الأمم المتحدة لـ(«الشرق الأوسط»): نبحث مع قوات التحالف إقامة منطقة آمنة

المبعوث الدولي يكثف مشاوراته لتحديد موعد جديد لمؤتمر جنيف

ممثل اليونيسيف في اليمن بعد تقديم مساعدات من الأدوية في صنعاء أمس (رويترز)
ممثل اليونيسيف في اليمن بعد تقديم مساعدات من الأدوية في صنعاء أمس (رويترز)
TT

الأمم المتحدة لـ(«الشرق الأوسط»): نبحث مع قوات التحالف إقامة منطقة آمنة

ممثل اليونيسيف في اليمن بعد تقديم مساعدات من الأدوية في صنعاء أمس (رويترز)
ممثل اليونيسيف في اليمن بعد تقديم مساعدات من الأدوية في صنعاء أمس (رويترز)

لا تزال المنظمات الإنسانية التابعة الأمم المتحدة تعاني من صعوبات في إيصال المساعدات الطبية والغذائية إلى الداخل اليمني؛ نظرًا لإقامة ميليشيات الحوثي حواجز لمنع وصول تلك المساعدات إلى مستحقيها.
وكشف لـ«الشرق الأوسط» الدكتور إبراهيم الزيق؛ ممثل منظمة اليونيسيف في مجلس التعاون لدول الخليج العربية التابعة للأمم المتحدة عن بدء المنظمة تنفيذ اتفاقية التعاون المشتركة التي أبرمتها - أخيرًا - مع مركز الملك سلمان للأعمال الإغاثية والإنسانية بخصوص إجلاء الرعايا اليمنيين في الخارج.
وذكر الزيق أن اتفاقية التعاون المشتركة ستعمل على تقديم المساعدات الطبية والإنسانية للاجئين اليمنيين في جيبوتي، إضافة إلى إعادة تأهيل المستشفيات، والتركيز على خدمات الأمومة والرعاية الأسرية، على أن ينفذ المشروع خلال ستة أشهر.
ولفت الزيق إلى أن منظمات الأمم المتحدة بدأت فورًا بالعمل على تقديم المساعدات اليمنية بشكل عاجل، مبينًا أن جهود الأمم المتحدة تتركز في الوقت الراهن على تقديم المساعدات الإغاثية في اليمن، كما أن الاحتياجات الإنسانية في الإقليم العربي تزداد، نظرًا لما تشهده من اضطرابات. وحول تأمين معابر آمنة لإدخال المساعدات الإنسانية، قال الزيق، إن البحث لا يزال جاريا مع قوات التحالف بهذا الخصوص، وإن ذلك يرجع إلى القيادات السياسية، كما أن الخلية الإغاثية تعمل على دخول الطائرات والسفن الإغاثية التي تحمل المساعدات الطبية.
وتطرق الزيق إلى شق الداخل اليمني، قائلاً: «إن المنظمات التابعة للأمم المتحدة تواجه صعوبات بالغة في توصيل المساعدات، إضافة إلى أن الميليشيات الحوثية إقامة حواجز لمنع وصول تلك المساعدات الطبية إلى المستفيدين».
وأشار ممثل الأمم المتحدة إلى أن لدى منظمة اليونيسيف ما يقارب 75 موظفا يمنيا يعملون بالدخل، ويقومون بتوصيل المساعدات إلى المستفيدين، كما أن هناك تعاقدات تجريها المنظمة مع بعض الشركات لتوصيل تلك المساعدات الغذائية والطبية والصحية.
من جانبه، تطرق ممثل الأمم المتحدة إلى العالقين اليمنيين، إذ قال الدكتور إبراهيم الزيق، إن هناك بعض اليمنيين عالقون في مصر والهند، ومركز الملك سلمان للأعمال الإغاثية والإنسانية يعمل على تحويل المبالغ اللازمة للعالقين، وتحسين معاشاتهم وأوضاعهم المالية، لافتًا أن للأمم المتحدة جهود في استقبال النازحين من جنسيات مختلفة عبر منفذ الطوال الحدودي بين السعودية واليمن، كما أنها تؤمن إيصالهم إلى بلدانهم.
وفي وقت لاحق أمس، قال مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية إنه أعاد بالتنسيق مع خلية الإجلاء والعمليات الإنسانية بوزارة الدفاع، خلال الأيام الثلاثة الماضية نحو 2787 من أبناء اليمن العالقين في مصر والهند إلى بلادهم.
