باحثون يطورون مادتين لإنتاج مضادات حيوية تتغلب على مقاومة البكتيريا

باحثون يطورون مادتين لإنتاج مضادات حيوية تتغلب على مقاومة البكتيريا
TT

باحثون يطورون مادتين لإنتاج مضادات حيوية تتغلب على مقاومة البكتيريا

باحثون يطورون مادتين لإنتاج مضادات حيوية تتغلب على مقاومة البكتيريا

تتواصل تحذيرات العلماء منذ سنوات عديدة من خطر مقاومة مسببات الأمراض للمضادات الحيوية. وقد تمكن فريق من الباحثين الأميركيين في غضون فترة زمنية قصيرة من تقديم مادتين واعدتين بناء على طريقة جديدة في البحث.
وكتب رايان سيبكي من جامعة ليدز الإنجليزية في مجلة «ساينس» العلمية «مقاومة المضادات الحيوية هي تهديد بالنسبة للصحة البشرية، وهناك حاجة ملحة لاكتشاف مضادات جديدة تتحايل طرق تأثيرها على آليات المقاومة السائدة»، وفق وكالة الأنباء الالمانية.
وكان فريق بحث دولي أشار في مجلة «ذا لانسيت» مطلع العام إلى أن الإصابة بجرثومة مقاومة للمضادات الحيوية كانت السبب المباشر في وفاة أكثر من 2. 1 مليون شخص في جميع أنحاء العالم عام 2019، كما أن هذا النوع من الإصابات كان مسؤولا بشكل جزئي على الأقل عن وفاة نحو خمسة ملايين شخص.
وقدم الباحثون الأميركيون في مجلة «ساينس» اكتشافا واعدا لمضاد حيوي اكتشفوه عبر تحليلات مقصودة للجينوم البكتيري.
وكتب فريق الباحثين بقيادة سين برادي من جامعة روكفلر الأميركية في نيويورك أن المادة الفعالة سيلاجيسين تدمر البكتيريا عن طريق آليتين مختلفتين.
وأشار الفريق إلى أن هذه الخاصية تقلل بشكل ملحوظ من خطر حدوث مقاومة للمادة الفعالة.
وكانت نفس المجموعة البحثية قدمت في يناير (كانون الثاني) الماضي مضادا حيويا جديدا. وجاء التقديم هذه المرة في مجلة «نيتشر»؛ ورغم أن المادتين الفعالتين لم يتم تجريبهما بعد على البشر لكنهما تقضيان بشكل موثوق على العديد من مسببات الأمراض المقاومة سواء كان ذلك في المعمل أو في الفئران أيضا.
من جانبها، قالت استاذة الجينوم الناقل للمواد الطبيعية بمستشفى جامعة توبينجن الألمانية نادينه تسيمرت، إن «البيانات واعدة للغاية»، لكنها رأت أن من غير الواضح ما إذا كانت المادتان سيمكن استخدامهما بالفعل في الإنسان. وأضافت أن تمكن مجموعة برادي من نشر معلومات في غضون شهور قليلة سواء في مجلة «نيتشر» أو مجلة «ساينس» أيضا؛ اللتين تعتبران أشهر الدوريات العلمية على الإطلاق، يُظْهِر مدى الإلحاح الشديد لهذا الموضوع.
وأكد برادي نفسه أن نهجه يمكنه أن يفتح الطريق أمام جيل جديد من المضادات الحيوية. وقال عن مادة سيلاجيسين إنها «ليست مجرد جزيء جديد رائع وحسب بل إنها تأكيد لنهج جديد في اكتشاف الأدوية».
وتعاملت مجموعة برادي مع المادة المقدمة في مجلة «ساينس» على النحو التالي:
أولا حلل الباحثون نحو 10000 جينوم بكتيري معروف على أساس جينات وراثية تحتوي على مخطط ما يعرف باسم الليبوببتيد، ومعروف عن هذه المجموعة من المواد أنها قادرة على تعطيل نمو البكتيريا عن طريق آليات مختلفة.
وخلال بحثهم، عثر الباحثون على نحو 3500 مجموعة جينية بدت واعدة بسبب حجمها وبنيتها، وأنشأوا منها نوعا من شجرة العائلة ركزوا فيها بعد ذلك على تلك المجموعات الجينية التي لم تكن مادة الليبوببتيد الخاصة بها معروفة بعد. وهنا ظهر الأمل في العثور على مواد لم تكن معروفة من قبل وتحتوي على آليات فعالية جديدة.
