لم يتبقَّ إلّا أكوام من المعدن الملتوي والخرسانة التالفة من مصنع آزوفستال للصلب في ماريوبول، الذي احتلته القوات الروسية في منتصف مايو (أيار) بعدما أصبح رمزاً للمقاومة الأوكرانية في هذه المدينة الساحلية المدمَّرة.
ويُجري الجنود الروس والانفصاليون دوريات في ما بقي من آزوفستال، وعلى أذرعهم شارات بيضاء. لم يعد مصنع الصلب السابق الذي كان يوظّف أكثر من 12 ألف شخص قبل الحرب، إلّا حقل خراب لم يُطهَّر تماماً بعد، وفقاً لوكالة الصحافة الفرنسية.
وتُدوّي أصوات انفجارات بشكل منتظم. ويحرس المهندسون الروس الموقع، فيما تفحّ رائحة نتنة، قد تكون رائحة جثث متحللة، حول بعض المباني.
وتمكّنت وكالة الصحافة الفرنسية من زيارة مصنع آزوفستال للمرة الأولى مع صحافيين آخرين، في إطار زيارة نظّمتها وزارة الدفاع الروسية.
ومن أهم الحواجز التي تعترض زائري آزوفستال متاهة الأنفاق التي بُنيت على عدة مستويات وعلى مسافة كيلومترات في الحقبة السوفياتية، والتي سهّلت للمدافعين الأوكرانيين عن آزوفستال -بعضهم أعضاء في كتيبة آزوف أو جنود مشاة البحرية- الصمود أمام الحصار الروسي لعدة أسابيع.
وكان مقاتلو كتيبة آزوف يعيشون في المساكن التي كانت القوات الروسية تُجري الجولة للصحافيين فيها. وتتهم روسيا كتيبة آزوف بأنها من النازيين الجدد مما يشكّل جزءاً مهماً من السردية الروسية لعمليتها العسكرية في أوكرانيا.
ولا تزال بعض الكتابات على الجدران موجودة، بما فيها رسم يشبه «الشمس السوداء» التي تعدّ رمزاً للنازية والنازية الجديدة واليمين المتطرّف وكانت جزءاً من شعار كتيبة آزوف بين 2014 و2015، وتُحيي بعض الملصقات «أبطالاً» من كتيبة آزوف ربما سقطوا في القتال. وعلى طاولة في عيادة ميدانية، مخزون من الأدوية وضمادات.
قاوم مصنع آزوفستال الذي اختبأ فيه آخر المدافعين الأوكرانيين عن ماريوبول حتى منتصف مايو، بعد أكثر من شهر على بداية الغزو الروسي لأوكرانيا، في وقت كانت قد سقطت الأجزاء الباقية من المدينة بعد التدمير الكبير الذي أصابها. وأصبح أكثر من ألفي مقاتل أوكراني أسرى، حسب موسكو.
ويقول رسلان (34 عاماً) الذي يعتمد اسم «ذئب» الحركي إن «الطيران لعب دوراً كبيراً. أعتقد أن هذا هو سبب استسلامهم».
ورسلان متحدّر من منطقة ترانسدنيستريا الانفصالية الموالية لروسيا في مولدوفا، ويقاتل منذ 2014 وشارك في معارك للاستيلاء على ماريوبول.
كانوا «مدرّبين وكانوا يشعرون بأنهم بحالة جيدة هنا. كان الأمر صعباً بالنسبة إلينا لأن الأرض كانت غير معروفة لنا، وهم كانوا متحكمين بكل شيء. في كل غرفة، كانت هناك مخابئ للأسلحة وللذخيرة»، حسب رسلان.
من جهته يقول أندري (43 عاماً) المتحدّر من منطقة دونيتسك في شرق أوكرانيا إن «الناس في آزوف كان 70 في المائة منهم من ماريوبول، أي محليين»، ما يناقض الخطاب الروسي القائل إن غالبية المقاتلين «القوميين» أتوا من مناطق أخرى.
عدة شوارع مقفرة، لكن تتجمّع مجموعات من عشرات الأشخاص في بعض الأماكن لا سيما حيث يمكن الحصول على الإمدادات بينما لا يزال السكان يشعرون بنقص الكهرباء وبإمدادات منتظمة من المياه، حسب سكان من ماريوبول تحدثت معهم وكالة الصحافة الفرنسية.
معادن ملتوية وخرسانة تالفة... آخر ما تبقّى من مصنع آزوفستال في ماريوبول
معادن ملتوية وخرسانة تالفة... آخر ما تبقّى من مصنع آزوفستال في ماريوبول
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة