المركز الفرنسي يكرم التراث اللبناني في «عيد الموسيقى»

انطلق امس عيد الموسيقى بعد غياب متقطع بسبب الأزمات التي ألمت بلبنان في السنوات الماضية، لتصدح الموسيقى في أرجاء العاصمة وتتنقل العروض الفنية في الشوارع والأحياء تزامناً مع بداية فصل الصيف.
هذه السنة وبتنظيم من المركز الثقافي الفرنسي في لبنان، ترتدي بيروت، إضافة إلى بلدات وقرى لبنانية، حلة العيد. ففي النسخة الـ22 لهذا الحدث الذي يقام في لبنان منذ عام 2000، سيتم تكريم التراث اللبناني من خلال مواقع ومعالم أثرية يشتهر بها، وستتلألأ مدنه وقراه كبعلبك والنبطية وزغرتا وغيرها بألوان الفرح. يأخذ اللبنانيون فترة استراحة من الهموم والمشكلات التي يواجهونها، وتتكثف في هذه المناسبة الحفلات والعروض الفنية لتشمل مواهب غنائية لبنانية وفرنسية اختارها المركز الثقافي الفرنسي.
وابتداء من 17 يونيو الجاري ولغاية 25 منه، سيتاح لهواة الموسيقى التنقل بين أماكن وبلدات تشكل معالمها رموزاً من التراث اللبناني العريق، فيتابعون برنامجاً موسيقياً منوعاً يفتح أبوابه مجاناً أمام الجميع. وكما في دير القمر والنبطية وزغرتا وعاليه، كذلك ستتوزع حفلات العيد على مدن بعلبك وصيدا وصور وبيروت وزحلة وغيرها.
ويشير غيوم دي شومان، مدير المركز الثقافي في لبنان، إلى أن هذا العام يحمل العيد فسحة موسيقية لا يستهان بها، وأنه تم وضع برنامج فني غني بمواهب لبنانية وفرنسية سيكتشفها هواة الموسيقى طيلة أيام الاحتفال بالعيد. ويضيف، في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «كثيرون تساءلوا عما إذا كان من المجدي إقامة هذه الاحتفالية في ظل ما يعانيه لبنان من أزمات. ولكننا ارتأينا تنظيمه كي يكون بمثابة متنفس لأهل لبنان أينما كانوا. فهذه الاحتفالية ستكون استراحة وفرصة للجمهور اللبناني كي يلتقط أنفاسه. فيستمتع بمشاهدة مواهب تركت بصمتها على الساحة الفنية رغم فتوتها».

ملصق عيد الموسيقى

ويلفت دي شومان إلى الحفلة التي ستقام في نادي «سبورتينغ» البيروتي 21 الجاري أي ليلة عيد الموسيقى. «اخترنا هذا النادي لأنه رمز من رموز لبنان المزدهر وكان شاهداً على أيام العز فيه. فهو يطل على بحر بيروت ويتمتع بخصوصية مشهورة من خلال المرفأ الذي يحيطه. وسنتابع في هذا الحفل إطلالات للفنانة فريدا صاحبة طاقة رائعة على المسرح وهي تغني حافية القدمين. وكذلك سنكون على موعد مع المغني الفرنسي شاسول الذي حقق نجاحات باهرة في فرنسا، وهو يلقب بـ(صاحب الأذن المطلقة). فشاسول يستمع إلى مشكلات الناس ويترجمها في أغانيه، ما يولد أجواء تفاعلية ممتازة».
ومن الحفلات التي ستقام في المناسبة واحدة في بحيرة بنشعي في 17 الجاري مع فرقة دندنة والفنانتين ماريا الدويهي ومارينا مخلوف. وفي طرابلس وعلى كورنيش الميناء يطل كل من المغنيين راشد النجار وغريب ونوجمجم والراس ليقدموا لوحات غنائية ابتداء من الخامسة بعد الظهر في 19 الجاري. أما في صيدا فستقام عروض فنية في 18 الجاري تتوزع على متحف الصابون وخان الفرنج والحمام الجديد. وفي بلدة نيحا تغني فريدا وجوسلين مينيل في معبد نيحا ابتداء من التاسعة مساء في 19 يونيو أيضاً.
وعن رأيه بسلوك اللبناني تجاه تراثه يقول دي شومان لـ«الشرق الأوسط»: «من خلال احتكاكي بعدد كبير من الأشخاص العاملين في مجال ترميم القلاع والمعالم الأثرية لاحظت اهتماماً كبيراً من قبل اللبنانيين تجاه تراثهم. ففرنسا تربطها أواصر وطيدة مع لبنان عبر التاريخ، ونحن مقتنعون بأن هذه المناسبة ضرورية لأهل لبنان أجمعين. كما أنها ستتيح لهم الفرصة كي يكتشفوا تراثهم ويتنقلوا في بلدات وقرى جميلة في لبنان. فهدف هذه الاحتفالية هو حث اللبناني على التعرف إلى جذوره ضمن لوحات فنية معاصرة».
والمعروف أنه في عام 1982 قرر جاك لانغ وزير الثقافة الفرنسي في حينها إنشاء عيد الموسيقى الذي تحّول بعدها إلى مهرجان عالمي. وتحتفل فرنسا هذه السنة بالعيد الأربعين لتأسيس هذا الحدث، وبالنسخة الثانية والعشرين منه في لبنان.
وينظم المركز الفرنسي في لبنان هذا الحدث الثقافي مكرّماً التراث اللبناني بكل أطيافه بدعم من وزارة الثقافة، وبالتعاون مع العديد من الشركاء. وينشر المركز الثقافي الفرنسي برنامج الاحتفالات كاملاً عبر موقعه الإلكتروني (Institutfrancais - liban.com).
ومن البلدات التي ستشهد الاحتفالات بعيد الموسيقى النبطية حيث تقام ورش عمل خاصة بالأطفال، تليها لوحات فنية لفرقة كشاف كفرمان ولبنان عون وربيع لحيب ومحمد طقش في 17 الشهر الحالي.