مالي: مقتل 132 مدنياً في هجوم نسب إلى مسلحين من «القاعدة»

قُتل أكثر من 130 مدنياً في وسط مالي بهجمات نُسبت إلى مسلّحين يشتبه في أنهم جهاديون تابعون لـ«القاعدة»، وهي واحدة من أسوأ المجازر التي شهدتها البلاد والأحدث في سلسلة عمليات القتل المتواصلة في منطقة الساحل. وأفاد نواب محليون بحدوث مجازر ممنهجة ارتكبها قبل أيام مسلحون في ديالاساغو وفي قريتين قريبتين هما دياويلي وديساغو في وسط مالي، وهي بؤرة ساخنة لأعمال العنف في منطقة الساحل. وقال مسؤول محلي منتخب تحدث في باماكو وفضّل عدم الكشف عن هويته لأسباب أمنية «فقدنا أقاربنا وإخوتنا الكبار وأعمامنا ودمرت المعدات وسرقت الحيوانات والملابس وكل شيء». وأضاف «لم يبق شيء من ديالاساغو. ديالاساغو، أغنى بلدية في دائرة بانكاس».
أبلغت الحكومة عن مقتل 132 شخصاً، ونسبت مقتلهم إلى كتيبة «ماسينا» التي يتزعمها المتشدد أمادو كوفا. وبعد تضارب المعلومات المتداولة منذ عطلة نهاية الأسبوع على شبكات التواصل الاجتماعي، خرجت الحكومة عن صمتها بعد ظهر أول من أمس، مشيرة إلى أن الأحداث وقعت ليل السبت إلى الأحد. ويقول آخرون، إنها وقعت الجمعة. وأعلن رئيس المجلس العسكري المالي الكولونيل أسيمي غوتا الذي يحكم البلاد منذ أغسطس (آب) 2020، الحداد الوطني لمدة ثلاثة أيام. وأدان مجلس الأمن الدولي بالإجماع في بيان صدر الاثنين في نيويورك «بأشد العبارات» عمليات القتل بالقرب من جاو وبانكاس.
وتحدث محاورون مختلفون لوكالة الصحافة الفرنسية عن مواصلة إحصاء القتلى. وذكر نوهوم توغو، رئيس حزب مقره بانكاس، عدداً أكبر من الضحايا. وأوضح توغو لوكالة صحافة الفرنسية، أن المنطقة شهدت قبل أسبوعين عمليات للجيش أدت إلى وقوع اشتباكات مع الجهاديين، مضيفاً أن المسلحين عادوا الجمعة بالعشرات على متن دراجات نارية للانتقام من السكان. وأكد «لقد وصلوا وقالوا للسكان (أنتم لستم مسلمين) بلغة الفولاني.
واصطحبوا معهم الرجال، بلغ عدد الذين ذهبوا معهم مائة. على بعد كيلومترين، قتلوا الناس بشكل منهجي». وأضاف «حتى الآن، يتواصل انتشال الجثث في البلدات المجاورة لديالاساغو». وبدأت أعمال العنف في وسط مالي في 2015 مع ظهور كتيبة «ماسينا»، ومذاك تتعرض المنطقة لانتهاكات وأعمال انتقامية بين المجتمعات. جزء كبير من المنطقة خارج عن سيطرة الدولة.
وفي 23 مارس (آذار) 2019، قُتل 160 من قومية فولاني في هجوم استهدف قرية أوغوساغو. ومنذ 2012 تتخبّط مالي في أزمات أمنية وسياسية أشعل فتيلها تمرّد مسلّح قادته حركات انفصالية وجهادية في شمال هذا البلد وامتد إلى وسط البلاد وإلى بوركينا فاسو والنيجر المجاورتين. وجعل العسكريون الذين استولوا على السلطة بعد انقلاب أغسطس 2020 عقب أشهر من الاحتجاجات الشعبية على عجز الحكومة المدنية عن وقف دوامة العنف الدامية، استعادة الأمن من أولوياتهم.
وابتعد المجلس العسكري الحاكم عن فرنسا وشركائها واتجه نحو روسيا وبدأ عملية كبيرة في الوسط في ديسمبر (كانون الأول).
وقال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش في رسالة وجهها مؤخراً إلى رئاسة مجلس الأمن، إنه مع تكثيف القوات المالية لعملياتها «يتعرض المدنيون لهجمات عنيفة وانتهاكات متزايدة لحقوق الإنسان؛ مما أدى إلى وقوع أكبر عدد من الضحايا المدنيين المسجلين حتى الآن في مالي». ويواجه المدنيون أعمالاً انتقامية يشنّها المتطرفون الذين يتهمونهم بالانحياز للعدو. ويطبق الجهاديون في بعض المناطق التي يسيطرون عليها وتمتد أكثر فأكثر في الوسط، بشدة عقيدتهم. غالباً ما يجد المدنيون أنفسهم عالقين بين فكي كماشة في الاشتباكات بين الجماعات المسلحة المتنافسة، وبينها الجماعات المرتبطة بـ«القاعدة» وتنظيم «داعش»، المنتشرة أيضاً في مالي والساحل. وأشار المسؤول المنتخب الذي أعرب عن أسفه للدمار في ديالاساغو، إلى أن التحذيرات التي وجهها السكان لم تلق آذاناً صاغية إلا بعد فوات الأوان. وفي تقرير نُشر الخميس، قال تحالف للمنظمات غير الحكومية في غرب أفريقيا، إن عدد المدنيين الذين قتلوا في الهجمات التي يشتبه أن جماعات متطرفة نفذتها، تضاعف تقريباً منذ عام 2020 في وسط الساحل. وأشارت وثيقة أصدرتها الأمم المتحدة في مارس، إلى أن ما يقرب من 600 مدني قتلوا في مالي عام 2021، في أعمال عنف نُسبت إلى الجماعات الجهادية، ولكن أيضاً إلى ميليشيات الدفاع عن النفس والقوات المالية.