى العرض البصري.

صور الطعام قد تكون خادعة في بعض الاحيان (انستغرام)cut out

أما مطعم «سكيتش» في لندن ويعدّ من المطاعم ذائعة الصيت والمميز بديكوراته الجميلة وألوانه الزاهية، فهناك آراء كثيرة حول مذاق أطباقه الذي لا يكون على قدر التوقعات العالية التي يولدها المظهر الفاخر.

ومطعم «شوغر فاكتوري» في الولايات المتحدة الذي يملك فروعاً كثيرة، وشهير بحلوياته ومشروباته المزينة بألوان مشرقة على «إنستغرام»، إلا أن الكثير من الزبائن يصفونه بأنه مجرد «سكر على شكل جميل»، ولا يقدم شيئاً مميزاً من حيث المذاق.

«إيل أند أن كافيه» في لندن، وهو غني عن التعريف، خاصة أنه من أكثر المطاعم التي تنشر صورها على «إنستغرام»، ومن بين أول المطاعم التي استخدمت أسلوب الديكور الذي يعتمد على الورود، فهناك من يعتقد أن أكله ليس جيداً على عكس الصور التي تنشر هنا وهناك.

برغر سمك في "فيش إند بابلز " (إنستغرام)cut out

«فيش أند بابلز» Fish & Bubbles الواقع في نوتينغ هيل بلندن، من المطاعم الإيطالية التي انتشرت بسرعة البرق على وسائل التواصل الاجتماعي، والصور والفيديوهات التي نشرها المؤثرون جرّت الكثير للذهاب إلى المطعم وتذوق ثمار البحر كما رأوها في الصور، ولكن الحقيقة هي عكس ذلك؛ لأن المذاق أقل من عادي والأسماك ليست طازجة، ومن زار هذا المكان فلن يزوره مرة ثانية.

ولمحبي البرغر فقد أغرتهم الصور في مطعم «بلاك تاب كرافت برغرز» في نيويورك بعد الشهرة التي حصل عليها على «إنستغرام»، إلا أن الكثير من الزبائن يجدون أن النكهات عادية، ولا تتناسب مع الشهرة التي حصل عليها على الإنترنت. ولا يتفق الكثير من الذين زاروا «سيريال كيلار كافيه» Celear Killer Café في كامدن تاون بلندن، الذي يقدم حبوب الإفطار بألوان زاهية وتنسيقات مبتكرة تجعلها مثالية للصور، أن الطعم يوازي روعة الصور، مما عرّض المقهى للكثير من الانتقادات، خاصة أنه ليس رخيصاً.

لائحة أسماء المطاعم التي تعتمد على وسائل التواصل الاجتماعي لتسويق أطباقها التي لا ترتقي للجودة المطلوبة لا تنتهي، والسبب وفي عصرنا هذا هو التسويق البصري والجذب السريع للزبائن، حيث يعتمد هذا النوع من التسويق بشكل كبير على الصور والفيديوهات القصيرة، خاصة على منصات مثل «إنستغرام» و«تيك توك». الأشخاص يتأثرون بالصور الجميلة والجذابة أكثر من أي شيء آخر. لذلك، عندما تكون الأطباق مصممة بشكل جميل ومبهج، يسارع الناس إلى تصويرها ونشرها، مما يوفVر للمطعم تسويقاً مجانياً وانتشاراً واسعاً.V

الكثير من الزبائن في يومنا هذا يسعون إلى أماكن مثالية لتصوير أطباقهم ومشاركتها على وسائل التواصل الاجتماعي. بعض المطاعم تلبي هذا الاحتياج عبر تقديم أطباق مبهجة بصرياً، مما يجعل المطعم وجهة مفضلة رغم أن الطعم قد يكون عادياً.

في السنوات الأخيرة، بدأ الطعام يُعامل بوصفه نوعاً من الفنون البصرية. فهناك اتجاه كبير نحو تقديم الطعام بطريقة إبداعية وفنية، مما يجعل من الصعب أحياناً التوفيق بين الطعم والتصميم. فالبعض يرى أن تصميم الطبق الجميل يستهلك جهداً كبيراً قد يطغى على الاهتمام بالتفاصيل المتعلقة بالطعم.

ولكن، وفي النهاية، لا يصح إلا الصحيح، ويبقى هذا النوع من المطاعم التي تهتم بالشكل والديكور وطريقة تقديم الأطباق لتشد الكاميرا وتتحول إلى صور يتهافت عليها الزبائن حالة خاصة؛ لأنها ستكون مؤقتة وستجذب الزبون مرة واحدة على عكس المطاعم التي تعتمد على جودة المنتج ونوعية الطعام وطعمه. كما أنه لا يجوز وضع المسؤولية كاملة على كاهل المطاعم إنما يتحمل أيضاً الزبون وبعض المؤثرين المسؤولية في تضليل الرأي العام، والتسويق لمطعم لا يستحق الشهرة والانتشار.