خسارة أوكرانيا لدونباس ليست «حتمية» مع تحول المعارك إلى حرب استنزاف

كييف تنشط للحصول على أسلحة ثقيلة والرئيس الأوكراني يعترف بصعوبة الموقف ميدانياً

قالت كييف إن الضربات الروسية «تدمر كل شيء» في ليشيتشانك (أ.ف.ب)
قالت كييف إن الضربات الروسية «تدمر كل شيء» في ليشيتشانك (أ.ف.ب)
TT

خسارة أوكرانيا لدونباس ليست «حتمية» مع تحول المعارك إلى حرب استنزاف

قالت كييف إن الضربات الروسية «تدمر كل شيء» في ليشيتشانك (أ.ف.ب)
قالت كييف إن الضربات الروسية «تدمر كل شيء» في ليشيتشانك (أ.ف.ب)

مع مراوحة القتال على خطوط الجبهات بين الجيشين الروسي والأوكراني، والصعوبات الكبيرة التي تواجهها «الحملة العسكرية» الخاصة الروسية، وفشلها في تحقيق تقدم كبير حتى الآن، منذ بداية «الغزو» في 24 فبراير (شباط) الماضي، باتت التقديرات الأميركية والغربية، تؤكد أن الوقت الآن يعمل لمصلحة أوكرانيا. كما أن طول أمد القتال، جعل العديد من الخبراء والمسؤولين العسكريين السابقين والحاليين، يرجحون استمرار الحرب لفترة طويلة، قد تمتد لسنوات وتحول المعارك إلى حرب استنزاف حقيقية. وهو التقدير الذي أقرت به موسكو أول من أمس أيضا، وذلك للمرة الأولى منذ بدء الحرب. وفي تصريحات لموقع «بيزنس إنسايدر»، توقع السفير الأميركي السابق في أوكرانيا، ستيفن بيفر، امتداد الحرب حتى عام 2023 أو 2024، وبأن المعارك ستتحول إلى «حرب استنزاف»، لعدم قدرة الطرفين على حسم الحرب.
وفيما تحرز القوات الروسية والانفصاليون في شرق أوكرانيا المزيد من التقدم البطيء، لكن بتكلفة بشرية عالية، نحو مدينة ليسيتشانسك، المعقل الرئيسي للقوات الأوكرانية في دونباس، بدأت القوات الأوكرانية تحقق أيضا تقدما في بعض المناطق، فضلا عن مهاجمتها المزيد من المواقع والأهداف البحرية، بالأسلحة الغربية التي وصلتها حديثا.
وأفادت الاستخبارات البريطانية، بأن «جمهورية دونيتسك الشعبية الانفصالية» المعلنة من جانب واحد، اعترفت بمقتل أكثر من ألفي عسكري وإصابة ما يقرب من 9 آلاف منذ بداية العام، أي ما يعادل نحو 55 في المائة من قوتها الأصلية.
ويُجمع العديد من الخبراء الغربيين والأميركيين، أنه رغم أن الوضع صعب للغاية ونفاد الذخيرة من الأوكرانيين، فإن شطب الجزء الشرقي من أوكرانيا، لم يتحقق بعد. يقول فريديريك هودجز، القائد الأعلى السابق للجيش الأميركي في أوروبا، ويعمل الآن مع مركز تحليل السياسة الأوروبية في واشنطن، إن الحرب قد تستمر لعدة أشهر أخرى. وتنقل عنه صحيفة «نيويورك تايمز»، قوله، إنه يتوقع للقوات الأوكرانية، مدعومة بالمدفعية الثقيلة من الغرب، أن تبطئ تقدم روسيا وتجبرها على التراجع عن المكاسب التي حققتها بحلول أواخر الصيف. ويضيف هودجز: «الحرب هي اختبار للإرادة، والأوكرانيون لديهم إرادة متفوقة... أرى الوضع اللوجيستي الأوكراني يتحسن كل أسبوع بينما الوضع اللوجيستي الروسي يتدهور ببطء. ليس لديهم حلفاء أو أصدقاء». بدوره، يوضح كريستوفر دوغيرتي، المحلل الدفاعي في مركز الأمن الأميركي الجديد، في تغريدة على «تويتر» هذا الشهر، أنه رغم أن التضاريس يمكن أن تتغير، «لا يمتلك أي من الجانبين القدرة على استغلال المكاسب الطفيفة... من المحتمل الآن أن تصبح الحرب اختباراً للقدرة على التحمل».
أوكرانيا لم تفقد دونباس بعد