وأوضح رأفت الصباغ المتحدث الرسمي للمركز في بيان صحافي له، أن عملية إعادة اليمنيين العالقين في مصر والهند تمت عبر مطار بيشة بواسطة طيران الخطوط الجوية اليمنية ووصلوا إلى مطاري صنعاء وسيئون في اليمن، مؤكدًا أن ذلك يأتي ضمن مهام المركز الإنسانية، موضحًا أن عملية الإجلاء تلك يصل العدد الإجمالي للذين جرى إجلاؤهم حتى حينه إلى 4505 أشخاص.
من جهة أخرى, نفى ستيفان دوجاريك، المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة، تأجيل مشاورات جنيف بشكل نهائي، مشيرا إلى مشاورات يجريها مبعوث الأمين العام لليمن إسماعيل ولد الشيخ أحمد في سلطنة عمان وفي الدول الخليجية وفي أوروبا خلال الأيام المقبلة لدفع الأطراف اليمنية للحضور إلى طاولة المفاوضات ووضع مصلحة الشعب اليمني في المقدمة.
وقال دوجاريك: «نعمل بنشاط لعقد محادثات في أقرب وقت ممكن وجلب الأطراف اليمنية إلى طاولة الحوار دون شروط مسبقة»، مشيرا إلى أن جمع أطراف الأزمة ليس بالأمر السهل. وأضاف: «الهدف الرئيسي لدينا هو جلب الأطراف اليمنية حول الطاولة ووقف القتال».
وأوضح دوجاريك أن دولا (لم يسمها) والحكومة اليمنية طلبت من الأمين العام تأجيل مشاورات جنيف، وأشار إلى سعي الأمم المتحدة لتحقيق هدنة إنسانية أخرى في اليمن ومحاسبة من يرتكب انتهاكات لتلك الهدنة.
وأشارت مصادر دبلوماسية بالأمم المتحدة إلى جهود مكثفة تجرى في سلطنة عمان للبحث عن حل للأزمة اليمنية وتقديم مبادرة تقوم في الأساس على تحقيق هدنة تسمح بتقديم مزيد من المساعدات الإنسانية للشعب اليمني وتوفير الضمانات لعدم انتهاك الهدنة، ثم الانتقال بعد ذلك إلى عقد مفاوضات بين الأطراف اليمنية لإنهاء الأزمة.
وقد دعا الأمين العام بان كي مون في بيان أصدره مساء أول من أمس إلى العودة إلى طاولة الحوار في أقرب وقت ممكن، وأعرب عن خيبة أمله من تأخر مبادرة المشاورات، وكرر دعوته لكل الأطراف اليمنية للانخراط في المشاورات (التي ترعاها الأمم المتحدة) بحسن نية ودون شروط مسبقة. وأكد الأمين العام للأمم المتحدة أنه طلب من مبعوثه الخاص إسماعيل ولد الشيخ أحمد تأجيل المشاورات التي كان من المفترض أن تعقد اليوم الخميس في مدينة جنيف السويسرية.
وشدد الأمين العام للأمم المتحدة على أنه أصدر تعليماته لولد الشيخ أحمد لمضاعفة الجهود للتشاور مع الحكومة اليمنية والدول المعنية بهدف التوصل إلى وقف إطلاق نار شامل واستئناف الحوار وصولا إلى الانتقال السياسي المنظم. وحث مون جميع الأطراف اليمنية على أن تضع في اعتبارها معاناة المدنيين اليمنيين، مشيرا إلى أنه لا بد من إدراك أن التأجيل والتأخير في العودة إلى العملية السياسية سيؤدي إلى تفاقم الأزمة الإنسانية.



«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
TT

«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)

ما زال حزب «الجبهة الوطنية» المصري الجديد يثير انتقادات وتساؤلات بشأن برنامجه وأهدافه وطبيعة دوره السياسي في المرحلة المقبلة، خاصة مع تأكيد مؤسسيه أنهم «لن يكونوا في معسكر الموالاة أو في جانب المعارضة».

