مؤسسة إغاثية دولية تضطر إلى نقل المساعدات الغذائية عبر الحمير

في ظل انعدام الوقود واستحواذ الحوثيين على 70% من المشتقات النفطية

مؤسسة إغاثية دولية تضطر إلى نقل المساعدات الغذائية عبر الحمير
TT

مؤسسة إغاثية دولية تضطر إلى نقل المساعدات الغذائية عبر الحمير

مؤسسة إغاثية دولية تضطر إلى نقل المساعدات الغذائية عبر الحمير

قال أنس الحماطي ممثل مؤسسة وقف الواقفين العالمية في اليمن (Gift of the givers foundation) في حديث لـ«الشرق الأوسط» إن "أكثر من 300 ألف شخص نزحوا من منازلهم إلى مناطق جديدة، مع اندلاع الصراع الحالي، وبخاصة إلى الأرياف النائية والمناطق الجبلية الوعرة بعيداً عن المدن ومناطق النزاع المسلح".
وأضاف مدير مكتب اليمن التابع لـ"مؤسسة مساعدات المانحين العالمية"، ومقرها الرئيس في جنوب أفريقيا، أن المؤسسة "استطاعت، رغم صعوبة الأوضاع وانعدام الوقود ووسائل النقل، من إيصال مساعدات إنسانية إلى 300 أسرة من النازحين في محافظة حجة على الحدود مع المملكة العربية السعودية، والذين نزحوا من مناطق مختلفة كـ: ميدي، الملاحيظ، حرض، عبس، وغيرها من المناطق الحدودية".
وتعاني المنظمات الحقوقية والدولية صعوبة بالغة في أداء عملها الإغاثي في اليمن، في ظل انعدام الوقود والمشتقات النفطية وانقطاع الطرق، وانقطاع التيار الكهربائي، وفي ظل تواتر أنباء ومعلومات تفيد باستحواذ ميليشيات الحوثيين والقوات الموالية للرئيس المخلوع علي عبد الله صالح على كميات كبيرة من الوقود لصالحها ضمن ما يعرف بـ"المجهود الحربي".
وكان وزير النقل اليمني قد قال، في تصريحات صحفية سابقة، إن الانقلابيين الحوثيين استحوذوا على ما يقارب 70% من المشتقات النفطية التي دخلت إلى اليمن أثناء الهدنة الإنسانية لخمسة أيام التي أعلنت عنها المملكة العربية السعودية.
وقال أنس الحماطي إن المؤسسة اضطرت، في أحيان كثيرة، في سبيل إيصال المساعدات بصورة عاجلة إلى النازحين، إلى نقل المساعدات بطرق بدائية عن طريق استخدام الحمير. ومن جملة ذلك "إيصال مساعدات غذائية عبارة عن عدد 250 سلة غذائية عاجلة إلى محافظة عدن المنكوبة، و200 سلة غذائية إلى محافظة تعز، فضلاً عن 500 سلة غذائية في أمانة العاصمة، و280 سلة غذائية في محافظة الحديدة، إضافة إلى توفير كافة المواد الغذائية والمنظفات اللازمة لمراكز الخدمات الاجتماعية في محافظة الحديدة لمدة ثلاثة أشهر إضافية، وهي "إصلاحية السجن المركزي في محافظة الحديدة، دار رعاية الايتام، دار رعاية الأحداث،".
وأشار الحماطي إلى نفاد مخزون المؤسسة في اليمن، معتبراً إمكانية استمرارها في تقديم المساعدات والأعمال الإغاثية شبه مستحيلة. وقال الحماطي: "لم يتبق سوى مخزون بسيط لدى المؤسسة تستطيع به مواجهة الأعباء الطارئة"، منوهاً إلى أن "الكثير من الصعوبات المتعلقة بالجانب الأمني وانعدام المشتقات النفطية، تقيد تحركات المؤسسة".
وحول الوضع الإنساني أردف الحماطي قائلاً: "مع مطلع العام الحالي، وقبل بدء عمليات عاصفة الحزم، كان عدد النازحين الداخليين بسبب المعارك في صعدة وعمران بسبب المعارك المتواترة بين الدولة والحوثيين والنازحين من محافظة أبين جراء القتال ضد تنظيم القاعدة، أكثر من 250 ألفاً".
وأضاف الحماطي: "مع اندلاع الصراع الأخير في عدة محافظات أخرى " عدن، الضالع، أبين، شبوه، تعز، مأرب، حجة، صعده وصنعاء" نزح أكثر من 300 ألف شخص إضافي يعيش أغلبهم في ظروف إنسانية صعبة للغاية، كما شكل ذلك عبئا كبيرا على الكثير من الأسر المضيفة". منوهاً بأن الكثير من المستشفيات والمراكز الطبية تعاني من أزمة حقيقية في جميع المستلزمات الطبية وعدم توفر الكهرباء والماء، وهو ما أثر على خدماتها المقدمة للجمهور؛ فعلى سبيل المثال توفي أكثر من 15 شخصا في مركز الفشل الكلوي في محافظة الحديدة بسبب عدم توفر الماء والكهرباء ونفاد المشتقات النفطية، فميسورو الحال استطاعوا السفر إلى محافظة صنعاء لاستكمال جلسات غسل الكلى أما البقية فينتظرون مصيرهم المجهول".
وأشاد ممثل المؤسسة الدولية بالهدنة الإنسانية التي أعلنتها والتزمت به المملكة العربية السعودية وانتهكتها ميليشيات الحوثي وحلفاؤهم من القوات الموالية للرئيس المخلوع، داعياً "جميع المعنيين إلى التعامل مع الوضع الإنساني بمسؤولية ووضع حلول استثنائية عاجله لفك الحصار لاستقبال المساعدات الإنسانية وتوفير المشتقات النفطية".
يأتي ذلك على الرغم من تدفق المواد الأساسية والإغاثية إلى اليمن وفي ظل استحواذ الانقلابيين على كميات كبيرة مما يصل إلى اليمن من مساعدات ومواد إغاثية. وكانت اللجنة العليا للإغاثة قد أعلنت أمس، أنها منحت تصاريح لـ 93 سفينة و 69 ناقلة و21 طائرة تحمل مواد غذائية وأدوية ومشتقات نفطية وعالقين يمنيين، للدخول إلى المطارات والموانئ والمنافذ البرية اليمنية.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.