ويقول الخبير الألماني كارلو ماسالا، «يجب الاعتراف بأن الأمر يبدو سيئا للغاية، ولا ينبغي أن يكون لدينا أي أوهام بشأنه». لكنه يضيف، «الشرق بحد ذاته لم يضع بعد. وهناك ثلاثة أشياء مهمة يجب مراقبتها». أولاً وقبل كل شيء: متى ستصل أنظمة المدفعية الثقيلة من الغرب إلى أوكرانيا وكيف سيتم استخدامها من قبل الأوكرانيين؟ ورغم أن هذا الأمر لن يغير الوضع، لكنه قد يساعد في إبطاء تقدم روسيا الضئيل للغاية، خصوصا إذا نظرنا إلى معركة إسقاط مدينة سفيردونيتسك المستمرة حتى اليوم. ثانيا، هناك قضية الذخائر القديمة من عيار 152 ملم من الحقبة السوفياتية، التي نفدت بالفعل لدى الأوكرانيين. ومع إعلان رومانيا أنها ستبني مصنعا لإنتاج هذه الذخائر، سنرى متى يحدث هذا قريبا. وثالثا، لا يمكن استبعاد أنه في حالة احتلال دونباس بأكملها، ستتحول أوكرانيا إلى تكتيكات حرب العصابات. وهذا يعني أن القتال بين الجيوش سيتوقف، وسيحاول الجيش الأوكراني مواجهة الروس في المدن وفي المعارك بين المنازل وفي الشوارع. لكنه أضاف، «كلما زاد عدد الأشخاص الذين سيشعرون بأعباء هذه الحرب، في فواتير الغاز، وأسعار المواد الغذائية، والبنزين، فقد يؤدي ذلك إلى إضعاف المزيد من الدعم لأوكرانيا. وهذا ما يراهن عليه الرئيس بوتين، لأنه قد يتسبب في تراجع الإجماع لدى بعض البلدان، التي ستقول، الآن يجب علينا أخيرا التفاوض، ويتعين على الأوكرانيين قبول حقيقة أن أراضيهم قد ضاعت، وما إلى ذلك».
كييف تنشط للحصول على أسلحة ودعم ترشيحها للاتحاد الأوروبي
ومالت كفة القتال في الحرب المستمرة منذ أشهر لصالح روسيا في الأسابيع القليلة الماضية بسبب تفوقها الهائل في قوة نيران المدفعية، وهي حقيقة اعترف بها الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في خطاب ألقاه في وقت متأخر من ليل الثلاثاء. وقال: «يعزز الجيش الأوكراني دفاعاته في منطقة لوغانسك بفضل المناورات التكتيكية... هذه حقا أصعب بقعة. المحتلون يضغطون بقوة أيضا في اتجاه دونيتسك». وتشهد منطقة لوغانسك منذ أسابيع تبادلا عنيفا للقصف المدفعي بين القوات الروسية والأوكرانية وبات الروس يسيطرون بشكل شبه كامل عليها. وحده جيب مقاومة حول ليسيتشانسك وسيفيرودونيتسك لا يزال صامدا. ورأى فريق تابع لوكالة فرنس برس جنودا أوكرانيين يحفرون خندقا سيشكل موقعا لإطلاق النار في أحد شوارع وسط ليسيتشانسك وإقامة حواجز مع أسلاك شائكة وأغصان. وقالت أوكرانيا الثلاثاء إنها استهدفت منصات غاز في البحر الأسود يستخدمها الروس «منشآت» عسكرية لتعزيز سيطرتهم على المنطقة.
وتُعرف مقاطعتا لوغانسك ودونيتسك معا باسم منطقة دونباس، حيث يقاتل الانفصاليون المدعومون من روسيا القوات الأوكرانية منذ عام 2014 بعد ضم روسيا لشبه جزيرة القرم من أوكرانيا. وقال زيلينسكي: «وبنفس القدر من الفاعلية التي نناضل بها من أجل اتخاذ الاتحاد الأوروبي قرارا إيجابيا بشأن حصول أوكرانيا على وضع مرشح، فإننا نكافح أيضا كل يوم من أجل أسلحة حديثة لبلدنا. نحن لا نتوانى ليوم واحد». وحث الدول الداعمة لبلاده على تسريع تسليم السلاح. كما رحب بوصول مدافع ألمانية ذاتية الدفع لاستكمال ترسانة أوكرانيا. وقال زيلينسكي: «نكافح بنشاط من أجل الحصول على قرار إيجابي من الاتحاد الأوروبي، وكذلك بالنشاط نفسه للحصول على أسلحة متطورة»، وقد أجرى زيلينسكي طوال يوم الثلاثاء اتصالات للحصول على دعم دول الاتحاد الأوروبي السبع والعشرين، فيما أكدت كييف أن الضربات الروسية «تدمر كل شيء» في مدينة ليشيتشانك الصناعية الاستراتيجية لقريبة من سيفيرودونيتسك في شرق البلاد. وكتب سيرغي غايداي حاكم منطقة لوغانسك حيث تتركز المواجهة بين الجيشين الروسي والأوكراني عبر تلغرام «الجيش الروسي يدك ليسيتشانك بالمدفعية والصواريخ والقنابل الجوية وقاذفات الصواريخ».


مقالات ذات صلة

روسيا تسيطر على بلدات استراتيجية في شرق أوكرانيا

أوروبا جندي أوكراني على خط المواجهة مع القوات الروسية في منطقة دونيتسك (رويترز)

روسيا تسيطر على بلدات استراتيجية في شرق أوكرانيا

أعلنت روسيا، الأحد، أن قواتها سيطرت على بلدات في منطقتين رئيسيتين تقعان على خط الجبهة في شرق أوكرانيا، بينما يتقدم جيشها باتجاه مدينتين استراتيجيتين.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
أوروبا أرشيفية لأحد مباني مدينة بيلغورود الروسية عقب استهدافها بمسيرة أوكرانية (إ.ب.أ)

 روسيا تعلن تدمير 15 طائرة مسيرة أوكرانية خلال الليل

قالت وزارة الدفاع الروسية، اليوم (الأحد)، إن أنظمة الدفاع الجوي الروسية دمرت 15 طائرة مسيرة أوكرانية خلال الليل.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
أميركا اللاتينية قوات روسية بمنطقة كورسك على الحدود مع أوكرانيا (أ.ب)

زيلينسكي: هناك مزيد من الجنود الكوريين الشماليين يقاتلون في كورسك

قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، إن الجيش الروسي بدأ في نشر المزيد من الجنود الكوريين الشماليين خلال الهجمات على كورسك بالقرب من الحدود الأوكرانية.

«الشرق الأوسط» (كييف)
أوروبا الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي (قناته عبر «تلغرام»)

زيلينسكي يصدر تعليمات لإنشاء آليات لتوريد الغذاء إلى سوريا

قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، إنه أصدر تعليمات لحكومته بإنشاء آليات لتوريد الغذاء إلى سوريا بالتعاون مع المنظمات الدولية في أعقاب سقوط نظام الأسد.

«الشرق الأوسط» (كييف)
أوروبا عربة عسكرية أوكرانية تحمل أسرى يرتدون الزي العسكري الروسي بالقرب من الحدود مع روسيا (أ.ف.ب) play-circle 00:45

زيلينسكي: روسيا تنشر مزيداً من القوات الكورية الشمالية في كورسك

قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، السبت، إن موسكو بدأت إشراك «عدد ملحوظ» من القوات الكورية الشمالية.

«الشرق الأوسط» (كييف)

14 قتيلاً على الأقل جراء إعصار في أرخبيل مايوت الفرنسي (صور)

تلة مدمَّرة في إقليم مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي (أ.ب)
تلة مدمَّرة في إقليم مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي (أ.ب)
TT

14 قتيلاً على الأقل جراء إعصار في أرخبيل مايوت الفرنسي (صور)

تلة مدمَّرة في إقليم مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي (أ.ب)
تلة مدمَّرة في إقليم مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي (أ.ب)

سقط ما لا يقل عن 14 قتيلاً في أرخبيل مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي الذي ضربه السبت إعصار شيدو القوي جداً، على ما أظهرت حصيلة مؤقتة حصلت عليها «وكالة الصحافة الفرنسية» اليوم (الأحد) من مصدر أمني.

صور التقطتها الأقمار الصناعية للمعهد التعاوني لأبحاث الغلاف الجوي (CIRA) في جامعة ولاية كولورادو ترصد الإعصار شيدو فوق مايوت غرب مدغشقر وشرق موزمبيق (أ.ف.ب)

وقال عبد الواحد سومايلا، رئيس بلدية مامودزو، كبرى مدن الأرخبيل، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، إن 9 أشخاص أصيبوا بجروح خطرة جداً، ونقلوا إلى مركز مايوت الاستشفائي، في حين أن 246 إصابتهم متوسطة.

الأضرار التي سبَّبها الإعصار شيدو في إقليم مايوت الفرنسي (رويترز)

وترافق الإعصار مع رياح زادت سرعتها على 220 كيلومتراً في الساعة. وكان شيدو الإعصار الأعنف الذي يضرب مايوت منذ أكثر من 90 عاماً؛ حسب مصلحة الأرصاد الجوية الفرنسية (فرنس- ميتيو).

آثار الدمار التي خلفها الإعصار (أ.ف.ب)

وضربت رياح عاتية جداً الأرخبيل، ما أدى إلى اقتلاع أعمدة كهرباء وأشجار وأسقف منازل. ويقيم ثلث سكان الأرخبيل في مساكن هشة.