وكان حزب «الجبهة الوطنية» مثار جدل وتساؤلات في مصر، منذ الكشف عن اجتماعات تحضيرية بشأنه منتصف الشهر الماضي، انتهت بإعلان تدشينه في 30 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وتمحورت التساؤلات حول أسباب ظهوره في هذه المرحلة، وهل سيكون بديلاً لحزب الأغلبية في البرلمان المصري (مستقبل وطن)، لا سيما أن مصر مقبلة على انتخابات برلمانية نهاية العام الجاري.

هذه التساؤلات حاول اثنان من مؤسسي الحزب الإجابة عنها في أول ظهور إعلامي مساء السبت، ضمن برنامج «الحكاية» المذاع على قناة «إم بي سي»، وقال وكيل مؤسسي حزب «الجبهة الوطنية» ووزير الإسكان المصري السابق عاصم الجزار، إن «الحزب هو بيت خبرة هدفه إثراء الفكر وإعادة بناء الوعي المصري المعاصر»، مؤكداً أن الحزب «لا يسعى للأغلبية أو المغالبة، بل يستهدف التأثير النوعي وليس الكمي».

وأضاف: «هدفنا تشكيل تحالف من الأحزاب الوطنية القائمة، إذ لن نعمل وحدنا»، معلناً استعداد الحزب الجديد، الذي لا يزال يستكمل إجراءات تأسيسه رسمياً، للتحالف مع «أحزاب الأغلبية مستقبل وطن وحماة وطن والمعارضة والمستقلين أيضاً بهدف خدمة المصلحة الوطنية»، مستطرداً: «لن نكون أداة لتمرير قرارات، بل أداة للإقناع بها».

وشدد الجزار على أن «الحزب لا ينتمي لمعسكر الموالاة أو للمعارضة»، وإنما «نعمل لمصلحة الوطن».

وهو ما أكده رئيس «الهيئة العامة للاستعلامات» بمصر وعضو الهيئة التأسيسية لحزب «الجبهة الوطنية»، ضياء رشوان، الذي قال: «سنشكر الحكومة عندما تصيب ونعارضها عندما تخطئ»، مشيراً إلى أن «مصر ليس لها حزب حاكم حتى يكون هناك حديث عن موالاة ومعارضة».

الانتقادات الموجهة للحزب ارتبطت بتساؤلات حول دوره في ظل وجود نحو 87 حزباً سياسياً، وفق «الهيئة العامة للاستعلامات»، منها 14 حزباً ممثلاً في البرلمان الحالي، يتصدرها حزب «مستقبل وطن» بأغلبية 320 مقعداً، يليه حزب «الشعب الجمهور» بـ50 مقعداً، ثم حزب «الوفد» بـ39 مقعداً، وحزب «حماة الوطن» بـ27 مقعداً، وحزب «النور» الإسلامي بـ11 مقعداً، وحزب «المؤتمر» بـ8 مقاعد.

ورداً على سؤال للإعلامي عمرو أديب، خلال برنامج «الحكاية»، بشأن ما إذا كان الحزب «طامحاً للحكم ويأتي بوصفه بديلاً لحزب الأغلبية»، قال رشوان: «أي حزب سياسي يسعى للحكم، لكن من السذاجة أن نقول إن حزباً يعمل على إجراءات تأسيسه اليوم سيحصد الأغلبية بعد 8 أو 10 أشهر»، مشيراً إلى أن «الحزب لن يعيد تجارب (الهابطين من السماء)». واستطرد: «لن نسعى للأغلبية غداً، لكن قد يكون بعد غد».

وأضاف رشوان أن «الحزب يستهدف في الأساس إعادة بناء الحياة السياسية في مصر بعد فشل تجربة نظام الحزب الواحد في مصر منذ عام 1952»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إحياء تحالف 30 يونيو (حزيران)»، لافتاً إلى أن «التفكير فيه هو ثمرة للحوار الوطني الذي أثار زخماً سياسياً».

طوال ما يزيد على ساعة ونصف الساعة حاول الجزار ورشوان الإجابة عن التساؤلات المختلفة التي أثارها إعلان تدشين الحزب، والتأكيد على أنه «ليس سُلمة للوصول إلى البرلمان أو الوزارة»، وليس «بوابة للصعود»، كما شددا على أن «حزب الجبهة يضم أطيافاً متعددة وليس مقصوراً على لون سياسي واحد، وأنه يضم بين جنباته المعارضة».

وعقد حزب «الجبهة الوطنية» نحو 8 اجتماعات تحضيرية على مدار الأسابيع الماضي، وتعمل هيئته التأسيسية، التي تضم وزراء ونواباً ومسؤولين سابقين، حالياً على جمع التوكيلات الشعبية اللازمة لإطلاقه رسمياً.

ويستهدف الحزب، بحسب إفادة رسمية «تدشين أكبر تحالف سياسي لخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة، عبر صياغة تفاهمات سياسية واسعة مع الأحزاب الموجودة»، إضافة إلى «لمّ الشمل السياسي في فترة لا تحتمل التشتت».

ومنذ إطلاق الحزب تم ربطه بـ«اتحاد القبائل والعائلات المصرية» ورئيسه رجل الأعمال إبراهيم العرجاني، حتى إن البعض قال إن «الحزب هو الأداة السياسية لاتحاد القبائل». وعزز هذه الأحاديث إعلان الهيئة التأسيسية التي ضمت رجل الأعمال عصام إبراهيم العرجاني.

وأرجع الجزار الربط بين الحزب والعرجاني إلى أن «الاجتماعات التحضيرية الأولى للحزب كانت تجري في مكتبه بمقر اتحاد القبائل؛ كونه أميناً عاماً للاتحاد»، مؤكداً أن «الحزب لا علاقة له باتحاد القبائل». وقال: «العرجاني واحد من عشرة رجال أعمال ساهموا في تمويل اللقاءات التحضيرية للحزب». وأضاف: «الحزب لا ينتمي لشخص أو لجهة بل لفكرة».

وحول انضمام عصام العرجاني للهيئة التأسيسية، قال رشوان إنه «موجود بصفته ممثلاً لسيناء، ووجوده جاء بترشيح من أهل سيناء أنفسهم».

وأكد رشوان أن «البعض قد يرى في الحزب اختراعاً لكتالوج جديد في الحياة السياسية، وهو كذلك»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إعادة بناء الحياة السياسية في مصر التي يقول الجميع إنها ليست على المستوى المأمول».

بينما قال الجزار: «نحن بيت خبرة يسعى لتقديم أفكار وحلول وكوادر للدولة، ونحتاج لكل من لديه القدرة على طرح حلول ولو جزئية لمشاكل المجتمع».

وأثارت تصريحات الجزار ورشوان ردود فعل متباينة، وسط تساؤلات مستمرة عن رؤية الحزب السياسية، التي أشار البعض إلى أنها «غير واضحة»، وهي تساؤلات يرى مراقبون أن حسمها مرتبط بالانتخابات البرلمانية المقبلة.

كما رأى آخرون أن الحزب لم يكن مستعداً بعد للظهور الإعلامي.

بينما أشار البعض إلى أن «الحزب ولد بمشاكل تتعلق بشعبية داعميه»، وأنه «لم يفلح في إقناع الناس بأنه ليس حزب موالاة».

وقال مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الدكتور عمرو الشوبكي لـ«الشرق الأوسط» إن «الحزب قدم حتى الآن كلاماً عاماً دون تصور أو رؤية واضحة للإصلاح التدريجي»، موضحاً أنه «من حيث المبدأ من حق أي جماعة تأسيس حزب جديد».

وبينما أكد الشوبكي أن ما عرضه المسؤولون عن الحزب الجديد بشأن «عدم طموحه للحكم لا يختلف عن واقع الحياة السياسية في مصر الذي يترك للدولة تشكيل الحكومة»، مطالباً «بتفعيل دور الأحزاب في الحياة السياسية»، فالمشكلة على حد تعبيره «ليست في إنشاء حزب جديد، بل في المساحة المتاحة للأحزاب».