جيش الفتح يسيطر على «أريحا» آخر معاقل النظام السوري في إدلب

ناشطون: أغلب قطع النظام العسكرية التي كانت في إدلب والمسطومة نقلت إلى مدينة أريحا

صورة تظهر مدخل سجن تدمر الشهير بمعتقليه في السبعينات والثمانينات ويبدو علم داعش فوق أحد الأبنية (أ.ف.ب)
صورة تظهر مدخل سجن تدمر الشهير بمعتقليه في السبعينات والثمانينات ويبدو علم داعش فوق أحد الأبنية (أ.ف.ب)
TT

جيش الفتح يسيطر على «أريحا» آخر معاقل النظام السوري في إدلب

صورة تظهر مدخل سجن تدمر الشهير بمعتقليه في السبعينات والثمانينات ويبدو علم داعش فوق أحد الأبنية (أ.ف.ب)
صورة تظهر مدخل سجن تدمر الشهير بمعتقليه في السبعينات والثمانينات ويبدو علم داعش فوق أحد الأبنية (أ.ف.ب)

سيطر جيش الفتح بشكل كامل، أمس، على مدينة أريحا عقب اشتباكات مع قوات النظام مدعمة بقوات الدفاع الوطني وحزب الله اللبناني وضباط إيرانيين، ترافقت مع قصف عنيف ومتبادل بين الطرفين، بحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان ومواقع المعارضة السورية، طاردا النظام بذلك من آخر نقطة له في محافظة إدلب شمال سوريا.
وتمكن مقاتلو جيش الفتح من الاستيلاء على عدة آليات لقوات النظام، ووردت معلومات مؤكدة عن خسائر بشرية في صفوف الطرفين، وسط انسحاب عشرات الآليات لقوات النظام باتجاه منطقتي أورم الجوز ومحمبل على طريق أريحا – جسر الشغور. وكان مقاتلو «جبهة النصرة» وفصائل إسلامية أطلقوا أمس (الخميس)، هجومًا على مدينة أريحا، آخر المدن الكبرى الخاضعة لسيطرة النظام في محافظة إدلب في شمال غربي سوريا، وتمكنوا من دخول بعض أطرافها، وفق ما أعلن المرصد السوري لحقوق الإنسان.
وقال مدير المرصد، رامي عبد الرحمن، لوكالة الصحافة الفرنسية: «اقتحم مقاتلو جيش الفتح اليوم أطراف مدينة أريحا بعد اشتباكات عنيفة مع قوات النظام»، مضيفًا أن الاقتحام جاء عقب «قصف عنيف استهدف منذ الصباح حواجز النظام في محيط المدينة».
ويحاول مقاتلو «النصرة» والكتائب الإسلامية منذ أيام اقتحام أريحا، إلا أنها المرة الأولى التي يتمكنون فيها من إحراز تقدم.
وأورد حساب جيش الفتح، وهو تحالف «النصرة» مع مجموعة فصائل إسلامية مقاتلة ينفذ الهجوم، على حسابه على موقع «تويتر» تغريدة جاء فيها: «بدأ زحف إلى معقل جديد من معاقل الكفر.. اللهم حرر أريحا».
وأفاد مراسل موقع «سراج برس» المعارض، أن «جيش الفتح بدأ بالحشد منذ فجر أمس، حيث استقدم أعدادًا كبيرة من المقاتلين، والآليات الثقيلة على أطراف المدينة، ونصب مدافعه المختلفة، بانتظار ساعة الصفر لاقتحام المدينة، بالتزامن مع رصد الطرق بين المدينة، ونقاط الحماية من الجهة الغربية الشمالية المتمثلة بقريتي كفر نجد ومعترم، فدمروا سيارتين عسكريتين تقلان عددًا من عناصر قوات الأسد».
وأضاف أنه في تمام الساعة الخامسة من عصر اليوم (الخميس)، بدأ التمهيد الفعلي من ثلاث جهات بغية اقتحام المدينة، من جهة جبل الأربعين الذي يسيطر الثوار على قسم كبير منه، ومن الجهة الشرقية على أطراف المدينة بعد تحرير قرية مصيبين، ومن الجهة الشمالية بعد تحرير معسكر المسطومة، حيث قصف جيش الفتح بالمدفعية الثقيلة والدبابات ومدافع الهاون، ومدافع جهنم على مواقع قوات النظام، وحققوا إصابات مباشرة نظرًا لقرب الثوار من تلك المواقع ورصدها بشكل مباشر.
وأفاد ناشطون أن مدفعية جيش الفتح حققت إصابة مباشرة دمرت من خلالها دبابة لقوات النظام بمن فيها في الجهة الغربية الشمالية للمدينة، كما قتل النقيب أحمد اليوسف، من مرتبات القوات الخاصة، ومجموعته المؤلفة من 19 عنصرًا جراء استهداف كتائب الثوار لبلدة معترم، كما دمر الثوار مدفع 23 خلال الاشتباكات مع قوات النظام في الجهة الشرقية للمدينة.
وتمكن جيش الفتح خلال الأسابيع الأخيرة من السيطرة على مناطق عدة في محافظة إدلب أبرزها مدينة إدلب، مركز المحافظة، وجسر الشغور ومعسكرا القرميد والمسطومة.
ويقول ناشطون والمرصد السوري إن حسم المعركة لن يكون سهلاً. وأشار عبد الرحمن إلى أن أعدادًا كبيرة من قوات النظام والمسلحين الموالين له، خصوصًا حزب الله اللبناني، يوجدون في المدينة، وهم مجهزون بالعتاد الثقيل والذخائر.
وقال الناشط إبراهيم الإدلبي لوكالة الصحافة الفرنسية، إن «أغلب قطع النظام العسكرية التي كانت موجودة في إدلب والمسطومة أصبحت في مدينة أريحا».
وأوضح أن «الهجوم بدأ على أريحا من ثلاثة محاور من الشرق والشمال والجنوب، ويبقى للنظام خط إمداد وانسحاب واحد من الجهة الغربية».
وتستند أريحا من الغرب إلى منطقة جبلية تملك امتدادًا مع محافظة حماه (وسط) الواقعة بمعظمها تحت سيطرة قوات النظام.
وإذا انسحب النظام من أريحا، فلن يبقى له، وفق عبد الرحمن، في محافظة إدلب، إلا مطار أبو الضهور العسكري، وبعض الحواجز بين أريحا وجسر الشغور، بالإضافة إلى بلدتي الفوعة وكفريا الشيعيتين.



الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)

كثّفت الجماعة الحوثية استهدافها مدرسي الجامعات والأكاديميين المقيمين في مناطق سيطرتها بحملات جديدة، وألزمتهم بحضور دورات تعبوية وزيارات أضرحة القتلى من قادتها، والمشاركة في وقفات تنظمها ضد الغرب وإسرائيل، بالتزامن مع الكشف عن انتهاكات خطيرة طالتهم خلال فترة الانقلاب والحرب، ومساعٍ حثيثة لكثير منهم إلى الهجرة.

وذكرت مصادر أكاديمية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن مدرسي الجامعات العامة والخاصة والموظفين في تلك الجامعات يخضعون خلال الأسابيع الماضية لممارسات متنوعة؛ يُجبرون خلالها على المشاركة في أنشطة خاصة بالجماعة على حساب مهامهم الأكاديمية والتدريس، وتحت مبرر مواجهة ما تسميه «العدوان الغربي والإسرائيلي»، ومناصرة فلسطينيي غزة.

وتُلوّح الجماعة بمعاقبة مَن يتهرّب أو يتخلّف من الأكاديميين في الجامعات العمومية، عن المشاركة في تلك الفعاليات بالفصل من وظائفهم، وإيقاف مستحقاتهم المالية، في حين يتم تهديد الجامعات الخاصة بإجراءات عقابية مختلفة، منها الغرامات والإغلاق، في حال عدم مشاركة مدرسيها وموظفيها في تلك الفعاليات.

أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

وتأتي هذه الإجراءات متزامنة مع إجراءات شبيهة يتعرّض لها الطلاب الذين يجبرون على حضور دورات تدريبية قتالية، والمشاركة في عروض عسكرية ضمن مساعي الجماعة لاستغلال الحرب الإسرائيلية على غزة لتجنيد مقاتلين تابعين لها.

انتهاكات مروّعة

وكان تقرير حقوقي قد كشف عن «انتهاكات خطيرة» طالت عشرات الأكاديميين والمعلمين اليمنيين خلال الأعوام العشرة الماضية.

وأوضح التقرير الذي أصدرته «بوابة التقاضي الاستراتيجي»، التابعة للمجلس العربي، بالتعاون مع الهيئة الوطنية للأسرى والمختطفين، قبل أسبوع تقريباً، وغطّي الفترة من مايو (أيار) 2015، وحتى أغسطس (آب) الماضي، أن 1304 وقائع انتهاك طالت الأكاديميين والمعلمين في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية التي اتهمها باختطافهم وتعقبهم، ضمن ما سمّاها بـ«سياسة تستهدف القضاء على الفئات المؤثرة في المجتمع اليمني وتعطيل العملية التعليمية».

أنشطة الجماعة الحوثية في الجامعات طغت على الأنشطة الأكاديمية والعلمية (إكس)

ووثّق التقرير حالتي وفاة تحت التعذيب في سجون الجماعة، وأكثر من 20 حالة إخفاء قسري، منوهاً بأن من بين المستهدفين وزراء ومستشارين حكوميين ونقابيين ورؤساء جامعات، ومرجعيات علمية وثقافية ذات تأثير كبير في المجتمع اليمني.