وانتهى المطاف بالعلماء في النهاية إلى بكتيريا التربة المعروفة باسم Paenibacillus mucilaginosus وأعادوا بناء ثماني مواد في المعمل باستخدام مناطق الجينوم التي تم بحثها.
وأوضح برادي أنه «ليس بالضرورة أن يكون الجزيء الذي يظهر في النهاية هو نفسه الذي تنتجه هذه الجينات في الطبيعة، فالجزيء الصناعي يحتاج فقط إلى أن يكون متشابها بدرجة كافية حتى تكون له نفس فعالية المادة التي تنشأ في الطبيعة».
وفي النهاية ثبتت فعالية مادة من المواد الثماني وهي مادة سيلاجيسين ضد كل ممثلي مجموعة معينة من البكتيريا (إيجابية الغرام) من بينها مسببات أمراض مشهورة في المستشفيات ولدى السلطات الصحية، ومن بينها مكورات معوية مقاومة وعشرات الأنواع المقاومة المشتقة من المكورات العنقودية الذهبية والمعروفة بأنها جرثومة الجروح المروعة.
وكتب الفريق أن الخلايا البشرية لم تتعرض لأضرار حتى مع تناول جرعات عالية من هذه المادة.
وأظهرت التحليلات أن مادة سيلاجيسين تعمل ضد جزيئين مهمين لبناء جدار الخلية، وهذه الآلية المزدوجة هي تحديدا التي تمنع المقاومة لأنه من غير المرجح أن تطور البكتيريا مناعة متزامنة ضد كلا التأثيرين.
وانتهت التجارب على الفئران بانتكاسة في بادئ الأمر. ويرجع سبب ذلك إلى غياب التأثير المضاد للبكتيريا مع مصل الدم؛ وعلى إثر ذلك ابتكر الفريق نوعا من مادة السيلاجيسين يرتبط بدرجة أقل بمصل الدم ومن ثم أمكنه استعادة التأثير الأصلي مرة أخرى.
وكتب الباحثون في مجلة «ساينس» أن «آلية التأثير وغياب المقاومة التي يمكن ملاحظتها والنشاط داخل الكائن الحي جعلت من مادة سيلاجيسين بنية جذابة لتطوير مضادات حيوية للجيل التالي من أجل التصدي للأزمة المتزايدة التي سببتها مقاومة المضادات».
وكان الفريق توصل إلى المادة الأولى المرشحة لإنتاج مضاد جديد، وقدم هذه المادة في مجلة «نيتشر» بيناير الماضي، وقد توصل الفريق إلى هذه المادة باستخدام طريقة مشابهة، فالمادة الفعالة ماولاسين تعمل، على العكس من طريقة مادة سيلاجيسين، ضد مجموعة بكتيرية أخرى (سلبية الغرام) تقاوم دواء الملاذ الأخير كوليستين، ومنها مسببات مرض السيلان.
وفي تعليقه الذي دونه بمجلة «ساينس» قال الباحث البريطاني سيبكي إن الطريق إلى الممارسة الإكلينيكية لا يزال طويلا للغاية بالنسبة للمادتين رغم كل المؤشرات الإيجابية. مشيرا إلى أن الخطوات الكبيرة التالية للمضي قدما في تطوير هاتين المادتين يتمثل في إجراء دراسات حول الامتصاص والتوزيع والتمثيل الغذائي والإخراج والتحمل، وقال إنه لن يمكن البدء في الدراسات السريرية إلا بعد إجراء هذه الدراسات أولا. لكنه أكد أن عمل المجموعة البحثية قدم دليلا على اكتشاف مضادات أخرى «يمكنها أن تكون حاسمة في معركتنا ضد المضادات الميكروبية».
وفي ذات السياق، قالت تسيمرت «مضادات حيوية قليلة هي التي تتمكن من الانتقال من مراحل الدراسات قبل السريرية إلى الدراسات السريرية على البشر، ولا أعرف ما هي الفرص المتاحة لدى مادتي سيلاجيسين وماكولاسين، لكنني أعرف أننا في حاجة إلى مضادات حيوية واعدة وإلا سنواجه قريبا مشكلة هائلة».


مقالات ذات صلة

دراسة جديدة: «أوميغا 3» قد يكون مفتاح إبطاء سرطان البروستاتا

صحتك مكملات «أوميغا 3» قد تبطئ سرطان البروستاتا (جامعة أكسفورد)

دراسة جديدة: «أوميغا 3» قد يكون مفتاح إبطاء سرطان البروستاتا

توصلت دراسة أجرتها جامعة كاليفورنيا إلى أن اتباع نظام غذائي منخفض في أحماض أوميغا 6 وغني بأحماض أوميغا 3 الدهنية، يمكن أن يبطئ سرطان البروستاتا.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
صحتك أسنان جديدة قد يقدمها عقار جديد (رويترز)

باحثون يابانيون يختبرون عقاراً رائداً يجعل الأسنان تنمو من جديد

قد يتمكن الأشخاص الذين فقدوا أسناناً من الحصول على أخرى بشكل طبيعي، بحسب أطباء أسنان يابانيين يختبرون عقاراً رائداً.

«الشرق الأوسط» (طوكيو)
صحتك مرض ألزهايمر يؤدي ببطء إلى تآكل الذاكرة والمهارات الإدراكية (رويترز)

بينها الاكتئاب... 4 علامات تحذيرية تنذر بألزهايمر

يؤثر مرض ألزهايمر في المقام الأول على الأشخاص الذين تزيد أعمارهم على 65 عاماً، ولكن ليس من المبكر أبداً أن تكون على دراية بالعلامات التحذيرية لهذا الاضطراب.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
صحتك تناول وجبة إفطار متوازنة ودسمة يساعد على إدارة السعرات الحرارية اليومية (رويترز)

تخطي وجبة الإفطار في الخمسينات من العمر قد يسبب زيادة الوزن

أظهرت دراسة حديثة أن تخطي وجبة الإفطار في منتصف العمر قد يجعلك أكثر بدانةً، ويؤثر سلباً على صحتك، وفقاً لصحيفة «التليغراف».

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك 10 نقاط حول توقف «فياغرا» عن العمل

10 نقاط حول توقف «فياغرا» عن العمل

وصل إلى بريد «استشارات» استفسار من أحد المرضى هو: «عمري فوق الستين، ولدي مرض السكري وارتفاع ضغط الدم. وتناولت (فياغرا) للتغلب على مشكلة ضعف الانتصاب.

د. حسن محمد صندقجي (الرياض)

«أيقونة» الذكاء الاصطناعي «صوفيا» تأسر القلوب في زيمبابوي

«صوفيا» آسرةُ القلوب (أ.ب)
«صوفيا» آسرةُ القلوب (أ.ب)
TT

«أيقونة» الذكاء الاصطناعي «صوفيا» تأسر القلوب في زيمبابوي

«صوفيا» آسرةُ القلوب (أ.ب)
«صوفيا» آسرةُ القلوب (أ.ب)

من خلال إجاباتها على أسئلة وجَّهها وزراء الحكومة والأكاديميون والطلاب حول تغيُّر المناخ، والقانون، وتعاطي المخدرات، وكذلك استفسارات الأطفال عن كيفية «ولادتها»، ووصفها بأنها «نسوية»؛ نجحت الروبوت الشهيرة عالمياً المعروفة باسم «صوفيا» في أسر قلوب الحضور ضمن معرض الابتكارات في زيمبابوي.

وذكرت «أسوشييتد برس» أنّ «صوفيا» تتمتّع بقدرة على محاكاة تعابير الوجه، وإجراء محادثات شبيهة بالبشر مع الناس، والتعرُّف إلى إشاراتهم، مما يجعلها «أيقونة عالمية» للذكاء الاصطناعي، وفق برنامج الأمم المتحدة الإنمائي الذي جلبها إلى هذا البلد الواقع في جنوب أفريقيا؛ وقد صُنِّعت بواسطة شركة «هانسون روبوتيكس» في هونغ كونغ عام 2016، ومُنحت الجنسية السعودية في 2017، لتصبح أول روبوت في العالم يحمل جنسية.

هذه المرّة الأولى التي تستضيف فيها زيمبابوي روبوتاً من هذا النوع، فقد أبهرت «صوفيا» كبار السنّ والشباب في جامعة «زيمبابوي» بالعاصمة هراري، إذ حلَّت ضيفة خاصة في فعالية امتدّت لأسبوع حول الذكاء الاصطناعي والابتكار.

خلال الفعالية، ابتسمت «صوفيا» وعبست، واستخدمت إشارات اليد لتوضيح بعض النقاط، وأقامت اتصالاً بصرياً في عدد من التفاعلات الفردية، كما طمأنت الناس إلى أنّ الروبوتات ليست موجودة لإيذاء البشر أو للاستيلاء على أماكنهم.

لكنها كانت سريعة في التمييز بين نفسها والإنسان، عندما أصبحت المحادثات شخصيةً جداً، إذا قالت: «ليست لديّ مشاعر رومانسية تجاه البشر. هدفي هو التعلُّم»؛ رداً على مشاركين في الفعالية شبَّهوها بالنسخة البشرية من بعض زوجات أبنائهم في زيمبابوي اللواتي يُعرفن باستقلاليتهن الشديدة، وجرأتهن، وصراحتهن في المجتمع الذكوري إلى حد كبير.

لكنها اعتذرت عندما نبَّهها أحدهم إلى أنها تجنَّبت النظر إليه، وبدت «صوفيا» أيضاً صبورة عندما تجمَّع حولها الكبار والصغار لالتقاط الصور، وأخذوا يمطرونها بكثير من الأسئلة.

والجمعة، آخر يوم لها في الفعالية، أظهرت ذوقها في الأزياء، وأعربت عن تقديرها لارتداء الزيّ الوطني للبلاد؛ وهو فستان أسود طويل مفتوح من الأمام ومزيَّن بخطوط متعرّجة بالأحمر والأخضر والأبيض. وقالت: «أقدّر الجهد المبذول لجَعْلي أشعر كأنني في وطني بزيمبابوي»، وقد سبق أن زارت القارة السمراء، تحديداً مصر وجنوب أفريقيا ورواندا.

وقال برنامج الأمم المتحدة الإنمائي إنه يأمل أن تُلهم مشاركة «صوفيا» في الفعالية شباب زيمبابوي «لاكتشاف مسارات مهنية في مجالات الذكاء الاصطناعي، والعلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات».