قبائل القواسم العربية في المغرب تحتفي بتاريخها العريق مع الصقور

بمشاركة كبيرة من السعودية والإمارات وقطر والكويت، انطلقت أمس الدورة الثالثة لـ«مهرجان الصقور القواسم» في منطقة أولاد فرج الواقعة في ضواحي مدينة الجديدة (جنوب الدار البيضاء)، تحت شعار «تقاليد عريقة وتراث عالمي».
واختار المنظمون هذه السنة الاحتفاء بالتاريخ العريق لقبائل القواسم العربية، التي استوطنت هذه المنطقة منذ أكثر من ألف عام، في مجال التربية والاعتناء بصقور الصيد، وذلك من خلال تنظيم معرض على هامش المهرجان يضم وثائق تاريخية نادرة حول تاريخ الصقور بالمنطقة.
وقال الغزواني محمد، رئيس «جمعية القواسم أولاد فرج للصيد بالصقور» لـ«الشرق الأوسط»، إن المعرض يضم كثيرا من الوثائق ضمنها رسائل لأمراء الأندلس، ووثائق صادرة عن سلاطين المغرب تبرز عنايتهم بهذه الصناعة وتشجيعهم ودعمهم قبائل القواسم على العناية بها وتطويرها. ويضيف الغزواني: «كثير من السلاطين المغاربة كانوا مولعين بممارسة الصيد بالصقور». ومن بين الوثائق المعروضة قرار للسلطان مولاي الحسن الأول (جد العاهل المغربي الحالي) في 1885 يعفي مربي الصقور من أداء الجبايات والضرائب.
وأشار إلى أن مربي الصقور كانوا في مراحل كثيرة من تاريخ المغرب يتقاضون دعما ماليا من الدولة.
وتعد منطقة القواسم آخر معقل لتربية الصقور في المغرب. وبفضل حفاظها على هذا التراث أدرج المغرب ضمن لائحة اليونيسكو للدول المربية للصقور في العالم، والصادرة ضمن تقرير المنظمة حول التراث غير المادي للإنسانية، والتي شملت 11 دولة هي: الإمارات العربية والسعودية وقطر والمغرب وسوريا وإسبانيا ومنغوليا وكوريا وفرنسا وبلجيكا وجمهورية التشيك.
وتخضع تربية الصقور واستعمالها في الصيد بالمغرب لنظام قانوني خاص، وتتطلب ممارستها الحصول على ترخيص خاص من مندوبية المياه والغابات. وتنتشر في المغرب الصقور من نوع «شاهين» التي يغلب عليها اللونان الأسود والرمادي. وحجم صقر شاهين متوسط؛ إذ يصل طوله إلى نصف متر، وتصل المسافة بين جناحيه نحو 1.2 متر. ويمنع صيد الصقور في المغرب من دون رخصة، التي تشترط أن يكون الصيد بغرض التربية، ويحصر الصيد في إناث الصقور الشابة.
ويقام «مهرجان الصقور القواسم» في منطقة أولاد فرج، التي تبعد نحو 45 كيلومترا عن مدينة الجديدة، وهي منطقة زراعية خصبة وغنية بثمارها وفواكهها المتنوعة، وتشكل حقولها الفسيحة مجالا ملائما لممارسة الصيد بالصقور. واشتهرت المنطقة بمدرستها العتيقة «مولاي الطاهر» التي شكلت خلال القرن التاسع عشر ومنتصف القرن العشرين مركز إشعاع ديني وعلمي في المنطقة. ولا تزال المدرسة إلى اليوم مشهورة بعلوم القرآن والقراءات. ويشارك طلبة المدرسة في الحفل الافتتاحي من خلال تلاوة القرآن، مما يضفي طابعا روحيا ورمزيا على المهرجان.
كما تنظم خلال المهرجان ندوات ثقافية وعلمية للتعريف بصناعة تربية الصقور عبر العالم، بالإضافة إلى تنشيط ثقافي وفني وفلكلوري، وضمنه معرض للرسم والفنون التشكيلية حول موضوع الصقور.