وتضمن التقرير تحليلاً قانونياً لمجموعة من الوثائق، بما في ذلك تفاصيل جلسات التحقيق ووقائع التعذيب.

ووفق تصنيف التقرير للانتهاكات، فإن الجماعة الحوثية نفّذت 1046 حالة اختطاف بحق مؤثرين، وعرضت 124 منهم للتعذيب، وأخضعت اثنين من الأكاديميين و26 من المعلمين لمحاكمات سياسية.

وتشمل الانتهاكات التي رصدها التقرير، الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب الجسدي والنفسي والمحاكمات الصورية وأحكام الإعدام.

عشرات الأكاديميين لجأوا إلى طلب الهجرة بسبب سياسات الإقصاء الحوثية وقطع الرواتب (إكس)

وسبق أن كشف تقرير تحليلي لأوضاع الأكاديميين اليمنيين عن زيادة في طلبات العلماء والباحثين الجامعيين للهجرة خارج البلاد، بعد تدهور الظروف المعيشية، واستمرار توقف رواتبهم، والانتهاكات التي تطال الحرية الأكاديمية.

وطبقاً للتقرير الصادر عن معهد التعليم الدولي، ارتفعت أعداد الطلبات المقدمة من باحثين وأكاديميين يمنيين لصندوق إنقاذ العلماء، في حين تجري محاولات لاستكشاف الطرق التي يمكن لقطاع التعليم الدولي من خلالها مساعدة وتغيير حياة من تبقى منهم في البلاد إلى الأفضل.

إقبال على الهجرة

يؤكد المعهد الدولي أن اليمن كان مصدر غالبية الطلبات التي تلقّاها صندوق إنقاذ العلماء في السنوات الخمس الماضية، وتم دعم أكثر من ثلثي العلماء اليمنيين داخل المنطقة العربية وفي الدول المجاورة، بمنحة قدرها 25 ألف دولار لتسهيل وظائف مؤقتة.

قادة حوثيون يتجولون في جامعة صنعاء (إعلام حوثي)

لكن تحديات التنقل المتعلقة بالتأشيرات وتكلفة المعيشة والاختلافات اللغوية الأكاديمية والثقافية تحد من منح الفرص للأكاديميين اليمنيين في أميركا الشمالية وأوروبا، مقابل توفر هذه الفرص في مصر والأردن وشمال العراق، وهو ما يفضله كثير منهم؛ لأن ذلك يسمح لهم بالبقاء قريباً من عائلاتهم وأقاربهم.

وخلص التقرير إلى أن العمل الأكاديمي والبحثي داخل البلاد «يواجه عراقيل سياسية وتقييداً للحريات ونقصاً في الوصول إلى الإنترنت، ما يجعلهم يعيشون فيما يُشبه العزلة».

وأبدى أكاديمي في جامعة صنعاء رغبته في البحث عن منافذ أخرى قائمة ومستمرة، خصوصاً مع انقطاع الرواتب وضآلة ما يتلقاه الأستاذ الجامعي من مبالغ، منها أجور ساعات تدريس محاضرات لا تفي بالاحتياجات الأساسية، فضلاً عن ارتفاع الإيجارات.

إجبار الأكاديميين اليمنيين على المشاركة في الأنشطة الحوثية تسبب في تراجع العملية التعليمية (إكس)

وقال الأكاديمي الذي طلب من «الشرق الأوسط» التحفظ على بياناته خوفاً على سلامته، إن الهجرة ليست غاية بقدر ما هي بحث عن وظيفة أكاديمية بديلة للوضع المأساوي المعاش.

ويقدر الأكاديمي أن تأثير هذه الأوضاع أدّى إلى تدهور العملية التعليمية في الجامعات اليمنية بنسبة تتجاوز نصف الأداء في بعض الأقسام العلمية، وثلثه في أقسام أخرى، ما أتاح المجال لإحلال كوادر غير مؤهلة تأهيلاً عالياً، وتتبع الجماعة الحوثية التي لم تتوقف مساعيها الحثيثة للهيمنة على الجامعات ومصادرة قرارها، وصياغة محتوى مناهجها وفقاً لرؤية أحادية، خصوصاً في العلوم الاجتماعية والإنسانية.

وفي حين فقدت جامعة صنعاء -على سبيل المثال- دورها التنويري في المجتمع، ومكانتها بصفتها مؤسسة تعليمية، تُشجع على النقد والتفكير العقلاني، تحسّر الأكاديمي اليمني لغياب مساعي المنظمات الدولية في تبني حلول لأعضاء هيئة التدريس، سواء في استيعابهم في مجالات أو مشروعات علمية، متمنياً ألا يكون تخصيص المساعدات لمواجهة المتطلبات الحياتية للأكاديميين غير مشروط أو مجاني، وبما لا يمس كرامتهم.