زعيم «جبهة النصرة» يحاول طمأنة الغرب: لن نستخدم الشام قاعدة انطلاق لمهاجمتكم

مقابلة تلفزيونية نادرة للجولاني يؤكد فيها أن معركة سوريا ستحسم في دمشق

زعيم «جبهة النصرة» يحاول طمأنة الغرب: لن نستخدم الشام قاعدة انطلاق لمهاجمتكم
TT

زعيم «جبهة النصرة» يحاول طمأنة الغرب: لن نستخدم الشام قاعدة انطلاق لمهاجمتكم

زعيم «جبهة النصرة» يحاول طمأنة الغرب: لن نستخدم الشام قاعدة انطلاق لمهاجمتكم

أعلن أبو محمد الجولاني، زعيم «جبهة النصرة» وهي فرع تنظيم القاعدة في سوريا، أمس، أن «حسم المعركة في سوريا يكون في دمشق وليس في القرداحة»، مشددًا على أن «حربنا ليست حربًا ثأرية رغم أن العلوية تحسب طائفة خارجة عن دين الإسلام». وأضاف الجولاني: «نحن نقاتل من يقاتلنا. العلويون أدركوا الآن أن هذا النظام غير قادر على حمايتهم». وإذ قال رأى إن «سقوط نظام الأسد أصبح قريبًا»، دعا في الوقت نفسه إلى «عدم الإفراط في التفاؤل».
وقال الجولاني في لقاء تلفزيوني نادر بثته قناة «الجزيرة»، مساء أمس، إن «الجبهة» التي يتزعمها، «هي رأس حربة وليست عنصرًا هامشيًا» في القتال في سوريا، لافتًا إلى أنه «لا يمكن لأحد إقصاؤها من الساحة».
ويذكر أن هذا الظهور الإعلامي هو الثاني لزعيم «جبهة النصرة»، بعد أن كان ظهوره الأول على «الجزيرة» أيضًا. وعلى غرار الظهور الأول، لم يظهر وجه الجولاني أمام الكاميرا، معتبرًا أن كثيرين يعرفون شكله، لكنه قال إن الوقت لم يحن بعد للظهور على الإعلام. وأعلنت قناة «الجزيرة» أن اللقاء تم داخل سوريا، من دون إعطاء المزيد من التفاصيل حول كيفية إجراء المقابلة. ومن المرتقب بث الحلقة الثانية من المقابلة الأسبوع المقبل.
وحاول الجولاني طمأنة الدول الغربية التي تضع «جبهته» على لائحة الإرهاب، قائلاً إن «(جبهة النصرة) مهمتها في الشام هي إسقاط النظام وحلفائه مثل حزب الله»، معلنًا: «إننا لن نستخدم الشام كقاعدة انطلاق لمهاجمة أوروبا وأميركا بناء على توجيهات زعيم تنظيم القاعدة أيمن الظواهري»، معتبرًا أن «أميركا تساند نظام الأسد وتقصف (جبهة النصرة) التي تدافع عن المسلمين».
وهاجم زعيم «جبهة النصرة» التحالف الدولي الذي ادعى، بحسب الجولاني، أنه قَدِم لنصرة السوريين، مكذبًا الأنباء التي تحدثت عن وجود جماعة اسمها جماعة «خراسان».
ورأى الجولاني أن «زوال (الرئيس السوري) بشار الأسد يعني زوال حزب الله الذي لديه خصوم كثر في لبنان»، لافتًا إلى أن الحزب دخل حربًا خاسرة، لكن لا بد منها. وأشار إلى أن «حزب الله يريد أن يخيف اللبنانيين من الخطر»، موضحًا أن «الخطر قادم على حزب الله وليس على اللبنانيين».
وتطرق الجولاني إلى قضية الأقليات في سوريا، مشيرًا إلى أن «جيش الفتح» ركز في معاركه بالشمال السوري على المناطق الحساسة التي تربط مدنًا ذات غالبية سنية بمدن ذات غالبية سكان من الطائفة العلوية، موضحًا أن «المجاهدين على بعد 30 كيلومترًا من مدينة القرداحة معقل النصيرية».
وقال إن «العلويين ارتكبوا مجازر كبيرة بحق أهل السنة»، لافتًا إلى أن «النظام يعتمد في مادته الأولى على العنصر العلوي»، موضحًا أن «هؤلاء تسببوا في قتل ما يقارب المليون من أهل السنة في الشام، وبالتالي أصبح بينهم وبين السنة ثارات». وأضاف: «إذا قرر العلويون البراءة من بشار الأسد وعادوا إلى صدر الإسلام، ننسى كل الثارات السابقة»، قائلاً: «كل الجنود الذين فروا من النظام وسلموا أنفسهم إلينا أطلقنا سراحهم». وتابع: «سنتولى عملية العلويين والدفاع عنهم إذا تابوا عن الشرك وعادوا إلى الإسلام». كما وعد بأنه سيُعيد «من سلّم نفسه قبل القدرة عليه» من عناصر النظام الذين تم أسرهم في معركة «جسر الشغور» إلى عائلاتهم.



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم