مهرجان تريبيكا يشهد دورة جديدة ناجحة

أسسه روبرت دَنيرو رداً على كارثة نيويورك

جنيفر لوبيز في «هافتايم»
جنيفر لوبيز في «هافتايم»
TT

مهرجان تريبيكا يشهد دورة جديدة ناجحة

جنيفر لوبيز في «هافتايم»
جنيفر لوبيز في «هافتايم»

تحتوي مدينة نيويورك على 91 مهرجاناً صغيراً وكبيراً ومتوسطاً تمتد في كل شهر من السنة. الأكبر حجماً ثلاثة هي مهرجان نيويورك الذي تأسس سنة 1963 ويُقام في خريف كل سنة، ومهرجان «مخرجون جدد/ أفلام جديدة»، الذي تأسست دورته الأولى سنة 1972 ويُقام في الشهر الثالث من كل عام، ثم «تريبيكا» الذي انطلق سنة 2002 ويقام في ربيع كل سنة - عادة قبل مهرجان «كان»، لكنه مقام حالياً بعده والمرجّح الحفاظ على موعده الجديد.
من يمنّي النفس بإقامة مهرجان عالمي عليه أن يحضر أحد هذه المهرجانات ثم يدلف منها إلى فينيسيا أو برلين. هذا لأن هناك إدارة صارمة وأذهان متوقدة وشغل دائم طوال العام تحسّباً للمنافسة القائمة بين كل واحد من هذه المهرجانات. صحيح أن مهرجان «مخرجون جدد/ أفلام جديدة» يعرض لمخرجين أول مرّة (وأحياناً ثاني مرّة)، إلا أن المهرجانين الآخرين المنافسين في المدينة ذاتها لا يمانعان في استقبال أفلام لمخرجين جدد أيضاً.
حين التأسيس، صرّح روبرت دنيرو أن الغاية من إقامته هو الرد على الكارثة التي أصابت مدينة نيويورك سنة 2001. وهو بالفعل عمل بكل قوّته وشهرة اسمه ليؤمّن انطلاقة كبرى لمهرجانه وكانت ردّة الفعل رائعة. بعد عام واحد من انطلاقته بلغ عدد التذاكر المبيعة قرابة 300 ألف تذكرة. حالياً يؤم المهرجان ما بين 140 ألف و200 ألف مشاهد (بمن فيهم المشتركون في عروض منزلية).
انطلق المهرجان في الثامن من هذا الشهر وينتهي في التاسع عشر منه، لكن العروض المنزلية بدأت في التاسع من الشهر، تستمر حتى السادس والعشرين منه.
- تميّز
الحضور الكثيف هو جانب واحد من جوانب هذا النجاح. أرقام هذا العام المعلنة من قِبل المهرجان تُفيد بأن عدد الأفلام المعروضة يبلغ 110 أفلام لـ151 مخرجاً (على أساس أن بعضها من إخراج مزدوج) من بينها 88 فيلماً من العروض العالمية الأولى.
تقول مديرة برمجة المهرجان كارا كوسومانو لـ«الشرق الأوسط»: «شخصياً، أنا فخورة بما أنجزناه هذا العام. هو نوع من بداية جديدة بعد عامين من المصاعب بسبب الوباء. هذه الدورة هي بالتأكيد أفضل من تلك التي سبقتها ربما على نحو لا يُقاس».
ردّاً على سؤال حو ما يميّز هذه الدورة، أجابت: «نحن فخورون بأن معظم الأفلام التي نقدّمها هنا هي من صنع سينمائيين مستقلين. لكننا فخورون أكثر لحقيقة أن ما اخترناه من أفلام يجمع كل ما يود الجمهور مشاهدته من أفلام. لدينا أفلام ترفيهية جيدة لجانب أفلام تتناول قضايا ومسائل جادّة تطرح ما يمر به العالم من تطوّرات».
بمراجعة كل ذلك على صفحات الكاتالوغ الخاص يتبيّن أن المهرجان توجه للحصول على عدد كبير من الأفلام التي ترضي جماعات الحقوق النسائية والمثلية. هناك 64 في المائة من الأفلام المعروضة من إخراج نسائي أو تدور حول علاقات عاطفية معيّنة. السؤال، الذي لم نلق إجابة عليه، هو إذا ما كان ذلك يخل بتوازن منشود أو إذا ما كان مجرد وجود امرأة وراء الكاميرا يعني «كارت بلانش» للاشتراك في هذا المهرجان.

مشهد من «مكان ما في كوينز»

- متاعب رجالية
الأفلام ذاتها لا تعرف إلا التصنيف القائم على الجودة. وفي هذا المضمار لا فرق بين من يقف وراء الكاميرا بل ما يجول في باله.
أحد الأفلام الأولى التي شوهدت هنا هو «كبرياء جوزيف تشامبرز» (The Integrity of Joseph Chambers)، وهو الفيلم الثاني لمخرجه روبرت ماتشويان: دراما حول موقع الرجل من عائلته عندما يحاول الذود عنها بسبب خطأ قام به وعليه أن يتحمّل تبعاته. ما يمتلك دواخل بطل الفيلم (كلاين كروفورد) هو البرهنة على أنه ما زال قادراً على إدارة مصيره بالطريقة التي يراها مناسبة حتى في زمن صعب كالذي نعيشه.
أحد الأفلام الأخرى التي تناولت الرجل ومسؤولياته العائلية «مكان ما في كوينز» (Somewhere in Queens) وهو الفيلم الأول لراي رومانو مخرجاً (في الأساس ممثل تلفزيوني نال نجاحاً عبر مسلسل «الكل يحبّ رايموند»، الذي دام نجاحه تسع سنوات ما بين 1996 و2005). الحبكة هنا تدور حول علاقة رجل بزوجته وابنه عندما يمضي بعيداً في حماسه بأمل أن يخلق من ابنه رياضياً ناجحاً.
متاعب الرجال نجدها أياً في فيلم يواكيم باك «كورنر أوفيس» حول الموظف معظم أحداثه تدور في مكتب يوحي بالأجواء الثقيلة لمكاتب الشركة التي يعمل فيها أورسن (جون هام). الإيحاء هنا هو أن مثل هذه البيئات القاهرة للنفس والمانعة للتطوّر لا تزيد فقط من نسبة الموظفين الفاسدين بل أيضاً تحرم غير الفاسدين منهم من التقدّم وتحقيق ما يصبون إليه من نجاح.
فيلم كافكاوي كان يمكن له أن ينجز ما يريد طرحه من مضمون لو تم الاعتناء أكثر بشخصية بطله الذي، من بين سلبيات الفيلم، يقوم بالتعليق الصوتي لما كان يجب أن نراه ماثلاً.
لجانب هذه هناك بضعة أفلام غير روائية تدور حول شخصيات واقعية محددة. مثلاً هناك Lynch‪-‬Oz لألكسندر فيليبو الذي يبحث في تأثير فيلم «The Wizard of Oz» على المخرج المستقل ديفيد لينش.‬
في Rudy‪!‬ A Documusical يقوم المخرج جد روثشتاين بتقديم «بورتريه» مزوّد باستعراضات موسيقية لمحافظ مدينة نيويورك رودي جيلياني. لا ينوي الفيلم البحث عن نقاظ إيجابية في حياة جيلياني، بل صيد شخصيّته.‬
المعاملة الإيجابية من نصيب فيلم Halftime: تسجيلي جديد يدور حول الممثلة جنيفر لوبيز وشخصياتها ومهنتها. الفيلم من إخراج أماندا ميشالي، التي تطرح كذلك حب لوبييز لرياضة القدم في الوقت الذي تنصرف فيه إلى أعمالها ومشاريعها الفنية إنتاجاً وتمثيلاً.


مقالات ذات صلة

بطلة «سنو وايت»: الفيلم يُنصف قِصار القامة ويواجه التنمر

يوميات الشرق مريم شريف في لقطة من فيلم «سنو وايت» (الشركة المنتجة)

بطلة «سنو وايت»: الفيلم يُنصف قِصار القامة ويواجه التنمر

رغم وقوفها أمام عدسات السينما ممثلة للمرة الأولى؛ فإن المصرية مريم شريف تفوّقت على ممثلات محترفات شاركن في مسابقة الأفلام الطويلة بـ«مهرجان البحر الأحمر».

انتصار دردير (القاهرة )
يوميات الشرق وجوه من فيلم «السادسة صباحاً» (غيتي)

من طهران إلى كابل... حكايات نساء يتحدّيْن الظلم في «البحر الأحمر»

«السادسة صباحاً» و«أغنية سيما» أكثر من مجرّد فيلمين تنافسيَّيْن؛ هما دعوة إلى التأمُّل في الكفاح المستمرّ للنساء من أجل الحرّية والمساواة.

أسماء الغابري (جدة)
يوميات الشرق جوني ديب لفت الأنظار بحضوره في المهرجان (تصوير: بشير صالح)

اختتام «البحر الأحمر السينمائي» بحفل استثنائي

بحفل استثنائي في قلب جدة التاريخية ، اختم مهرجان «البحر الأحمر السينمائي الدولي» فعاليات دورته الرابعة، حيث أُعلن عن الفائزين بجوائز «اليُسر». وشهد الحفل تكريمَ

أسماء الغابري (جدة)
يوميات الشرق ياسمين عبد العزيز في كواليس أحدث أفلامها «زوجة رجل مش مهم» (إنستغرام)

«زوجة رجل مش مهم» يُعيد ياسمين عبد العزيز إلى السينما

تعود الفنانة المصرية ياسمين عبد العزيز للسينما بعد غياب 6 سنوات عبر الفيلم الكوميدي «زوجة رجل مش مهم».

داليا ماهر (القاهرة )
يوميات الشرق رئيسة «مؤسّسة البحر الأحمر السينمائي» جمانا الراشد فخورة بما يتحقّق (غيتي)

ختام استثنائي لـ«البحر الأحمر»... وفيولا ديفيس وبريانكا شوبرا مُكرَّمتان

يتطلّع مهرجان «البحر الأحمر السينمائي» لمواصلة رحلته في دعم الأصوات الإبداعية وإبراز المملكة وجهةً سينمائيةً عالميةً. بهذا الإصرار، ختم فعالياته.

أسماء الغابري (جدة)

هوليوود ترغب في صحافيين أقل بالمهرجانات

جوني دَب خلال تصوير فيلمه الجديد (مودي بيكتشرز)
جوني دَب خلال تصوير فيلمه الجديد (مودي بيكتشرز)
TT

هوليوود ترغب في صحافيين أقل بالمهرجانات

جوني دَب خلال تصوير فيلمه الجديد (مودي بيكتشرز)
جوني دَب خلال تصوير فيلمه الجديد (مودي بيكتشرز)

عاش نقادُ وصحافيو السينما المنتمون «لجمعية هوليوود للصحافة الأجنبية» (كنت من بينهم لقرابة 20 سنة) نعمة دامت لأكثر من 40 عاماً، منذ تأسيسها تحديداً في السنوات الممتدة من التسعينات وحتى بُعيد منتصف العشرية الثانية من العقد الحالي؛ خلال هذه الفترة تمتع المنتمون إليها بمزايا لم تتوفّر لأي جمعية أو مؤسسة صحافية أخرى.

لقاءات صحافية مع الممثلين والمنتجين والمخرجين طوال العام (بمعدل 3-4 مقابلات في الأسبوع).

هذه المقابلات كانت تتم بسهولة يُحسد عليها الأعضاء: شركات التوزيع والإنتاج تدعو المنتسبين إلى القيام بها. ما على الأعضاء الراغبين سوى الموافقة وتسجيل حضورهم إلكترونياً.

هذا إلى جانب دعوات لحضور تصوير الأفلام الكبيرة التي كانت متاحة أيضاً، كذلك حضور الجمعية الحفلات في أفضل وأغلى الفنادق، وحضور عروض الأفلام التي بدورها كانت توازي عدد اللقاءات.

عبر خطّة وُضعت ونُفّذت بنجاح، أُغلقت هذه الفوائد الجمّة وحُوّلت الجائزة السنوية التي كانت الجمعية تمنحها باسم «غولدن غلوبز» لمؤسسة تجارية لها مصالح مختلفة. اليوم لا تمثّل «جمعية هوليوود للصحافة الأجنبية» إلّا قدراً محدوداً من نشاطاتها السابقة بعدما فُكّكت وخلعت أضراسها.

نيكول كيدمان في لقطة من «بايبي غيرل» (24A)

مفاجأة هوليوودية

ما حدث للجمعية يبدو اليوم تمهيداً لقطع العلاقة الفعلية بين السينمائيين والإعلام على نحو شائع. بعضنا نجا من حالة اللامبالاة لتوفير المقابلات بسبب معرفة سابقة ووطيدة مع المؤسسات الإعلامية المكلّفة بإدارة هذه المقابلات، لكن معظم الآخرين باتوا يشهدون تقليداً جديداً انطلق من مهرجان «ڤينيسيا» العام الحالي وامتد ليشمل مهرجانات أخرى.

فخلال إقامة مهرجان «ڤينيسيا» في الشهر التاسع من العام الحالي، فُوجئ عدد كبير من الصحافيين برفض مَنحِهم المقابلات التي اعتادوا القيام بها في رحاب هذه المناسبة. أُبلغوا باللجوء إلى المؤتمرات الصحافية الرّسمية علماً بأن هذه لا تمنح الصحافيين أي ميزة شخصية ولا تمنح الصحافي ميزة مهنية ما. هذا ما ترك الصحافيين في حالة غضب وإحباط.

تبلور هذا الموقف عندما حضرت أنجلينا جولي المهرجان الإيطالي تبعاً لعرض أحد فيلمين جديدين لها العام الحالي، هو «ماريا» والآخر هو («Without Blood» الذي أخرجته وأنتجته وشهد عرضه الأول في مهرجان «تورونتو» هذه السنة). غالبية طلبات الصحافة لمقابلاتها رُفضت بالمطلق ومن دون الكشف عن سبب حقيقي واحد (قيل لبعضهم إن الممثلة ممتنعة لكن لاحقاً تبيّن أن ذلك ليس صحيحاً).

دانيال غريغ في «كوير» (24A)

الأمر نفسه حدث مع دانيال كريغ الذي طار من مهرجان لآخر هذا العام دعماً لفيلمه الجديد «Queer». بدءاً بـ«ڤينيسيا»، حيث أقيم العرض العالمي الأول لهذا الفيلم. وجد الراغبون في مقابلة كريغ الباب موصداً أمامهم من دون سبب مقبول. كما تكرر الوضع نفسه عند عرض فيلم «Babygirl» من بطولة نيكول كيدمان حيث اضطر معظم الصحافيين للاكتفاء بنقل ما صرّحت به في الندوة التي أقيمت لها.

لكن الحقيقة في هذه المسألة هي أن شركات الإنتاج والتوزيع هي التي طلبت من مندوبيها المسؤولين عن تنظيم العلاقة مع الإعلاميين ورفض منح غالبية الصحافيين أي مقابلات مع نجوم أفلامهم في موقف غير واضح بعد، ولو أن مسألة تحديد النفقات قد تكون أحد الأسباب.

نتيجة ذلك وجّه نحو 50 صحافياً رسالة احتجاج لمدير مهرجان «ڤينيسيا» ألبرتو باربيرا الذي أصدر بياناً قال فيه إنه على اتصال مع شركات هوليوود لحلّ هذه الأزمة. وكذلك كانت ردّة فعل عدد آخر من مديري المهرجانات الأوروبية الذين يَرون أن حصول الصحافيين على المقابلات حقٌ مكتسب وضروري للمهرجان نفسه.

لا تمثّل «جمعية هوليوود للصحافة الأجنبية» إلّا قدراً محدوداً من نشاطاتها السابقة

امتعاض

ما بدأ في «ڤينيسيا» تكرّر، بعد نحو شهر، في مهرجان «سان سيباستيان» عندما حضر الممثل جوني دَب المهرجان الإسباني لترويج فيلمه الجديد (Modi‪:‬ Three Days on the Wings of Madness) «مودي: ثلاثة أيام على جناح الجنون»، حيث حُدّد عدد الصحافيين الذين يستطيعون إجراء مقابلات منفردة، كما قُلّصت مدّة المقابلة بحدود 10 دقائق كحد أقصى هي بالكاد تكفي للخروج بحديث يستحق النشر.

نتيجة القرار هذه دفعت عدداً من الصحافيين للخروج من قاعة المؤتمرات الصحافية حال دخول جوني دَب في رسالة واضحة للشركة المنتجة. بعض الأنباء التي وردت من هناك أن الممثل تساءل ممتعضاً عن السبب في وقت هو في حاجة ماسة لترويج فيلمه الذي أخرجه.

مديرو المهرجانات يَنفون مسؤولياتهم عن هذا الوضع ويتواصلون حالياً مع هوليوود لحل المسألة. الاختبار المقبل هو مهرجان «برلين» الذي سيُقام في الشهر الثاني من 2025.

المديرة الجديدة للمهرجان، تريشيا تاتل تؤيد الصحافيين في موقفهم. تقول في اتصال مع مجلة «سكرين» البريطانية: «الصحافيون مهمّون جداً لمهرجان برلين. هم عادة شغوفو سينما يغطون عدداً كبيراً من الأفلام».

يحدث كل ذلك في وقت تعرّضت فيه الصحافة الورقية شرقاً وغرباً، التي كانت المساحة المفضّلة للنشاطات الثقافية كافة، إلى حالة غريبة مفادها كثرة المواقع الإلكترونية وقلّة عدد تلك ذات الاهتمامات الثقافية ومن يعمل على تغطيتها. في السابق، على سبيل المثال، كان الصحافيون السّاعون لإجراء المقابلات أقل عدداً من صحافيي المواقع السريعة الحاليين الذين يجرون وراء المقابلات نفسها في مواقع أغلبها ليس ذا قيمة.

الحل المناسب، كما يرى بعض مسؤولي هوليوود اليوم، هو في تحديد عدد الصحافيين المشتركين في المهرجانات. أمر لن ترضى به تلك المهرجانات لاعتمادها عليهم لترويج نشاطاتها المختلفة.